1
حكم ومواعظ
من حياة الانبياء عليهم السلام
تاليف
السيد مرتضى الميلاني
الجزء الاولمؤسسة
دار الكتاب الاسلامي
2
3
بسم الله الرحمن الرحيم
4
5
المقدمة
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا اللهعزيزي القارئ بين يديك القسم الاول من سلسلة «حكم ومواعظ من حياة الانبياء» وابتدئها بحياة الانبياء الخمسة الذين سماهم القران الكريم بـ «اولي العزم» لما يوجد في حياتهم من حكم ومواعظ وعبر ودروس قيمة يمكن الاستفادة منها والاعتبار بها في تهذيب النفس وتزكيتها ، حيث نحن الان بامس الحاجة لمثلها ، وخاصة في زماننا هذا حيث تحيط بنا من كل جانب وصوب التيارات المنحرفة ، وكثرت وسائل اللهو والفسق والفجور التي تزداد يوما بعد يوم ، والحرب الفكرية التي هاجمتنا من الشرق والغرب .
وقد فكرت في ان اقدم خدمة ولو بسيطة ومختصرة من المواعظ والارشادات والعبر لابنائي واخوتي واخواتي الاعزاء ، ليتمكنوا من الاتعاظ بها والعمل على ضوئها لتزكية انفسهم وتحصنها من اقتحام جنود الشيطان الى داخل قلعة القلب ، وقد شجعني بعض الاصدقاء على ذلك .
وقد وجدت افضل طريق واقصر مسير ، هو سيرة السلف الصالح من الانبياء والرسل والاوصياء والائمة الاطهار عليهم افضل الصلاة والسلام .
وقد وجدت اقرب اوجه التشابه بين الحوادث والوقائع والمحن التي نعيشها ونشاهدها في ايامنا هذه ، بتلك التي مرت على الامم والشعوب من قبلنا ، ومن بداية ما خلق لله عز وجل ادم عليه السلام وابنائه ، فاحببت ان امر مرورا سريعا
6
ومختصرا على بعض ما جرى على انبيائنا ورسلهم واوصيائهم من اهل بيت النبوة عليهم السلام ونتعض ونعتبر منهم ونجعلهم قدوة لنا ولابناءنا واجيالنا القادمة ، حيث قال عز وجل :
«قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا براء منكم ومما تعبدون من دون الله ـ الى قوله تعالى ـ لقد كان لكم فيهم اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر»(1) .
لقد كان الانبياء والرسل والاوصياء لنا اسوة حسنة ، ولا يزالون كذلك ، وليس فقط في موقفهم ضد منهج الكفر وعبدة الاوثان والمستكبرين ، بل هم اسوة لنا في الدعاء بين يدي الله عز وجل ، وقدوة لنا في طلب المغفرة منه تعالى ، كما هم عليهم السلام عبر ودروس اخلاقية ، ومنهج سليم ومتكامل .
وعلى هذا الاساس بعث الله عز وجل الانبياء والرسل ، وبعث مع بعضهم الكتب والشرائع السماوية ، ليحكموا بين الناس بالعدل ، ومبشرين ومنذرين ، وجعل الجنة لمن اطاعه ولو كان عبدا حبشيا ، والنار لمن عصاه ولو كان سيدا قرشيا .
وقد اختار الله عز وجل من جميع الانبياء خمسة ، وسماهم «اولي العزم» ، واختصهم بكتب وشرائع لم يخص غيرهم من الانبياء ، وذلك لمصلحة هو اعلم بها منا .
وقد خاطب خاتم الانبياء وخامس اولي العزم (ص) بالصبر والثبات وتحمل المسؤلية الخطيرة في قوله تعالى : «فاصبر كما صبر اولي العزم من الرسل ولا تستعجل لهم ...» (2) .