3 "اللقاء الخامس "الشيطان أبي

1.1K 95 6
                                    


الساعة: الثانية عشرة بعد منتصف الليل انت بتعمل إيه حرام عليك ده كلام ربنا إيه اللي بتعمله فيه ده؟ قالتها زوجته وهي منهارة من البكاء بعد أن عاد عادل وبدأ يكسر ويحطم جميع اللوحات الدينية والصور المعلقة في منزله بل لم ينتهِ الأمر عند ذلك بل أخذ جميع الكتب القرآنية الموجودة وكأنه ينوي أن يلقي بها بعيدًا، انهارت من البكاء أكثر وهي تحاول منعه عمَّا يفعل، لم يعد عادل الذي أحبته وأحبها منذ سنوات فالآن هو شخص تجرد من كل مشاعره وعواطفه بل وإيمانه فكان يتجول في المنزل بسرعة وكأنه شيطان لا يستطيع تحمل وجود أيٍّ من تلك الأشياء الجميلة التي اشتراها بنفسه في وقت مضى وكان يفتخر بها ويتبارك أيضًا، لم تستطع أن تمنعه أكثر من ذلك فهو الأقوى بالتأكيد، جلست في أحد أركان الشقة تبكي بحرقة. شعرت بأن عادل الذي

أحبته قد مات وأن من معها الآن هو شخص غريب اخترق حياتها ليدمرها، انهارت حتى رأت ابنها مصطفى يستيقظ من نومه وينظر بدهشة لما يفعله أبوه، وقفت مسرعة لتتجه نحوه وتأخذه بين أحضانها وتبكي أكثر وأكثر كل ما قامت ببناءه من حياة قد دمرت من حولها تأكدت الآن أنه قد أصبح شيطانًا حقًّا نظرت له في رعب حتى انتهى ممَّا كان يفعله لينظر في عينيها بجرأة لم يتحدث إليها بشيء اكتفى بنظراته التي كانت تحمل العديد من الرسائل أما هي فلا تعلم ماذا تفعل كل ما تعلمه هو أنه لا يمكن أن تستمر للحظة أخرى مع هذا الشخص في منزل واحد

...

اليوم: ٦/٦/١٩٩٥

سابت البيت وراحت لأهلها ومش عارف أوصلها ولا أتكلم معاها والمصيبة إن اليومين عدوا يعني كل شيء انتهى مش كده؟ - لا لسه فيه فرصة قدامك تعوض كل ده، فاكر لما قُلتلك إن فيه حل مش هقولهولك إلا لما تحصل المشكلة دي؟ رد بتلهف: - أيوااااا صحيح افتكرت... طيب إيه هو الحل ده؟ - مخالفة العهود معاهم مش سهلة أكتر حاجة بيكرهوها هي مخالفة أي عهد معاهم خصوصًا لو كان تم استدعائهم من كبار عشيرة الجن وده طبعًا بيتطلب عقاب شديد مش هقدر أحكيلك عنه لإنه مايتوصفش.. ثم تابع وهو يلهو بيده في ذقنه ذات الشعر الطويل للغاية والفوضوي: - بس لإنى عارف إنه مش باختيارك وإنك عملت

اللي عليك وماتسحقش عقابهم هساعدك... هما حاليًا في انتظارك تثبتلهم مدى ولاءك ليهم سأله في اهتمام: - يعني أعمل إيه؟ - تنتقم من اللي سبب غضبهم.. شعر برجفة خفيفة تصيب جسده حتى سأله في فضول: - قصدك إيه؟! - قصدي إن مراتك تكون هي دليل ولاءك ليهم بتقديمها ليهم كقربان.. زادت الرجفة أكثر بجسده، فتلك العبارات وقعت عليه كصاعقة ليرد منفعلًا: إيه اللي بتقوله انت اتجننت دي مراتي وأم ابني.. رد عليه بغضب وحسم: - الزم أدبك وإلا جعلتك تنال عقابًا أليمًا.. أخفض من حدة صوته ورد بنبرة هادئة مصطنعة

أنا مقصدش يا شيخنا أزعل حضرتك أنا معرفش قولت كده إزاي، بس اللي انت بتطلبه مني ده صعب إزاي أعمل كده فيها؟! - أولًا مش أنا اللي بطلب منك، ده أمرهم، مراتك عدوة ليهم بتصرفاتها ولازم انت تثبتلهم إنك ضد أي مخلوق يعاديهم مهما كان، أما ثانيًا بقى هما ماعندهمش أي اعتبارات حتى لو كانت أمك وغضبوا منها تنفذ أمرهم لإنك لو ماقدمتهاش قربان هتكون بتقدم نفسك انت قربان ليهم.. ابتلع ريقه في رعب ليسأله: - هيقتلوني؟ ابتسم بسخرية: - هيخلوك تتمنى الموت وماتلاقيهوش. .فكر يا دكتور كويس انت دلوقتي بإيدك قوة تملك العالم طول مانت معاهم وبتطيعهم فأنت في أمان من أي مكروه ده غير إنك كمان هيبقى معاك بحر من الفلوس مايخلصش مش ممكن تخسر

كل ده وقبلهم حياتك عشان إنسانة غبية ملعونة. صمت شاردًا بعقله في التفكير شعر وكأن الدنيا تدور من حوله حتى قطع صمته هذا الشيطان الآخر قائلًا: - اسمع كلامي وطيعهم لإنك مش قد اللي ممكن يعملوه في حياتك... - إيه المطلوب؟ - عين العقل يا عادل، عايزك بقى تسمعني كويس وتنفذ كل كلمة هقولك عليها.. الساعة: التاسعة مساءً كان الجو هنا أكثر هدوءًا في بيت أهل زوجته بعد أن ذهب إليها وكرر اعتذاره كثيرًا وتظاهر بندمه على كل ما فعله معها أثناء الأيام الماضية ومثل أي امرأة ذات

قلب حنون يحب بجدية تقبلت منه كل كلمة قالها. - يعني خلاص يا عادل هترجع شغلك تاني وتقطع علاقتك باللي اسمه حسان ده؟ رفع يدها التي كان يضمها في يده ليقبلها ثم ردعليها بابتسامة خفيفة: - وحياتك عندي انتي ومصطفى مش هعمل أي حاجة تاني من اللي كانت بتزعلك مني وبالنسبة لحسان أنا قطعت علاقتي بيه تمامًا صدقيني اليومين اللي غيبتي عني فيهم أنا تعبت أوي. شعرت بعد أن أنهى آخر كلماته باطمئنان تسرب إلى قلبها ليزيل كل القلق الذي كان يملأه سابقًا لم ترد واكتفت بنظرتها في عينيه وعلى وجهها ابتسامة تدل على فرحتها وحبها، إلى أن قطع صامتها هو: - مش يلا بقى نرجع بيتنا؟ - آه يا حبيبى يلا

هامسًا لها: - بس أنا عندي طلب وعايزك توافقي عليه... - إيه هو؟! ابتسم ولمعت عيناه: - انتي وحشتيني أوي إيه رأيك لو نسيب مصطفى النهارده عند عمو وطنط ونروح إحنا البيت ونسهر مع بعض زي زمان احمر وجهها خجلًا منذ زمن لم يطلبها وهي اشتاقت إليه وللمساته، لم تفكر كثيرًا مشيرة برأسها بالموافقة..

...






منتصف الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن