هو هناكَ في غرفته .. يتظاهرُ بالنوم ، يبدو .وكانه لم ينم من سنين ..
إلا أنه ليس كذلكَ ، هو غارقٌ في لحظةٍ قديمةٍ لم تنم منذ ثمانِ سنين ، فلحظاتُ الوداع لا تنام...
إنّ لحظات الوداع هي التي تبقى مستيقظة ..وترسل الرغبة في الكتابةِ إلى سباتٍ عميق..
هو فعلاً غارقٌ في الألم ، فساعاتُ وداعه فاقت ساعات نومه..
بين اللحظات الكئيبة والنوم علاقةُ عشقٍ قديمة اكتشفها علمُ التفس مؤخّراً ...
لكن الشيء الذي يدعوك إلى تعاسةٍأكبر، أن لا وداع كان لحظة الوداع..
كان الرحيل مفاجئاً خالياً من أي ألمٍ وأي شعورٍ...
لقد أحبّها بعد الرحيل ، وبعد سنةٍ بالضبط..
عندما أدرك أنّه لا يزال غارقاً بعينيها الدامعتين ..
وصمتها اللا اعتيادي ...
عندما أدركَ أنه لا يزال يعيشُ بتفاصيلها..
يهدأ كلّ شيءٍ به عندما ينصتُ لأنفاسها الخافتة ،
يرسو بسفينةِ عشقهِ على كلّ شامةٍ بوجهها ، ثمّ يغرقُ ببركةِ الجاذبيّة التي تسكنُ غمّازتيها ..أدركَ أنه يحبّها تماماً عندما أدركَ أنّها لم تعد إلى جانبِه.. عندما أدركَ أنها بالطرفِ الآخر من هذا العالم...
نظرَ إلى العلبة الحمراءِ الجذّابة التي رُكنت منذ ثمانِ سنين خلف زجاجِ الخزانة ، التي كان قد أحضرها عندما أحس بأنها قد تعودُ _ أو أنه يحبها..
كل شيء بداخله ذاب من الألم ومن فرطِ الحزنِ ..
لقد كان حبّه صادقاً أكثر من أي شيء..
وما يحزنه أنّه مع حبه الصادق وبعده عن ارتكاب الحرام بحق حبٍ طاهر لم يحظى بحبه...
تشابكت خيطانُ ذاكرته الواهنةِ كبيتٍ العنكبوتِ ..
ألأنّه كان عفيفاً رحلت ؟
ام لأنّها لم تعرف عن حبِه بعد ؟!!
ام عرفت وغضتِ الطرف خشيةَ أن يغرقا معاً بسفينةِ الواقع ؟!!
بكى من شدّةِ شوقه إليها .. بكى بمنتهى الرّجولة ..
فلا عيب أن يعشق رجلٌ أنثى ويهيمَ بعشقها فيبكي عليها...
كاد أن يخرج صوتُ أنينٍ متقطّعٍ من قلبه ، كاد أن يصرخَ باسمها ..
إلا أنّ رنين الهاتف الذكيّ فاقَ صوت صراخه الصامت...
حملهُ بلهفةٍ ثم نظر ...
أنت تقرأ
وَصبُ الرّحيل..
Short Storyخروجٌ عن إطارِ المألوف ، بل عن إطارِ الحياة البائسةِ كلّها.. روحه عالقةٌ هناكَ بين بين... غارقٌ كله هناك.. في ساعةِ الرحيل..