الأول

12 1 0
                                    

يتسلل الدخان لرئتيها بإندفاع حارق، و رسمت الدموع طريقها فوق الخدين، تلك الصرخات، كسوط يسقط علي مؤخره رأسها مهشما ً كل ما تمتلك من ثبات.

" تامينا أركضي" الصرخه الأولي
" أركضي تامينا" الصرخه الثانيه
" أركضي تامينا، أركضي" الصرخه الثالثه

فتحت عيناها بهلع لتجد نفس المشهد يقابلها، النيران المُلتهبه، الأثاث إكتسي بالأسود، و مالكوم يقف في المُنتصف يرفع الأثاث الُتهالك عن الوقوع فوف رأسها، والدتها علي بُعد بضعه إنشات منهُ تفترش الأرض ، غائبة عن الوعي " تحركي تامينا ، أركضي " الصرخه الرابعه.

إندفعت لوالدتها بهلع مُتزايد ، ليلقي مالكوم الأثاث علي الأرض و تنخفض يداه، و يدا تامينا تُداعب و جه والدتها بهلع، بخوف، بدموع، و بغضب.
" تامينا! أرجوكِ ، لا تدعي كل هذا يذهب سُدي ً" عاد مالكوم متحدثا ً بعدما جثي علي ركبته، صوته خفيض و عيناه منطفئه كمصباح مكسور، لم ترتفع عيناها عن وجه والدتها، لينهض مالكوم و يسحبها من أسفل ذراعها، بينما تستميت للتفلت " لن أسمح لكِ، لن تموتي تامينا، ليس اليوم " يصرخ بينما يسحبها، و ترد هي بصرخات رافضه مُمتنعه.

لم ترضخ و لن يرضخ هو، يزيد من حده إحكامه و تزيد من حد رفضها، حتي سحبت ذراعها أخيراً ووقفت في المنتصف للحظات، وهلات، لتهبط صارخه ، تتفجر من حولها ما تبقي من نوافذ، ينقلب أشباه الأثاث من حولها، و مالكوم أحاط وجهه بذراعه يلتمس بعض الحمايه، جسدها بدأ بالأرتجاف و دموعها تزداد، حتي هدأت إنما ليس من أنين خافت و صوت بكاء تَفَلت بين الفنيه و الآخري.

نهض مالكوم عندما شعر بهدوء ثورتها، و نزع عنه معطفه و وضعه حولها و في عيناه نظره حانيه هادئه " تامينا، لقد فقدت المرآه الي أحب لتوي ، لن أفقدكي أيضاً، إيزابيل لن تموت هباءً، ارجوكِ" اغرورقت عيناه بالدموع، لترفع عيناها عن الارض " لن أستطيع"
" بل ستفعلي، تلك الدماء التي بعروقكِ ليست عاديه، فقط أديري ظهرك للماضي و أركضي، أركضي كأن حياتك تقف عليها، لأنها تفعل "

نهض و مد يده لها، لتنهض معه، و تحتضنه بألم" أهو الوداع؟ "
" أخشى أنه كذلك يا صغيرتي"

إبتعدت عنه بضعه خطوات ورفعت شبح إبتسامه مات للمره الثانيه علي وجهها" وداعاً مالكوم "
" وداعاً يا صغيره "

و خرجت من المنزل، أطلقت العنان لقدماها، لغضبها، لجموحها ، لحزنها ، كانت كتله مشتغله من الحقد و الحزن، كانت تلوز بالفرار و خلفها صوت النيران تلتهم منزل طفولتها، صباها، منزل والدتها، تلتهم ذكرياتها، عائلتها، تلتهم كل ما أمتلكت يوماً في الحياه.

بيداها تشق صمت الليل، شهيق و زفير يصارع جزيئات الهواء، و عينان غرقتا في الدموع، كل شئ ضبابي حتي مشاعرها، لم تدرِ بالإمر إلا بعدما إلتفت قدماها إسفها و هبط جسدها يتقلب فوق طين الجُرف، كعروس ماريونيت لا تملك السلطه علي جسدها، تتخبط بين غصن و صخره، و وعيها يهبط شئ فشئ حتي استقرت فوق الأرض، جسدها صُبغ بالطين و رأسها ينزف، صوت النيران لازال عالٍ و حاد و جميع الأصوات تخفُت حتي غيم الصمت حولها، و غابت عن الوعي.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 31, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عبق الساحرة الأولي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن