تشاغل الجميع بانتظار السيد رشدي الذى جلس وسط العائلة وكأنه فردا منها وليس مجرد محامى يقوم بمهمته , فتعجبت نور من ردة فعلهم .. هل تخيلت أن حازم قد نطق بما سمعته أذناها أم أنها بدأت تهلوس ؟
لم يعجبها طريقة تعاطيه للأمور وسطوته الواضحة كما لم تسترح لنظراته الوقحة التى يوجهها لها من حين لآخر , ما بيدها حيلة فهى عالقة فى هذا المكان حتى تنتهى التمثيلية السخيفة الخاصة بتقسيم الميراث , كانت شبه متأكدة أنها ليست معنية بالأمر ولا بد أن المحامى قد أساء فهم الأمور, أرادت أن تؤجل تحليلها لما يحدث لأجل غير مسمى.
المحامي: في الاول خلونا نقرأ الفاتحة لروح السيد المحترم عبدالمجيد. - رحمه الله وغفر له - ورفع يديه ليتلو الفاتحة بصوت مسموع وتبعه الجميع , شعرت بأنها ستزعج جدتها ان لم تلتزم بما يفعله الآخرون فلأجل خاطر هذه السيدة العجوز المحبة يهون كل شئ.
بعد أن أنهت التلاوة فى سرها رفعت عيناها لتجد أن حازم كان يراقبها خلسة ربما ليتأكد من أنها تشعر بالحزن على رحيل هذا (( الجد )) القاسى الذى لم تعرفه شخصيا وسمعت عنه من خالتها مرارا وتكرارا ولم تكن بالذكرى الحسنة بالطبع.
لم تستطع هى ادّعاء الحزن أو تصنّع الدموع بينما اغرورقت عينا الجدة بدموع اللوعة والحزن على الفراق فتعاطفت معها ورق لها قلبها العاصى , أخذت تربت على كتفيها وتحاول تهدئتها :العياط ده مش كويس لصحتك اهدي يا جدتي ☹
بعد مرور لحظات تجرّع الأحزان واجترار الذكريات لدى كل فرد من العائلة
قام السيد رشدي بفتح المغلّف الذى يحوى الوصية أمام نظرات الجمع المنتبهة وقرأ بصوت ثابت رجولى بنود الوصية كما نص عليه الشرع فلم يحرم أحدا من نصيبه
ولدهشة الفتاة نالت قسما من تركة هذا الرجل الذى لم يحنو عليها يوما ولا تعرف له صورة الا التى رسمتها فى خيالها لشخص مستبد ظالم عامل أمها كامرأة زانية وطرد أباها من جنته المفترضة وحرمه من العيش فى رغد ونعيم تمتع به كل الجالسين من حولها الآن يتطلعون اليها بمزيج من الحقد والاحتقار.
نور: مش عاوزة حاجة من فلوس الميراث ده.
قالتها لتزيح عن كاهلها عبء هذه النظرات
نور:الحقيقة انا جيت بس عشان لقد أوفى بوعدى للاستاذ رشدي , ومكنتش ناوية أشارككم ميراثكم.
-اي اللي بتقوليه دا؟
ردت عليها الجدة بصوت مجروح وقد آلمها رفض حفيدتها لهم
نور: اسفة ياجدتى , مع ان دي أول مرة أشوفكم فيها بس لازم أكون صريحة : انتو دخلتوا قلبي من غير اذن , وأنتي قبل الكل, بس انا مش هقبل مليم واحد من الميراث ده .
رحب الجميع بتواجدها بينهم واعترافا بأنها جزءا من شجرة العائلة ولا بد من تقسيم الثروة كما أمر الله بالاضافة الى ان هذه هى رغبة الجد.
لم يقض سعادتها بهذه الحفاوة الا نظرات زوجة أبيها المليئة بالكره والغل , ونظرات رمادية ساخرة تربكها وتسقطها من عليائها .
استطرد المحامى كلمات الوصية :
- وشرط أن يستلم كل فرد نصيبه أن يجتمعوا تحت سقف هذا البيت وأن يظل السيد مصطفي هو رئيس مجلس ادارة الشركات بحكم أنه الابن الأكبر وبواقع خبرته الطويلة فى هذا المجال .
كادت أن تصرخ متبرمة من طغيان الرجل المتوفى فحتى بعد موته يصر أن يحركهم كعرائس خشبية وتتجمع كل الخيوط بيديه .
- أعتقد أن الآنسة نور مش هتتنازل وتسكن معانا وهتصر على الرفض.
اتهمها حازم بدون هوادة والتفت الى السيد رشدي ليضيف: اي هو التصرف فى الحالة دي قانونيا ؟
تنحنح الرجل المسئول عن هذا الاجتماع بحرج فلم يكن هذا هو المسار الذى يبغاه ولكن الأمور انفلتت من يده وقبل أن يفكر فى الرد المناسب
- ومين قال أني هرفض !
فجرت نور هذه المفاجأة بقبولها لشرط الوصية
نور: انا مش هخذل عيلتي اللي غبت عنها سنين طويلة واهي جت الفرصة اللي نعيد فيها صلة الرحم المقطوعة.
حتى هى لم تخطط لمثل هذه الخطبة المزعومة ولعنت حازم فى سرها فلولا سخريته منها واعلانه برفضها للوصية لكانت بالفعل رفضت هذه المهزلة وعادت بنفس راضية الى أحضان خالتها الدافئة
ضمتها جدتها لصدرها وهى تبتسم برضا واكتفاء قائلة: كنت واثقة من موافقتك انتي أصيلة ودم عيلة الصياد بيسري فى عروقك.
- خلاص الموضوع اتحسم , ومن بكرا ابدأ بتنفيذ الاجراءات اللازمة.
كان هذا هو عمها رئيس مجلس الادارة كما فهمت من لهجته أنه اعتاد أن يلقى الأوامر وينتظر ممن حوله الطاعة التامة فقد التفت اليها : دلوقتي يا بنتي لازم تيجي تعيشي معانا من بكرة .
وقاطعته الجدة التى تاقت لحفيدتها طويلا: وليه مش من دلوقتي يا ابنى ؟ روحي ياحبيبتي وضبي هدومك وحاجتك وتعالي .
سارت الأحداث سريعة متوالية بدون أن يتركوا فرصة للفتاة المسكينة حتى تدلى برأيها فى أمر يخصها هى
-نور: انا اسفة يا جدتى ويا عمى , بس متنسوش أني عايشة مع خالتى التى اهتمت بيا وراعتني بعد وفاة بابا وماما الله يرحمهم و مكنش ليا حد غيرها مش هقدر أفاجئها بأني هسيبها , لازم اروح أقنعها توافق الأول , وكمان انا عندي شغل بكرة الصبح ومش هقدر أغيب كدا بدون أي أعذار.
- مش هتحتاجي الشغل ده بعد انهاردة . سيبيه
أمرها عمها بحزم
-نور: لا , حتى ولو مش محتاجاله ماديا , أنا مش هسيب وظيفتى ابدا .
لم يعجبه مجادلتها له فهو لم يعتد مناقشة أوامره
قال: ماهو ميصحش بردو تكونى حفيدة الصياد ووريثته وتروحي تشتغلي تحت امر شخص غريب . الناس تقول عننا اي؟
ذكّرته نور بأنها ومنذ خمسة وعشرين عاما حفيدة للصياد وكانت تعمل ولم يتغير شئ بالنسبة لها
-رد قائلا: الوضع اتغير دلوقتي.
