﴿ الـفـصل الـتَـاسّع ﴾

27.2K 1.4K 140
                                    

﴿ الـفـصل الـتّـاسع ﴾
              ﴿ عَــوْدَةٌ ﴾
﴿سلسلة للحب شعائر خاصة ﴾


الكلمات بدون أفكار قلمًا ترتفع إلى فوق

ويليام شكسبير


نهضت بفزعٍ من على الفراش عقب ما داهمها حلمها من جديد و هي تتصبب عرقًا من كل إتجاه، هدأت انفاسها شيئًا فشيء قبل أنّ ترفع رأسها تتطلع إلى ارجاء الغرفـة ما لبث أن توقف بؤبؤ عينيها على رجل يبدو عليه أنه في منتصف عقده الخامس و رغم ذلك يمتلك حضور طاغ بجانبه سيدة يبدو أنها زوجته من ملابسها المترفعة الباهظة و انتهت بشاب يبدو عليه أنه في ريعان الزهور يتطلعون ثلاثتهم لها و الخوف مسيطر على وجوهم  فقالت السيدة بصوت قلق مضطرب:-
-إنتِ كويسة؟!

نظرت لها سـلا لدقيقة قبل أن تحرك رأسها إيجابًا و همست بصوت خافت:-
-أنا فين؟! و إيه اللي جابني هنا و أنتوا مين!! آخر مرة كنت في المستشفى و حد دخلي. 

و عند تلك النقطة انكمشت في نفسها و اهتزت مقلتيها برعب بادي على ملامح وجهها بينما التفت مُنى إلى زوجها تحاول استشعار صدق كلمات تلك الفتاة و عن أي مشفى تتحدث إلا أنها قابلت ذلك بسخريـة لاذعة متبينة من ملامح وجهه الابية و لم يعيرها حتى اهتمام الرد أو القاء نظرة مطمئنة لها بل كامل تركيز منصب على تلك الفتاة و الملامح الشبيه بشخص يعلمه عن ظهر قلب،  تقدم منها بخطوات هادئة يجلس على الكرسي المقابل للفراش و قال بصوت حنون يحاول به بعث الدفء و الأمان فيهم:-
- متقلقيش  إنتِ هنا في آمان ، ماحدش يقدر يقرب منك طول ما بقيتي في حماية الطوفان. 

رفعت مقلتيها المهتزة برعب اندمج مع الحيرة و لكنها لم تدم طويلًا حيث تحول سكوتها إلى صراخ هستيري حينما دلف عدة رجال مرتدين الذي الأسود مشهرين اسلحتهم في الهواء و بدون سابق إنذار ارتفعت طلقة في الهواء  فصاح زين في اولاده الذين دخلوا بتلك الهمجية برفقة الحرس الخاص بهم:-
-نزل الزفت بتاعك منك ليه ، البنت هتموت من الرعب. 

صمت غلف المكان لدقيقة عدى صوت صرخاتها ليدخل يـم مسدسه في الجراب الخاص به و قال بنبرة لا تقبل النقاش:-
- بــــــــــرا. 


تبادل الحراس النظرات فيما بينهم قبل أن ينصاعوا لأمره بدون أي كلمة أخرى بينما سارع يـم بالذهاب إلى نجم عقب ما خرج الحراس يلحم يده في وجهه يسأله بقلقٍ غير عابئ لأمه التي ذهبت إلى سـلا كي تهدي من روعها و هي على مشارف الانهيار:-
- إنت كويس ؟ ، فيك حاجه ؟ ، حاسس  بحاجة ؟ ، ما تـــــــــرد  يا نجم ، مالك ساكت ليه ؟!! 

نظر نجم إلى أخيه بصدمةٍ من رد فعله المبالغ بها و قال:-
-أهدى يا يـم اهدى ، مافيش حاجة حصلت أنا كويس .

و كأن حديثه كان الإشارة الخضراء فاندفع يعانقه بقوة خشية من شيء يجهله نجم و ما كان عليه إلا أن يرتب على ظهر أخيه يدعمه معنويًا حتى لو لم بكن يعلم ماذا حل بـه في تلك اللحظة اندفع صوت زين الحازم:-
- يـم نجم كويس اهو مافيش حاجة حصلت لكل ده بلاش تعمل في نفسك كدا و ارحم نفسك  . 

