11

147 43 2
                                    

تجلس ذات الخصل البهيمة على مكتبها الصغير ممسكة القلم بأيدي مرتجفة، تخط بعض الكلمات فوق صفحات بيضاء مغلفة بالأسود القاتم ودموعها لا تتوقف متجهة عبر وجنتيها إلى تلك الصفحات مضيفة لمسة مؤلمة عليها.

قلبت الصفحة الموالية بينما تضع يدها على فمها تكتم شهقاتها، هي ستستغل فرصة غياب تلك الروح الخبيثة وتكتب كل ما حدث معها من الألف إلى الياء.

وبعدها تقدم نفسها قربان لهذه الروح المدمرة لترتاح أبديا، وضعت القلم لتباشر الكتابة بيد مرتعشة:

'أنا أعلم أني أذيتكم كثيرا أصدقائي، أسرتي، زملائي، وأنت لوكاس، ولكن صدقوني لم يكن بيدي، لم أؤذيكم عن طيب خاطر كان يتحكم بي ذاك الشيء كدمية ذات خيوط.

بدأ كل شيء في ذاك اليوم الماطر؛ يوم رحيل لوكاس توجهت للعلية لأبكي وألعن حظي الذي يبعد عني أحبتي، سقط صندوق قديم بقربي لأجد داخله كتابا غريب الشكل وكتاباته غريبة أيضا.

لقد سبق ورأيته لدى لوكاس، وأخبرني أنه سيجربه ليعيد أحبته، تذكرت كل تلك الخطوات التي قرأها لتأخذني قدماي لمنزله وأجد الدائرة والنجمة قد لازالتا مرسومتين، عدت للعلية وبحثت عن مصدر للدماء فلم أملك الشجاعة الكافية لقتل حيوان بريء تماما كما حدث مع لوكاس.

لكن أنانيتي طغت على إنسانيتي حينها، كل ما همني إعادة لوكاس وأمي إلي، قتلت بعض الطيور ولم تكفي دماؤها لصغر حجمها، اضطررت لقتل قطة جارتنا وهذه بداية مسيرتي الدموية.

تلوثت يداي وملابسي بالدماء لكني لم أهتم، رسمت الدائرة والنجمة الخماسية، بحثت عن بعض الشموع العادية وتدبرت أمر الجمجمة من عند تلك الساحرة المخيفة التي تعيش في الضواحي.

قرأت تلك الكلمات الغريبة وكررتها لتهب نسمة هوائية تطفئ الشموع، لم يحدث شيء بعدها فشعرت بخيبة الآمل، لكن يوما بعد يوم كنت أحس أن أحدا بقربي يحاول الهمس بأمور مرعبة.

ظن أبي أني قد أصبت بمرض نفسي فقام بأخذي إلى طبيب نفساني ويا ليته لم يفعل، توقفت عن الكتابة بينما دموعها قد ملأت الورقة.'

ازدادت حدة بكائها لتتابع رغم رؤيتها الضبابية بسبب كثرة الدموع

'تعرضت للتحرش عديد المرات وكل يوم يحاول ذلك الشيء إقناعي بقتله بمقابل بسيط، آخر مرة زرت فيها ذاك الطبيب الحقير حاول الاعتداء علي ورغم أنهم أنقذوني ظلت تلك الذكرى المؤلمة تتردد في عقلي.

و ذاك الهمس يزداد كل يوم إلى أن وافقت على اتفاقه بتسليمه روحي مقابل أن ينتقم منه، هو قتله ولكنه رفض سحب روحي هو قال أنه يريدني، يريدني أنا!

كنت أتمنى أن ينقذني أحد منه لكن تعبت، حقا تعبت وسوف أذهب من هذا العالم؛ أريد رؤيتها، رؤية أمي الحبيبة.'

ابتسمت براحة بينما تنطق كلمة 'أمي'، استقامت سريعا متجهة للحمام لتغلقه بقوة بينما تتسارع أنفاسها متجهة للمرآة.

رفعت قبضتها المرتجفة لتكسرها وتحولها لشظايا وقطرات الدماء التي نزفت من الجرح أخذت طريقها لبلاط الحمام، حملت قطعة من الزجاج المتناثر على الأرضية الرخامية وجسدها يرتجف رعبا من فكرة موتها بهذه الطريقة

ولكن لا للتراجع هي قد سبق وعزمت على الأمر، روحها لم تعد روحا طاهرة بعد أن مات أناس كثر بسببها، هي من أحضرت تلك الروح وهي من سوف يتخلص منها، ستفعل ذلك لأجل كل من تأذى أو قد يتأذى بسببها، وخاصة لأجل لوكاس.

لعنة داجيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن