"3" اللقاء الثاني

1.5K 126 3
                                    


الساعة: العاشرة والنصف صباحًا استيقظت (ريم) على صوت نداء ينادي باسمها ويد تخبط برفق على وجهها لتفتح عينيها ببطء وتشعر بثقل في رأسها لتجد نفسها تجلس على أريكة في شقتها ويجلس أمامها (كريم)... إذا هو الذي أتى بها إلى هنا، سألته بنبرة متوترة قائلة

هو إيه اللي حصل؟! رد عليها وهو يحاول أن يطمئنها قائلًا: - اغم عليكي فجأة، وشيلتك ولاقيت مفتاح الشقة في شنطتك دخلتك والحمدلله أديكي فوقتي... لم ترد (ريم) بل نظرت إليه في صمت وهي لا تعلم ماذا تقول، حتى قطع هو صمتها قائلًا: - آنسة (ريم) انتي متأكدة من اللي قولتيه برا ده، انتي فعلًا شوفتيها؟

ردت عليه بنبرة غضب: - أيوا متأكدة، ومش مجنونة زي مانت قولتلي وكنت بشوفها كل يوم وبتكلم معاها وبتكلمني. - طيب طيب إهدي بس أنا مصدقك واضح إنه الموضوع ده لسه مانتهاش. سألته بفضول: - تقصد إيه؟ أخذ تنهيدة كئيبة، ليرد عليها: - من وقت ما ماتت وكل اللي بييجي يسكن في الدور هنا بيشتكي من إن فيه أصوات غريبة بتحصل في الشقة التانية رغم إنها مش ساكنة الموضوع بدأ بأصوات وبعدين خيالات، في الأول ماصدقتش بس لما الشكوى اتكررت من أربع أشخاص مختلفين اتأكدت إنه فيه حاجة غلط، بس الحمد لله محدش اتأذى ولا جراله حاجة، بس طبعًا كان الموضوع يخلص، طلبت شيخ ييجي هنا وقرا

قرآن وعملت حاجات كتيرة كده وقال إنه خلاص مبقاش فيه حاجة وأن الروح اللي كانت ساكنة الشقة مشيت ومش راجعة، ولما عدى فترة وعرفت إن فيه حد عايز يسكن قُلت خلاص عادي بقى ممكن أي حد يسكن ومش هيحصل حاجة بس واضح إنه لسه الموضوع مانتهاش... الغريبة إنه عمر حد في الأربعة دول قال إنه شافها واتكلم معاها برغم إنهم سكنوا مدة أكبر من مدتك، (ريم) أنا مش عايزك تخافي بس أنا معاكي والله كل اللي طالبه منك إنك تصبري بس النهارده بالليل وأنا هاجي اخدك أوديكي في عمارة تانية أحسن من هنا عشان تطمني، بالليل على الساعة ٧ هاجيلك وأخدك والفلوس اللي دفعتيها هنا هترجعلك...

وعمل كده فعلًا؟ - لا، هو جه فعلًا الساعة ٧ بس اللي حصل غير كل حاجة.. والآن أصبحت أشعر بأنها سوف تحكي لي أهم ما سوف أسمعه في تلك الحكاية سألتها في اهتمام: - إيه بقى اللي حصل؟ الساعة: السابعة والنصف مساءً لم يأتِ النوم نواحي (ريم) أبدًا فهي تحاول النوم حتى تريح عقلها، من التفكير فيما حدث، ولكن عقلها لا يريد الراحة فهو لا يعرف كيف يتقبل فكرة أنها كانت تتحدث وتمزح وتزور منزل امرأة ميتة منذ عامين!... أصبحت تشعر وكأنها في حلم أو كابوس بمعنى أصح وستستيقظ منها قريبًا، أفزعها صوت


جرس شقتها يبدو أن (كريم) قد أتى ليأخذها من ذلك المكان الذي أصبح بيت رعب بالنسبة لها... اتجهت بخطوات سريعة إلى باب شقتها لتسأل بصوت منخفض ومتوتر: - مين؟ - أنا (كريم).. فتحت الباب بسرعة، لتسأله بتلهف: - عملت إيه؟ - كل حاجة تمام يا (ريم) خلاص أنا آسف إني اتأخرت، بس كنت بدورلك على مكان يكون أحسن من هنا كمان، يلا بقى روحي اجهزي وأنا ثواني بس هدخل الشقة أغير هدومي وأكون عندك... وانصرف (كريم) مسرعًا لشقته ليبدل ملابسه كما قال لها، أغلقت هي الباب وعندما ابتعدت خطوات بسيطة للغاية من باب الشقة، وجدت الجرس يرن مرة أخرى... يبدو أنه نسى أن يقول شيئًا لها، فتحت الباب


لتجد... أنها هي قد عادت إنها (نجوان) ولكن هذه المرة جاءت بملامح حادة وأعين محدقة وواسعة بشكل يخيف، شعرت (ريم) بأنها تريد أن تصرخ ولكن كأن أحدهم يضع يده على فمها ويمنعها من أن تتحدث بأي حرف دخلت (نجوان) وأغلقت الباب وراءها بهدوء ومازالت تحدق في عينيها، أما هي فترجع إلى الوراء بخطوات متوترة وسريعة، أمسكت بيدها بشدة لتقول لها وهي تهمس في أذنيها: - ماتخافيش... أنا مش هأذيكي، أنا حبيتك وحبيت تكوني انتي الشخص اللي أظهر معاه، بس انتي لازم تمشي من هنا بس مش معاه لإنه مش هيلحق يوصلك، هو اللي بدأ لما قتلني زمان من سنتين... - قتلك؟! - كان دايمًا عايز ياخد كل حاجة ليه لوحده ويسيبني، بس عمري ما كرهته كان أغلى حاجة في حياتي، بس هو استغل تعبي ومرضي لما بدل

الدوا وخلاني آخد الدوا الغلط اللي موتني، هو افتكر إنه كده خلاص هيعرف يعيش ويكمل بس ميعرفش إنه في عالم تاني الناس اللي فيه مش بتسيب حقها من اللي ظلمهم وأنا من الناس دي، حاولت استنى إنه يحس بغلطته ويكفر عنها بس لا، جبروته أقوى منه، انت اللي بدأت يابني انت اللي بدأت يابني... سمعت (ريم) صوت صراخ قوي يهز أرجاء المنزل من شدته يبدو أنه يأتي من شقة (كريم) نظرت في عيني (نجوان) لتجدها تبكي ولكن تبكي دماءً؛ المشهد كان مفزعًا للقلب حقًّا جرت (ريم) نحو باب شقتها لتفتحه بسرعة لتعرف ما الذي حدث... ما هذا؟!، إنها نيران هائلة مشتعلة في منزل (كريم) جميع سكان العمارة تحاول أن تطفئ النيران ولكن بدون جدوى وللمرة الثانية تقع مغشيًّا عليها وآخر شيء رأته (نجوان) وهي تقف

مبتسمة ابتسامة شيطانية أمام النيران ولا أحد يشعر بوجودها.. - فضلت بعدها شهر مش بتكلم ولا عارفة أقول حاجة دخلت مصحة الطب النفسي وقضيت فيها أوحش خمس شهور في حياتي، بس للأسف لسه بتجيلي كل يوم... سألتها بفزع قائلًا: - بتجيلك فين؟! ردت عليا وهي تضحك ساخرة: - ماتخفش أوي كده، أقصد بتجيلي في الكوابيس يعني... - آااه تمام، طيب إحنا كده تمام أوي وخلصنا تقدري تتفضلي.. مدت يدها في حقيبتها لتخرج بعض الأوراق التي تعلم أنت ما يوجد فيها من إثباتات، أخذتها منها وانصرفت هي خارج مكتبي، وبفضول رهيب فتحت لأرى صور الأشخاص


الحقيقيين لهذه الحكاية... مهلًا مهلًا هل هذه هي مدام نجوان؟؟؟؟!، أنا لا أكذب هذه المرأة تزورني في كوابيسي منذ كنت طفلًا يا إلهي الآن بدأت أشعر أن هذه الحكايات تصيبني بإحدى نوابات صرع



منتصف الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن