انتهت مراسيم الدفن ... المنزل كان مليئاً بالناس الراغبين في تقديم تعازيهم , ولكنهم الآن يغادرون , واحست لوسي بالراحة لقرب نهاية هذه المحنة .
كان اليوم بارداً جداً, ونصحها جيرمان ان اتبقى قرب النار وهو يودع المعزين.
خجلت من نفسها لأنها لم تعرف كم من الدموع التي ذرفتها كانت لأجل ماثيو , وكم منها كان على نفسها , على وحدتها , وقلقها , حتى في حزنها على جدها الذي احبته لم تستطع التخلي عن أنانيتها.
ولم يقل مارك اية كلمة حول موضوع فسخ خطبتهما , وكان يجب ان تكون مسرورة لهذا, ولكن إذا كانت صادقة مع نفسها , هو لم يقل شيئا تقريبا له طابع شخصي, بل كان لطيفا ومتفهما مهتما ... ولكن بقي متحفظا.
والدته لاحظت اختفاء الخاتم من يدها على الفور , ولكنها لم تقل شيئا. مع ان وجهها بدا عليه القلق , وكانت قد أمضت ليلتها في بريوري ولاحظت لوسي , بدهشة ان وجودها قد خفف التوتر ما بينها وبين مارك , وما إن غادرت أمه المكان , حتى عاد يختبئ خلف قناع البرودة المتغطرسة التي اصبحت معتادة عليها .
والتفتت الى المدفأة , كانت النار قد اوشكت ان تخبو , فركعت على الأرض لتضع الحطب , وفتح باب غرفة الجلوس ودخل جيرمان وقد بدا عليه التعب.- هذا آخر شخص قد تركنا .. شكراً لله ... ظننت ايربي غولمان لن يذهب ابداً, دون شك كان يرغب في مقابلتك وجهاً لوجه.
- اتظن هذا؟ ولكن كان لديّ انطباع انه كان يتجنبني .
- ليس انت يا حلوتي .. بل خطيبك السابق , وهناك شائعة في المكتب انه سيستقيل عما قريب.
- سيكون أمامه الكثير من العروض من مؤسسات اخرى , جدي كان يقدره كثيراً....
- اجل... ولكنه لن يحصل على نفس التقدير من ايفانز, أكانت الخطبة ملغية أم لا , مسكين ايربي ... كنت اتمنى لو انك لم تخربي عليه مستقبله بالأمل فيك.
- هكذا إذاً .. والآن دعنا نجد المحامي وننتهي من مسألة الوصية , هل تعرف اين هو ؟
- إنه ينتظرنا في المكتبة... لأسباب خاصة, ربما يعتقد ان تلك الغرفة مقدسة لقراءة شيء جليل كالوصية.
وتنهدت لوسي:
- هل يجب علينا حقاً ان نقرأها , وما الفائدة ؟ نحن نعرف مافيها.
- اعتقد أننا نعرف.
- بالطبع لقد اخبرنا بنفسه منذ سنوات , لايمكن ان تكون نسيت.
- لم أنس ما قاله يومها, ولكن الكثير حدث منذ ذلك الوقت يا لوسي , ألم يخطر ببالك ان هناك بعض التغييرات قد تكون حدثت ؟ أم أنك لم تعلمي ان المحامي العجوز حضر الى المستشفى عدة مرات بناء على طلب مستعجل من ماثيو ؟- لا ... لم اعرف ... ربما كان يريد ان يوصي بشيء لمارك , فقد كان يحبه.
- اجل هذا صحيح .. اين ايفانز الآن ؟
- لا أعلم , ربما في غرفته , يوضب ثيابه للرجيل , فوالدته ستعود الى فرنسا , وسيرغب في قضاء بعض الوقت معها قبل ان تسافر , إضافة الى انه لم يعد لديه مايبقى لأجله.
- لست أوافق معك على هذا, يا حلوتي ... إنه مهتم بالوصية ... من خلالك.
- لم يعد له شيء هنا .. ألم تلاحظ هذا؟
- طبعاً لاحظت اختفاء الماسة من يدك , واعتقدت ان الأمر له علاقة بحزنك على جدك.
ونظر اليها نظرة مخيفة :
- بحق الله يا لوسي! انت لم تتصرفي بطريقة مأساوية .. اليس كذلك؟
- إذا اخترت ان تصف الأمر هكذا .. اجل لقد فعلت.
وقال لها شقيقها بصوت حاد:
- إذاً أنت غبية يا عزيزتي , من بعض التلميحات التي قالها لي المحامي العجوز , فهذا أمر قد تندمين عليه, و الآن لندخل المكتبة ونسمع ما سيقول.
كان مارك في المكتبة عندما دخلاها , وبدأ المحامي يقرأ الوصية , وكان فيها بعض التنازلات الصغيرة , بما فيها مبلغ سخي من المال لآل برونسون , قبل ان يصل الى الجزء المهم فيها . وذكر مايختص بجيرمان اولاً , وكان كما شرحه لهما ماثيو بنفسه , وسمعت اسمها , ونظرت الى المحامي , بعد ان لاحظت تردده , وتنحنح المحامي قليلاً وقال :
- لست واثقاً يا آنسة بانهارد , اذا كان جدك اخبرك بمخططاته بالنسبة لحصتك من الوصية , وكما تعلمين كان في نيته ترك هذا المنزل لك وما يكفي من مال يوفر لك مدخولاً ثابتاً, إضافة الى بعض الأغراض الشخصية , ولكن , على ضوء زواجك المرتقب , قرر ان يركز أكثر على المستقبل, ولذلك , فهذا المنزل والمدخول الذي ذكرته قد أوصى به كوقف لأولادك من السيد مارك ايفانز , وكل هذه الوصية مشروطة بزواجك من السيد ايفانز في غضون شهر واحد.
واحست بضجيج في أذنيها , وبدا وجه المحامي وكأنه يبتعد عنها مسافات طويلة , وقالت بصوت خفيض كطفل مهذب:
- أنا آسفة .. لم أفهم تماماً ما قلته.
- وهل كان تفسيري لك غامضاً هكذا , إذا الأفضل ان أقرأ لك الشروط كما هي مدونة هنا.
الكلمات القانونية الجافة لم تكن أسهل كي تفهمها , ولكنها اعطتها فرصة للتنفس , وأقنعهتها بأنها حقيقة فظيعة مرعبة , عندما انهى المحامي قراءة الوصية قالت :
- إذا لم نحقق أنا والسيد ايفانز هذه الشروط , ماذا يحدث؟
ونظر المحامي الى الأوراق وبدأ محرجاً:
- سوف تستفيد عدة مؤسسات خيرية من ربع بيع المنزل ومن الأموال التي كانت ستعود اليك.
- بكلمات اخرى ... أنا لن أحصل على شيء.
أنت تقرأ
زهرة الرماد _ آن ميثر
Romanceالملخص " هل هكذا يأتي الحب ؟.. كانت تتوقع دائماً ان تشعر به ينمو رغم إرادتها , ولكن لم يحذرها احد انه يمكن ان يزهر في داخلها بهذه السرعة " ولكن مهما كلف الأمر يجب ان لا يعرف مارك ايفانز حقيقة مشاعرها نحوه, فكل مايريده هو الاستيلاء على شركة جدها و إب...