المقدمة

6K 99 22
                                    

بعد حوالي ساعة كاملة **

كل لحظة تطرح على الإنسان موقفا ،و تتطلب منه اختياراً بين بديلات و هو في كل اختيار يكشف عن نوعية نفسه و عن مرتبته و منزلته دون أن يدري..وقد يواجه أقسى اختيار حين يطلب منه ان يختار بين أمرين كلاهما حق و عدل.. كان يريد حق ثأره وعدل فرصته معها.. لم يكن يدري أنه يقتلها ،ويقتل قلبه وروحه مع غيابها .
واقفاً متجمد ككل شيء أمام باب غرفة العمليات العريض الذي أختفت داخله لتعذبه أكثر من أي مرة.. الآن هي من يختفي عنه وليس بيده دفعها بعيداً عنه أو منعها الغياب..
منذ تلقيه منها أخر بسمة مشوشة الملامح بالحفل الذي حضراه وهو يدفع ثمن غيابه وجعاً وألماً.. الندم هو ما بقي له.. الآن فقط علم أن غيابها عن حياته هو الموت ذاته.. كيف كان سيقدر على تنحيتها بكل بساطة عن محيطه؟!!.. تمسكه بها كان من فعل أنانيته وساديته معها ،ولكن أهم الأسباب التي لم يكن يجرؤ أن يبوح بها لأحد ..الأهم لها هي نفسها هو أنه أحبها بل عشقها بأقصى درجات العشق.. تطرف معها ،بالمقابل بملامح روحها الودودة التي كانت تصدرها حتى للحيوان تمكنت منه.. تمكنت من أبجدياته كان يسعى للتغيير ليس من اجله.. لكن من أجلها.. أستطاعت في أيام بالحكمةالتي تتحلي بها أن تصبح نفسه غريبة عليه.. ، وكأن عدد السنوات الماضية كانت كلها إدعاء.. تمثيل ليتحايل على الحياة ليحيا على هامش الدنيا....

لحظة الحفل تغير كل شيء حوله .. صارت بمكانة مختلفة لا يستطيع أن يصل إليها.. وقفتها هناك فوق المسرح وتمكنها من آذان كل الكبار بالوطن.. إمتلاكها لقلوبهم.. أناقتها.. إجابتها الواثقة على كل من أراد طعنها.. رأها بطريقة مختلفة.. كل شيء جعله يدرك أنه لا يصلح لها ،وسيظل دون مستواها.. كان قد حزم أمره مع الشيطان في مخططه ليقره ويصير أهم أعمدته.. هرب ليجلس بأقصى مكان ممكن أن تصل إليه ..الجبل.. هناك لا وجود للنساء.. لا وجود لها بالنسبة له.. سخر عقله مذكراً إياه بما غفله.. لو كان هذا صحيح لما كنت تجيب على حراس قصر الماء وخادمته مع أول رنة لهاتفك.. حتى رحيل نفسها كنت لا تجيبها إلا بعد تكرار الإتصال.. أليس لأنك تتمنى أن تسمع أخبارها.. أليس لأنك تعلم أنهم سيتحدثون عنها..

تهاوت ساقيه أسفله وكأنها هي الأخرى رافضه حمله كلياً كشيء قبيح تأنفه أطرافه ذاتها.. جلس مكانه مفترشاً الأرض.. ليلاحظ إحدى الممرضات بثوبها الوردي تتقدم حاملة صغير أسوار الغالي تضعه في كفي عمته.. حتى طفله ما أستطاع احتضانه إلا عندما قرر منحه لها من جديد.. دفع أصابعه لفخذيه المعقودتان أمامه حيث جلس متربعاً على بلاط المشفى البارد.. ضغطات أصابعه تنخر في عضلات فخذيه تمكنت من أثر حرجه القديم ذاك الذي اعتنت به في كل لحظة بحنان ومغفرة.. حتى شفي تماماً.. انكبت أظافره تمتد لعظامه حيث يجب أن يقتلع هذا الشريان الذي لم يلاحظه يوماً كيف استطاعت ان تدرك مكانه بين العضلات.. متذكراً جمال بشرتها ،وكيف كانت أوعيتها الدموية تبرز للخارج في شفافية وردية،ونحافة جسدها جعلتها تلوح له أحيانا..

ويحسدونني[الجزء الثالث من سلسلة حد العشق]!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن