رءآها من بعيد.. ركض بكل ما أوتي من قوة.. كان يصارع قوة الهواء/الأمواج/الرمال
وصل إليها، غاص ليجلبها من الماء وينتشلها من أحزانها التي أدت بها إلى هنا.. أمسك بيداها وجرها جرًا إلى حافة الشاطئ ، عمِلَ على تدفئة جسدها.. واحضر إليها بعضًا من ملابسه.. واللبسها إياهم..
وعِندَ الإفاقة.. جلسَ كل واحدٍ منهما بجانب الآخر
لم ينطق أحدهما بكلمة.. يعم الصمت أرجاء المكان.. ينظران إلى بعضهما
هي نظرة الإمتنان والعرفان الممزوجان باللوم
وهو نظرات تساؤل وإستعجاب
ظلّا هكذا إلى أن أوشك الليل أن يسدل أستاره
وقف وأوقفها معه،أخبرها قائلاً: "يا حمقاء؛ مهما طحنتكِ الحياة، وسلبت منكِ أعز ما تملكين، وضاقت عليكِ الأرض بما رحُبَت، ورأيتي دُنياكِ كثقب إبرة.. فلا تغادريها خاسرة.. قفِ كصخرة كلما عصفت بها الأمواج اشتد ثباتها،
اعلمِ أنّ الإستسلام وِجهة الضُعفاء؛ أمّا نحن ندفن أدمعنا في الوسائد ليلًا ونستيقظ لنواجه العالم بإبتسامة مُحارب فقدَ أحد أعضاءه في حرب أمس ولكنه في النهاية عادَ منتصرًا."لم ينتظر منها ردًا، قبّلها على حين غفلة، قُبلة أشبه بالأبديّة..
ادار لها ظهره واختفى من حيث چاء.
لم تعرف عنه ما يجعلها تتواصل معه مرةً آخرى في غيرِ ذاك الحادث..
-الكثير من الأصوات المختلطة مع ضوضاء مناداة أمها بأن تستيقظ ؛ الوقت أصبح متأخرًا-
اصطحبها أبويها إلى الشاطئ، كانوا في رحلة قصيرة في أوچ حرارة شهر يوليو، ترويحًا عن أنفسهم وعن فريدة بالأخص وما تعايشه من كوابيس بعد فقد أخيها؛ وفي طريقها رأته.. نعم! هذا الذي كان في حُلمي، أيعقل أن يتحول لحقيقةٍ في صحوي!
لازلت أتذكر لهفته.. كلامه.. صوته.. دفئ يداه.. وشفتاه..
كيف ينزع المرء أثر الحُب من الحواس؟
-ركضت خلفه ومن ثم أوقفته سائلة: هل أعرفك؟
=نظر إليها في إستنكار ورد بـ: لا
-فقالت له: معذرةً؛ فأنت تشبه أحدهم واختلط عليّ الأمر
=أومأ برأسة قائلا: لا بأس
وافترقا هنا، كما افترق عنها في حلمها وأكمل كل واحد وجهته.ما لم يعرفه القرّاء.. أنه بالفعل أحمد.. وأّنه لَم يكُن حُلمًا..
ولم يُرِد أن تعرفه لِئلا تتعلق ببطلٍ مزيّف؛
البطل المُصاب بسرطان رئة مُزمن من نفس أهوال الأمواج ولم يتبقى له إلا أيام معدودة ويغادرها -الدُنيا- كما غادرها أخيها.