الفصل الأول "الليلة السوداء"
__________
قبضت على ذراعها بكفها لتمنع سيل الدماء المندفع والناجم عن الرصاصة التي اخترقته، وبيدها الأخرى كانت تمسك ما يدعى بالذاكرة الصغيرة المتنقلة، التي انتزعتها من الحاسوب الرئيسي للمبنى، هرولت داخل الممر المظلم وهي تسمع أصوات وقع أقدام تقترب منها بينما تكتم تآوهاتها بصعوبة، بعدما كشف أمرها على الرغم من تسللها في منتصف الليل، لحظات عصيبة مرت قبل أن تنجح بالوصول إلى دراجتها النارية، لتنطلق بها مبتعدة عن المكان بأسرع ما يمكن
كادت أن تتنهد بإرتياح عندما غاب ذلك المبنى عن ناظريها، لولا رؤيتها لعدة سيارات تندفع نحوها بإستماتة عجيبة
سحبت سلاحها في إستعداد للمواجهة بينما قامت بإبطاء سرعة دراجتها تدريجيًا، وفي غضون ثوانٍ نشبت معركة بين الطرفين بددت سكون الليل وبدأ التراشق بالرصاص، كانت الغلبة لها في معظم الجولات لما لها من خبرة تفوق المتمرسين، ولكنها لم تحسب حسابًا لما قد يحدث لاحقًا، فقد حاصرتها سيارتان
على حين اخترقت رصاصة إحدى إطاري دراجتها ففقدت التحكم الكامل بها
وفجأة صدمتها إحدى السيارتين بقوة، كان الإرتطام كفيلًا بجعل دراجتها تدور عدة مرات قبل أن تقذفها لتصطدم بالأرض، تزامنًا مع تناثر الدماء من حولها، سكن كل شيء فجأة، ومرت الثواني تتلوها دقائق قبل أن تفتح عينيها ببطء، كانت رؤيتها مشوشة للغاية، ولكنها استطاعت التعرف على ملامح ذلك الرجل الذي يقف بجوارها، مزينًا ثغره بإبتسامة منتشية ..
همست بصوت لا يكاد يُسمع:
- خـ .. خائن
ثم أغمضت عينيها لتذهب في سبات طويل، ربما طويل للحد الذي لا حد له ...
*________________________*
في ولاية "فرجينيا" القابعة في الولايات المتحدة
استنشق عبير باقة الزهور التي يحملها بين يديه بسعادة غامرة، ها هو اليوم الذي انتظره بفارغ الصبر منذ ما يقرب الشهرين، اليوم ستستيقظ هي من غيبوبتها التي حرمته من التطلع إلى عينيها الجميلتين طوال تلك الفترة
يشعر بأن قلبه يكاد يقفز من فرط السعادة كلما اقترب أكثر نحو الغرفة التي تقبع بها
منذ أن أخبره الطبيب بذاك الخبر والإبتسامة لا تفارق وجهه، بل وقدماه تسابقان الريح ليصل إليها في أسرع وقت
وقف أمام الغرفة محدقًا قليلًا في ذلك الرقم الذي يعلو بابها، كان ذلك قبل أن يأخذ نفسًا عميقًا ويطرق الباب ليدخل بعدها على الفور دون إنتظار أي رد ..
طالع بعينيه طاقم الأطباء وهم يلتفون حولها للتأكد من سلامتها، بينما لمح بطرف عينيه بشرتها ذات اللون الخمري، التي تتناثر فوقها خصلات من شعرها الأشقر، وعينيها ذوات لون العسل مفتوحتان على وسعهما، لتبدو كلوحة عريقة تبرز جمالها الطبيعي
أنت تقرأ
بيدق الحب ... للكاتبة بوسي شريف
Romanceعادة ما تخلف الصراعات الدمار، الدماء، وايضًا الذكريات المؤلمة التي تستحيل إلى كوابيس تطاردنا خلال يقظتنا قبل نومنا، ولكن أن يخلف الصراع قصة حب تسطر في تاريخه، فهو أمر يدعو إلى الحيرة ..