كُن مُؤنسي في عُزلتي
ضع موسيقاكَ المفضلة ليصلكَ ما أشعرُ به
.
.
.
لندن - بريطانيا
جامعة ليدز
8:00 pmتتَخللُ أصابعهُ النحيلةُ تلكَ الأوراق الصفراء يُقَلبها بإهمال، يتفحصُ كتابهُ بمُقلَتيهِ المُرهقتين اللتانِ يقبعنَ خلفَ نظارتهِ الدائرية، هذهِ ساعتهُ الرابعةُ في المكتبة، المكانُ الذي يقضي فيهِ أغلبَ يومه.
كان يبحثُ عما قد يفيدهُ في بحثهِ المُفصلِ عن تشريحِ الأُذن، ومفصلٌ تعني كُلَّ ذرةٍ فيها، لا عجبَ بقضائِه وقتًا يُقدرُ بساعاتٍ لأجل بحثه، فهناكَ من ألَّفَ موسوعاتٍ تفوقُ الألفَ صفحةٍ فقط عن الأذنُ البشرية، أنتَ تسمعُ وحسب، لا تدركُ الكَمَّ الهائل من العملياتِ والمراحل التي تحدثُ في أجزاءٍ من الثانية، ليسَ عليكَ التفكيرُ أصلاً، فالشيءُ مُعقَّد.
.
.
." من الذي أجبَرني على اختيارِ الطب كتَخصصي في الجامعة؟ "
هوَ كالعادةِ يسألُ نفسهُ ويتحسّرُ على اختيارهِ للطبِّ التأهيلي، لكن ليسَ بتلكَ الجدية، هو يحبه، فعندما تصعبُ الأمور يبدأُ بقولِ هذا، وسرعانَ ما ينتهي التعب، فهيَ فترةٌ مؤقتةٌ كما تعلمون.
.
.
." يكفي دراسةً يا أنا، أنظر لنفسكَ تبدو كهلاً بتلكَ الهالاتِ السوداء، لقد اجتزتُ ما خصصتُه لنفسي من وقتٍ للدراسة، وقد أظلمَ الفضاءُ بالفعل "
أغلقَ الكتبَ المتناثرةَ من حولهِ وجمع أوراقهُ وحاجياته، خرجَ بهدوءٍ من المكتبةِ لكن ليسَ لمخرجِ المبنى؛ بل لسطحه، فهناكِ لديهِ طقوسهُ اليوميةُ الخاصة.
لطالما اعتادَ على سماعِ صوتِ كمانٍ صادرٍ منَ الكليةِ المقابلةِ لخاصته، فكليةُ الفنون تُقابلُ كليةَ طبِّ التأهيل، كانَ يسمعهُ بشكلٍ يومي، فأحدهم على ما يبدو أنهُ يبقى متأخرًا يتدربُ في الجامعة.
ليسَ فقط الموسيقى، هو يتأملُّ النجوم المتناثرةَ في السماء، وبينما يسمعُ تلكَ الموسيقى بأُذنيه، يُشبعَ عسليتاهُ بِتأملُ سماءِ الليل، هما معًا وصفتهُ السحريةُ لتخفيفِ آلامهِ وإنسائَهُ تعبه، هو دائمًا ما يفكرُ بتخصصهُ وبرغبتهِ بتغييره، لكن لا شيءَ مثيرٌ لاهتمامهِ بالتخصصاتِ الأخرى، لديهِ رغبةُ غريبة بالطبِّ لكنهُ شغوفٌ بعلمِ الأفلاك والنجوم، لديه حبُ للطب لكنهُ يعشقُ الموسيقى، حتى باتَ يرغبُ بأن يكون هناكُ ثلاثُ نسخٍ منه، كل نسخةٍ تتخصصُ بشيءٍ معين، أو أن يكونَ هناكَ تخصصٌ يجمعُ ما يحب معًا، سيكون أغربَ تخصصٍ على الإطلاق.
أنت تقرأ
𝙼𝚒𝚕𝚔𝚢 𝚆𝚊𝚢 ✯︎ دَربُ التَّبانةِ
Short Story~ لا تَتَوقَّف عنِ العَزف وأَغرِقني بِنَعيمك الحُلو 𝖐𝖚𝖓 𝖝𝖎𝖆𝖔𝖏𝖚𝖓 خالِيةٌ منَ العلاقاتِ التي حرمها الله