أغمض يـم مقلتيه يحاول تنظيم وتيرة أنفاسه و هتف بصوت رخيم مجهد:-
-أنا كويس

بينما كان فهد يتابع ما يحدث صامتًا فقط يجول بأعينه على تلك المشاهد المتفرقة و من بالغرفـة و قد لاحظ اختفاءها فانتفض يهتف متلهفًا:-
-جنة فين؟!

هنا لاحظ الجميع اختفاء المدللة الصغيرة للعائلة فقال زين بصدمةٍ:-
- ديه مش معانا!!.. قولت ليها تطلع بس مش عارف راحت فين !

صدح صوت فهد الحاد:-
-مش عارف راحت فين و ربنا أنتوا بتهزروا.

و لم ينتظر دقيقة أخرى بل اندفع للخارج يأكل الأكل اكلا أسفل قدميه  بحثًا على حبيبة الفؤاد ليبتعد يـم عن نجم يهتف بنبرة محذرة:-
- خليك هنا و ما تتحركش.

غمغم نجم بذهولٍ:-
-مالك يا يـم في إيه النهاردة

صاح يـم بغضبٍ:-
- اسمع الكلام مرة يا أخي  متبعدش عن أبوك فاهم.

حرك زين رأسه بيأس و قال مهدئًا لغضبه نادر ظهوره:-
-متقلقش عليه معايا روح يالا شوف بنت عمك فين. 


ألقى له يـم نظرة اخيرة مطمئنة ليخرج سريعًا من الغرفـة تحت انظار منى المتمسكة بها برعبٍ من الذي حدث منذ قليل
■■■■■
فـي غـرفـة جـنـة

تجلس متكورة على نفسها بجانب الحامل الخشبي للوحة الرسم دافنة رأسها في قدميها و صوت تلك الطلقة الناريـة لازال يتردد في أذنها مثل السهم الحاد تنوح بصمتٍ مقطع لنياط القلب، خوف مستعر يتملكها غير قادرة على تفتتيه تلك الطلقة لا تعلم مصدرها و الخوف الأكبر من أن تكون اصابت أحد عائلتها تحديدًا فهد و عند تلك النقطة انفجرت باكية رغمًا عنها و لا تعلم متى أو كيف دخل هو كل ما جعلها تشعر بوجوده رائحة عطره النفاذة  كعادتـه لترفع وجهها عن قدميها تنظر له بلهفة ظننًا منها أنه حلم و لكن ما قطه الشك باليقين صوتـه الخافت:-
-جنة. 

اندفعت في صدره بدون سابق إنذار متمسكة بدفة قميصه بقوة تجذبه تجاهها خوفًا من فقدانه من جديد!! و رغم عنف فعلته قابل ذلك بصدر رحب مرتبًا على خصلات شعرها بحنوٍ مغمغًا بصوت هادئ يبعث الدفء في قلبها المرتعد:-
- خلاص يا جنة اهدي يا حبيبتي مافيش حاجة حصلت. 

دفنت رأسها في رقبته و هتفت بتشنج من أثر البكاء:-
-أنا سمعت ضرب نار.

مسح على خصلات شعرها بحنوٍ و لثم قمة رأسها بخفة و قال:-
-أهدي مافيش حاجة أنا جنبك. 

نظرت له بأعين حمراء مبللتين من أثر الدموع و هتفت بخوف:-
-يعني إنت كويس؟

إبتسامة صغيرة التصقت على شفتيه و هتف بخفوت:-
- و الله كويس ، مافيش حاجة و بعدين أنا في حضنك أهو. 

ضغطت على دفة شفتيها في محاولة منها لمنع بكائها لكنها لم تستطع فانفجرت باكية رغمًا عنها  ضاممة رأسه إلى صدرها بعد أنّ غلغلت خصلات شعره بقبضتها، دلف يـم إلى الغرفـة بـ اعتبار الباب مفتوح  ليقابل مقلتيه ذلك المشهد عقب ما دلف أول خطوة للداخل،  إبتسامة صغيرة شقت مرمى بصره قبل أنّ يجذب الباب خلفه خفية بدون أن يلاحظا وجوده واثق تمامًا في شقيقه
■■■■■

يقف أمام كيس الملاكمة يلكمه بكل ما أتاه الله من قدرة  و عقله كشريط يمرر أمامه ما حدث تلك المدة و بدون سابق إنذار تراقصت ذكرى على عقله مجبرة إياه على تذكر الماضي برفقة شقيقه و توأمه « يامن «

عودة لعدة سنوات سابقة

كان يجلس يـم أمام حاسوبـه المحمول يتصفح إحدى وسائل التواصل الإجتماعي و باليد الأخرى يمسك كوب قهوتـه الخاص يرتشف منه بتمهلٍ بطيء مستمتع بمذاق القهوة الإسبانية الخاصة غير عابئ بذلك الذي يكاد يموت غيظًا منه  فهتف يامن بأعين ضيقة حادة:-
-يعني برضو لا؟!

رفع يـم مقلتيه من على الحاسوب بجديـةٍ و تحدث في موضوع آخر تمامًا عن الذي يتحدث فيه يامن:-
- مش هتسافر معانا إسبانيا هنروح نحضر الديربي بين برشلونة و ريال مدريد  بحجز التذاكر و هنقضي باقي الشهر هناك  فهد مسافر معايا  زين وافق على فكرة لو ده اللي منعك و سهم هينزل لينا من أمريكا على هناك. 




صاح يامن بغضب : أنت هتشلني ديربي إيه ده اللي عايزني اروحه  أنا مبحبش الكورة أنا  بعدين بكلمك في موضوع و أنت بتتكلم في موضوع ثاني خالص  قاعد بقالي ساعة  بتحايل على البيه عشان يغني و رافض. 

أغلق يـم الحاسوب و هتف برفض قاطع:-
-انسى يا يامن

أمسك يامن كتفه و تحدث برجاءٍ:-
-يا يـم بقى إحنا لوحدنا في الجناح و ماحدش يقدر يدخل منه غير من الباب الأساسي بتاعه  غني نفسي اسمع صوتك. 


اتكئ يـم بظهره للخلف و هتف بضيقٍ:-
- تصدق أنا غلطان إني قولت ليك اني بعرف اغني و الله الغلط عليا .

تشدق يامن ساخرًا:-
- قولت ليا !!! ده لولا أنا سمعتك بالصدفة  ماكنتش هتنطق بحرف و كنت هتفضل مخبي عليا على طول  ده أنا كل حاجة بعملها بقولك و أنت على طول مخبي كل حاجه عني

وضع يـم يده على كتفه و هتف بصدقٍ:-
- كل واحد و ليه طريقته  أنا مش بحب اتكلم عن حاجة تخصني كثيرو أنت أكثر واحد تعرف عني و مافيش حد يعرف غيرك أنت و فهد و أمينة. 




و لم تكاد تمر ثانية إلا  أن دلف فهد للغرفـة حاملًا على ظهره حقيبة تمرينه و تهادى بجانبه على الاريكة الطولية أمام شاشة التلفاز في الغرفـة و قال بصوت متعب:-
-قلب فهد و الله يا بحر. 

رفع حاجبه و تحدث متبسمًا:-
-يا رجل. 

وكزه فهد في كتفه مشاكسًا محاوطًا رقبته بساعده:-
-عندك شك في ده.  

نزع يامن يدي فهد من حول رقبة توأمه و جعله يجلس بجانب تحت ملل أخيه الذي تحدث بـ انفعال:-
- اتهد بقى 



نظر إليه يامن و تحدث بضيقٍ:-
- استنى أنت دلوقتي. 

قلب يـم عيونه بملل بينما التفت يامن إلى فهد الذي ينظر إليه بحاجب مرتفع ساخر:-
-أولاً ايدك جنبك و هو معايا  ثانيًا متقربش  منه كدا ثاني يا حشري و مالكش دعوة بينا أنا و توأمي حريين و إنتَ ايه اللي دخلك في الموضوع يا حشري  و لو هيغني فده عشاني أنا

مال فهد في جلسته و قال بتحدٍ:-
- يامن  بلاش تتحدى الفهد يا بابا ماشي و  لا لا عشان القطط اللي زيك  مش قد الأسود  يـم ده أخويا ذي ما هو اخوك  يعني مالكش الحق تقول اقرب منه او لا  فاهم يا عم الحلو

رد يامن بصوت ساخر:-
- تصدق خوفت كدا لا يا بابا انسى ده توأمي و اكيد لو هيختار هيختار  توأمه و هو هيغني عشاني و بعدين إنت مش بتكلم المايعة بتاعتك ليه ؟! جاي تفرقنا و خلاص. 

نظر له فهد بنظرات ناريـة مشتعلة بالتحد و أردف قائلًا:-
- ناردين اسمها  على فكرة مش مايعة  يا محترم

لوح يامن بكفه و قال باستفزاز:-
- قصدك نار جهنم مش ناردين ديه مدوراها يا عم الحج و إنت قرطاس

عقب كلماته تلك لم يقدر يـم الذي كان يتابع الحديث منذ البداية هو صامت الصمود اكثر من ذلك و انفجر في الضحك عاليا و لم يستطع السيطرة  على نفسه ليهدر فهد بغضب و صوت عالٍ:- يـــــــــــــــــامــــــــــن !

نظر يـامن  إلى فهد باضطراب  من ملامحه الواضح عليها الغضب و أن نهايته بلا محالة الآن فنهض سريعًا و ركض إلى الخارج  خلفه فهد الذي يتوعد إليه بالكثير 

■■■■■

أصعب معركـة في حياتك عندما يدفعك الناس إلى أن تكون شخص آخر

ويليام شكسبير

آفاق على كيس الملاكمة  الذي وقع أرضًا عقب آخر لكمة اطاحت بـه أرضًا فرفع يده إلى مرمى بصره وجد الشاش الأبيض الخاص باللعب تحول إلى قطعة حمراء من دماءه النافذة من يده من عنفه الذي بلا مبرر، نزع الشاش بلا أدنى اهتمام و ألقاه أرضًا قبل أن يجذب منشفة بيضاء يمسح بها صدره من فرط المجهود الذي بذله و أنفاسه العالية تكاد تشق راتيه من قوتها،  و شيء واحد في رأسه يأكله الماضي عاد بقوتـه و حضرتـه الطاغية عاد
بقسوتـه و لاذعة واقعة عاد و لكن هيهات لم يعود ذلك الصبي المراهق بل أصبح رجل يافع يهتز على إسمه رجال أكبر منه سننًا و بدون مقدمات اجفل من شروده على صوت هاتفه الذي صدح بمكالمة و عقب ما رأي الاسم تأفف بنفاذ صبر و أغلق الهاتف في وجهه
و جذب زجاجة الماء يتجرعها على دفعة واحدة قبل أن يلقيها أرضًا بعنفٍ و جذب تيشيرتـه يرتديـه و هو خارج من الغرفـة في نفس وقت دلوف الخادمة التي اصطدمت بصدره فشهقت بخجلٍ مُتمنية أن تنشق الأرض و تبتلعها في تلك اللحظة خاصةً بعد ما رأت صدره العاري فجعل وجنتيها تشتعلان خجلًا رغمًا عنها...  ألقى يـم لها نظرة ساخرة قبل أن يذهب للخارج متخطيًا إياها بدون قول كلمة واحدة كعادتـه و هي بدل من دخول الغرقـة بدلت مسارها و ذهبت تجاه المطبخ برفقة زميلتها بعد ما شعرت أنّ قدميها تحولت إلى هلام غير قادرة على الوقوف عليها

■■■■■

صعد يـم إلى غرفته الخاصة الكامنة في الدور الأخير و قبل أنّ يدلف إلى الغرفة وقف أمام الباب لثانية قبل أنّ ترتسم بسمة ساخرة على شفتيه قبل دلوف غرفته أصبح يأخذ الإذن طفلة لا تتعدى خصره قلبت حياته في يوم واحد و أصبحت مثل اللعنة  لم يعرفها سوى من يومين  و انقلبت حياته رأسًا على العقب
...  زفر بسأم و رفع قبضته المصابة يطرق على الباب ثوانٍ قبل أن يسمع صوت والدته التي سمحت له بالدخول،  تنهد تنهيدة قويـة نابعة من أعماق قلبه و دلف إلى الغرفـة ليجدها تأخذ سـلا بين احضانها و تمشط خصلاتها بـ اصابعها بينما الأخرى مستنكينة تمامًا بين احضانها كأنها معتادة على ذلك و أول ما طرأ عقله من هدوئها المبالغ بـه أنها لا تجد الحنان وسط عائلتها الأصلية و هناك لغز عليه معرفته و رغم روح الضابط التي بداخل ابتسم بسخرية مريرة على والدته التي اقامت عليه الحد لوجودها و الآن هي تغدقها بحنان لم يراها منها سوى أيام الطفولة لكنه تجاهل انظارها المسلطة عليه و التفت ينتظر إلى سـلا و تحدث بنبرة رجولية هزت كيانها:-
-   عامله ايه دلوقتي ؟!


نظرت له بأعين مبللتين حمراء  و حاولت اجلاء  حلقها بعد حمحمة خفيفة:-
-الحمد لله أحسن

استند يـم على الباب  و عقد ساعديه  أمام صدره قبل أن يقول:-
- معلش على الرصاصة اللي طلعت ديه كانت مني  سمعت صوت صراخ هنا علي العموم  إنتِ  دلوقتي احسن  و كمان في آمان و ماحدش هيقدر يقرب منك  . 


هتفت بصوت متحشرج من أثر الصراخ  مغلف إياه بكاء:-
- بس أنا جيت هنا ازاي.

نظر لبندقيتها الناعسة لثانية و قال بتريثٍ:-
- وعد لما ارجع هتكلم معاكِ عشان عايزك إنتِ كمان البيت بيتك بس دلوقتي مش فاضي لكن قولت اطمن عليكِ  و واضح أنك احسن على العموم مضطر امشي دلوقتي  و كويس أن الرصاصة جات بفائدة في الكلام معاكي

ألقى نظرة أخيرة عليها قبل أنّ يلتفت يذهب خارج الغرفـة بدون حديث تحت انظار سـلا المدهوشة من ذلك الكائن البارد و لما كل تلك الكمية من البرود الممتزجة مع الغرور في شخص واحد! و لكن ما قاطع شرودها صوت مُنى الحاني:-
- عن اذنك هروح شويـة و جايـة البيت بيتك طبعًا ذي ما يـم قال. 

أمسكت سـلا رأسها بين يديها و هتف بضياع:-
- أنا مش فاهمة حاجة أنا جيت ازاي  و الثلاجة اللي كان هنا متكلمش كلمتين على بعض  طب هيرجع أمتى؟! 

وضعت مُنى يدها على كتفها ترتب عليه رغم تلك الرغبة القاتلة التي تحثها على الانفجار في الضحك:-
- متقلقيش هيرجع كمان يومين كدا اهدي إنتِ بس يا آ

هتفت سـلا بخفوتٍ و هي تمسح تلك الدمعة التي فرت منها و قد شعرت براحة  تجاه تلك المرأة:-
- سلا اسمي سلا .



نظرت لها مُنى لفترة ليست بهينة حتى تعجبت سـلا من ذلك إلا  أنها لم تتحدث و انتظرت مُنى حتى قالت:-
- اسمك مميز.


سددت لها سـلا نظرة شاكرة بطرف عينيها تاركة مُنى تذهب كما قالت لها و لكنها عندما تذكرت شيئًا عرقلت طريقها و هتفت بصوت خجول مستحية من الطلب:-
- هو ممكن طلب لو مش فيها إزعاج ؟!!

هتفت مُنى بحبور واضح:-
- اتفضلي إنتِ ذي بنتي مافيش حاجة و قولتلك البيت بيتك يعني أنتي ذيك ذينا هنا 

انتشرت بقعة حمراء على وجه سـلا من الخجل و هتفت بصوت بالكاد مسموع:-
- كنت عايزة بس  اسدال عشان اصلي .

توسعت مقلتي مُنى بدهشة و قالت:-
-إنتِ بتصلي

أومأت سـلا برأسها و هتفت بصوت ناعم:-
-الحمد لله  يعني و كنت بصلي و أنا في المستشفى بس بمساعدة الممرضة  و كنت عايزة اصلي و الحق العصر قبل المغرب عشان الظهر و الفجر و قيام الليل ضاع كفاية الحق حاجة منهم و الحمد لله هعرف لوحدي. 



نظرت لها مُنى و قالت بهدوء:-
-حاضر هبعتلك اللي عايزاه مع بنتي و بالمرة تتعرفي عليها

مسحت سـلا وجنتيها في محاولة لتهدئة نفسها من الخجل الذي يعتريها و قالت بعفويـة:-
- Merci

أومأت مُنى متبسمة و همت بالمغادرة لكنها تذكرت شيء جعلها تعدل عن قرارها  :-
-آه نسيت الثلاجة اللي كان هنا  ده ابني الوسط المقدم يـم الراوي و فيه نسخة منه فهد بس على اخف شوية يعني أنا أم الثلاجة  و حظك وقعتي مع الطوفان. 

اتسعت حدقتي سـلا بصدمةٍ و تمنت أنّ تنشق الأرض و تبتلعها من لسانها السليط الذي يسبب لها الحرج و مما زاد الطين بلة قهقه مُنى و خروجها بدون أنّ تلقي لها كلمة أخرى لتصفع وجهها بحرج و هتفت بخفوت:-
-عبية يا سـلا عبية ربنا يصبرني يا رب شكل اللي جاي مش سهل خالص ، و خصوصًا مع اللي اسمه يم ده

ثـُمّ تنهدت بحزنٍ عصف بكيانها فجعلها تتراجع للخلف عاقدة ساعديها أمام صدرها بتعبٍ و رغمًا عنها تجولت بنظراتها في ارجاء الغرفـة
و بديهيًا علمت أنها لشاب ليس فتاة من ديكورها الرجولي البحت و ما جذبها أكثر شيء ذلك الحائط بمكتبته المصنوعة على شكل شجرة متفرقة الافرع و الكتب منثور بنظام محبب لأي شخص فهتفت بتلقائية:-
-تقريبًا كده عرفت بتاعت مين

■■■■■

غفت جنة بين احضان فهد فرفعها بين ذراعيه
واضعًا إياها على الفراش و دثرها جيدًا قبل أنّ يجلس بجانبها يتطلع إلى وجهها المبتل من أثر البكاء فرفع كفه يمسح وجهها بحنوٍ حتى تنسى ما كان يفعله تحكمت بـه عواطفه و رغبة ملحة تحثه على الميل تجاهها لالتقاط أو قبلة لها من بين بتلات شفتيها المنفرجة بشكل مُغري كأنها متعمدة فعل ذلك و لكن يبدو أنّ الله ستار فشق غيمته الورديـة صوت أخيه يـم البارد و هو يعقد ساعديه أمام صدره مستندًا على إطار الباب:-
- آسف على قطع اللحظة اللي ذي الزفت ديه !!


ابتعد فهد عن جنة سريعًا حمحم بإحراج بدون أنّ يلتفت له ليتقدم يـم للداخل مقلدًا إياه ساخرًا:-
- ده إنت طلعت مايه من تحت تبن يالا  و الله عامل فيها مؤدب و محترم  و أنت مدورها طب مش تقول لأخووك الخبرة ، كنت ساعدتك برضوا  ده أنا بساعد الغريب مش هساعد أخويا يعني بس طلعت قادر ده أنا لحد دلوقتي بعملها من برا  لكن إنت قدام البيت كله ما شاء الله ده أنت معلم و احنا منك نتعلم. 

ثـُمّ تابع بنفس سخريته اللاذعة:-
-طب كنت اقفل الباب فرضًا دخل نجم بقى كنت هتبقي ذي الحرامي بتاع الغسيل فضيحة على مافيش و إنتَ عارف نجم مش محتاج توصية ما شاء الله عليه فضيحة. 


ليتابع حديثه المعاتب واكزًا إياه في كتفه بحدةٍ:-
- بقي يا ******  بقالك اكتر من أربع سنين محترم نفسك جات على كام شهر  و خلاص الدنيا هتطير عارف أبوك لو كان شافك كان هيعمل إيه اقسم بالله ما كان هيبقى فيها أي حاجة من الاتفاق و إنتَ عارف زين الراوي لما بتركب خلاص .

زمجر فهد بغضبٍ:-
- ما خلاص بقي الله.

قوس يـم شفتيه ساخرًا و هتف بتوعد:-
-ماشي يا عم فهد ماشي غور قدامي بقى عايزك و سيب البنت تنام الله ياخدك. 

خرج فهد من الغرفة سابب بلفظ بذي بينما أغلق يـم الباب خلفه و بصق عليه بتقزز شاتمًا إياها قبل أن يبصق عليه:-
-أبو قرفك
■■■■■

في غرفـة فـهـد

تهادى على الفراش بغضبٍ عارمٍ و لا يكاد يصدق ما كان سوف يفعله منذ دقيقة لولا مشيئة الله و لكن ماذا لو لم يكن يأتي يـم! هنا استيقظ ضميره و صفعه على خيانة الأمانة مما جعله ينهض يخلع حذاءه مقليًا إياه أرضًا
و يفتح أول أزأر قميصه مدلكًا عنقـه بـ إرهاق بعد ما ألقى رابطة العنق و الجاكيت أرضًا
في نفس الوقت الذي دلف فيه يـم الذي توسعت حدقتيه بصدمةٍ من أثر تلك الفوضى على نفسه
و هو على وشك قتل فهد فسارع بلملمة الفوضى و جذب الحذاء و وضعه في المكان المخصص حينما تأتي الخادمات و بعته للتنظيف  و عندما انتهى نظر إلى الغرفـة براحة نفسية عندما عادت كما كانت فصاح فهد بعدم تصديق:-
-أنتَ بتعمل إيه ما في اكتر من حد يعمل الكلام ده.

غمغم يـم بتقزز:-
-إنتَ معفن الصراحة ازاي بتقدر تقعد في مكان فيه كركبة حواليك  بتعرف تتنفس ازاي أصلًا.

هتف فهد بعصبية:-
-و حياة أمك ما ناقصة أنا مش طايق نفسي أصلًا. 

زم يـم شفتيه ساخرًا و هتف بلا مبالاة مستفزة:-
-سلامة قلبك يا باشا ليه بس كدا يا حبيبي

هدر فهد بغضب و هو بجذب مفرش السرير يلقيه أرضًا و أثر فعلته صفع يـم وجهه بنفاذ صبر يكره عدم النظام  و الترتيب لا يستطيع الجلوس في مكان ليس منظم تعود علي ذلك منذ طفولته و ذلك الأمر بنسبة له مهم بشكلٍ غير متوقع بينما قال فهد:-
-ازاي كنت هعمل كدا  إيه دماغي راحت مني فين  لو ماكنتش دخلت كنت هضيعها  و اضيع نفسي معاها .

صـاح يـم رغمًا عنه بعصبيةٍ:-
- ده أنا اللي هضيع في العيلة ديه  المفرش شيلة من على الارض عشان نعرف نتكلم

نظر إليه فهد بصدمةٍ سرعان ما تحول إلى .................................................................................................................................. يُتبع...


دقيقة معايا فصل إيه اللي يطول يا جماعة أكثر من كده ده أنا يعتبر الوحيدة اللي بنزل كل يوم فصل و اتنين فـ إزاي معلش الفصل بيبقى قصير و أنا بتأخر.


جُ1 بحر النسيان   جُ2 قَيصر قَصرها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن