كان جالسا يفرك راحتيه،يراقب حركات اصابعه ويرنو للموقد يغلي،وتخيم حوله غيوم ضبابية من الجمود،على ما يبدو يتوقع الزياره،ينبعث البخار من اعلى فوهة الغلاية عندما طُرقَ على الباب طرقتين تنم عن أن من خلف الباب من المترددين كثيرا على المكان او الاصدقاء..نهض وفتح الباب غاضاً طرفه لأنه كان يعرف الداخل وان الزائر لم يستغرب لأنه يعرف هذا الاسلوب كثيرا،دخل واغلق الباب خلفه وجلس في المقعد المقابل واتكأ على حاصد الارواح التي شابهت العكازه وهو يداعبها وينقلها من يد لأخرى،بصعوبه،لطول عباءته يخاصم القماش الاسود الذي عسّر من اظهار اللون الابيض لعظامه وهو يقول للرجل الاخر:خذ وقتك،انت الاخير اليوم
حرك رأسه بشكل بسيط جدا ..هو لا يهتم ان كان الاول او الاخير فهو سيأخذ وقته وعلى الزائر ان ينتظر..
أطلق ايماءه متنهده بصوت خافت وهو يصب الماء الساخن في كوب تصاعدت منه اعمدة البخار وتحول لون الكوب الشفاف الى الضبابي
مسك الزائر عكازته بيد،واضعا الاخرى على جمجمته بعد ان خلع القبعه المطرزه مع العباءة ،يحرك رجله اليسرى بتململ رتيب يرفعها ويخفضها
واخيرا قال بصوت عالي:هل كانت جيده على كل حال؟
كان الرجل شاردا في البدايه مما جعل الزائر يخجل لأنه كان اشبه بمن يكلم الفراغ..
(مقبوله،لم اتوقع مجيئك بهذه السرعه،جيده يمكنك القول)
(اعطوني الاسم قبل امس،حدث كله بسرعه) قال بلهجه معتذره
رد الرجل. (لاتشغل بالك،لا تحتاج تبرير ،اعتقد ،تحدث هذه الامور)
(بالطبع لا احتاج،انتم من تحتاجون،لكن يبدو هذا غير مهما الان)
(تشرب شاياً؟)سأل الرجل
قال الأخر بأنزعاج. (يبدو انك ستسغرق وقتك كله،لا بأس)
منذ ان دخل الزائر ،همشه الرجل لم ينظر له مطلقا،والاخر لم يرتبك عندما لم ينظر له.
بعد سكوت طويل حاول الزائر كسر احراج الصمت الدائم،قال:ماذا تعتقد سيحدث؟
(طول حياتي لم يكن لي تصورات،لست مهتماً،كنت اعيش فقط)
(هذا الافضل،اعتقد انك ستتدبر الامر،ليس الردى كما يبدو حقا،يضعون عليه الكثير من الهالات والتهويل،وهذا طبيعي،من اختبره سابقا؟)
اطلق الرجل ضحكه مكتومه ،لا يزال واقفا قرب الموقد معطيا جنبه للزائر،لم يكن يعتقد انه كان تهكميا هكذا،لكن يبد أنه لا يملك شيء يخاف ان يخسره ،او لا يخاف قط
فكر الرجل،امكانية اللا خوف،لم ترهبه الفكره رغم متانتها.
ومضت الاضاءة لثواني معدوده فأنارت عينيا الزائر الغرفه بلون ازرق من لهب، كلتا عينيه،ثم عاد الضوء بشكل طبيعي
جاء من الغرفة المجاوره بكتاب،وحضر لنفسه كوب اخر من الشاي بينما كان الزائر كوبه الزجاجي نصف فارغ.
الطاوله دائريه بيضاء من الخشب،كرسيان لدائن ابيضا اللون،الزائر يرتشف وهو يخرج صوت مريح دالا على ارتشافه للسائل الساخن،بينما كان الزائر يزيح بنظره حول السقف حتى لا تبدو نظرته بليدة اذا ما راقب الرجل يرتشف المشروب المفضل ويقرأ كتاب،لم يتحدثا كثيرا،كانت نهاية عمل الزائر،سيأخذ اجازه ليومين،كان مضغوطا في الفتره الاخيره،يستحق راحه ايضا،
بدأت تثقل عينا الزائر وتنخفضان،يقل الادراك،يباشر بالسرحان
هتف الرجل. (هيا!! انا جاهز)
قام الزائر فجأة وهم بالمغادره،فتح الرجل الباب وقال (هيا انا خرجت خلفك مباشرة)
(هل صديقك موجود في هكذا وقت متأخر؟)
(لا يأخذ اجازات،استنفذها)قال بذكاء
(هيا اذن،لم اكن اعتقد انك تركب دراجه!)
أجاب الزائر. (أسرع)
أنت تقرأ
زائر هادئ
Mystery / Thrillerحين يكون الوقت متأخر تخفت الاصوات..وانت تعلم بزيارة احدهم قريبا