وأمام اصرار العم ورؤيتها للعم الذى ألقى بظلاله على وجه جدتها المتغضن رأت أنها يمكن أن تجد حلا وسطا يرضى الجميع فأعلنت أنها سوف تتقدم باستقالتها حتى تتمكن من استلام شهادة خبرة بمدة عملها فى المكتب اذا أرادت يوما أن تعود للعمل مرة أخرى
لاقى هذا استحسانا من الجميع وحتى لا تتراجع عن قرارها لو أعادت التفكير قرر العم قائلا: حازم, روح معاها بكرة للمكتب عشان تتأكد من انتهاء الموضوع علي أكمل وجه من غير أي مشكلة .
بدون أن يترك لهما مجالا للاعتراض الذى بدا على وجهيهما
قال حازم :حاضر يا بابا , متقلقش يا بابا كل حاجة هتمشي زي ما حضرتك عاوز .
هو ابن عمها , شقيق رنا الفتاة الناعمة الحلوة التى رأتها تتحدث بألفة وأريحية مع سليم ابن عمها الآخر والذى كان واقفا يرمقها بنظرات مقيّمة
العم مصطفي : يلا عشان توصلها بيت خالتها .
ألا يكفى أوامر لهذا اليوم , هذا الرجل لا يكتفى من السلطة
- أنتي جاهزة ؟
قالها حازم وهو يتجه نحو الباب دون أن ينتظر جوابها فعليا وكأنه واثقا من لحاقها به
وفى هذه اللحظة تدخل عمار فى الحديث قائلا: لو مكنتش قلقان علي صحة ماما كنت وصلتك انا يا نور.
ابتسمت له مشجعة وقد راقتها شخصية أخيها العفوية :
ولا يهمك .الأحسن انك تفضل جمب مامتك.
عمار مبتسما: بس دا ميمنعش ان لينا كلام كتير اوي بكرة .
نور بفرح: طبعا انا نفسي اتعرف عليك اوي .. وعلى كل أفراد العيلة .
ودعت الجميع باشراق , ووقفت منتظرة بالباب الخارجى فهى لا تعرف سيارة حازم ولن تجرؤ على الدخول ثانية لتسأل عنها
وهى تتخبط بحيرتها توقفت سيارة فضية يبدو أنها أحدث موديل لهذا العام وفوجئت بسائقها يصرخ فيها:
- يلا اركبي مستنية اي ولا انزل اركب حضرتك؟
ما أن همت باغلاق الباب ورائها حتى انطلق هو مسرعا بجنون
لم تحاول اخفاء ضيقها وتبرمها من سرعته التى خطفت قلبها وجعلته يهوى فى قدميها , وقد شحب وجهها قليلا:
نور: أنت عاوز تموتنا يامجنون ؟
حازم بسخرية: مش دلوقتي.
هل كان يعنى أنه يريد ذلك
نور : لو متضايق اوي كدا من وجودي كان ممكن ترفض علي فكرة.😒
حازم : مبردش طلب لبابا , ولا انتي متعودة علي العند والتمرد ؟
لن ينتهى الجدال بينهما اذا لم تتبع أسلوبا آخر فى المعاملة ستلزم الصمت
حازم بسخرية: هيا القطة أكلت لسانك؟ ولا بتخططي لحاجة ؟
ثم قام بوضع اسطوانة فى مشغل الأغانى وانطلق صوت المطرب وهو يخبر حبيبته عن مدى تعلقه بها وبأنها حلم عمره الذى عاش ينتظره
فلم يكن ينتظر اجابة على سؤاله بل كان يقرر واقعا
وتعجبت أنه لم يسألها عن موقع منزلها بل توجه نحو الطريق العام وسلك طريقا فرعيا نحو الجيزة , كان يسير الآن بسرعة معقولة فقد هدأ انفعاله وعاد يركز بنظراته على الطريق غير منتبه لوجودها بجانبه
حازم ببرود : يعني قررتى تضحي بخالتك حبيبتك عشان شوية فلوس .
الى متى سوف يستمر استفزازه لها ؟
نور: مش هضحي بيها ... والفلوس ملهاش علاقة بقبولي الوصية.
رد حازم ساخرا: صح عندك حق😏
كان يهزأ منها
حازم مكملا حديثه: انتي رفضتي قبل كدا اي علاقة ليكي بالعيلة ودلوقتي بتقبلي بعد ما مات جدي وسابلك ورث كبير .
نور : يمكن أنت بتقيس الدنيا من وجهة نظرك المادية ... وده مش معناه ان الكل زيك😒
حازم : عاوزة تقولي اي يعني ؟ قصدك ان اخيرا مشاعرك اتحركت وصعبت عليكي جدتك المريضة اللي كانت مشتاقة تشوفك بس بعد ماعرفتي بموضوع الورث ؟
مش هصدقك لو حلفتي بايه حتي؟
نور: ميهمنيش انك تصدقني أنت لا عندك قلب ولا مشاعر , أنت آلة مصنوع من حديد .(انت قلبك قاسي اوي اوي انت مش بتحس كده وكده😂😂)
حازم بخبث: تحبي اثبتلك انك كلامك غلط ؟
شعرت بالتهديد فى كلماته المبطنة فتراجعت قليلا فى مقعدها وهى نادمة أنها تسرعت وتفوهت بما أثار غضبه فهى الآن تحت رحمته
حازم بسخرية : يمكن هخيب أملك , أنا ميلفتش نظري البنات اللي زيك من النوع اللي بيدعي البراءة.
-نور بغضب: أنت ازاي تتجرأ وتتهمني اني بمثل وامثل عليك ليه هاا؟
حازم ببرود: وصلنا
تنبهت انه يقف أمام العمارة التى تعيش بها ,وانتظرت منه تفسيرا لمعرفته بالعنوان: عرفت منين ان انا ساكنة هنا؟
حازم بنرفزة: انزلى قبل ما أفقد أعصابى(جتك القرف في حلاوتك😏😥)
يا له من وسيم متعجرف ولم تنتظر كلمة أخرى منه فنزلت من السيارة وهى تتمنى ألا تراه ثانية
- متنسيش ، هعدي عليكي الصبح الساعة ٨ ، متتأخريش عشان مبحبش استني حد .
زفرت بحرقة يوما ما ستجعله ينتظر كثيرا
وقالت في نفسها : قال مبحبش استني حد جتك داهية تاخدك وانت شبه البرص )
صعدت درجات السلم الرخامى دون أن تلتفت ورائها ولكنها شعرت بعينيه تراقبانها حتى أطمأن أنها اختفت وراء الباب الحديدى للعمارة فانطلق كالقذيفة بسيارته الفاخرة.
ما أن أولجت مفتاحها فى باب الشقة حتى سمعت حوارا دائرا بين خالتها وابنها حسام , لم يشعر أيا منهما بدخولها الصامت لانشغالهما بمناقشة أمر هام .
لم يكن من عادة حسام أن يزور والدته فى مثل هذا الوقت المتأخر من الليل , فتوجست نور من زيارته وقد استشعرت أمرا غير سارا وراء زيارته هذه.
كان صوت خالتها هادئا:
- مش هتخلي عنها يا حسام دي ملهاش حد في الدنيا دي غيرنا يا بني .
رد عليها الابن منفعلا:
-وهيا بقي نور هانم هتتخلي عن الفلوس الكتير اللي هتورثها ؟ طبعا لا .
الخالة زينب : مهما كان قرارها , ومتنساش انهم حاولوا قبل كدا يمدوا حبل الود بس انا اللي رفضت وقطعت كل حبال الود بينا .
شعرت نور بزلزال عنيف يهز كيانها فتصدعت جدران ثقتها بقريبتها الوحيدة التى كانت تودها وكأنها أمها .
هل معنى كلام خالتها أن عائلة أبيها لم تكن بمثل هذا الجحود الذى أسبغته عليهم وكانوا يحاولون التواصل معها بدون علمها.
هذا يفسر بعضا من تعليقات حازم اللاذعة عن اجادتها للتمثيل ببراعة فقد ظن ومثله بالتأكيد الآخرون أنها صائدة ثروات سعت اليهم بعد أن أصبحت وريثة.
هم حسام بالرد على والدته عندما لمحا نور مسمرة بجوار باب الغرفة وقد ظهرت عليها آثار الصدمة واضحة مما أكد لهما أنها قد استرقت السمع لحديثهما بدون أن ينتبها .
وجرت الخالة نحوها لتحاول رأب الصدع الذى نشأ فى علاقتهما المستقرة ,لكن الفتاة لاذت بالصمت رافعة يديها علامة الرفض لأى تقارب ممكن
نور بدموع : مش مصدقة اللي سمعته . عمالة اكدب وداني , مستحيل تعملي فيا كدا مستحيل .
حاولت الخالة تهدئتها مجددا وأن تضمها لصدرها بحنان كما اعتادت قائلة : أنتي مش فاهمة اللي حصل .
نور : مش عاوزة اعرف كلامك واضح اوي ياخالتو , انتي كنتي أنانية وحرمتينى من عيلتي عشان مسيبكيش لوحدك .
الخالة هالة : نور , أنا بحبك وبعتبرك زي بنتى اللي مجابتهاش بطني.
نور : بجد؟ زي حب الدبة لصاحبها فقتلته, انتي قتلتني بحبك , ومنعتينى اشوف اللي بره العالم بتاعك , كل اللي اعرفه هو رؤيتك للحياة ومبادئك انتي , ومكنتش اعرف ان في حياة تانية .
انتي كنتي عارفة ان بابا كان متجوز واحدة تانية قبل ماما مش كدا؟
توترت خالتها وقد كانت تعرف بأنها بعد هذه الزيارة لن تعود كما كانت نور التى ربتها , وأن الماضى بكل سواده سيصيبها بالأذى الشديد.
-ايوة كنت عارفة .
اعترفت بهدوء فما فائدة الانكار؟
نور: يعني امي مكنتش ملاك زي ماكنت فاكرة ؟ و جدي مكنش ظالمها؟
اتهمت أمها بقسوة وهى غير موجودة لتدافع عن نفسها وتنفى هذه الأكاذيب
الخالة هالة: لا كانت ملاك . والله الموضوع مش زي مانتي فاكرة , لما امك قابلت ابوكي كان منفصل عن مراته فعلا بس مطلقهاش بسبب ان ابوه كان متمسك بالجوازة دي لانها بنت اخوه , وكمان كانت أم ابنه الصغير فجدك فضل أنه يظلم أبوكي ويبعده عن البيت عشان خاطرها.
ابتلعت ريقها بصعوبة وقد شعرت بجفاف فى حلقها كأنه صحراء قاحلة
اكملت الخالة هالة حديثها: وبعدين عرف أمك وكان هو حبها الأول ولم ومخباش عنها أدق تفاصيل حياته لا كمان اخد رأيها في انه يطلق بنت عمه , وهى اللي منعته من انه يطلقها الا اذا كانت دي رغبة مراته هيا كمان .
نور: بس كان عنده ابن وده اخويا , اي ذنبه انه يبعد عن ابوه؟
الخالة هالة : عندك حق يابنتي , بس ده كمان مش ذنب امك ده ظلم جدك هو اللي منع ابوكي انه يشوف ابنه مدام اتجوز واحدة تانية , ابوكي كان مضطر انه يرضى ياما يعيش وسط عيلته وابنه وثروته الكبيرة أو أن يعيش فى وحيد مع اللي قلبه اختارها.
نور: وبابا طبعا اختار الاختيار التاني .
أومأت لها برأسها علامة الايجاب وتنهدت فقد عاودتها ذكرى أيام بعيدة
الخالة هالة موضحة: كانت صغيرة وكلها حيوية ورغبة فى الحب والحياة انتشلته من عالم اليأس والغربة اللي كان عايش فيها ورجعت تاني للحياة من بعد ما ولدتك.
تدخل حسام فى الحديث بعد بقائه صامتا وهو يدير دفة الحوار لمجرى آخر: اي هو قرارك يابنت خالتي ؟ طبعا اخترتى الثروة والعز؟
كان كلامه تهكميا وهو يلمح الى أن قرارها مرده الطمع
نور: قبل ما أسمع كلامكم بالصدفة كنت اخدت قرار اني اخد خالتي حبيبة قلبي تعيش معايا فى العز زي ما بتقول, بس واضح ان كل حاجة اتغيرت دلوقتي ..
وتركت جملتها معلقة فى الهواء
اكملت نور : بيتهيألي ان خالتي مش هتمانع انها تروح تسكن معاك دلوقتي معدش في حاجة تشغلها عنك .
وكانت تقصد بكلامها أن تذّكره بضيقه لرفض أمه الانتقال لمنزله الذى يضمه وزوجته الحسناء حتى لا تتركها بمفردها فى هذا البيت
نور موجهة الحديثة لخالتها: دلوقتي بقيتي حرة .
تألمت خالتها كثيرا من لهجتها المتهمة لها وأدركت بأن الأمور قد خرجت عن نطاق سيطرتها فهى تعرف نور وعنادها وشدة تمسكها برأيها , ستأخذ وقتا طويلا حتى تصفح عنها وتصفو نفسها , ولكنها واثقة بأن هذا اليوم سيأتى لا محالة , فلتترك الزمان يداوى جراحها ويشفى آلام قلبها المتمزق.
نور : مدام ساكتة يعنى موافقة, متشغلوش بالكم بيا انا هلم حاجتي بسرعة واول ما الشمس تطلع مش هتلاقوني في البيت .
وأسرعت نحو غرفتها لتبحث عن ملجأ بعيدا عن همومها وأحزانها , كان اليوم عصيبا مليئا بالمفاجآت الغير سارة , وكان أيضا مفترق الطرق بالنسبة لحياتها التى كانت تظن أنها قد استقرت بعد صدمتها مع جاسر وافتراقهما الذى عكّر صفو قلبها البرئ النقى .
وها هى واقعة تحت رحمة شخص أشد قسوة منه , ولا يكن لها الا البغضاء والكراهية والاحتقار .
وسوف تلتقيه فى الصباح الباكر , وعليها أن تتهيأ لمقابلته التى لن تكون بالتجربة البسيطة.
سيصحبها فى طريقها لانهاء علاقتها بكل ما يربطها بالعمل وزملاء العمل بمن فيهم حبيبها السابق.
وقد تخلت عنها من اعتبرتها بمثابة أم ثانية لها عوضها بها القدر عن أمها التى فقدتها .
وحيدة ... منبوذة .... عليها أن تواجه قدرها بنفسها .
غلبها النعاس وهى تصارع أفكارها المتضاربة , وحلمت بنفسها وسط أمواج البحر الغاضبة تصارعها بضراوة وتحاول التشبث بطوق النجاة الذى ألقى اليها ,فشاهدت جزيرة قريبة كانت بمثابة الجنة الوردية فى عينيها الضائعتين وعندما جذبتها من بعيد اليد التى تمسك بحبل النجاة رأت عينان رماديتان قاسيتان فى وجه قد من صخر يرنو اليها بابتسامة انتصار.***********
نزلتلكوا بارتيناهو ياقلوبي اتفاعلوا بقي وشيروه😥🤗😘💕💕💕

أنت تقرأ
(عشقت صيادي)
Romansكانت حياتها كالبحر الهادئ بلا أمواج🏝، وما ان عصفت الريح بدفتها حتي بحثت عن شاطئ ترسو عليه سفينتها . فتحطمت أحلامها البريئة علي صخور جزيرته النائية🏕 ، ولكنها قاومت دوامة سيطرته القوية رافضة أن تغرقها في القاع . وادرك هو أن ليس كل مايلمع فهو ذهب،...