9 - لا شيء يهم

5.3K 114 2
                                    

انتهت مراسيم الدفن ... المنزل كان مليئاً بالناس الراغبين في تقديم تعازيهم , ولكنهم الآن يغادرون , واحست لوسي بالراحة لقرب نهاية هذه المحنة .
كان اليوم بارداً جداً, ونصحها جيرمان ان اتبقى قرب النار وهو يودع المعزين.
خجلت من نفسها لأنها لم تعرف كم من الدموع التي ذرفتها كانت لأجل ماثيو , وكم منها كان على نفسها , على وحدتها , وقلقها , حتى في حزنها على جدها الذي احبته لم تستطع التخلي عن أنانيتها.
ولم يقل مارك اية كلمة حول موضوع فسخ خطبتهما , وكان يجب ان تكون مسرورة لهذا, ولكن إذا كانت صادقة مع نفسها , هو لم يقل شيئا تقريبا له طابع شخصي, بل كان لطيفا ومتفهما مهتما ... ولكن بقي متحفظا.
والدته لاحظت اختفاء الخاتم من يدها على الفور , ولكنها لم تقل شيئا. مع ان وجهها بدا عليه القلق , وكانت قد أمضت ليلتها في بريوري ولاحظت لوسي , بدهشة ان وجودها قد خفف التوتر ما بينها وبين مارك , وما إن غادرت أمه المكان , حتى عاد يختبئ خلف قناع البرودة المتغطرسة التي اصبحت معتادة عليها .
والتفتت الى المدفأة , كانت النار قد اوشكت ان تخبو , فركعت على الأرض لتضع الحطب , وفتح باب غرفة الجلوس ودخل جيرمان وقد بدا عليه التعب.

هذا آخر شخص قد تركنا .. شكراً لله ... ظننت ايربي غولمان لن يذهب ابداً, دون شك كان يرغب في مقابلتك وجهاً لوجه.
اتظن هذا؟ ولكن كان لديّ انطباع انه كان يتجنبني .
ليس انت يا حلوتي .. بل خطيبك السابق , وهناك شائعة في المكتب انه سيستقيل عما قريب.
سيكون أمامه الكثير من العروض من مؤسسات اخرى , جدي كان يقدره كثيراً....
اجل... ولكنه لن يحصل على نفس التقدير من ايفانز, أكانت الخطبة ملغية أم لا , مسكين ايربي ... كنت اتمنى لو انك لم تخربي عليه مستقبله بالأمل فيك.
هكذا إذاً .. والآن دعنا نجد المحامي وننتهي من مسألة الوصية , هل تعرف اين هو ؟
إنه ينتظرنا في المكتبة... لأسباب خاصة, ربما يعتقد ان تلك الغرفة مقدسة لقراءة شيء جليل كالوصية.
وتنهدت لوسي:
هل يجب علينا حقاً ان نقرأها , وما الفائدة ؟ نحن نعرف مافيها.
اعتقد أننا نعرف.
بالطبع لقد اخبرنا بنفسه منذ سنوات , لايمكن ان تكون نسيت.
لم أنس ما قاله يومها, ولكن الكثير حدث منذ ذلك الوقت يا لوسي , ألم يخطر ببالك ان هناك بعض التغييرات قد تكون حدثت ؟ أم أنك لم تعلمي ان المحامي العجوز حضر الى المستشفى عدة مرات بناء على طلب مستعجل من ماثيو ؟

لا ... لم اعرف ... ربما كان يريد ان يوصي بشيء لمارك , فقد كان يحبه.
اجل هذا صحيح .. اين ايفانز الآن ؟
لا أعلم , ربما في غرفته , يوضب ثيابه للرجيل , فوالدته ستعود الى فرنسا , وسيرغب في قضاء بعض الوقت معها قبل ان تسافر , إضافة الى انه لم يعد لديه مايبقى لأجله.
لست أوافق معك على هذا, يا حلوتي ... إنه مهتم بالوصية ... من خلالك.
لم يعد له شيء هنا .. ألم تلاحظ هذا؟
طبعاً لاحظت اختفاء الماسة من يدك , واعتقدت ان الأمر له علاقة بحزنك على جدك.
ونظر اليها نظرة مخيفة :
بحق الله يا لوسي! انت لم تتصرفي بطريقة مأساوية .. اليس كذلك؟
إذا اخترت ان تصف الأمر هكذا .. اجل لقد فعلت.
وقال لها شقيقها بصوت حاد:
إذاً أنت غبية يا عزيزتي , من بعض التلميحات التي قالها لي المحامي العجوز , فهذا أمر قد تندمين عليه, و الآن لندخل المكتبة ونسمع ما سيقول.
كان مارك في المكتبة عندما دخلاها , وبدأ المحامي يقرأ الوصية , وكان فيها بعض التنازلات الصغيرة , بما فيها مبلغ سخي من المال لآل برونسون , قبل ان يصل الى الجزء المهم فيها . وذكر مايختص بجيرمان اولاً , وكان كما شرحه لهما ماثيو بنفسه , وسمعت اسمها , ونظرت الى المحامي , بعد ان لاحظت تردده , وتنحنح المحامي قليلاً وقال :
لست واثقاً يا آنسة بانهارد , اذا كان جدك اخبرك بمخططاته بالنسبة لحصتك من الوصية , وكما تعلمين كان في نيته ترك هذا المنزل لك وما يكفي من مال يوفر لك مدخولاً ثابتاً, إضافة الى بعض الأغراض الشخصية , ولكن , على ضوء زواجك المرتقب , قرر ان يركز أكثر على المستقبل, ولذلك , فهذا المنزل والمدخول الذي ذكرته قد أوصى به كوقف لأولادك من السيد مارك ايفانز , وكل هذه الوصية مشروطة بزواجك من السيد ايفانز في غضون شهر واحد.
واحست بضجيج في أذنيها , وبدا وجه المحامي وكأنه يبتعد عنها مسافات طويلة , وقالت بصوت خفيض كطفل مهذب:
أنا آسفة .. لم أفهم تماماً ما قلته.
وهل كان تفسيري لك غامضاً هكذا , إذا الأفضل ان أقرأ لك الشروط كما هي مدونة هنا.
الكلمات القانونية الجافة لم تكن أسهل كي تفهمها , ولكنها اعطتها فرصة للتنفس , وأقنعهتها بأنها حقيقة فظيعة مرعبة , عندما انهى المحامي قراءة الوصية قالت :
إذا لم نحقق أنا والسيد ايفانز هذه الشروط , ماذا يحدث؟
ونظر المحامي الى الأوراق وبدأ محرجاً:
سوف تستفيد عدة مؤسسات خيرية من ربع بيع المنزل ومن الأموال التي كانت ستعود اليك.
بكلمات اخرى ... أنا لن أحصل على شيء.

زهرة الرماد _ آن ميثر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن