" يحدث في فصل الشتاء."

( جريمة 2)

(مدرسه الرياضيات)

يجلس على طاولة خشيبة وفوقه هذه الإضاءه الساطعه ينظف أدواته التي لطالما اعتبرها جزءا من شخصيته الغامضه و المتناقضه أنه حتي في أوقات يشعر أنه لا يفهم نفسه لا يعرف من هو اهو الشاب الودود ام القاتل المجهول ولكن ما يعرفه أنه لم يظلم أحدا ولن يفعل هذا فكيف يظلم وكيف يحرم وكيف يعذب وهو قد ذاق كل هذه الاطعمه ورأى جميع انواع العذاب في حياته أنه حتي ومن شده تناقضه يؤمن بمقولتين مضادتين لبعضهما البعض( فاقد الشئ لا يعطيه ) ، ( فاقد الشئ هو اجود من يعطيه) فهو يرى أن الأولى صحيحه في الشئ المادي فمثلا الإنسان العادي لايستطيع ان يقوم بعمل عملية جراحية إذ لم يكن طبيبا، و يرى أيضا أن الثانيه صحيحه بل أصح بمراحل من الأولى في الشئ المعنوي فمثلا عندما تموت ام وهي تلد طفلتها فتفقد هذه الطفلة الحنان و العطف فأتوقع أنه عندما تكبر هذه الطفله ستصبح ام تغمر أولادها واولاد منطقتها بالحنان...ليفيق من شروده على هذه الكلمه ( حنان) هذا الاسم الذي تحمله كتله متحركه من القسوه لطالما كره هذا الاسم اقسم ان جميعكم تتسألون الآن من هذه ( الحنان) سأخبركم هذه هي أبشع امرأة ولدت في تاريخ البشرية بعد (ليوناردا جنجولي)  وهذه السيده السمراءالتي تضرب ( القط توم) على رأسه عندما يجرى للحاق ب( جيري) هذه السيده ذات الطول الفارهه والجسد العريض والذي لم أرى مثله في حياتي حتى الآن ذات الشعر الأسود القصير اللامع الذي دائما كنت أشعر بالغيره لانها تمتلكه كنت أرى أن مثل هذا الشعر الجميل لا يتناسب مع هذه القبيحه،  دائما ما كنت اكره الذهاب إلى المدرسه وخصوصا يومي الاثنين والأربعاء كم كرهت ماده الرياضيات كم كنت أشعر بالملل اثناء شرحها كم كنت اكره دقائق مرورها علينا ونحن جالسون في مقاعدنا لترى احللنا الواجب الكثير الذي كاد أن يسبب لي شلل في ذراعي اليسري فأنا أعسر كما تعلمون هذه المدرسه الشنيعه قد تسببت في انتحار عدد لا بأس به من الطلاب وبالرغم من انها شارفت على العقد الخامس من عمرها لا تزال بهذه القسوة أيام عده وانا اراقبها واجمع الأخبار والمعلومات عنها ( فهي حنان مسعود شوقي، من مواليد القاهرة 1971، متزوجه من مدرس فيزياء، لديها ابن واحد فقط،  تذهب الي عملها كل يوم و عندما تنهي عملها تتجه إلى السوق تبتاع بعض الاحجيات التي تحتاجها لتصنع وجبه الغداء ثم تتجه الي الصيدليه لتأخذ  منها  الحقن الخاصه بها فما علمته أنه مريضه سكر من الدرجه الخامسه ومن ثم إلى بيتها وبعد عودتها إلى منزلها يأتي زوجها إلى المنزل فينتاولوا جميعا طعام الغداء و من ثم تخلد إلى النوم ، فهى تنام من الخامسه مساءا و حتى الخامسه صباحا...وهي تسير على هذا المنوال كل يوم) ها قد انتهيت من مراجعه كل المعلومات التي جمعتها عن هذه الجبلاء العنقاء الشمطاءالسوداء انا حتى وقتي هذا لازلت أذكر اللقب الذي كنت انا وزملائي نطلقه عليها( البعبع الأسود ) لم أرى في حياتي امرأه بهذه القسوة أتدرون انها هي من أجبرت مدرس الفيزياء ( مستر سعيد) ان يتزوجها وذلك بعد أن علمت بأنه يحب ( ميس لميس) مدرسه اللغه الانجليزيه وظلت تتبع كلا منهم حتى رأتهم يدخلون معا إلى غرفه المعلمين بعد ذهاب كل المعلمين إلى منازلهم وقد استمعت لحديثهم والذي كان يتضمن( برضو يا سعيد هتفضل لحد امتى جبان..يا سعيد افهم انا وانت متجوزين،  والله يا لميس يا حبيبتي انا عملت كل حاجه لوالدك روحتله اكتر من سبع مرات وبرضو مش موافق عايز يجوزك لأبن عمك المهندس...قوليلي اعمل ايه انا، والله معرفش يا سعيد المهم انك تك.......) ليقطع كلامها الدخول المفاجئ( للبعبع الأسود ) اقصد ( ميس حنان) لتقول( يا سلام اخيرا شهرين براقبكوا عايزه امسك عليكم ولو زله صغيره..هههه لكن دلوقتي معايا فضيحه لا ومش اي فضيحة لا المدرس المصون استاذ سعيد متزوج من حب حياته ميس لميس..ههه الله خبر مفرح جدا ) ( حنان انتي فاهمة غلط انا ولميس لسه متجوزين من اسبوع و عند مأذون كمان الموضوع وما فيه ان السيد والدها مش موافق عليا) ( خلاص لو مش عايزني اقول لأي حد....عندي طلب) ( اطلبي اي حاجه) ( تتجوزني...) لم تستطع تكمله كلامها بسبب الشهقه التي صدرت من لميس لتسقط على اثرها لينزل سعيد الي مستواها ليراها تنظر في عينيه و كأنها تقول( سعيد حبيبي...بحبك اوعى تزعل على فراقي) لتصعد الروح إلى بارئها ليبدأ سعيد في البكاء كالطفل الصغير الذي فقد امه لتنظر له كتلة القسوة ببرود قائلة( اخدلك معاد من بابا تيجي تقابله امتى)...لينظر لها سعيد نظرة ممزوجه بالدهشة و الصدمه و الكره والغل لتقول( انا هنادي على دكتور المدرسه) لتخرج هي ويظل مستر سعيد كما هو عليه وتتوالى الأيام ومن ثم قد أعلن في الإذاعة المدرسية خبر زواج ميس حنان و مستر سعيد بعد قصة حب طويلة وهذا بالطبع ما اذاعته واعلنته البعبع الأسود بين المدرسين ولكن في الواقع كان هناك ثلاثة أشخاص يعرفون الحقيقة ( انا، مستر سعيد،  ميس لميس ) ولم تكتف بذلك فحسب بل كانت تتكلم بالسوء والكذب عن (ميس لميس )  و آه وألف آه عليكي يا ميس لميس كم كانت رقيقة يحبها العقل قبل القلب كان حجابها يزين وجهها في زمن كان قد قل فيه الحجاب والاحتشام كانت بشوشه الوجه كانت تملأ القلب والعين أكاد اقسم أنه لم يوجد طالب لم يبكي ولم يحزن على فراقها اظن أنكم قد كرهتوا تلك الحنان من مجرد كلامي عنها ولكن برأيكم شخصية مثل لميس تستحق الموت ام شخصيه مثل تلك (البعبع الأسود ) أعلم أنكم الآن تقولون ان كل هذا قضاء وقدر...انا اعلم هذا لكن لولا طمع وجشع تلك اللعينه لكانت ميس لميس مازالت على قيد الحياة تتمتع بحياة هنيه مع زوجها مستر سعيد والذي أكن له كل الإحترام والتقدير ولكن هيهات هيهات قد فات الأوان...يجب أن تدفع تلك الحنان الثمن يجب أن تخلد الي النوم الآن لان في الصباح عندي عمل جديد..ألم أقل لكم لقد تم قبولي للعمل في الصيدلية القريبة من المدرسة التي كنت فيها..و الآن اترككم لأخلدالي النوم.
.
.
يستيقظ من نومه علي صوت العصافير فهو كما اعتاد من طفولته ان يستيقظ باكرا لينهض من أعلى فراشه ليتجه الي الحمام ليستحم ومن ثم الي غرفته لترتدي ملابسه البيتيه المناسبة لاستقبال أي شخص جاء فاجأة ويحضر كوب من القهوة البرازيلي التي يعشقها ومن ثم يجلس علي كسي المكتب ليضع كوب القهوة جانبا ويمسك بدفتره الخاص و قلمه المميز ليهم بالكتابة ولكن ليقطع حبل أفكاره وتركيزه صوت دق على الباب لينهض ويذهب إلى فتح الباب لينظر من العين السحرية ويرى صاحب العمارة التي يقنط بها ليفتح الباب قائلا( ازيك يا عم بدوي وزي الحاجه و الاولاد) ، ( الحمد لله كله بخير انا جيب بس اقولك اننا مضطرين نغير باب العماره وكنت محتاج المفتاح القديم بتاعه )، ليقطع جبينه قائلا( ليه..ايه اللي حصل لكل دا يا عم بدوي )، ( والله يابني الواحد بقى مقلق النهاردة الصبح سمعنا خبر قتل ميس حنان، فاكرها الميس اللي كانت بتديكانت وعلي ابني لقيوها مقتولةو الشرطه بتقول انه قاتل الشتاء ) ، كان يستمع له بملامح وجه جامده ولكن بداخله فرحه عارمه( اه اه طبعا يا عم بدوي ، ثانيه واحده اجيبه لحضرتك من جوه ) ليذهب الي غرفته ويفتح درج الكومدينو ويخرج منه ذلك المفتاح القديم ليعطيه اليه ويلقي عليه تحيه ختام اللقاء ليغلق باب منزله وهو يتنفس الصعداء ليتجه مباشرة الي مكتبه ليفتح دفتره للمره الثانيه و يمسك بقلمه ليخط به اولي كلماته......
.
.
.
.
.
يتبع ( مدرسة الرياضيات 2)