الفصل الثالث
كانت إيلين تتابع ما يفعله رجال عاصي في شقتها بملامح نارية بينما هناك رجلين يكبلانها مانعين اياها من التحرك بعدما هاجمت الرجال بقوة ...
" ملقناش حاجة يا باشا ...."
قالها أحد الرجال لكبيرهم بينما خرج الأخر وهو يحمل ورقة واعطاها لنفس الرجل :
" لقيت الورقة دي فأوضة النوم ...."
قرأ الرجل ما في الورقة بإهتمام واضح قبل ان يزفر أنفاسه بقوة بعدما لم يجد أي شيء مهم بها ...
اتجه نحو إيلين التي تطالعه بملامح متحفزة وقال بنبرة خشنة :
" فين اخوكي يا بنت ...؟!"
ردت بنبرة قوية :
" معرفش ... وحتى لو أعرف مش هقلك ..."
ابتسم الرجل ساخرا وقال بتهكم واضح :
" لا قوية... بت انتي اتعدلي كده واتكلمي على قدك ..."
ثم أكمل قائلا :
" عارفة لو طلعتي عارفة هو فين ومقلتيش .... ساعتها اقسم بالله مش هرحمك ...."
" الرسالة اللي لقاها الرجل بتاعك بتقول اني معرفش هو فين ...عشان كده بلاش تكتر كلام وفكني ... فكني بدل ما اعملك فضيحة... انتوا ايه ...فاكرين نفسكم مين ...؟!"
قالتها بغضب شديد وملامح متحفزة للإنقضاض عليه ...
" سيبوها ...."
أمرهم بهذا ليحررها الرجلان من قبضتهما لتهندم هي ملابسها وتنفض ما عليهما قبل ان تتجه نحو غرفتها وتتأمل ما حدث بها من فوضى عارمة بملامح حزينة ...
عادت الى الرجال وشحنات الغضب تتقافز داخلها ثم قالت بنبرة حادة :
" ايه اللي انتوا عملتوا فشقتي ...؟! حرام عليكم انتوا لخبطتوا كل حاجة ...."
لم يبال الرجل بها وهو يشير اليها قائلا:
" بصي يا حلوة ... اللي عملنا ده جزء صغير من اللي ناويين نعمله فأخوكي ... لو اتصل بيكي بلغيه اننا هنلاقيه ... لو هرب لأخر الدنيا هنلاقيه ...."
ثم أردف وهو يعطيها كارت يخص عاصي :
" الكارت ده فيه عنوان عاصي بيه ورقم تلفونه ... لو حصل وعرفتي مكان الباشا أخوكي تقدري تكلميه وتبلغيه عليه ... ولو عرفتي مكانه ومقلتيش لينا عليه ساعتها مصيرك هيكون ألعن من مصيره ...."
قال كلماته الاخيرة ثم أمر رجاله قائلا :
" يلا بينا ..."
ليتحرك الجميع خلفه وتبقى إيلين لوحدها ....انهارت إيلين على الكنبة خلفها وهي تفكر بأن أخيها وقع مع من لا يرحم ....
.................. .......................................................
" الرجالة بيقولوا انهم قلبوا الدنيا عليه ....ملقهوش بردوا ..."
قالها عادل موجها حديثه الى عاصي الذي نهض من مكانه وقال بنبرة مشدودة :
" يعني ايه...فص ملح وداب ...."
" اهدى يا عاصي ... حاول تهدى وانا متأكد إننا هنلاقيهم ...."
قالها عادل محاولا تهدئة عاصي من عصبيته التي تنذر بخطر كبير ...
في نفس الوقت دخل كامل وهو أحد رجاله الذين ذهبوا الى الاسكندرية للبحث عن رامي وياسمين ...
" مساء الخير عليكم ..."
قالها كامل وهو يقترب من مكتب عاصي ليجيب عاصي بنبرة مقتضبة :
" اهلا يا كامل ....عملتوا ايه هناك ...؟!"
أجابه كامل بجدية:
" ملقيناش حد غير اخته ....بس ايه بنت مش سهلة خالص ... ضربت راجل من عندنا ..."
كاد عاصي ان ينقض عليه ويضربه مما سمعه :
" وانتوا كنتوا بتعملوا ايه...؟! بنت متسواش جنيه بتعلم عليكم ..."
تنحنح كامل بحرج وقال :
" ماحنا مسكناها وتقريبا ربطناها ... ومسبنهاش لحد مفتشنا الشقة بالكامل ..."
" ولقيتوا ايه ...؟!"
سأله عادل بفضول ليرد كامل بجدية :
" مفيش حاجة مهمة ...بس اخته شكلها فعلا متعرفش حاجة عنه ...."
جلس عاصي على كرسي مكتبه وقال بنبرة هائجة :
" يعني ايه ...؟! خلاص افقد الامل إني ألاقيهم ...؟!"
نظر كامل وعادل الى بعضيهما قبل ان يهتف الاخير :
" متقلقش يا عاصي ....هنلاقيهم ... "
زفر عاصي نفسا قويا وقال بنبرة ملحة :
" انا لازم الاقيهم بأي شكل .... لازم ...."
ثم عندما لم يجد رد منهما صاح بهما :
" سكتوا ليه ... "
" نقول ايه يا عاصي ..."
قالها عادل بحيرة ليرد عاصي ببرود :
" قولوا اي حاجة بس بلاش تسكتوا كده ...."
" انا هرجع اسكندرية تاني ادور عليهم ...."
ثم خرج مسرعا وهو يفكر بطريقة لإيجاد هذين الاثنين...
بينما اقترب عادل من عاصي وقال:
" معلش يا عاصي ....اهدى ...."
قاطعه عاصي بنفاذ صبر :
" مش ههدى الا لما الاقيهم يا عادل ...."
ثم أردف بنبرة متشجنة :
" انا هتجنن يا عادل ....هتجنن بجد ..."
صمت عادل ولم يستطع قول شيء فهو يدرك ان عاصي معه كل الحق فيما قاله .... فأي رجل مكانه سيفعل المستحيل ليجد زوجته التي هربت مع عشيقها ...
اما عاصي فأغمض عينيه محاولا تهدئة أعصابه قليلا فهو لم يذق النوم منذ ما حدث معه ...
............................................................................
انتهت إيلين من ترتيب شقتها بعدما فعلوه بها اولئك الرجال .... لقد قضت يوما شاقا طويلا في ترتيبها ...
حقا كان يوما شاق ... جلست على سريرها وهي تشعر بتعب وإرهاق شديدين ...
اتجهت انظارها نحو الكارت الذي اعطاه ذلك الرجل لها ...الكارت الذي يخص عاصي الغول .... ثم فكرت للحظة أن تتصل به ولكنها تراجعت ...فماذا ستقول له مثلا ...؟! هل ستبرر له ...؟! وأي مبرر سينفع معه ...؟!
نهضت من مكانها وأخذت تسير داخل ارجاء غرفتها يمينا ويسارا وهي تفكر في شيء تستطيع من خلاله مساعدة اخوها دون ان يمسه ذلك المدعو عاصي ....
وبعد تفكير طويلا قررت أن تتحدث مع ذلك المدعو عاصي .... ستحاول إيجاد أي حل مناسب معه ...
نهضت من مكانها واخرجت حقيبة كبيرة وضعت بها قطعا صغيرة من ملابسها ... ثم غيرت بيجامتها الى ملابس خروج بسيطة ... وحملت حقيبتها وخرجت من شقتها متجهة الى القاهرة ....
............................................................................
دلف عاصي الى قصره ليجد الجميع مجتمع هناك في صالة الجلوس ...والدته واخته وسيلين وعادل ....
القى التحية عليهم ثم هم بالتحرك من المكان متجها الى غرفته لتوقفه والدته قائلة:
" عاصي استنى ..."
توقف عاصي في مكانه والتفت نحوها متسائلا :
" نعم ....فيه حاجة ...؟!"
" عملت ايه ...؟!"
سألته بترقب ليرد ببرود :
" هو عادل محكاش ليكي عاللي حصل ...؟!"
" حكالي بس يهمني اسمع منك ...."
" ملقتش حاجة جديدة تخصهم .... لسه بدور ومش هرتاح الا لما الاقيهم ..."
قالها بإصرار وجدية لتقول والدته بنبرة مترجيةة:
" يابني سيبك منهم ... سيبهم لربهم بكره ياخدلك حقك ...."
حاول عاصي ألا يهب غاضبا في وجه والدته فقال بنبرة جاهد لتخرج هادئة :
" مش هسيبهم يا أمي ...مش هسيبهم الا لما الاقيهم واخد حقي منهم ..."
" طب ممكن تنام وترتاح شوية....انت بقالك كام يوم منمتش ...."
قالتها سها اخته بجدية وقلق في ان واحد ...
ليومأ برأسه دون ان يرد ثم يتجه الى غرفته بالفعل ...
...........................................................................
وقفت إيلين أمام قصر عاصي الغول تنظر اليه بحيرة وتردد شديدين ...
كان القصر فخم للغاية ...أفخم مما تخيلت بمراحل كثيرة .... لم تتوقع يوما ان ترى نوع كهذا من القصور سوى في الافلام .... بل حتى الافلام لا تعرض هذا النوع من القصور الخيالية ....
اقتربت من الباب الخارجي للقصر فوجدت الحراسة الخاصة ببوابة القصر أمامها ..
" ممكن أقابل عاصي الغول ...."
تطلع اليها الحراس بتعجب من هيئتها الغريبة ...فكانت ترتدي بنطال قديم فوقه قميص بسيط للغاية مع حذاء رياضي ...
" عايزة تقابليه ليه ...؟!"
سألها الحارس لتشعر بالحرج فماذا ستقول له ... هل ستخبره بأنها اخت عشيق زوجته ...
عندما شعر الحارس بحرجها سألها:
" طب اقوله مين ...؟!"
اجابته بسرعة :
" قوله إيلين ...إيلين شهاب الدين ...اخت رامي شهاب الدين ..."
اومأ الحارس برأسه متفهما ليخبر سكان القصر عن هوية الفتاة التي تريد مقابلة عاصي الغول عن طريق الهاتف اللاسيلكي الذي بحوزته ....
بعد لحظات جاءه الرد بأن يسمح لها بالدخول ...
دلفت إيلين بخطوات مترددة الى القصر لتشعر برهبة كبيرة حينما وجدت نفسها داخل القصر والخادمة أمامها تطلب منها أن تسير ورائها لتأخذها الى مكتب السيد عاصي....
سارت إيلين وراء الخادمة وقد جذب انتباهها اللوحات الفخمة الرائعة المعلقة على حيطان القصر الضخمة..
توقفت الخادمة أمام باب طويل للغاية ثم طرقت عليه بخفة لتسمع صوت رجولي خشن يأمرها بالدخول....
أشارت لإيلين أن تدخل فولجت إيلين الى الداخل لتجد رجلا يقف خلف مكتبه أمام النافذة الخارجية موليا ظهره لها ... اقتربت عدة خطوات من مكتبه حتى باتت تقف قباله ثم تنحنت مصدرة صوتا يدل على وجودها ليلتفت نحوها اخيرا فيصبحان وجها لوجه ...
يتبع