الجزء الخامس :
الأحاسيس العميقة ، مطصلح يقودنا مباشرة للتفكير في العلاقات و ما يدور خلالها ! لكن الأحاسيس لا تقتصر على هذا بل تتعدى ذلك لتشمل دائرة كل ما يحيط بنا و بيومياتنا فكل موقف نمر به يحمل في طياته أحاسيس عديدة و متنوعة لكن هناك منها ما لا نعرف سببها كتلك الناتجة عن كلمة شبه مألوفة فنتجهلها ! لكن هذا التجاهل قد يضر بنا و بالتالي علينا البحث و التحري و عدم الإستهزاء بهاته الأمور مهما بدت لنا عادية...
زوجان يمران من أمام إيمان ليصل إلى مسامعها البعض من كلامهما ، و أي كلمة تلك ! لقد كانت كلمة " سيدي " ، لا تعلم إيمان ما الذي حل بها بعد سماع تلك الكلمة لكنها استحسنتها و أحست بدغة غريبة تسري في جسدها بعد سماعها من دون أن تدرك السبب وراء ذلك ! دخلت إلى البيت و هي تحاول المقاومة و المشي بشكل طبيعي دون أن يكتشف أحد أمرها كما أبدت سعادة غامرة و أن كل شيئ يسير على ما يرام مع الأستاذ و هو ما أثلج صدر أفراد الأسرة ، دخلت إيمان غرفتها و مباشرة إلى سريرها تتأمل قدميها و ما صنع بهما اليوم و ما رسم عليهما من آثار لتحس بنشوة و سعادة جعلتها تضحك من غرابة كل هذا ! فهل هناك من ينتشي بعد الضرب!...
بعد تذكر ما جرى بينها و بين أستاذها و سيطرة الإبتسامة على محياها انطلقت إيمان لإنجاز بعض الأعمال الريفية الروتينية متماسكة متحملة ألم قدميها الذي لن يمنعها من الحركة طبعا فبالنسبة لها هي أقوى من مجرد أن تعيق بعض جلدات الحزام حركتها ، تحلب الأبقار تارة و تركض كالصغيرة وسط الأزهار تارة أخرى ، تقتلع الأعشاب الضارة و تسقي بعض الأشجار المثمرة و تخرج أحيانا بعض الخضر و الفواكه اللذيذة لتغسلها و تأكلها طازجة مستمتعة بطعمها ، توزع السعادة على كل من حولها فحتى الحقول في وجودها تبدو مبتهجة...
بينما هي على هاته الحال توقفت للحظات متسمرة في مكان واحد و قد خطرت ببالها فكرة استحسنت تجريبها ، مجموعة عصي صغيرة ليست بالغليظة ، تقدمت نحوها و جمعتها مع بعضها ، خبأتها بإحكام في ملابسها عائدة بها إلى البيت ، أمسكت بتلك العصي و بدأت تتحسس بها على مختلف مناطق جسدها ، لتنزل بعدها بأول ضربة على كتفها ، ألم من نوع جديد ، لكنه لذيذ ، ضربة أخرى على فخذها الأيسر عضت بعدها علي يدها لتتجنب إصدار أي صوت تلتها ضربة تشبهها على الفخذ الأيمن جعلتها تغمض عينيها لتتحسس كلا فخذيها بعدها و كأنها تواسيهما و تعتذر منهما عن ما بدر منها لكن هذا يتجاوز إرادتها ، لتتحول صوب صدرها و توزع عليه حصته من الغلة ، ضربتين سريعتين بالتناوب بين الجهتين جعلتاها تقفز في مكانها من شدة الألم و تضع يدها على صدرها محركة إياها بسرعة لتبدأ بعدها في توجي البعض من هواء فمها البارد صوب صدرها محاولة التخفيف عنه في حركة لو رآها أحدهم لسقط أرضا من كثرة الضحك ، لتستلقي هي بدورها و تدخل في نوبة ضحك مما حصل و يحصل معها ! غريبة أطوار فعلا!...
عادت إيمان لتكمل ما بدأته لتنهض و تقوم بتمرير تلك العصي على مؤخرتها لتنزل عليها بضربة قوية ، لكن الأمر غريب فعلا ! لم تتألم كثيرا و ها هي تعيد الكرة ثانية و ثالثة ، الأمر يزداد حلاوة و اللذة تزداد ، لما لا نواصل إذا ! فعلا واصلت إيمان و كل جلدة تنسيها في المتعة التي سببتها سابقتها ، تواصل الأمر ليشمل باقي مناطق جسدها بأحاسيس متفاوتة ، لتتوقف بعد أن أحست بالتعب لتستلقي على سريرها مجددا ملامسة مختلف المناطق التي تعرضت للألم و هي تعض على شفتيها لا إراديا ، غير مدركة للسبب الفعلي لكل هاته السعادة ، لكن ما لا شك فيه أنها تعشق الضرب!...
اتجهت لتحضير حمام مائي دافئ تضع به كومة النار ، و هي أقرب صفة يمكننا إطلاقها على جسمها بعد ما حصل له خلال هذا اليوم ، دخلت للإستحمام و بدأت بتأمل جسدها و ما صنعته به لتجد نفسها تبتسم تلقائيا بعد رؤيتها لكل هات العلامات و الخطوط الحمراء ، و كأن جسمها خرج للتو من حرب ضارية حولته من لونه الطبيعي إلى حمرة إصطناعية أقل ما يقال عنها أنها حولته إلى لوحة فنية جميلة تسر الناظرين ، أو بالأحرى الناظرة الصغيرة التي ارتمت داخل المسبح المائي الدافئ الصغير الخاص بها و هي تردد : " كيف لي أن أفعل هذا بنفسي ؟ و هل من المعقول أن يسعدني الضرب بهذا الشكل ؟ و هل من الطبيعي أن ترضيني هاته العلامات الحمراء المرسومة على جسدي بإتقان؟ ، لكن هناك شيئ ناقص فعلا ! لحد الآن و رغم أن ما فعلته بنفسي أشد مما فعله الأستاذ بي ، إلا أنني لم أصل بعد لنفس المستوى الشعوري الذي أوصلني إليه ! هذا غريب فعلا...
اتجهت التلميذة لمدرستها في اليوم الموالي و الابتسامة تملأ وجهها ، توالت الدروس لكنها لم تشبع حتى رغبتها الدراسية و العلمية ، فانتظرت حصة الأسد كما يحلو لها تسميته في خلوتها ! مر الوقت طويلا و فعلا وصلت تلك الحصة ، ليزداد التركيز و التأمل لكنه لم يكن مقتصرا على شخصه فقط بل على الدرس أيضا فهي لا تريد أن تتعرض للإحراج أمام زملائها مجددا ، و فعلا عندما حل دورها لتجيب أخرجت كل ما بداخلها لتظهر مجددا التلميذو المتميزة المتفوقة و تخطف أنظار و إعجاب كل من هم في الصف بذكائها ، أثنى عليها أستاذها لتحس و كأنه قد خطف قلبها لدرجة أنها قد نسيت نفسها للحظات و شردت غير أنها سرعان ما استفاقت ، ليتواصل ذلك اليوم الدراسي بشكل عادي...
تواصلت الأيام بشكل طبيعي و شوق إيمان للعقاب بدأ يزداد و كأنه جزء منها ! الآن بدأت تفكر جديا في ارتكاب خطأ آخر لقتل هذا الروتين الممل ولو مؤقتا ، أصبحا ترر زملائها يتعرضون للعقاب فيزداد حماسها لتبدأ محاولاتها التي تنوعت بين كلام في الصف و تأخر على مواعيد الدرس و غيرها ، لتختمها بعدم إكمال واجب منزلي قد أعطي لها ، لكن ما من استجابة ! أصبحت إيمان محتارة فعلا من هذا التغير المفاجئ في تصرفات الأستاذ فهو لا يعاقبها رغم ارتكابها للأخطاء و الأسوأ من هذا أنه يعاقب أقرانها أمامها و هو ما يشعل نار الغيرة بداخلها ! نعم غيرة سببها تلقي شخص آخر غيرها للعقاب من أستاذها مقابل حرمانها من ذلك!...
في خلوة إيمان كان لا يتردد لمسامعها سوى صدى خلفته كلمة واحدة فقط و هي كلمة " سيدي " ، هي تعرف معنى السيادة سطحيا و لكنها لا تدرك التفاصيل العميقة التي تحتويها ! أغمضت عينيها و أخذت نفسا عميقا و ما إن كررت تلك الكلمة حتى ظهر لها ذلك الشخص في خيالها! نعم إنه أستاذها ! ما هذا؟ هل سيكون من الجيد أن أناديه سيدي؟ حسنا ، تبدو كلمة جميلة و تليق به ، فلما لا أجرب !؟...
تكرر مشهد العقاب أمام إيمان دون أن تنال قسطا منه و تلعب دورا فيه جعلها تقرر في أحد أيام الدرس الخصوصي ارتكاب ما سمته " حماقة مبررة " ، فبينما الأستاذ منهمك في شرح الدرس إذ هي تلعب بهاتفها و تتعمد الإتصال بإحدى صديقاتها وسط الدرس ، التفت إليها الأستاذ متعجبا مما يحصل ! هل تتعمد هاته الفتاة أن تخطأ لتعاقب ؟ هل ما ظنتته كان صحيحا ! حسنا سأعلمها درسا لن تنساه أبدا ، غادر الأستاذ غرفة الدرس تاركا تلميذته متعجبة من ردة فعله غارقة في أفكارها لكن سرعان ما خرجت من بحر هاته الأفكار ، لكن هل تراها تخرج منه سالمة أم غريقة ميتة ، فما رأته بين يدي أستاذها كان كفيلا بأن يجعلها تسرح بخيالها بعيدا لتحس بالألم الشديد في مختلف مناطق جسدها حتى دون أن يلمسها أحد...ترى ما الذي رأته إيمان بين يدي الأستاذ؟ و لما تألمت دون أن يلمسها ؟ و ما الذي سيفعله بها ؟
سنعرف كل هذا لكن في الجزء القادم
#الماستر_الغامض