1:32

137 9 14
                                    


إدراكُ أنكَ تعيشُ من أجلِ الجميع إلا نفسِكَ كانَ مُؤلماً لي بَعضَ الشيء؛ أَسقطنِي في هُوة من الذكرياتِ المُزيفةِ، والمشاعرِ التي يَطفو رمادُها في الأجواءِ كُلما أحترقَ قلبي لأنيَ أَردتُ شيئاً سَيفقدُني كُل شيء؛ أردتُ الهربَ إلى مكان ما، مَكانٍ أُطلقُ فيه العنانَ لخيالاتيَ ومشاعريَ لتتراقصَ حول عقلي لتُفقدني صوابي عَلِّي أجدُ نفسي، وكان هذا المكان أنتِ. كُلَ يوم كُنتِ تَنسجينَ شِباككِ حول كَياني لأفقد معكِ كل حُزنٍ مُمكِن، وكُل زيفٍ في حياتي كنتِ تَلغينَ وقوعهُ بحضوركِ في كُل مكانٍ قَيدني واقعي بالتواجدِ فيهِ. كُنتِ تَبتسمينَ لي دائماً، ابتسامةً كتلكَ التي تحملُها شفتاكِ الآن، وعيناكِ تُخبرُني بِكَم الحُبِ الذي أكننتِه لي، تُشاهدين أيامي الرتيبةِ ويمنحُني حُضوركِ شُعوراً بالحياةِ أفقدتني إياهُ حياتي.

- راين، سيتأخرُ الأولاد عن المدرسة بينما تحدقُ في اللامكان!

نظرتُ إليها في حَنَقٍ؛ زوجتي. تُشبهكِ كَثيراً ولكِنها ليست أنتِ. لم أُعِرها أهتماماً حينما أومئتِ لي أن أذهب، تلكَ النظرةُ أخبرتني أنك سترافقينني ككل يوم.

-هيث، رايڤِن، هيا لنذهب.

ناديتُ طفلاي بينما ناولتْهُم والدتهُم حقائبهُم وقَّبلت جبهاتهِم بحنانٍ مُصطنع، مُصطنعٍ كتلكَ القُبلة التي قَبلتُها مُتبعَةً بإبتسامةٍ مُجبرةٍ بينما توجهتُ للسيارةِ، أحببتُ أنك تتواجدينَ في كُل مكانٍ وأن زيفها لا يُثيرُ غيرتكِ، أحببتُ كيف تطالعين الأولاد بحبٍ أكثر منها.

الطريقُ لم تكُن هادئةٍ تماماً، مَلئت ثرثرةُ هيث ورايڨن الطريقَ كانا سعيدينِ -على غير العادةِ- لذا كُنتُ كذلك، طالما ثلاثتكُم بجواري فإني بخيرٍ تام. كعادتكِ شَّبكتِ أصابعنا وضغطِ على يداي مُطَّمئِنةً، وعيناكِ أخبرتني أننا سنكونُ بِخيرٍ يوماً ما. أوقفتُ سيارتي أمامَ المدرسةِ مراقباً كَيفَ التفّتِ لتطمئنِ إلى دخولِ الأولاد بِسلامٍ ومِن ثم أرسيتِ رأسكِ على كَتفي.

في اللحظاتِ المُشابهةِ أتسائلُ كَيف لا يراكِ أحدٌ غيري لأنكِ أصدقُ الأشياءِ في يومي، تُداعِبُ أنفي رائحةُ عِطرُكِ ويقشَّعِرَ جسدي من لمساتكِ ولربما يوماً سنتحدثُ مُجدداً بَعدما سادَ الصمتُ بيننا لوقتٍ طويل، أعلمُ أنك تُفضلينَ أن تَنعمِ بِالأطمئانِ بجواري بينما تَتَحدثُ قلوبُنا نيابةً عنا. لطالما أحببتُ أختيارتكِ للأغاني في الطريق إلى العمل، مُؤخراً أصاب الحزن موسيقاكِ، وضربتها نفحاتٌ مِن الحنينِ إلى الماضي.

وصَلنا لشركتي، كُنتِ تَعملينَ مُصممةَ أزياءٍ هُنا ولا أُحبُ أن أتذكر كيف استَقلتِ. الميزةُ الوحيدةُ في الأمرِ أنك الآن تُرافِقينني دوماً، تَستَلقينَ على أريكَتكِ المُفضلةِ في مَكتبي مُحدقة بي بَينما أعمل. أتذكرُ كيف كنتِ تزورين المكتبَ يومياً في الواحدة والنصف وكيفَ كنتِ تغارين مِن كاثرين السيكارتيرة لذا أعتدَتُ يومياً أن أرسلها لجلب القهوة في الواحد واثنان وثلاثون دقيقةَ لِيفرُغَ لنا بَراح مِن الوقتِ حتى إنتهاء وقتِ الغداء.

1:32حيث تعيش القصص. اكتشف الآن