انغام طفلة صغيرة في عمر الثامنة ، تدرس العام الرابع ابتدائي ، مجنو نة بالرسم والموسيقى ، مفتو نة بالزينة اينما حلت ، تجمل دروب مسيرتها بالحياة بتلقاء ذاتها ، لترسم من اليأس والتعاسة ابتسامة ، تضيف شيئا الى ملامحها الملائكية ، لتكتمل والكمال لله تعالى لاسوا ه، عيناها زرقاوتان حادتا ن ، خدودها شديدتا التورد ، شفتاها الكرزيتان تضيفا لمسة ، لتصبح النتيجة اية من الجمال .الجراة والعزيمة دائما ما يتوفرا في حيز انغام ، ليست بالكسولة ولا بالمجتهدة ، تحصل نقط متوسطة ، والاعتدال خير ، كانت تلهوا وتزهوا ، تتفتح كل يوم كالاوركيد التي تحبها ، الحياة في نظر الطفل كوكب للعب والالعاب ، الا ان الطفولة البراقة تموت رويدا فرويدا مع مرور الوقت ، وقسوة الد هر ، يقال تبكي بقدر ز هوك .
ام انغام تدعى حليمة تبلغ الواحد والثلاثين من العمر ، ابو انغام يدعى هشام يبلغ الرابع والثلاثين من العمر ، كما ان الوليدة الاولى هي انغام ، وبعدها ميرال تبلغ ثلاث اعوام ، يقطنوا في بيت صغير في تندرارة القرية الصغيرة الموجودة شرق المغرب بالهضاب العليا بالضبط ، تعود ملكيى البيت الى ابيها ، في ذلك البيت الصغير الاشبه بحديقة للأز هار ، تسيطر عليها الاوركيد والنرجس فقط ، بين ثنايا جذارات ذلم البيت تعشش السعادة بين افراد عائلة انغام الاربع .
كان ابي يعمل لدى ميكانيكي ، وضعنا المالي ليس جيد وليس سيء ، نتقاسم القليل والكثير ، و نفضل حياة السعادة وراحة البال على عيش حياة الملوك وغير ها ، امي ربة بيت ، تمصي كل الاوقات في مراعاة البيت ، والقيام بالاعمال المنزلية الشاقة ، كالتنظيف والطبخ وغير ها ، اما انا فدائما ماامضي يومي في المدرسة واللعب مع الاصدقاء ، لم اكن اعر الدراسة ا هتماما كبيرا ، وبم افرط ايضا ، كل اوقاتي كانت مليئة باللعب ، والسخرية من الاطفال مع رفاقي ، كنا كفريق اشبه بعصابة ، كل ما هو ضروري في فريقنا هو ازعاج بقية تلاميذ القسم والشغب ، بالاخث الفتيات ، اللهو وتمضية الوقت في الشغب والسوء مع رفقاء السوء ، كان يلعب دورا في حياتي ، وتمضية الوقت في المرح ، والاسعاد بالسخرية من الغير ، كل هذا يسيطر ويؤثر علي سلبيا تدريجيا ، الا انني كنت اعمه في اعمالي دون سابق انظار ، كل يوم كذلك ، يمر كاحتفال في حانة ، والمتعة بذلك كمتعة سكير بخمر وعاهرات في جناح عنوانه خليفة لوسيفر ، هكذا هي الحياة معي كذلك ، مرت الايام ولم يحدث اي شيء محرك في يومياتي ، كب شيء كالسابق متشابه لاشيء مميز ولا شيء غير ذلك ، كل الايام تمر كجحيم تحت المتعة في
حا نة لوسيفر .
اليوم الاحد يوم عطلة، استفقت على ضوضاء تأتي من الخارج ، كان صوت امي مألوف من بين تلك الهتافات ، لقد سمعت وبعناية نبرة امي تبكي بأعلى صوتها ، ارتعبت كثيرا ، بدأت الافكار والافتراضات تتراكم علي ، قمت ودخلت في ذلك الاكتضاض المختلط ، كان كل الاقارب والجيرا ن تهافت ، حاولت عدة مرات ان اسال الملأ ، ولكن نظرا لصغري لم يكن ليعر احد اسئلتي اهتماما ، حتى اذ بصديقتي منال ،تجذبني اليها من قميصي من ورائي ، التفت لاعرف الفاعل ، كانت منال ، لتصدمني بوفاة ابي في حادثة سير ، صعقت حيال سماع الخبر ، افتقدت للدمع ، تجمدت احاسيسي ،توقف تفكيري ، كادت الشهقات ايقاف قلبي عن النبض ، لم اكن لأستوعب الامر وادرك حقيقة مايحدث بتلك البساطة . العالم يتجمع امام بيتنا ،الضجيج ثم الضجيج ثم الضجيج ثم النواح ، حضر كل الاقارب والمعارف اجمع ، الكل متؤثر بالواقعة ، كنا في حالة يرثى لها ، بعد ساعات معدودات ذهبنا للمستشفى الذي تم نقل ابي اليه ، لرؤيته كآخر مرة ، ذ هبت رفقة امي التي تتحسر وتحمل ميرال مع حشد من الاقارب ، كان على مقدمتهم جدتي زليخة ام ابي وايضا تواجد اعمامي الثلاث عمر وا نس وسعيد ، اما البقية كانوا مختلطين ، وصلنا الى المستشفى الى حيث غرفة ثلاجة الاموات بالضبط ، كنت متلهفة لرؤية ابي ، الا ان الكل تصدى في وجه لهفتي ورغبتي بناء على طلب الدكتور ، واختي ايضا ميرال ، بكيت ، ارتطمت بالحائط حاولت افلات نفسي من قبضة عمي عمر الا ان محاولاتي لن تجذي نفعا ، كل محاولات فراري فشلت ، احسست بإهانة ، برغبة الانقضاض على الماسك بي ، ، الا ان الامر ليس بمقدوري ، احسست بالبغض اتجا ه كل من منعني من اشباع ناظري من ابي ، سيطر علي غضب شديد ، تفادينا المحنة مع مرور الوقت ، الا ان الصدمة لازال تأثيرها فعال علي ، لاأكل ولا شرب ولا دراسة ، الحياة اساسا توقفت في نظري ، لم تعد لي رغبة في الاستمرار على عثرات الحياة بعد ، كل ماأريد هو افراغ ألامي في شيء لاأدري ما هو ، اصبحت في الايام الاواخر اكثر طلبا للا نفراد ، غدوت ابحث عن عيوب دائما في غيري ، ابحث عن خطأ صغير لأقيم حربا ، و هذا ماعلمت بعد لما قال لي الطبيب النفسي بأنني قد اصبحت في اوالى مراحل تكون اكتآب حاد لدي ، تغيرت عما سبق ، لم اعد اشاغب او العب كما كنت قبل وفاة ابي .
مرت ثمان اعوام لم اعد ابالي لشيء ، قضيت وامي واختي طيلة المدة لدى بيت جدي ، فقد اصر جدي على التكفل بنا بعد وفاة ابي ، تركنا بيتنا وكل شيء ، اما انا فقد غضبت لترك مدرستي ، اصبح لدي ستة عشر سنة
يتبع....
. فوزية اعريف ...💙