علّمني حبّك أن أحزن
وأنا محتاجٌ منذ عصور
لامرأةٍ تجعلني أحزن
لامرأةٍ أبكي فوق ذراعيها مثل العصفور
لامرأةٍ تجمع أجزائي
كشظايا البلّور المكسور
علّمني حبّك.. سيّدتي
أسوأ عاداتي
علمني أفتح فنجاني
في الليلة آلاف المرّات
وأجرّب طبّ العطارين
وأطرق باب العرّافات
علّمني أخرج من بيتي
لأمشّط أرصفة الطرقات
وأطارد وجهك
في الأمطار، وفي أضواء السّيارات
وأطارد طيفك
حتّى .. حتّى
في أوراق الإعلانات
علّمني حبّك
كيف أهيم على وجهي ساعات
بحثاً عن شعر غجريّ
تحسده كل الغجريّات
بحثاً عن وجهٍ ..عن صوتٍ ..
هو كلّ الأوجه والأصواتْ
أدخلني حبكِ.. سيّدتي
مدن الأحزانْ
وأنا من قبلكِ لم أدخلْ
مدنَ الأحزان
لم أعرف أبداً
أنّ الدّمع هو الإنسان
أنّ الإنسان بلا حزنٍ
ذكرى إنسانْ
علّمني حبكِ..
أن أتصرّف كالصّبيانْ
أن أرسم وجهك
بالطبشور على الحيطانْ
وعلى أشرعة الصّيادينَ
على الأجراس
على الصّلبانْ
علّمني حبّكِ
كيف الحبُّ يغيّر خارطة الأزمانْ
علّمني أنّي حين أحبُّ
تكفّ الأرض عن الدّورانْ
علّمني حبّك أشياءً..
ما كانت أبداً في الحسبانْ
فقرأت أقاصيصَ الأطفالِ..
دخلت قصور ملوك الجانْ
وحلمت بأن تتزوجني
بنتُ السّلطان..
تلك العيناها أصفى من ماء الخلجانْ
تلك الشفتاها أشهى من زهر الرّمانْ
وحلمت بأنّي أخطفها
مثل الفرسانْ..
وحلمت بأنّي أهديها
أطواق اللؤلؤ والمرجانْ..
علّمني حبّك يا سيّدتي ما الهذيانْ
علّمني كيف يمرّ العمر..
ولا تأتي بنت السّلطانْ
علّمني حبّكِ..
كيف أحبّك في كلّ الأشياءْ
في الشّجر العاري
في الأوراق اليابسة الصّفراءْ
في الجو الماطر.. في الأنواءْ
في أصغر مقهى..
نشرب فيهِ مساءً قهوتنا السّوداءْ..
علّمني حبّك أن آوي
لفنادقَ ليس لها أسماءْ
وكنائس ليس لها أسماءْ
ومقاهٍ ليس لها أسماءْ
علّمني حبّكِ..
كيف الليلُ يضخّم أحزان الغرباءْ
علّمني.. كيف أرى بيروتْ
امرأةً .. طاغية الإغراءْ
امرأةً..تلبس كلّ مساءْ
أجمل ما تملك من أزياءْ
و ترشّ العطر.. على نهديها
للبحارةِ.. والأمراء..
علّمني حبّك
أن أبكي من غير بكاءْ
علّمني كيف ينام الحزن
كغلام مقطوع القدمينْ..
في طرق (الرّوشة) و(الحمراء)..
علّمني حبّك أن أحزنْ
و أنا محتاج منذ عصور
لامرأة.. تجعلني أحزن
لامرأة.. أبكي بين ذراعيها
مثل العصفور
لامرأة تجمع أجزائي
كشظايا البلّور المكسور..********
منذ وفاة جدها تشعر أن هناك شيء غير طبيعي ..
وكم تساءلت عن هوية الصندوق الذي أعطاه لها
وأجبرها على اخفاؤه ..
كانت تسير بالشارع إلى عملها وكل دقيقة تلتفت
وراءها ..لا تعلم لما تشعر أنها مراقبة .. وصلت لعملها
تخفي معظم وجهها في نظارة كبيرة ..تدعي أنها
للنظر رغم قوة نظرها ..ولكن هكذا أقنعها جدها
عندما بدأت البلوغ ..وبدأ يخفيها عن العيون ..
حتى ملابسها أجبرها جدها على الملابس الواسعة
مقنعا إياها أنه هكذا أفضل لها حتى تحافظ على
نفسها من نظرات الرجال ..
انتهى عملها وخرجت للشارع .. تسير مشيا على
الرصيف لتطيل الوقت خارج منزلها البارد ..
كانت تحاول عبور الطريق ..شاردة فيما يحدث معها ..
وقبل أن ترفع رأسها ..سمعت بوق سيارة تأتي من قريب
ولصدمتها أغمضت عينيها ولم تقوى على التحرك ..
" فأهلا بالموت "
ولكن لم يحدث لها شيء ..لم تشعر بشيء
فقط صوت صراخ وشتائم ..وأبواق سيارات تعلو من
حولها ..كل هذا وهي مغمضة العينين ..
سمعت صوت بجانبها يسألها بتوتر
" هل أنتِ بخير ؟! "
فتحت عينيها بدهشة .. متسائلة عن ماهية هذا
الشخص.. وعندما فتحت عينيها زادت دهشتها
وصدمتها .. فهذا الرجل كان وسيم
بطريقة مهلكة .. وسيم بشكل رجولي جذاب ..
ملامح حادة وبشرة سمراء .. حاجبين كثيفين
وجسد متناسق .. رشيق بطريقة مثالية
سمعت سؤاله مرة أخرى
" هل أنتِ بخير ؟! .. نستطيع الذهاب للمشفى "
فاقت من شرودها به ..هتفت تثنيه عن تفكيره ..
" لا شكرا لكَ .. "
هنا تذكرت السيارة المسرعة .. فسألته
" ماذا حدث ؟! "
ابتسم لها ابتسامة أخذت عقلها .. وقال
" لا شيء ..فقط كنتِ ستنتحرين "
ابتسمت له نصف ابتسامة وكأنها تسأل نفسها
" هل هو حقيقي فعلا ؟! "
حاولت أن تتمالك ونهرت نفسها عن تحديقها به
..وسألته ثانية
" كيف أصبحت على الرصيف ؟! "
لوى شفتيه بلا مبالاة وقال ..
" جذبتك قبل أن تصطدم بكِ السيارة .. ومن
الواضح انك لم تشعري بي بسبب صدمتك "
أومأت له .. وقالت بامتنان ..
" شكرا لك ... أنا مدينة لك بحياتي "
ابتسم لها ثانية .. تعلقت عينيها بابتسامته ..وكأنها
تحت تأثير هذه الابتسامة .. أسنانه بيضاء كاللؤلؤ
أحس بأنفاسها تخرج بصعوبة ..ظنت وقتها انه بسبب
فرط تأثرها به .. ولم تدرك أن هذا بسبب قربها من
هذا الشخص بالتحديد .. وجدته يمد يده بسيطرة
وابتسامة واثقة .. قائلا ..
" أنا اسمي شهاب .. وأنتِ ؟! "
بلعت ريقها بإثارة .. تنظر ليده المفتوحة أمامها
بانتظارها .. همست ..
" إيمان .. اسمي إيمان "
رفعت يدها بارتعاش .. ومدتها باتجاه يده .. ولم
ينتظر اللمسة الأخيرة .. فبادر هو وأمسك يدها ..
لم يخفى عليه الرعشة التي سارت بجسدها .. حاولت
سحب يدها ولكنها لم يكن ليفوت مثل هذه
الفرصة ..
وعاودها الضعف .. ولكن هذه المرة ..كانت بدوار
قوي سيطر عليها مما جعلها تترنح فاقدة لوعيها
بين ذراعيه ..
*******
افترقت أهدابها بتعب .. وجسدها يئن وجعا ولا تقوى
على رفع جسدها .. قاومت حتى ارتفع جذعها ..لا
تتذكر ما حدث .. ولا تعرف كيف وصلت للبيت ..
ولا كيف وصلت للفراش .. جالت بعينيها حولها
..ولكن !!
لحظة واحدة !
هذا ليس بيتها .. نظرت للجهة الأخرى
هذا ليس منزلها
وهذا ؟!!
ليس فراشها !!! ..
يا الهي .. أين هي ؟!! ..
قاومت وجعها واستقامت من الفراش مجهول الهوية
.. ونزلت منه ..ومشت بعض خطوات لنافذة بعرض
الحائط.. أزاحت الستائر الثقيلة .. ودُهشت من المنظر
أمامها .. ساحة خضراء كبيرة بطول نظرها ..
والنافذة على علو شاهق .. والنافذة يحيطها قضبان
حديدية ..
شهقت برعب .. وتساءلت..
" أين أنا .. وما هذا المكان ؟! "
سمعت انفاس بجانب أذنها .. جعلت القشعريرة تسير
على طول عمودها الفقري .. التفتت بسرعة ..
ولكنها لم ترى أحد .. سارت بخطوات مسرعة الى
باب الغرفة الكبير ..حاولت فتحه.. ولكنه لم يُفتح
صرخت بأعلى صوتها ..
" يا أهل البيت .. أين أنتم .. وأين أنا ؟! "
نفس صوت الأنفاس بجانب أذنها ..فالتفتت مرة أخرى
ولكن لا يوجد أحد .. دارت بعينيها في الغرفة ..
الغرفة
أقل ما يُقال عنها أنها غرفة " مَلَكية "
بفراشها الضخم الذهبي.. وستائرها الضخمة بلونين
البني والذهبي .. وكانت الغرفة واسعة للغاية ..
تهاوت ساقيها بتخاذل .. فسمحت لنفسها بالهبوط على
الأرض .. جلست وظهرها لباب الغرفة
.. أحست بالأنفاس مرة أخرى .. وكأن هناك شخص
يجلس بجوارها .. كتمت أنفاسها بذعر .. وهمست
بتساؤل ضعيف ..
" من أنت ؟! .. أنا أشعر بكَ "
لم يجيب ... ولكنها شعرت ..وكأنها هناك يد تُفرد
على موضع قلبها .. قلبها الذي ثار بجنون .. خوفا ..
وترقبا ..
رفعت يدها هي الأخرى ووضعتها على موضع قلبها ..
وشعرت بأصابع غليظة تحت يدها .. كتمت أنفاسها ..
لا تعرف ما يحدث معها .. ولا هذا الذي هي فيه ...
كانت تعلم هذا السر عن جدها ..فكان يختفي
بالأيام في غرفته .. وعندما سألته أخبرها انه يعمل
.. ولكنها علمت .. علمت انه يستحضر جن .. ولم
تكن أول مرة تشعر فيها بوجود أحد بجوارها.. كانت
تشعر بهذه الأنفاس كثيرا في غرفتها ..وفي فراشها
.. ولكنها لم تعطي الأمر أهمية ..فليس لديها من
يسمعها ..وعندما حكت لجدها انتفض هامسا ..
" وصلوا إليكِ !! "
طلب منها أن تقرأ القرآن دائما قبل النوم .. والليلة
التي تنسى قراءة القرآن ..تشعر بهذه الأنفاس ثانية ..
لدرجة أنها كانت تشعر بالألفة حين تحس بها
..ولم تكن تخاف
.. ولكن الآن ..الوضع تغير ..فهي معه ..وفي مكانه
..والذي بالمناسبة لا تعرف أين يقع هذا المكان
استجمعت شجاعتها .. وهمست ..
" من أنت .. أريد أن أعرف .. أعلم بوجودك معي منذ
فترة .. فهيا أظهر نفسك لي .. رجاءا "
أحست بثقل الهواء يتغير من حولها .. ظنت أنه سيظهر
.. ولكنه تحدث بصوت جهوري غليظ ..
" لا يجوز لكِ أن تريني"
" ولكني أشعر بك "
هتفتها بسرعة ...
ولم يكن حاله أفضل .. فكان يعلمها كمعرفته
لنفسه ..
منذ سنوات وهو يراقبها ..في صحوتها ..ونومها ..
يحفظ كل سكناتها وحركاتها ..
وكم كان ممزق بينها وبين عشيرته .. فكان
الحكم لعشيرته بوجوب قتلها انتقاما من جدها لأنه
يعذب عشيرته بما يفعله ولكي يمنعوه من ممارسة
مثل هذه الأفعال .. ولكنه هو من وقف في وجههم
ومنعهم من تنفيذ مخططهم .. فتولى هو الموضوع
وتكفل به ..
هو هنا لحمايتها.. وليعرف منها هل استلمت إرثها أم لا
.. لن ينكر أنه أخذ هذا الإرث كحجة حتى يبقى
بجوارها ..وتظل هي تحت ناظريه ..
اقترب منها أكثر وكانت بالتأكيد لا تراه ..
وهمس بصوت رقيق .. حسي ..جعل نبضاتها تعلو
للسماء ..
" هل تشعرين بي حقا ؟!
أومأت له .. وهمست برجاء رقيق مس نعومته شغاف
قلبه ..
" أريد رؤيتك "
" أخاف عليكِ "
هزت رأسها يمينا ويسارا بمعنى لا ..
وفجأة قرر أن يظهر لها .. استقامت من مكانها ..
ووقفت بتأهب عندما أدركت ما يفعله ..
وبلحظة تالية كان يظهر لها بشكلة الحقيقي ..
جسد ضخم .. وملامح أقرب للبشرية ولكن بشكل
أكبر ... وشعر طويل يغطي جزء كبير من ملامحه
بعشوائية .. ويرتدي ملابس أقرب لملابس المحاربين
... ملأ بحضوره جزء كبير من الغرفة .. كانت
عينيها تتسع من هول الصدمة وسرعان ما تهاوت
قدماها ويعاودها الدوار مرة أخرى
ولكنها وجدت نفسها تقع بين ذراعي ليسا بغريبين
..فتحت عينيها باتساع عندما وقعت عينيها عليه ..
هو !!!!
رجل هذا الصباح .. !!!
" شهــــاب .. !! "
لم تدرك أنها همست باسمه .. فقال مصححا
" اسمي .. مارد .. وليس شهاب "
" يا الهي .. انت جني "
همستها غير قادرة على السيطرة على دهشتها ..
ابتسم لها .. يا الهي ابتسم .. ابتسامته التي أذابتها
صباحا .. اعتدلت لتقف بثبات .. رفعت يديها
وفردتهما على صدره بدون وعي منها .. وهمست بصوت
مأخوذ
" أنت كنت معي طوال الوقت .. كنت بجانبي ولم
أخف منك "
" لا يمكن أن تخافي مني.. أنا لن أؤذيكِ إيمان "
" أعلم هذا "
قالتها تهز رأسها بنعم مؤكدة على كلامها
تمر الأيام بينهما وعلاقتهم تزداد تودد ... هي بقصره
.. وهو لا يفارقها .. حتي بدخولها الحمام
وقتها تأمره أن يظل بالغرفة .. فيبتسم بخبث
" حبيبتي أنا أستطيع رؤيتك ولو كنتِ وراء ألف
جدار "
ظلا هكذا أيام لا يعلمان عددها ..فقط يتقربان من
بعضها ..لقد فاجأها بمعرفته كل شيء عنها .. وكان
بدوره يخبرها كل شيء عنه .. وأخبرته عن
الصندوق الذي ورثته من جدها ..
ولم يفت عليها زهور الياسمين التي كان يملأ بها
غرفتها ..بل وبلمسة يخرج الياسمين حينما يكون ..
وكانت هذه الزهور رمز عن تواجدهم ..
*******
" مـــــــــارد "
هتفها كبير عشيرته .. وأكمل بوعيد
" ان لم تنتهي من هذه الفتاة .. سأنهي انا عليها
وتدرك جيدا أني أقوى على هذا "
طأطأ مارد رأسه .. لقد اعترف بحبها أمام عشيرته
وقامت الدنيا ولم تقعد .. بل وتم تهديده بالحرق ..
وهددوه بها أنهم سيقتلونها .. إ لم تُسلم الصندوق لهم
وتبتعد عنه .. هتف مارد محاولة ايجاد حل ..
" ولكن أنا أرغب بـ ... "
" ليس هناك ما ترغبه يا مارد .. هناك مصالح
العشيرة وفقط "
قاطعه كبير عشيرته غاضبا مزلزلاً المجلس من
حولهم وأكمل ..
" أمامك للغد .. وبعدها سترى تصرفي "
********
رجع بغمضة عين على قصره يعلم أنها تنتظره ..
وبلحظة كان أمامها .. شهقت منتفضة ..
وقالت وهي تستقيم من مكانها ..
" مارد .. لما تأخرت .. "
لاحظت عبوسه فأكملت بقلق ..
" مارد هل أنت بخير ؟! "
جلس على الفراش بتعب ..فاليوم سيكون آخر يوم
لهما .. جلست على الارض بجوار ركبتيه ..
وضعت كفيها على ركبتيه
" مارد أخبرني ما بك .. "
همس بنبرة متألمة ..
" لقد أمروني بقتلك إن لم تسلمي الصندوق الذي
ورثتيه .. فهذا الصندوق عبارة عن جوهرة نفيسة
ومهمة لنا .. تمت سرقتها من خزائن عشيرتنا .. ومن
ساعد على سرقتها كان جدك .. ولذلك كان
الجن يريدون قتلك حتى يضغطوا عليه ليعيدوا
الجوهرة .. ولكن جدك قرأ عليها بعض التعاويذ
لإخفاء الاتصال الضوئي بيننا وبين الجوهرة
.. وعلموا بوجوده معك .. وعليكِ تسليمه لهم "
هتفت بإبتسامة ..
" بسيطة .. أعدني لبيتي وأعطيك الصندوق تسلمه
لهم .. وتظل معي "
رأت ملامحه يغزوها الألم.. وهتف ..
" هذه هي المشكلة إيمان .. لا يمكن أن نظل سويا
..هذا لا يجوز .. "
شحب وجهها ..لن تنكر انه لا يجوز .. ولكنه ملأ
حياتها .. وترغب بتواجده الدائم معها .. ليس لها أحد
هتفت ببكاء ..
" أستتركني ؟! "
استقام واقفا ممسكا بمرفقيها ليوقفها معه ..
" أنا لن أتركك إيمان .. أنتِ غزوت قلبي منذ كنتِ
طفلة .. سأكون دائما لجانبك ..لن أتركك ..
وسأنقذك دائما "
" لا تتركني يا مارد "
احتوى وجهها بين كفيه واقترب أكثر منها هاتفا
بصوت يفيض بالعاطفة ..
" سأكون دائما بجوارك حبيبتي .. علينا
الابتعاد .. حتى أحافظ عليك .. لا أقوى أن يمسك
مكروه "
أكمل مقتربا منها .. مقبلا جبهتها بقوة ..
" ستجديني حولك في كل مكان .. "
وبفرقعة اصبع كانت بغرفتها ..ببيت جدها
استلقت على السرير يغزوها الحزن.. تبكي وحدتها
مرة أخرى .. تبكي بعده عنها
*****
بعد حوالي شهر .. كانت تخرج من عملها .. وقررت
الجلوس بالحديقة العامة..
كانت تنظر حولها بشجن أصبح لا يفارقها ..
كانت تلاحظ الأطفال يلعبون هنا وهنا .. حتى مرت
من حولها لفة من الرياح الخفيفة .. لم تدرك أن
هذه الرياح لم يشعر بها أحد سواها .. وفجأة بدأت
تشم رائحة الياسمين .. لم تصدق عقلها ولا احساسها
ولكن عندما أخفضت نظرها للأرض ورأت الياسمين
ينبت من بين الحشائش .. اتسعت عيناها بإدراك ..
وإتسعت ابتسامتها وتلتفت حولها يمينا ويسارا تبحث
عنه وكأنها هكذا ستراه .. ولكنه رحمها من
تخبطها هذا فاقترب منها بتخفي .. وهمس بجوار إذنها
" اشتقت إليكِِ يا جميلة"
همست تستشعر وجوده .. وأغمضت عينيها ..
تنهدت باشتياق وهمست بفرحة ..
" مــــــــارد "
**********تمت