الفصل الثاني

10.8K 226 13
                                    

الفصل الثاني
في صباح اليوم التالي ...
إستيقظت إيلين من نومها على صوت المنبه خاصتها ...
اعتدلت في جلستها وأخذت تتأمل ياسمين النائمة بجانبها بسلام غريب ... كانت تبدو مرهقة للغاية ....
تسائلت إيلين في داخلها عن السبب الذي يجعل واحدة مثلها تهرب من زوجها ... هل يعاملها بشكل سيء ...؟!
ربما يضربها او يسيء لها ... الله وحده يعلم ما تعرضت له لتفعل شيئا صعبا كالذي فعلته ...
حاولت أن تبعد تلك الأفكار عن رأسها فنهضت من فوق سريرها واتجهت الى الحمام الملحق بغرفتها ....
غسلت وجهها بالماء ثم نشفته جيدا قبل أن تتمعن النظر الى وجهها بالمرأة تسأل نفسها اذا ما فعلته صحيح أم خاطئ ...
هي الآن تتستر على زوجة هاربة مع حبيبها ... يا لها من جريمة بشعة في نظر المجتمع ...
حاولت أن تبعد هذه الأفكار عن رأسها فهي قررت مساعدتهما وعليها أن تتحمل تبعات قرارها ...
في الحقيقة هي لم يكن لديها خيار أخر فرامي مهما فعل سيظل أخوها الوحيد وواجب عليها حمايته ...
أعادت المنشفة الى مكانها ثم خرجت من الحمام وغرفة النوم الى صالة الجلوس لتجد رامي يجلس على الكنبة ويدخن في صمت ...
اقتربت منه وجلست بجانبه تسأله :
" انت كويس ...؟!"
لم يجبها فوجدت نفسها تسأله بشك لم تستطع ان تخفيه :
" انت فعلا بتحبها ....؟!"
نفث دخان سيجارته عاليا قبل ان يطفأها ويتنهد تنهيدة طويلة ثم يجيب بصدق :
" بحبها اوي ... لو مكنتش بحبها مكنتش هعرض نفسي للخطر ده ..."
" بس انت كل يوم بتمشي مع وحدة شكل ... خايفة تكون نزوة من نزواتك الكتير ...."
رد عليها قائلا بنبرة قوية واثقة :
" مستحيل ... انا بحب ياسمين جدا... ياسمين عمرها مكانت نزوة ... ولا هتكون ..."
تنهدت إيلين براحة فعلى الأقل اخوها لا يعبث مع  الفتاة كما فكرت ...
هذا شيء جيد نوعا ما ...
" رامي... انت متأكد إنك هتستحمل كل حاجة عشانها ...؟!"
ارتبك وشعرت هي بإرتباكه الذي بان بوضوح على ملامحه فقال بنبرة متلكأة :
" انا هستحمل كل حاجة عشان خاطر ياسمين ..."
منحته إيلين ابتسامة خافتة وهي تفكر بأن رامي ليس بالقوة التي تجعله يقاوم رجل بكل هذه النفوذ والسلطة ...
..........................  ................................................
خرجت السيدة جيهان والدة عاصي من عنده بعدما شعرت برغبته في البقاء لوحده قليلا لتجد سيلين ابنة عم عاصي أمامها ...
ابتسمت جيهان بتثاقل ثم قالت :
" سيلين حبيبتي ازيك ...؟!"
أجابتها سيلين برقة مصطنعة :
" مش كويسة يا طنط ...مش كويسة ابدا ... من ساعة معرفت اللي حصل مع عاصي وانا حزينة اووي ... مش مصدقة انوا ياسمين تعمل كده ...ازاي يجيلها قلب تأذيه بالشكل ده ...؟!"
" هنقول ايه يا سيلين ...ده نصيبه انوا يوقع فوحدة زيها ... خاينة متستاهلوش ..."
اومأت سيلين برأسها وقالت مؤكدة على حديثها بأن ياسمين لا تستحق عاصي :
" معاكي حق ... هي فعلا متستاهلوش... عاصي كان كويس اووي معاها وميستحقش ده منها ..."
حل الصمت بينهما للحظات لتقول سيلين فجأة :
" تعرفي يا طنط ... طول عمري مكنتش برتحلها ... كنت بحسها انها هادية وباردة زيادة عن اللزوم .... "
" هي فعلا كانت هادية اوي ... بس الحق يتقال عمرها معملت حاجة وحشة معانا ...."
مطت سيلين شفتيها وقالت بإعتراض :
" ده كان تمثيل يا طنط ... عشان متحسسش حد فيكم بحقيقتها ..."
" جايز بردوا ...."
" هو ينفع أدخل لعاصي أشوفه ...؟!"
سألتها سيلين بتردد لتجيبها جيهان بحرج :
" معلش يا سيلين ... بلاش دلوقتي ..."
وفي نفس اللحظة خرج عاصي من غرفة مكتبه ليجد والدته وسيلين أمامه ...
اقتربت سيلين منه وقالت بلهفة :
" ازيك يا عاصي ...؟! عامل ايه ...؟!"
ثم أردفت بأسف مفتعل :
" لسه عارفة اللي حصل من سها ... بجد مكنتش اتمنى يحصل كده ..."
" اهو ده اللي حصل بقى ... نعمل ايه ...؟!"
اومأت سيلين برأسها وأكملت بنبرة رقيقة:
" انت محتاج حاجة مني يا عاصي... لو محتاج أي حاجة قولي ..."
" لا ميرسي يا سيلين ...تسلمي ..."
ابتسمت سيلين له بينما سار عاصي من أمامها متجها خارج قصره وفي أثناء سيره أجرى إتصال بصديقه عادل ليرد عليه في نفس اللحظة :
" لسه كنت هكلمك واسألك لو عرفت حاجة جديدة ..."
" طلع اسمه رامي .... رامي شهاب عز الدين .... "
" الاسم ده مش غريب عليا ... انا سمعت بيه قبل كده ..."
سأله عاصي بسرعة :
" سمعت عنه فين ...؟!"
حاول عادل التذكر لكنه لم يفلح فقال :
" مش فاكر ...بس هحاول افتكر واقولك ...."
" طب أنا هقفل دلوقتي وأكلمك بعدين ..."
اغلق عاصي الهاتف مع عادل ثم اتجه الى سيارته ليركب بها ويشغلها متجها الى شركته ...
............................................................................
عادت إيلين الى غرفتها بعدما انهت حديثها مع رامي لتجد ياسمين قد استيقظت من نومها ...
" صباح الخير ..."
قالتها ياسمين بإحراج وهي تنهض من فوق سريرها لترد عليها إيلين بإقتضاب :
" صباح النور ...."
دلفت ياسمين الى الحمام بينما جلست إيلين على السرير تفكر بكلام أخيها ...
هو يحب ياسمين وقد تأكدت من هذا بنفسها ...
لكن هل سيستطيع المقاومة والاستمرار في الهرب لأجلها ...
رفعت إيلين رأسها الى الاعلى تنظر الى سقف الغرفة وهي تفكر بأن ما يحدث ورطة كبيرة يجب الخلاص منها بأسرع وقت ...
عقدت العزم على أنها ستتحدث مع رامي وياسمين لتفهم منهما ما يريدان فعله او ينويان على فعله ....
خرجت ياسمين من الحمام وسألتها بتردد :
" ممكن أستعمل المشط ...؟! محتاجة اسرح شعري..."
" اكيد..."
اتجهت ياسمين الى طاولة التجميل الصغيرة وحملت المشط وأخذت تسرح شعرها حينما اقتربت منها إيلين وقالت :
" هو انا ينفع أسألك سؤال ..."
توقفت ياسمين عن تسريح شعرها وقالت وهي تومأ برأسها :
" طبعا اتفضلي ..."
تنحنت إيلين قائلة :
" هو انتي بتحبي رامي بجد ...؟!"
" انتي شايفة ايه ..؟! تفتكري ممكن أخرب بيتي واهرب من جوزي عشان شخص مبحبوش ...."
لم تستطع إيلين ان تمنع نفسها من القاء هذا السؤال على مسامعها فأردفت :
" وتفتكري انوا الوحدة تخرب بيتها وتهرب من جوزها حاجة سهلة ....؟!"
أشاحت ياسمين وجهها بعيدا عنها لتغمغم إيلين :
" انا مش قصدي حاجة بس نفسي أعرف ايه السبب القوي اللي يخليكي تعملي كده ...؟!"
أجابتها ياسمين بضيق خفي :
" محبيتهوش ...ولا هو حاول يحببني فيه ..."
ثم حملت نفسها وخرجت من غرفة النوم تاركة إيلين تفكر بما قالته ...
...........................................................................
غيرت إيلين بيجامتها البيتية وارتدت ملابس خروج مكونة من فستان زهري بسيط وحذاء رياضي ابيض اللون ...
حررت شعرها الطويل بعض الشيء ثم حملت هاتفها وخرجت من غرفتها لتجد رامي وياسمين يتحدثان سويا ...
" رايحة فين عالصبح كده ...؟!"
سألها رامي بتعجب لترد بجدية :
" رايحة الشغل ...."
" هو مش النهاردة اجازة ....؟!"
اومأت برأسها وردت عليه :
" هو اجازة بس أنا رايحة شغلي التاني ..."
" شغل ايه ...؟!"
" انا بشتغل فمحل ورد قريب من هنا ... بشتغل فأيام الإجازة بس ..."
اوما رامي برأسه متفهمتا بينما اتجها إيلين خارج الشقة  ...
في أثناء سيرها نحو المحل توقفت أمام البحر تتأمله عن قرب ...
كم تعشق بحر اسكندرية بهواءه المميز ...
تكاد تجزم أنه أجمل هواء سيمر عليها في حياتها ...
أخذت نفسا عميقا محاولة طرد الأفكار السلبية التي تسيطر عليها منذ ليلة البارحة ثم ابتسمت بإنشراح وهي تحاول أن تقنع نفسها بأن كل شيء سيكون بخير ...
تطلعت الى ساعتها لتجد أن وقت عملها قد بدأ فسارت بخطوات راكضة نحو محل عملها ...
...........................................................................
ما ان خرجت إيلين من الشقة حتى قالت ياسمين موجهة حديثها لرامي :
" رامي احنا لازم نسيب هنا حالا ..."
" ليه بس ...؟!"
سألها رامي بحيرة لترد موضحة له سبب ما قالته :
" عاصي زمانه عرف انوا عندك اخت ساكنة هنا ... هو اكيد جاب كل المعلومات اللي تخصك ..."
" مش لما يعرف أنا مين الاول ....؟!"
" وانت تفتكر انوا لسه معرفش انت تبقى مين ...؟!"
" طب هنروح فين ...؟!"
سألها رامي لتجيبه :
" نروح أي أوتيل قريب من هنا ...."
قال رامي بسخرية :
" وهنجيب فلوس الأوتيل منين ...؟!"
ردت ياسمين بإحباط :
" مش عارفة ...بس إحنا لازم نسيب هنا فورا ..."
نهض رامي من مكانه فجأة واتجه الى غرفة نوم شقيقته ... فتح باب خزانة ملابسها واخذ يبحث فيها عن شيء ما ... وما ان وجده اخيرا حتى ابتسم بإنتصار ...
حمل الشيء وخرج الى ياسمين التي تطلعت اليه فوجدته يحمل صندوقا حجري فسألته بفضول :
" ايه ده ....؟!"
اجابها بجدية :
" الصندوق ده فيه دهب امي الله يرحمها ....هناخده ونبيعه ... وبفلوسه نأجر شقة هنا ...."
" بس ده بتاع اختك ...."
قال رامي بلا مبالاة فاجأتها :
" هنعمل ايه يعني ... معندناش حل تاني ... ولا عايزانا نعيش فالشارع ..."
صمتت ياسمين ولم ترد بينما اكمل رامي بصوت جاد:
" غيري هدومك بسرعة عشان نروح ...."
اومأت ياسمين برأسها وركضت مسرعة نحو غرفة النوم لتغير ملابسها بينما أخذ رامي يجمع أغراضهما المرمية في صالة الجلوس ثم وضعها في الحقيبة...
..........................................................................
عادت إيلين مساء الى الشقة وهي تحمل معها طعام العشاء الذي اشترته لهم ...
فتحت الباب ودلفت الى  الداخل لتجد الشقة خالية من وجود اي منهما ...
نادت عليهما ظنا منهما أنهما في غرفة النوم او ربما احدهما في الحمام لكن ما من مجيب ...
جذب انتباهها ورقة موضوعة على الطاولة الصغيرة التي تتوسط غرفة الجلوس فإتجهت نحو الورقة بعدما وضعت الطعام على الكنبة وحملتها وقرأت ما بها ...
( اسف اوي بس احنا مضطرين نروح عشان جوز ياسمين ممكن يشك إننا هنا.... ميرسي يا إيلين على استقبالك لينا ... احنا بنشكرك اووي ... ادعيلنا ...)
اعتصرت إيلين الورقة داخل يدها ثم قالت :
" غبي..."
اتجهت نحو غرفة النوم وبدأت في خلع ملابسها ... فتحت باب الخزانة لتخرج بيجامة نظيفة لها فلفت انتباهها مكان الصندوق الفارغ ....
ابتلعت ريقها بخوف ثم ما لبثت ان اخذت تفتش عنه فلم تجده لتتأكد شكوكها ...اخوها رامي سرقها ... سرق ذهب والدتها الذي احتفظت به لسنين طويلة بعد وفاتها ...
جلست على السرير بوهن بينما أحاطت وجهها بكفي يديها وأخذت تبكي بألم ....لا تصدق ما فعله أخيها بها ...
توقفت عن بكائها وهي تستمع الى صوت طرقات على باب شقتها ... كانت طرقات قوية مستمرة ....
ارتدت بيجامتها بسرعة وخرجت بوجهها الباكي الاحمر الى الطارق لتتفاجئ بمجموعة رجال يقتحمون الشقة ويقلبونها رأسا على عقب غير مبالين بصراخها عليهم ...
يتبع

العاصي والمتمردة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن