هبط العروسان الشابان من على سلم فندق زارين، الواقع على ضفاف نهر قزوين وكان رضا ومينا قد تزوجا حديثا، وتحديدا في يوم الجمعة الموافق الثالث عشر من أيلول ۱۹۳۸. كانت مينا ترفع حاشية تنورتها التفتة الوردية قليلا، وهي تبتسم ساندة راسها إلى ذراع الشاب ذي النظرات البراقة
اجتازا الطريق الرملية، وهما يطنان النجيل، ووصلا إلى البركة، حيث جلسا على صخرة. أخرجت مينا
قطعة خبز من جيبها، قسمتها لترمي بها باتجاه البط فيما كان رضا يغمس أطراف أصابعه في الماء
البارد أخذ انعكاس ضوء الشمس على الماء يشع على خصلات شعر الفتاة الأشقر، فيما ينبض ربيع
الشباب تحت بشرة وجهها النضرة بفعل الخفقان المتقد لقلبها. تأمل في عينيها قائلا
"أوه، أيها الجمال الخالد"
وضع علي خليلي قلم الحبر على الطاولة، اشعل سيجارة، وتثائب ، ثم نهض وتناول قدحا من الشاي
وأخذ يتذوقه ببطى كان يسهر الليل جالسا في المطبخ ليكتب؛ فالضوء يضايق زوجته فرنكيس.
مرر أصابعه بين شعره، و عيناه تحدقان بزخارف الملاءة النايلونية وقال لنفسه: "قصة شهر عسل!
ليست رديئة! ولكن كيف أنهيها نهاية سعيدة أم حزينة ؟ مهما يكن من امر، ينبغي أن تكون متميزة"
كان يعمل في فندق المدينة، حيث يعود بعد انتهاء عمله مباشرة إلى البيت عند المساء، يذهب إلى المنتزه، ليتنزه تحت ظلال الأشجار وعلى امتداد المياه، محدثاً نفسه: "الوقت يمضي عبثاً وبضجر، |وأنا راكه في مكاني، أخشى الشيخوخة والموت، وليس لي صلة باي شخص" أدخل يديه في جيوبه "فضلاً على ذلك في هذا القفص.. لا أدري، ولكن يجب أن أكتب "
####
رفع على رأسه دفتره ليتأمل المنزل المقابل له الواقع في الزفاق غير النافذ كان هذا المنزل يختلف كثيراً عن الدور المجاورة، فشرفته وأسواره غارقة في غصون شجرة لبلاب أرجوانيه ، تسلقت بعض سيقانها لترتفع إلى أعلى السقف الجمالوني وتهتز في الريح، النوافذ المسننة فقدت لونها بفعل الشمس، ولا ضوه من وراء الستارة السميكة تتوقف أحياناً سيارة سوداء عند مدخل هذا الزقاق، فيدخل شاب إلى المنزل حاملاً معه كيس مشروبات روحية ثم يغا دره بعد ساعات .
وثب علي، غمز بعينيه و فغر فاه. امرأة متقدمة في السن، ترتدي لوناً قرمزياً، ظهرت على الشرفة وبيدها فانوس. شعرها الأبيض تماماً كان يتدلى حتى أسفل ظهرها. وفيما إنعكس ظل وجهها على الجدار، رفعت الفانوس الذي أضاءت شعلته وجهها الشاحب المجعد. سحب على الستارة وعاد إلى الطاولة :-