2 "أين يذهب أهل القرية؟!"

1.6K 109 0
                                    


الساعة: الحادية عشرة والنصف ليلًا قد وصل (يوسف) إلى مكتبي وجلس في نفس المقعد الذي جلس عليه من قبله الاثنان، (أحمد) و(ريم)، طلب مني فنجان قهوة لأنه يريد أن يكون متيقظًا وهو يروي لي حكايته، تحدث معي عن أحوال البلد وعن حالي أنا شخصيًّا، وأخيرًا أخذ آخر رشفة من فنجان قهوته ليضعها على المنضدة التي

تقع أمامه قائلًا لي بابتسامة خفيفة على وجهه: - تحب أبدأ منين بقى؟ - من اللي تحبه.. المهم إنك تديني أكبر قدر من التفاصيل ودي ماظنش إنك محتاج توصية فيها انت صحفي وفاهم قصدي... أردف ومازالت الابتسامة على وجهه: - تشكر يا عم.. أخذ شهيقًا عميقًا واستعدل في مقعده قائلًا باهتمام: - بص يا (شعيب) الحكاية دي حصلت من خمس سنين، وكانت قالبة الدنيا ساعتها، أظنك انت كمان سمعت عنها أكيد... - طب فكرني - فاكر القرية الريفية اللي اتقال إنه كل فترة فرد من أهلها بيختفي ومش بيلاقوا جثته ولا أي حاجة تدل على مكانه؟ رددت مسرعًا وكأن أحداث تلك الحادثة

تدفقت إلى ذاكرتي فجأة: - أيوا أيوا، فاكر الموضوع ده... ولحد دلوقتي تقريبًا محدش عرف السبب. ابتسم لي ابتسامة عريضة قائلًا: - لا هو اتعرف، بس ماكنش ينفع يتقال.. إنه يثير فضولي بكل كلمة يقولها، سألته في فضول: - ليه ماكنش ينفع يتقال؟! صمت قليلًا وكأنه يبحث عن رد مناسب، ومن الواضح أنه قد وجده: - شوف يا شعيب، الموضوع كان ماحدش فاهم إزاي يتحكي أو إزاي الدولة تعلن تفاصيله لإنه كان هيثير الرعب والفزع بين كل الناس مش بس أهل القرية اللي كان بيحصل فيها الحوادث، بس دلوقتي ممكن يتقال السبب رغم إنه أهل القرية نفسهم ممكن يكونوا مش عارفين إزاي كان ده بيحصل... بس أنا مجنون وعارف إنك انت كمان مجنون

والمسؤولية عاللي هتكتبه انت وهحكيه أنا هنشيلها احنا الاتنين.. أُعجبت بلكنة التحدي هذه، حقًّا فأنا أعشق الجنون قُلت له بنبرة حماسية: طب يلا ابدأ احكيلي الموضوع من أوله خالص.. اليوم: ٧/٣/٢٠١٢ الساعة: الرابعة عصرًا كان (يوسف) هو أفضل من يكتب في مثل هذه الحوادث، فهو يعلم كيف يخرج سبق صحفي بشكل يثير إعجاب القارئ، لذلك كُلف من الجريدة التي يعمل بها بأن يذهب إلى تلك القرية الريفية التي تقع في أدغال محافظات مصر فهي قرية مغمورة لم يسمع عنها أحد من قبل إلا بسبب البلاغات التي تعددت فيها بسبب اختفاء أهلها منها

فبعض الذين اختفوا كانوا أطفالًا وأحيانًا نساء بالغات، وأيضًا رجالًا، هل تملك من تلك القرية سفاح محترف عنده مهارة خطف كل هذه الضحايا وإخفاء جثثهم بشكل، جعل الجهات الحكومية تحتار فيه!.. إذًا كانت كل هذه الأفكار تدور داخل عقل (يوسف) قبل أن ينزل من آخر مواصلة راكبها ليصل للقرية فمشواره كان شاقًّا استعان فيه بأكثر من عربة أجرة ليصل إلى هناك... وصل إليها أخيرًا، الجو هناك حارٌّ للغاية الشمس تغطي القرية بكاملها ولكن يبدو أن أهل القرية هنا كمثل جميع فلاحي مصر لا يهمهم درجة الحرارة المرتفعة والجو الحار الذي يجعل العرق يغرق الإنسان، فهم يعملون في أراضيهم بدون تركيز في أي شيء آخر ولكن القرية تشعرك بأن أجواءها كئيبة بعض الشيء، ولكن هل هذا بسبب ما يحدث فيها أم هذه طبيعتها...

منتصف الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن