ان الهدف الرئيسي مشاركتي قصتي هو ألا يضطر الآخرون للمرور بما مررت به انا .
في البداية اود ان اصرح بأني لست بكاتبة او شاعرة ، و أنه ليس من أسلوبي أن أوجه الناس هكذا أو أخبرهم كيف يعيشون حياتهم و لا احب ان انصح احدا بما يجب ان يقوموا بتغييره حتى و لو سألوا أفضل أن أكون مثالا و أصنع بيئة آمنة من اجل الآخرين .
الكلمات والجمل القادمة تعبير عن تجربة مررت بها ونجوت أو نجا الجزء الأكبر مني على الأقل، وأتمنى أن أنجح في مهمة تحويل مشاعري وتجاربي إلى كلمات تعبر عنها بصدق ودون ابتذال. أكتب في محاولة للقول أن الأمور مهما ساءت نستطيع التكيف معها، علينا فقط محاولة الإجابة عن الأسئلة أو طرح الأسئلة والتحرك نحوها. تحدث هذه المحاولة وأنا أتمتع بوضع نفسي وجسدي مستقر نوعًا ما، وفي مرحلة تمكنت فيها من تحسين ثقتي بنفسي ورؤيتي للأشخاص ذوي وذوات الإعاقة وتمكنت فيها أيضًا من تقبل نفسي وتقبل إمكانية أن يحبني أحدهم وأن أحب جسدي كما هو الآن. باختصار، هي تعبير عن مرحلة تمكنت فيها أن أنمو كإنسانة وكامرأة في علاقتي مع السرطان الذي أصبت في السنوات التي مضت تمكنت خلال تجربتي هذه من ادراك نواح محددة من من حياتي المستقبلية و فهمت
ان أحد أسبابي أن أعود هو تشبتي لطموحاتي و أحلامي التي لطالما لازمت وسادتي .
تداهمنا أمور على غير توقع منا نصاب بالإحباط واليأس والألم ثم شيئاً فشيئاً نعتاد عليها ونتكيف معها إذا ما تسلحنا بالإيمان والصبر والتفاؤل والأمل إضافة إلى حب من حولنا ودعمهم ومساندتهم لنا لتخطي تلك الأزمة بسلام.. كنت أعيش حياة هادئة مع مرضي المزمن .. وكنت من المتمسكات بالحياة إلى أقصى الحدود وكل ما فيها من مغامرات رياضة وعمل بالرغم من كل العقبات التي لا يمكن للعقل تصوره.
يقول الله تعالى في محكم التتزيل (وإذا مرضت فهو يشفين) ويقول نبي الرحمة المهداة ( مامن ن جهله)...لا شك إنها رحلة في مجملها مضنية ومُتعبة ومؤلمة في معظم تفاصيلها لكن المؤمن بالله والواثق بالله يصبر وينتظر رحمته وشفاءه في كل حين وآن ولذلك تكون المنحة من المحنة كان هذا درسي الحياة الأول و أول امتحان لي منه عزوجل. لم ادرك يوما ان هذا الدرس سيكون سلاحا لي أتحدى به الأصعب ....!!! نعم انه المستقبل .
ها أنا واجهت السرطان بكل قوة وإرادة، وبفضل الله تعالى تحديت المرض وشفيت منه الى حد ما بأمر الله.. والطبيب سعيد جداً بقوة إرادتي.. قلت له إن الإنسان مؤمن مقتنع بقدره ونصيبه مع الأخذ بالأسباب كما أمرنا الله تعالى بذلك.. لهذا كنت في فترة خضوعي للعلاج كنت أحاول زرع الابتسامة في المنزل ولم يشاهدوني حزينة أو أبكي يوماً.. بل على العكس كنت أظهر لهم أنه السرطان مثله مثل أي مرض قد نصاب به.. ولا خوف منه بوجود العلاج مع الاستعانة بالإيمان والتحلي بالصبر. ولا أدري كيف واتتني هذه القوة والإرادة في فترة العلاج بعد أن كنت محبطة في بداية معرفتي حقيقة مرضي، ولكن الصدمة الأولى غير مهمة. لأنها شعور طبيعي حين يتلقى الإنسان مرضاً كهذا.. لكن الصدمة لا بد أنها تزول وتبدأ مرحلة التقبل والتكيف مع الوضع.. خاصة إذا استعان الإنسان بسلاح الإيمان والأمل بالله تعالى.كانت هذه الصدمة الأولى.
بدأت الرحلة بأعراض حادة حمى و آلام المفاصل وسعال على فترات متباعدة وحادًا وكعادتي لا أحب أن أهرع للمشافي حالما أمرض إلا بعد أن يأخذ مني كل مأخذ ولا أقوى على الحراك.
وبعدما تمكن مني المرض وازدادت حدة النوبة وتواصلت وتيرتها ذهبت لمركز الرعاية لأظفر بأول قارورة "كافوسيد" وشريطين من المضادات الحيوية وشريط من المسكن للآلام "ادول" لتتوالى بعدها وتستقبل معدتي عدة لترات من تلك القوارير من وكيلوات من الحبوب البيضاء والملونة واستقبلت رئتي ما الله به عليم من الغازات سواءًا عبر خراطيم الأكسجين أو الاستنشاق المباشر من بخاخات "السيمبوكورت والفينتولين بعد أيام من التحاليل تلقيت خبر إصابتي و هنا كانت الصدمة كان احد فيروسات التي اصابت العالم غني عن التعريف انه فيروس العصر "كرونا"
لا أنكر أنني قد ظللت أياماً وأنا مصدومة ومحبطة نفسياً ويائسة جداًلكني تعايشت مع الفكرة وتقبلت الأمر بفضل دعم أهلي وصديقاتي ومساندة الجميع لي في هذه المحنة القاسية.. في الحقيقة كنت أشعر بضياع تام وخفت كثيراً على نفسي وعلى أهلي.. ولكن كان لا بد من مواجهة المرض بكافة الطرق إن كانت طبية أو نفسية أو غذائية ليس من أجل نفسي فقط وإنما أيضاً من أجل والدي كان بداخلي إصرار كبير على تحدي المرض والانتصار عليه.. فتسلحت بالإرادة القوية والعزيمة للمواجهة والتحدي.. ومنذ ذلك الوقت بدأ مشوار العلاج بكل سلبياته.. صحيح أن الأمر كان مزعجاً بالنسبة لي إلا أنه لم أجد أمامي سوى مواجهة المرض والانتصار عليه.. بصراحة لم أكن أعلم أي شيء عن هذا الفيروس ومدى خطورته خاصة لمرضى المزمن .هنا بدأ رحلة ملامسة الموت في كل لحظة و حين اغلق علي في غرفة المشفى مع خراطيم الأكسجين الى غير ذلك كانت رفيقتي بالغرفة تستلقي امرأة في عمر أمي كانت حاملة لنفس الفيروس ، في البداية لم أتقبل الفكرة لطالما قصت علي ما تنوي فعله و عن اولادها و شدة حبها و خوفها عليهم كان همها الوحيد ان تراهم ناجين و ان لا يصيبهم المرض كانت تقول "آآه الحمد لك يارب خذ روحي و احفظ أولادي" كانت هذالعبارة ما شدني لهاو زادني حبا أمضينا أيام و نحن نصارع الموت ، في مساء يوم الخميس و بينما انا مستلقة على فراش المشفى اذ بي أسمع خالتي زكية تناجي و تخور يااا إلهي لم أعرف ما بها حاولت الصراخ و لكني كنت قد فقدت صوتي من شدة المرض لم يسمع أحد مناجاتها ظلت حوالي خمس دقائق حتى لم اعد أسمع لها أنين .
خالتي زكية ...خالتي... هل تسمعين ! ردي حركي إصبعك ! كم تمنيت في تلك اللحظة ان تقول نعم "بنتي" كانت تناديني ابني ..لحظات و تدخل الممرضة الأولى ومن ثم الثانية و الدكتور لكن خالتي زكية كانت قد فارقت الحياة.
هنا و في تلك اللحظة بالذات شعرت بشلل في جسدي انهمرت دموعي كالمطر حتى اختنق أنفاسي و لم أقوى التنفس وبينما هم في هول من موت خالتي زكية الى ان اراهم يسرعون بي إلى غرفة الانعاش، لقد بدا العالم من حولي سريالي و أشبه بالحلم ، و بدأت أشعر بنفسي و أنا أنزلق بعيدا من الوعي الى الغيبوبة . بدأت أعضائي تتطفئ بينما استسلمت للمرض الذي نهب جسدي مني لا بل التهمه من قبل .
يوم سيحفر في ذاكرتي الى الأبد على أنه اليوم الذي مت فيه. على الرغم من أني كنت في غيبوبة الا أني كنت مدركة لكل ما يحدث حولي بما في ذلك احساس العجلة و الفوضى ، عندما رأتني الطبيبة المختصة امتلأ و جهها بالصدمة.
حينها قالت الممرضة انه لامجال لانقاذها قلبها لا ينبض..تأخرنا في انقاذها أيضا.. تساءلت حينها عن من تتحدث الممرضة..؟ لماذا انتم تبكون من حولي ماذا أصابكم ؟ هل تبكون من أجلي أنا؟ لا تبكوا أنا بخير حقيقة أيها الطبيبة أرجوك صدقيني أنا بخير؟ ظننت أني أتفوه بهذه الكلمات بصوت مسموع ، الا انه لم يصدر شيء عني فلم يكن لدي صوت .
أردت أن أعانق أبي و أمي أشم رائحتهما و أطمئنهم أنني بخير و لم أفهم لمدا لم أستطع فعل ذلك ، لماذا لم يكن جسدي الفيزيائي متعاونا معي .. في تلك اللحظات بادرت الطبيبة بفتح مجرى للتنفس من رقبتي و وخزي بإبر من الادوية من هنا و هناك كانت هي فقط من آمن بوجودي و صدق من إمكانية رد روحي كان شعور لا يصدق ما سميته بملامسة الموت
YOU ARE READING
ذاكرة أمل
Adventureان الهدف الرئيسي مشاركتي قصتي هو ألا يضطر الآخرون للمرور بما مررت به انا . في البداية اود ان اصرح بأني لست بكاتبة او شاعرة ، و أنه ليس من أسلوبي أن أوجه الناس هكذا أو أخبرهم كيف يعيشون حياتهم و لا احب ان انصح احدا بما يجب ان يقوموا بتغييره حتى و لو...