لم استطع ابعاد نظري عنها !!، تتنقل بين طاولات المقهى بابتسامة سعادة حقيقية كعصفورة مفعمة بالحياة !، اهذه ساره ؟!، الفتاة الخجولة التي لا تسمع لها صوت ولا تشعر بوجودها ولو بقيت ليوم كامل بجانبك !!، الزي الذي ترتدية !، لقد اظهر جمالها بشكل سحري .. انه افضل بكثير من زي المدرسة رغم ان كلاهما يبدو جميلا عليها .. شعرها الزهري الطويل بتسريحة ( ذيل الحصان ) يندمج بانسياب مع أجواء المقهى ولوحاته المفعمة بالألوان !!، تلك الفوانيس المتدلية من السطح ، تنعكس انوارها على وجه سارة المبتهجة لتبرز جماله !!، آه !، انها فتاة جميلة بحق !!. لقد اختفى ذلك الحزن العميق الذي لا يفارق ملامح سارة ما ان امتزجت بجموع الطلاب الذين ملؤوا المقهى !!، هذا ما قصدته المعلمة اذا ؟!! ممم !، انها حقا امرأة مخيفة !!، هكذا كانت ساره قبل ان يتوفى والدها !... والمعلمة تحاول إعادة هذه النسخة من سارة دون ان تشعر بما تقوم به .. وعلى حساب من ؟! حسابي طبعا !... يا الاحراج !!، لهذا أتت سارة لمنزلي !، ولهذا ساعدتني في الكتابة ... فقد طلب منها ان تساعدني .. انا الانسان البدائي المنعزل ذو الأفكار السوداوية كما تنعتني المعلمة .. اففففف !...
_ لماذا تأفف ؟!!
قالها ضياء وهو متكئ على يده بجانب إلة صنع القهوة !!، ضياء !!! الفتى المثالي للمدرسة .. متفوق في الدراسة ، ولا يرضى إلا بالمراكز الأولى في المسابقات الرياضية ، وسيم لدرجة انه اصبح كمغناطيس للفتيات بشعره الذهبي وعيناه الزرقاوتان !!، يستحال رؤيته وحيدا !!، دائما تحيطه مجموعة من الأصدقاء والصديقات والمعجبون والمعجبات !!، ليس هذا كل شيء .. ضياء متحدث لبق يراعي مشاعر الاخرين ... يا إلهي !!، انها كل الصفات التي لا اتمتع بها !!، وكأنني النسخة الشيطانية منه ؟!!!. نظر إلي مطولا ثم قال متعجبا :
_ انته حقا لا تحب التحدث ؟!!.
_ ممم !! ليس الامر هكذا !، اه !، ربما !، لا ادري ...
_ يييه !!، انا محرج انه أول يوم لي في العمل واتيت متأخرا ... آمل ان لا تشي بي عند المعلمة غدا .. ( ضحكة محرجه ) سأبدل ثيابي وابدأ بالعمل حالا لأعوض وقت تأخري ...
جلست ساره على الكرسي بعد ان وضعت الصينية جانبا :
_ انا متعبة جدا ...
_ مازلنا في بداية الدوام ؟!!
_ اعلم ، ولكنني لست معتادة على العمل بعد ...
لمحت رجل ضخما عند الباب يقف بشكل مريب !!، ينظر عبر الزجاج وكأنه يبحث عن احدهم ... كان كث الشعر وذقنه غير مرتبة .. رغم ان شعره اصطبغ بالكثير من البياض إلا انه يرتدي لباس يليق بمراهق ؟!! ( قميص وسروال قصير حتى الركبة ) .. اسرعت إليه فسياسة المقهى تمنع كبار السن من الدخول .. فقط طلاب المدارس ...
_ أنا آسف ولكن لا يسمح لك بالدخول .. هذا المقهى للطلبة فقط ...
_ آه !، حسنا ... كما تشاء يا فتى .. لن ادخل ، انا ابحث عن ابنتي نورة .
كان يترنح اثناء وقوفه ولسانة ثقيل بالكاد افقه ما يقول !!، انه تحت تأثير الكحول بلا شك !!، من هي تلك المنحوسة التي تملك أبا كهذا ؟!!... خرجت نورة وهي طالبة في فصلي مسرعة ثم أغلقت الباب وبدى انها لا تريد لأحد ان يرى هذا الرجل !!، ثم قالت :
_ ما الذي تفعله هنا ؟!!
_ ما الذي افعله .. ماذا ؟!! اخجلة انت من والدك يا نورة ؟!!.
_ ارجوك اذهب يا والدي .. ارجوك !!... انت تحرجني ...
_ كيف تتحدثين معي بهذه الطريقة ايتها الوقحة ؟!!.
صفعة قوية أطاحت بنورة ارضا !!!، امسكها من شعرها وبدأ بجرها ... شلتني صدمة ما أرى !!، سقط والدها السكير !!، فاصبح الاثنان جالسان على الأرض يتشاجران ، امسكت سارة التي خرجت من العدم يد والد نورة وبدأت تحاول فك نوره منه !!، دفع سارة حتى كادت تقع ثم نهض لتنهض معه نورة .. عادت ساره لتحاول مرة أخرى فك نوره من يد والدها ولكنني اوقفتها قبل ان تصل لهم :
_ سارة ... لا تتدخلي انه سكير وقد يؤذيك ....
لا احب حشر نفسي في مشاكل الاخرين وخاصة عندما تكون عائلية ولكن ... وجدت نفسي مضطرا للتدخل !!، تسللت من الخلف ثم استطعت فك شعر نورة من يد والدها السكير ..
_ اياك والاقتراب ... المكان مراقب بالكاميرات !، إلا اذا كنت تخطط لقضاء بقية عمرك خلف القضبان أيها السكير المنحرف ..
نظر إلى كاميرة المراقبة اعلى باب المقهى .. بدأ يتمتم ويتأفف وكأنه يحسب العواقب المترتبة اذا اصر على اخذ نوره .... لم انتبه لنفسي ولكنني دفعت نوره بقوة عندما فككتها من والدها ويبدوا اني تسببت في سقوطها ارضا !!!. نظر إلي الرجل بنظرة شر مطلق جعلت شعر رأسي يقف خوفا ثم قال :
_ حسنا كما تشائين ايتها اللعينة ... وانت !، احذر ان نلتقي مرة أخرى .. ساقتلك ما ان اراك يا فتى ....
ذهب والد نورة ، عدت ومددت يدي لنوره لأساعدها على النهوض ، ضربت يدي بقوة ثم نهضت وهي تنظر إلي بنظرة غريبة :
_ ابتعد عني !... لست بحاجة لشفقتك ..
يبدوا بأننا اثرنا انتباه من في المقهى ، توقف العديد من الطلاب عند الباب ينظرون إلى نوره ... اقتربت ساره من نوره لتساعدها على السير الى الداخل .. سمعت نوره تقول لسارة بصوت منخفض :
_ لا اريدهم ان يعرفوا بأنه والدي ...
بدأت الأصوات ترتفع بين المجموعة الواقفة عند الباب ( يا إلهي اذلك الرجل حبيبها ؟! مقزز .. كلا ربما هو والدها ... يبدو قبيحا .. لدى نورة وجه آخر !!. ظننتها فتاة محترمة ... ) بدأت النميمة تنتشر بين اكثر فئة اكرهها .. الحشرات البشرية التي تتغذى على القيل والقال !!!. انهارت نورة وغطت في نوبة بكاء عميق وكأن حياتها انتهت ؟!!.. السمعة شيء مهم بالنسبة للكثير من البشر ، هممم !!، لا ألومها فهذه الحادثة ستقضي على حياتها المدرسية وسمعتها ناصعة البياض ، فهي نورة الفتاة المثالية الجميلة والتي تنافس ضياء في التفوق ... الجميع يخاف على سمعته .. إلا انا ... لحظه !.. تبدو فكرة جيده ... لا لا .. تبدوا فكرة سيئة .. همم .. من اجل سمعة نوره .. استدرت نحو نوره وقلت بصوت عال كي يسمعني الجميع :
_ نوره .. لقد انقذك مني هذا الرجل الغريب .. كنت اريد احتضانك تعبيرا عن حبي لك .. لم استطع الوصول إليك .. ولكن عندما رأيتك امام باب المقهى ولوحدك !!.. صدقيني !، لن افوت فرصة عظيمة كهذه يا حبيبتي نوره ..
سارة منذهلة :
_ ما الذي تتحدث عنه يا آدم ؟!!
_ ساره ، اصمت .... اردت الاعتراف لك بحبي يانوره ، ولكن ذلك الرجل الغريب افسد علي كل شيء ....
لحظات حتى تغير الجو بالكامل فأحاط الجميع نوره وبدأت محاولات التخفيف عنها ومواساتها ... والاهم ان خطتي نجحت في تشتيت نظر الجميع عن والد نوره رغم انني أصبحت وحشا منحرفا في نظر البقية ولكنني لا اهتم ابدا .. البشر مخلوقات كريهه ويستحال ان تنال رضاها مهما فعلت فلما اعبئ بشيء يستحال تحقيقه ؟!!!
انتهت ساعات العمل وها أنا اسير وحيدا إلى منزلي ... رأيت ضياء متوقفا على دراجته الهوائية عند الإشارة المرورية ، علمت بأنه ينتظرني ... كان عابس الوجه وما ان أصبحت امامه قال :
_ ما الذي فعلته يا آدم ؟!!..
_ لاشيء .. اعترفت لنوره بحبي ..
_ كاذب ... لقد اخبرتني ساره بما حدث .._____________________________________________
نلتقي الخميس القادم بإذن الله ...
أنت تقرأ
مراهقة بطعم الحب الأسود !..
Romanceأنا آدم ... طالب في الثانويه وأكره البشر !!. ولولا خوفي من عقاب والدي المخيف لتركت المدرسة فورا وأغلقت باب غرفتي علي ولم اخرج منها أبدا إلا على قبري !!، لست مأساويا ولا انتحاريُّ حزين !!... كلا !... و على العكس تماما !، انا اعشق نفسي