اقتباس متقدم 🙈🔥
نوح - رحيل❤
****منحورة بسكين عشقه.. مغدورة بذنب هواه.. مقتولة في درب حربه..
وهو المذنب..
والجاني هي!
وعلى الجاني أن يتحمل عقابه كما ينص قانون الحياة.
نعم هو مذنب لأنه كان في الماضي غارقًا في حياته حد عدم الرؤية..
عمله كان ملاذه.. قوقعته العازلة عن العالم حرفيًا.
كل تركيزه كان فيه.. مستقبله كان شغله الشاغل ..
يحبها نعم ولكن لم يرها ولم ينتبه للخطر حولها...
تركها تحترق بنيران حروب ما حولها
والحمل ثقيل.
الذنب قاتل..
ذنبها ينهش روحه مع الأيام..
كيف يعوضها؟
كيف يمسح عن مقلتيها غيمة الألم الكثيفة بينما هي لا تسمح؟
إنها لا تدعه يقترب خطوة.. لا تفتح له زاوية ولو صغيرة من نافذة روحها..
هو لا يريد الكثير.. أن تتركه يساعدها وبجانبها هذا غايته الوحيدة..
يريدها فقط أن تحيا
وهي لا تفعل سوى أن تجرح.. تؤلم.. تهاجم.. ترفض.. !
حقها أن تفعل الأكثر وهذا أيضًا يدركه..
لكن ما الحل؟
مر فترة والوضع على ما هو عليه بل أسوأ..
انتقل معها لمنزل آخر واختاره صغيرًا بغرفتين ومساحة تناسبهما كي لا تضيع عن ناظره فيه.
أهمل عمله بشكل ملحوظ وابتعد عن عائلته ولا يتركها تقريبًا..
يخشى أن يغفل عنها للحظة فتؤذي نفسها ولا يلحقها تلك المرة..
هي وحيدة.. تائهة.. مدمرة وهو فاقد الحيلة أمامها..
لو فقط تسمح.. تفهم.. وتساعده كي يساعدها..
لو..فقط!
كانت كل تلك الأفكار تداهم عقله بينما يتجه للمطبخ من أجل كوب قهوة يشتهيه رأسه المنتفخ وبشدة ولكن ومن سوء حظه كانت تخرج منه في نفس التوقيت! كلاهما شارد في نفس الدوامة.. كلاهما لم يشعر بوجود الآخر سوى لحظة الارتطام..
نتج عنها سقوط كأس الماء من يدها ليتهشم أمامها.. وتتهشم روحها معه..
لمسته أرجفتها..
أغمض عيناه باختناق.. وداخله يلعن الحظ بينما لسانه يتحرك بأسى:
- آسف.. مقصدتش..
تهز رأسها بتفهم بينما دموعها تحكي حكاية معاكسة.. دموعها مقهورة.
وجسدها يرتعد..روحها تتألم في صمت دون صوت..
تنحني لتلملم الزجاج المكسور فيعاتبها:
- ابعدي هيعورك..
فترفع ناظرها نحوه في هجوم رافض لأي اهتمام من ناحيته:
- لحد امتى العذاب ده؟
ترتفع نبرتها:
- هتفضل تعذبني لحد امتى؟
تنهض.. تواجهه بعين تملأها الحقد:
- شوفت بنفسك انا وصلت لايه؟
تصرخ فيه:
- مش عايز ترحمني وتسبني في حالي ليه؟
عندها يقترب منها خطوة.. يزفر اختناقه.. يستدعي صبرًا بدأت تنفذ مخازنه:
- لو سبتك..
يبتلع ريقه..ويجز على أسنانه بعدم اقتناع:
- هتكوني كويسة؟
يقترب منها بوجهه أكثر.. ينتظر منها الرد والوعد:
- لو توعديني بده أنا هطلقك وأبعد حالًا..
نظراتها احتدت.. ولكن شفتيها كانت تتردد! تفرجهما لتجمع كلمة ثم تغلق أبوابهما في وجهه قبل أن تلفظ بها..
لا تريده يرحل وتلك حقيقة..
لا تستطيع أن تواجه كل هذا الألم وحدها..
لم تنطقها ولكن استبدلتها بأخرى أصعب تأثيرًا عليه و..عليها:
- عارف!.. أنا بكرهك.. بكرهكم كلكم!
ثم رحلت تركض حتى غرفتها وتغلقها عليها..
وهو...
هو بعدما استفاق من توابع الجملة اتجه نحو الشرفة..فتحها يتنفس..
يعقد محاكمة هو المتهم الوحيد فيها..
يحاصره اليأس ويقتله ملاكها الحارس..
يطعنه ويطعنه وهو لا يحق له الألم..
هو المذنب الوحيد هنا...
وهي ضحيته..
بل ضحيتهما!
يغمض عيناه يتذكر اكرم. . يتمنى عودته ليسأله أما كان هناك حل أفضل من هذا؟
أيستحق هو كل هذا الاثم الكبير والعذاب الذي لا آخر له؟
يفتحهما على صوتها بينما تخبره بصوت باكي بالكاد ميزه:
- مش بكرهك.
التف ناحيتها بذهول ليجدها تجلس على الأرض.. مستندة على باب الشرفة الزجاجي.. منهارة.. مجهدة .. باكية.. وملامحها تعتذر!
- عمري ما كرهتك..
تؤكد لها بكل ما فيها:
- عمري ما هكرهك..
تتحرك أناملها لتمسح دموعها:
- أنا تعبانة اوي..
يجلس بجانبها في صمت ويحافظ على مسافة لا تزعجها بينما تخبره:
- تعبانة وعاجزة.. وبطلع فيك كل العجز ده..
يهز رأسه بتفهم.. ينقل لها رضاه بكل أريحية:
- لو ده هيريحك.. طلعيه فيا..
تسأله بانفعال.. وانزعاج:
- ليه؟.. ده شفقة وعطف منك مش كده؟ .. نوح انا مش عايزه ده
لماذا يتحمل ثوراتها وانهياراتها..
لعناتها وهجومها ولومها المتواصل..
لماذا لا يتركها.. يهجرها كما تفعل كل الدنيا ويرحل ببساطة..
وهو يرى كل أسئلتها في عينيها..يتنهد.. ينطق بتعب:
- انتي عارفه انا ليه بعمل كل ده.. غير كده .. حاسس اني سبب في اللى انتي فيه
تهز رأسها برفض.. إن كانت تلومه من قبل فهي على إدراك أنه لا ذنب له في تلك الحكاية.. .. هو يتحمل ما لا يفعل فقط لأنه حي الضمير:
- مكانش بسببك..
وتتوقف.. تبكي.. تلتقط أنفاسها ثم تعود:
- أنا نفسي أكون كويسة.. والله نفسي..
تضع يدها فوق صدرها تمنع تهدجه:
- بس كل ما افتكر ان رحيل بتاعت زمان هي هي رحيل بتاعت دلوقت أعرف إني استحالة ابقي كويسه ،بحس اني بموت..
تمرر أناملها فوق خصلاتها ودموعها تزداد فيض:
- بموت وبموت.. كل يوم بموت..
يهز نوح رأسه بنفي.. أسف لها على كل شيء:
- مش هترجعي رحيل النضيفه بتاعت زمان ولا تنسي اللي حصلك..
تتجمد عيناها بصدمة ويؤكد حديثه:
- مش هكذب وأقولك شعارات.. دي مش حاجة ممكن تتنسى..
يغمض عيناه ثم يفتحهما بإرهاق ينهش كامل جسده:
- مش هتنسيه.. بس ممكن تتخطيه وتكملي..
يهديها بسمة تطمئنها.. يخبرها عن طريقها أنها ستكون بخير فقط تريد:
- هتكوني رحيل جديدة.. وهتكوني فخورة بيها وتحبيها وتعدي معاها كل ده..
تسأله بشك.. والدموع تغرق وجهها:
- كل ده ممكن يعدي؟
- هيعدي.
يؤكد فتسأل من جديد.. بتمنى.. حلم.. وخوف:
- هتعرف تخليه يعدي؟
يهز رأسه بنفي فيصدمها من جديد:
- للأسف أنا مش ساحر هقرا تعويذة وكل حاجة تخلص بعدها..
يشير إليها بتأكيد حازم:
- القرار ده بتاعك لوحدك..
دموعها تتوقف لتتابع ما يقوله:
- هيعدي لو إنتيِ عاوزة ده..رحيل مش ملوثه .. رحيل بريئه ، رحيل تستاهل تعيش! .. رحيل هي اللي هتقدر تاخد بايد رحيل و ترجعها اقوي من الاول!
يضع في قبضتها الحل الذي لا يوجد سواه وكانت ترفضه:
- لازم تبتدي علاج يا رحيل..
ينطق بينما عيناها تمنحها كل الثقة:
- مشوار طويل بس لازم نمشيه للآخر..
تشرد في ملكوتها وتعود..تسأله بتردد:
- ولو ضعفت.. جربت امشي وبعدها وقعت؟
- تقومي وتكملي..
- ولو تعبت؟
- وقتها تقاومي..
تغمض عيناها ويتسرب إليها القلق:
- ولو خوفت؟
تهدأ نبرته.. توصل لها راحة وأمان لا آخر لها:
- أنا هكون جنبك متخافيش..
تهز رأسها بتفهم وبموافقة ثم تنفجر شلالات الدموع..
تكتفي بوعده.. تشكره في صمت لأنه بجانبها دون شروط..تنهض.. تركض لغرفتها باكية من جديد..
وهو..
هو ينتهد براحة...
فتلك بداية على الأقل..