رن جرس الباب فى الشقة التى تسكنها ريماس مع خالتها هالة وقد كان الطارق متعجلا لحوحا لا يستطيع صبرا
الخالة هالة :حاضر ياللي على الباب .. هو احنا جمب الباب ما تصبر جتك نيلة 😏.
قالتها الخالة هالة وهى تضع غطاء الرأس القصير وتمشى بخطى واسعة لتنقذ الجرس من الصراخ وتتفادى اصابتها بالصمم
وفتحت الباب بسرعة لتنهر من يقف ورائه لتفاجأ بابنة أختها الراحلة تقف بشرود ويدها لم يفارق زر الجرس
الخالة هالة : نور... مالك يا بنتى ؟
استفاقت الفتاة من شرودها على صوت خالتها يعيدها الى واقعها المحسوس
دخلت الى الشقة بدون حتى أن تلقى السلام على خالتها كعادتها كلما رجعت الى المنزل
-الخالة هالة بتعجب: نور ... فين مفتاحك يابت ؟ وليه واقفة كدا عالباب؟
نور بشرود: هاه .. لا مفيش مفيش يا خالتو عندي صداع بس.
-الخالة هالة بحنان :سلامتك يا حبيبتى احضرلك الغدا ؟
نور : مش جعانة ... هاروح انام.
ودخلت الى غرفتها لتغلق بابها تاركة خالتها تتخبط فى أمواج حيرتها وقلقها
قالت الخالة فى نفسها " هيا البت مالها يمكن عندها مشكلة في الشغل ولا يكون الزفت جاسر ضايقها تاني؟ "
وتنهدت بحرقة " لو تلاقي شغل تاني هتستريح من شوفته كل يوم 😥"
لم يطاوعها قلبها أن تأكل وحدها وتسيب نور جعانة كما أنها قد فقدت كل شهية للطعام بعد رؤيتها لها متكدرة وشاردة.
طرقت على باب غرفتها طرقا خفيفا وهى تناديها بصوت هامس:
- نوري.. انتي نمتي ياروحي؟
لما لم تجد اجابة أو تسمع صوتا فتحت الباب ودخلت الى الحجرة المظلمة الا من ضوء خافت لآخر النهار والشمس تلفظ أنفاسها الأخيرة
كان الجو بالداخل ينم عن هدوء رتيب , تجولت عيناها فيما حولها لتعتاد على درجة الاضاءة الخفيفة بغرفة نور ذات الطابع الأنثوى الرقيق والذى ينم عن ذوق راقى ومنسق فى كل تفصيلة من تفاصيل الأثاث .. لقد اختارته لنفسها منذ ما يقرب من عشرة أعوام وهى المدة التى قضتها معها بمنزلها البسيط القابع فى أحد أحياء الجيزة المتوسطة المستوى(فيصل 😂وناس فيصل العسل 🥰) فلا هو يتدنى لمستوى الحى الشعبى ولا يرقى لمستوى طبقة الأغنياء التى ينتمى لها عائلة زوج أختها الراحل .
عشرة أعوام انقضت على الحادث المروع الذى أودى بحياة أختها وزوجها الطيب تاركين خلفهما ابنتهما الوحيدة يتيمة شريدة بلا مأوى أو معين على الحياة الا الله .
سرحت بذكرياتها للحظات ثم تنبهت على صوت نهنهة لبكاء متقطع يتخلله شهيق مكتوم , تمزق قلبها من أجل الصغيرة التى رأت بأعوام عمرها الأربع وعشرين ما يمكن أن يراه المرء فى عمر كامل.
لقد لاحظت أنها اليوم على غير عادتها فقد نسيت أن تستخدم مفتاحها وظلت تدق الجرس لفترة طويلة كما أنها لم تمازحها بخفة ظلها المعهودة ورفضت تناول الطعام وانتهى بها الأمر الى الغرفة تبكى بحرقة وتحاول اخفاء اضطرابها عن خالتها.
الخالة بخوف : مالك يانوري؟
نادتها باسم التدليل المفضل لديها وهى تربت على كتفها وتحاول أن تضمها بين ذراعيها بينما تمسح على شعرها الأسود الحريرى كشلال من الليل البهيم.
تشنجت نور فى أحضان خالتها الدافئة وتهدج صوتها وهى تحاول السيطرة على انفعالاتها
نور بتشنج: هحكيلك كل حاجة ياخالتو , انا مش قادرة اكتم في نفسي اكتر من كده 😭.
الخالة هالة : قولي يا حبيبتى انا سمعاكي.
وقصت على خالتها كل الأحداث التى دارت اليوم بدون أن تغفل أدنى شاردة فهى لم تتعود الا على الصراحة معها , حتى قصة حبها القصيرة التى انتهت بالفشل الذريع كانت على علم بكل صغيرة وكبيرة فيها
ثم تنهدت نور وقالت :قوليلي بقي اعمل اي ؟ انا محتارة اوي وحاسة اني مصدومة من كل الضربات اللي جت علي دماغي انهاردة .
الخالة هالة : في حاجة تانية حصلت غير مقابلة المحامى دي ؟
استغربت نور لماذا لم تشعر باندهاش خالتها لما قصته عليها من تفاصيل تخص جدها والميراث المزعوم الذى تركه لها فهى حتى الان تشعر بأنها خدعة أو مزحة ثقيلة ستنتهى بومضة فلاش ,وصوت مرح يقول:
بخ اما اقولك بخ تبخ ,كنتى معنا فى برنامج الكاميرا الخفية . عاوزة نذيع قولي نذيع😂 ؟
ورأت أن تروى لها ما دار بينها وبين جاسر ... الحبيب سابقا والعدو حاليا
ردت الخالة هالة قائلة :مفيش مشكلة ياحبيبتى , هو لسه مش قادر يتقبل خسارته ليكي.
نور باستغراب: بس هو اللي أصر يمشي !
الخالة هالة :يمكن لسه جواه شوية من مشاعره القديمة ناحيتك.
نور بنفي : لا مظنش☹.
(ضربة في قلبك يا جاسر مزعل البت 😥)
نفت نور هذا التفسير وبشدة آلمتها شخصيا فهى تتمنى لو كان ما تقوله خالتها صحيحا ولو بنسبة صغيرة من الأمل يمكنها استعادة ما كان
وعادت بذاكرتها لتصرفاته العدائية نحوها فاقشعر بدنها من برودة لهجته فى الحديث معها واصراره الدائم على تجاهل وجودها بالرغم من كونه شخصا لطيفا محبوبا من جميع المحيطين به
لقد لاحظ هيثم زميلهما هذا الجفاء الذى اتسم فى جميع حواراتهما النادرة بعد أن كانا لا يفترقان أبدا وكل الرقة والحنان اللذان كانا يبدوان فى كل نظرة يصوبها اليها ولكنه آثر الصمت وعدم ابداء أى تدخل للمصالحة أو حتى التهدئة فهو يخشى انفجار جاسر القاتل فيه اذا ما جرؤ وألمح الى ما كان بينهما من عشق أو اذا حاول أن يجعله يتعامل بروح الزمالة معها.
لقد رفضها جاسر كحبيبة أو زميلة , وهى المسكينة تأمل يوما بعد يوم بأن يعاودا قصتهما الجميلة وهذا الأمل يخفت تدريجيا حتى باتت تعتقد أن اليوم شيعت جنازته وودعته للأبد الى مثواه الأخير ... لم يعد هناك من أمل
نور :خالتى .. انا هروح بكرا زي ما المحامى قالي انا حاسة انه مبيكدبش ملامحه بتدل علي انه طيب ومظنش انه عاوز يأذيني.
الخالة هالة : أنتي نيتك صافية زي المية تمام ياحبيبتي ومتعرفيش لسه خفايا الدنيا .
نور : في اي يا هلو انتي عاوزة تخوفيني ولا اي ؟
الخالة هالة : لا يا عمرى .. انا خايفة عليكي منهم... بس انتي بردو قوية وصلبة ومش هيكسروكي ابدا.
نور : يا رب ياخالتو بس انا مش هاممني حد انا لا أعرفهم ولا عاوزة يكون في أى صلة ليا بيهم.
الخالة هالة : هنشوف يا حبيبتى ... يا خبر بفلوس بكرة يبقى ببلاش.
نور : متشيليش هم انتي يا هلو.. هأنسى مع الوقت اي حاجة تضايقني.
الخالة هالة : واثقة من دا ياروحي ونفسي حياتك متقفش علي حد لا هو مقدرك ولا محترمك.

أنت تقرأ
(عشقت صيادي)
Romanceكانت حياتها كالبحر الهادئ بلا أمواج🏝، وما ان عصفت الريح بدفتها حتي بحثت عن شاطئ ترسو عليه سفينتها . فتحطمت أحلامها البريئة علي صخور جزيرته النائية🏕 ، ولكنها قاومت دوامة سيطرته القوية رافضة أن تغرقها في القاع . وادرك هو أن ليس كل مايلمع فهو ذهب،...