(١)
بيجانا
فجر يوم زيكولا :
اغلق باب زيكولا، وتوقفت الحركه تماما خارج المدينه، واصبحت الطرق خاويه امام سورها، ليس الا من جواد اسود كان ينطلق كالسهم بعيدا نحو الشرق، تمتطيه أسيل بفستان حريري ابيض دون أن توجهه، هو يعلم طريقه نحو بلدها بيجانا، لم يكن يشغل بالها سوي ما حدث خلال الساعات السابقه وتغمض عينيها ان جال بخاطرها مشهد ذبح خالد و تتمتم بكلمات تتمني بها نجاته قبل ان تجذب لجام حصانها وتقلل من سرعته حتي يتوقف فاستدارت به لتنظر الي زيكولا نظره اطالتها كانت توقن انها الاخيره
*************
كانت بيجانا تعرف بالمدينه الساهره وميز سورها عن غيرها من المدن بابراجه المنيره الشاهقه التي تناثرت علي امتداده حولها والتي عرفت بابراج بيجانا المشتعلع بعدما قيل ان هناك الف شعله زيتيه تشتعل بكل برج ليل نهار لتجعلها اكثر المدن اناره و دفئا
حل الليل واكتمل القمر بالسماء حين وصلت اسيل الي المدينه وسط تعجب حراسها الذين اعتادوا قدومها وخروجها قبل اغلاق باب زيكولا ثم دلفت بحصانه تمضي قدما بين شوارعها والجميع ينظر اليها في دهشه وهي تكمل طريقها تتساقط جفونها من التعب حتي وصلت الي بيت من طابقين امامه فناء صغير احاطه سور من قوائم حديديه وترجلت عن حصانها ودلفت اليه فاسرع اليها شاب مرحبا بها فربتت علي كتفه واعطته لجام حصانها وسالته :علي جاءت اخبار عما حدث بارض زيكولا اليوم؟
فقال الشاب :
لا ادري سيدتي لم اترك البيت قط
فقالت:
اريدك ان تتحرك بين اهالي بيجانا لعلاحدهم قد علم بما دار هناك وتاتي لتخبرني بما علمته سانتظرك حتي تعود يا صفي
بعدها واصلت طريقها الي داخل بيتها فانحنت لها فتاه عشرينيه كانت تقف علي بعد خطوات من باب البيت قائله ؛ مرحبا سيدتي ساعد الطعام علي الفور...فردت اسيل:
لا اريد طعاما الان ايتها الجميله فقط حين ياتي صفي ادخليه علي الفور
ثم صعدت سلما خشبيا الي عرفتها العلويه واتجهت الي عرفتها لتنظر الي السماء شارده لدقائق ثم عادت وجلست علي سريرها واخرجت اوراق خالد من حقيبتها الحريريه ووضعتهم بجوارها دون ان تقرا اي منها قبل ان تغلق جفونها المرهقه ويغلبها النعاس لم يوقظها الا صوت الخادمه حين سمعتها تقول سيدتي لقد جاء صفي
فنهضت رسالتها ان تدخله علي الفور
*******
دلف صفي الي الغرفه وانحني امامها ثم قال :
سيدتي لقد نجا ذبيح زيكولا اليوم قبل ان يطيح السياف براسه...
فابتسمت اسيل واخرجت زفيرا مريحا كان جبلا انزاح عن قلبها ثم اكمل :
لكن هناك خبرا سيئا سيدتي ... لقد اعلن حاكم زيكولا خيانتك امام اهل زيكولا جميعهم..
فأومات اسيل براسها وقالت:
كنت تتوقع ذلك لا يهم اخبرني هل جاءت اخبار اخري عن الغريب الناجي من زيكولا؟
اخابها:
لا اعلم سيدتي ولكني اري ان تتركي بيجانا علي الفور...
فسالته في تعجب :
لماذا؟!
فاجابها:
ان حاكم بيجانا اكثر الحكام موالاه لزيكولا وقد بدا خبر اعلانك خائنه لها في الانتشار وسيصل اليه اسرع مما تتخيلين..
فقالت:
يكفي زيكولا انني خرجت منها تاركه كل شئ وعدت الي بلدي ما شأن بيجانا بذلك؟!
قال:
لقد اختلفت بيجانا كثيرا مع حاكمنا الجديد
لم تعد بيجانا التي عهدتيها من قبل ان خير حاكمنا بين كسب ضئيل من زيكولا وبينك سيكون من الصعب ان تكوني الرابحه
فصمتت قليلا ثم قالت باسمه:
ليفعل القدر ما يشاء لقد اخترت طريقي وعلي ان تتحمل عواقبه
فقال باسما:
حسنا سيدتي ستكون بالخارج ان اردتي شيئا فقط اخبريني
وغادر بينما ظلت اسيل مكانها يشغل بالها ما قاله وكلما جال بخاطرها ما قد قد يفعله حاكم بيجانا اغمضت عينها وتحدثت الي نفسها: ليفعل قدرك ما يشاء يا اسيل ليفعل ما يشاء************