يوم لدى المخبز

23 1 1
                                    

لقد حدث كل شئ بسرعة وبتخطيط مسبق كمؤامرة صهيونية لعينة حينما وجدت نفسي متجها للمخبز حيث لم أعلم الجريرة التي ارتكبتها كي أنال هكذا عقوبة.

كالعادة كانت هناك الظاهرة المرعبة المستحدثة ذات الشعبية العالية-الصف-حيث كانت تتمتع بمرونة عالية حيث ينحرف الصف البشري مع الرصيف بسلاسة عالية تدهشك دقتها فعلا،وطبعا وجدت مكاني محجوزا وجاهزا -آخر الصف-فليس هنالك سعة استيعابية للصف حيث يستطيع احتواء شعوب المنطقة بأسرها إن لم نقل العالم،بوصولك الى هذي النقطة تجد آمالك وأحلامك وطموحاتك ورؤياك المستقبلية ومشاريعك المتنوعة من الصعود للقمر والمرور على المريخ في طريق العودة، تتمحور وتتلخص في الحصول على بعض قطع الخبز.

وكأي ظاهرة طبيعية في العالم ووفق نظرية داروين أخذت تتطور شيئا فشيئا فترى الصفوف صارت أكثر تطورا ورقيا حيث أفردت المخابز شباك للذكور وآخر للإناث وأخير للقوات النظامية مع انعدام شبه تام للسلعة المباعة أصلا،ملاك المخابز ليسوا متحيزين بتاتا فهم يعلمون -كما يعلم الشعب-أن السبب الحقيقي ليس لخدمتهم-القوات النظامية- الشعب بل لأن لديهم أسلحة وقد يتهورون بتعجيل الأجل للبعض لسبب تافه خصوصا مع الجو الخانق.

مع وجود العنصر الانثوي أصبح الصف مزارا وملقى مناسبا للعشاق بالرغم من أنها تبدو فكرة سيئة جدا على المنحى البعيد حيث قد يسألك أحد ابنائك كيف قابلت أمهم؟فتجيب:لقد كانت هناك مجاعة وقد قابلتها عند المخبز،لذا يا بني عليك بالمخابز خصوصا في زمن المجاعات.لا يبدو الأمر رومانسيا بما يكفي على أية حال.

انضممت للركب وبدأت أحصي من هم أمامي تجاهلت بعض الصغار حفاظا على هرمونات الكآبة في حدودها الدنيا،لقد كان الصف مصطفا وجاهزا منذ ساعات الصباح الباكر حيث لا يزال المخبز مغلقا.شعب نشيط ويحب التبكير ليبدأ نشاطه الاستهلاكي بكل إخلاص وسوء نية حيث تسمع بين فينة وأخرى آراء تتمحور حول كسل وتأخر العمال وتقصيرهم ولو أنهم فتحوا مبكرا لكان أفضل ولو أنهم لم يغلقوا أساسا لكان أعظم،لا أعتقد أنهم يعلمون بأننا كمستهلكين نستهلك المنتجات والمنتجين على حد سواء بشكل غير آدمي في معظم أيام السنة.

ما يناهز العشرون شخصا قد غادروا ولكن ما يثير حفيظتي هي أن الصف لا يتحرك،يبدو أنهم كانوا يقفون في صف مماثل لبعد آخر في عالم موازي،بئسا حتى الفيزياء ضدي هذا اليوم،أفكر في الانصراف وابتلاع جرعة من أنتي-كآبتونين لكن السلسلة البشرية المصطفة خلفي تمنعني فمن حيث لا أدري وجدت نفسي-بشكل ما-متقدما على الكثيرين الذين يتمتعون بقدرات فوق حسية لاستشعار المنتجات القمحية،أعتقد أني صرت في مرتبة جيدة نوعا ما حيث سيكون التضحية بها عملا أحمقا حماقة نقية لا تشوبها شائبة.

إن الوقوف وفعل لاشئ تقريبا ومراقبة ما تبقى لك من أحلام تتلاشى تجربة تنمي فيك حب الروحانيات وحياة ما بعد الموت فحتى وان فشل الخبز في سد رمقك فهو بلا شك كفيل بسد رغبتك في الحياة.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 03, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

يوميات كئيبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن