"أين يذهب أهل القرية؟!"

1.6K 126 1
                                    


استيقظت من نوم عميق على صوت رنين هاتفي، مددت يدي بعشوائية نحو الكومود الموجود بجانب الفراش وأنا مازلت مغمض العينين أمسكت بالهاتف، وضغطت على زر "رد" قلت بصوت متكاسل: - آلو.. لم أنظر من المتصل عندما قمت بالرد ولكن عندما سمعت صوته علمت جيدًا من هو، إنه صديقي الذي يعمل في الفندق الذي تحدثت معه أمس بشأن ذلك الرجل الذي يدعى (رؤوف)... أردف هو قائلًا: - إيه يا شعيب أخبارك؟ رددت عليه وأنا أستعدل جسدي على الفراش قائلًا


تمام، قولي وصلت لحاجة في موضوعي؟ - وصلت آه، ده أنا طول اليوم إمبارح ماكنتش بعمل حاجة غير إني بدورلك على الحوار ده.. رددت عليه بتلهف قائلًا: - كويس جدًّا... ووصلت لإيه؟ - هو في فعلًا ڤيلا بالعنوان اللي ادتهولي انت وبنفس اسم صاحبها اللي انت قولته، بس للأسف لا عرفت أجيبلك رقمه ولا أي حاجة من طرفه خالص.. سألته في اهتمام: - ده اللي هو ليه؟! ضحك ضحكة ساخرة مكتومة قائلًا: - أبدًا يا سيدي... أصله طلع ميت بقاله فوق العشر سنين في حادثة كده صمتُّ لحظة بسبب دهشتي، ولكن قطعت صمتي سريعًا: - حادثة إيه؟ - والله أنا ماتعمقتش في الحوار أوي يعني

بس كل اللي عرفته إنه الڤيلا اللي جانبه كان ليها حارس ودخل عليه في يوم شوية حرامية كده كانوا عايزين يقتلوه، هو بقى سمع صوته وصوت الكلب بتاعه خرج عشان يحاول يساعدهم، راح الحرامية قتلوا الحارس والكلب واللي اسمه رؤوف ده... صمت كثيرًا وأنا أفكر فيما سمعت، الأفكار تتكاثر في عقلي بشكل يجعلني أتشتت فعليًّا، يبدو أنه قد مل من صمتي فاضطر أن يقول لي: - طيب يا (شعيب)، هقفل دلوقتي عشان ورايا شغل بقى ولو احتاجت أي حاجة تانية كلمني على طول... وانتهت المكالمة ولكن لم ينتهِ التفكير المشتت الذي أصاب عقلي، هذا يعني أن أولئك الشباب قابلوا رجلًا ميتًا وتحدثوا معه!.. هل خرجت روحه لتحذيرهم مثلًا، فيقال أن هناك أرواح خيرة تخرج



لتحذر من ضرر الأرواح الأخرى الشريرة حتى لا يصاب أحدهم بشر ولعنة منهم، إذًا فهو كان ضحية أيضًا لنفس الحادث، هل أخبر (أحمد) بتلك المعلومة أم سيكون هذا سخف مني فالحكاية مسببة له رعب وفزع فهذه الإضافة ستجعله يشعر بقلق وتوتر أكثر، إذًا لا يوجد داعٍ لذلك، فمبارك علي أنا بمفردي كابوس جديد!... اجعلنا نتحدث الآن في المهم فأنا أشعر بأنني متفائل من لقاء اليوم، ليس لأن عنوان حكايته مشوقة بل لأن صاحب الحكاية نفسه صديق قديم يدعى أ/ يوسف عوض، وهو صحفي مشهور في إحدى أكبر الصحف المصرية، فكنت دائم القراءة له ولمقالاته التي كان يتحدث فيها دائمًا عن كل ما هو غامض في عالمنا مثل السحر والأماكن التي تمارسه وحوارات مع مشعوذين ودجالين يتحدثون عن ما يفعلون لإخداع الناس، بل وليس هذا فقط فأيضًا

كان كل أسبوع ينشر جريمة قتل جديدة وغامضة بتفاصيل مشوقة، فأكيد شخص مثل هذا سيأتي إلى محملًا بوجبة دسمة من الفزع... اتفقنا على موعد متأخر بعض الشيء ولكنه كان الموعد المناسب له بعد توقيت عمله فسيكون موعدنا في تمام الساعة الحادية عشرة ليلًا، أنا في انتظارك يا صديقي، منذ كنت صغيرًا وأنا أعشق الليل والساعات المتأخرة منه، كنت طفلًا مختلفًا حقًّا فكان الأطفال يقضون يومهم في المرح ومشاهدة أفلام الرسوم المتحركة السخيفة بنسبة لي، بينما كنت أقضي يومي أنا في شراء كتب وأساطير الرعب، فكيف لطفل يبلغ العاشرة من عمره يقرأ قصص مصاصين دماء، وأناس يعيشون تحت الأرض، كان يشعر أبي وأمي إنني مريض نفسي، ولا أكذب عليك فهم لديهم كامل الحق أن يشعروا بذلك فأنا بسبب كل ما كنت أقرأه وأشاهده

من أفلام رعب، كنت أستيقظ ليلًا وأنا أصرخ من الكوابيس التي تطاردني في منامي، ولكن لم أكن أعلم أن تلك الكوابيس ستصاحبني إلى الآن... ولكن هي لا تزعجني فهي آخر ما تبقى من طفولتي






منتصف الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن