لحظات مميتة

300 13 25
                                    

الحلقة السادسة والعشرون

أكمل سحب سلمى على السلم إلى أن وصل لغرفتها .. ألقى بها على الفراش بقوة فتألمت وأخذت تفرك وتتحسس معصمها من أثر قبضة يده وهي تنظر له بعين باكية وحسرة وغضب شديد إلى أن قام وقال :
- أسمعي يا سلمى .. من هنا ورايح ولا في خروج من البيت ولا مرواح للكلية ولا فيه عربية ولا تليفون حتى .. وهتقعدي هنا زيك زي الكرسي .. مسمعش حسك خالص لحد ما تفوقي من الوهم إللي عايشة فيه ده
نهضت بألم وهي تنظر له بألم وحسرة :
- وهم! .. أنت إللي عايش في وهم مش أنا .. أنت بتعمل معايا كده ليه؟ أنا ذنبي إيه .. فوق بقى

صفعها صفعة قوية جعلتها تقع وتفقد وعيها ..
خرج سريعًا بمجرد أن صفعها ولم يلتفت إليها حتى .. أغلق الباب بعنف وخرج من المنزل.

في ذلك الوقت وصل يوسف وركض على درجات السلم متجها إلى غرفة سلمى، فتح الباب ووجدها ملقاه على الأرض .
ركض نحوها مهرولًا والقلق يعتصر قلبه عصرًا، فرفع رأسها وهو يهتف بأسمها بخوف ولهفة :
ـ فوقي يا سلمى .. إللي حصل .. سلمى
قام سريعًا وتناول زجاجة عطر من أعلى سطح التسريحة، وحاول أفاقتها وهو يصفعها برفق إلى أن بدأت تستعيد وعيها ببطئ وفتحت عيناها .
عندما رأته هو بجانبها بكت بشدة كأنها وجدت أمانها، بكت لدرجة لم يستطع حدها عن البكاء، أستطاعت أن تتحدث وسط دموعها المنهمرة وتقول :
ـ ضربي يا يوسف .. ضربني تاني .. هو بيعمل معايا كده ليه؟
أتسعت عيناه دهشة وأدرك حينها سبب إغماءها، قبض يداه وأغمض عيناه بعنف وهو يتوعد سرًا، ضمها إلى صدره وأخذ يربت على ظهرها بحنان وهو يحاول تهدأتها بكلمات مريحة إلى أن هدأت .
في لحظة نسيا المشاحنات التي كانت بينهم منذ قليل، يذوب كل شئ بلحظة إذا وجد أحدهم يتألم أو في مشكلة، يتركون الغضب والعتاب جانبًا ولا يرون شيء سوى بعضهما فقط.
ساعدها على النهوض ووضعها على فراشها لكي يتركها تستريح قليلًا، قبَل جبينها وخرج من الغرفة يتهدت بألم وحزن شديد يجب أن يوقف تلك المهزلة بأي شكل وثمن.

******************

أنصرف محمود بعد رحيل الجميع وهو يستغفر ويفوض أمره لله، وسط ذهول وحزن من حوله.
لم يتبقى مع سميحة سوى أمير ونور يواسانها وهم بحاجة إلى من يواسيهم، خاصًة نور اخيها من ناحية وصديقتها من ناحية أخرى ولا تعرف أي منهم يكون الضحية، هي أم هو أم كلاهما بالفعل.
طريقة سحب سلمى من وسطهم غير مطمئنة لقلب نور وسميحة على الإطلاق بعد تلك النظرة المودعة التي تركتها قبل ذهابها.
هاتفت تهاني ابنها للإطمئنان على الوضع ولا تعرف ماذا تقول أو ماذا تفعل، أستأذنت وقامت ترد في الشرفة بأريحة:
ـ ايوة يا ماما
تهاني بقلق شديد :
ـ طمنيني يا بنتي إللي حصل .. اخوكِ عمل حاجة؟
صمتت لحظات حيث تجمعت الدموع في مقلتيها، حبيسة تحاول السيطرة عليها وعلى صوتها فقالت :
ـ لأ الحمد الله معملش حاجة، الوضع نوعًا ما قدرنا نسيطر عليه
شكت تهاني من نبرة صوتها :
ـ مال صوتك؟ .. مش ده بس إللي حصل في إيه
لم تستطع نور السيطرة أكثر من ذلك، فأنهمرت في البكاء :
ـ سلمى أنفجرت وقالت كل إللي جواها لطارق قدامنا كلنا، كل إللي كانت كبتاه جواها وسنين حبساه .. أنكل هاشم سحبها من وسطنا ومشي وأنا مش مرتاحة لرد فعله ده نهائي .. في حاجة غلط
تنهدت تهاني وقالت بحزن :
ـ لا حول ولا قوة إلا بالله .. مش هيرتاح ولا يعقل إلا لما يخلص على بنته .. الله يهديك يا هاشم ويرحمك يا فريدة
تنهدت نور هي الأخرى بعدما جففت دموعها وقالت :
ـ ماشي يا ماما هقفل دلوقتي وهكلمك بعدين

صفقة حب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن