اشتعال ذِكرى

144 14 27
                                    


بعد يومين من المشادة الكلامية التي حدثت بيني وبين أبي كنت عائًدًا من عملي أسير في أحد الشوارع الخالية؛ فوجدت في طريقي صبيًا صغيرًا، كان جالسًا يبكي على الرصيف رق قلبي له وجلست بجانبه؛ لأعرف ما خطبه.
فقلت له: ما بك صغيري ؟
فأجابني: أنا تائه.
ربتت على كتفه، وقلت له: لا تقلق سأساعدك في البحث عن منزلك هيا قف معي.
نهض معي، وسرنا قليلًا؛ فقد خطر لي أنه قد يكون شارعه.
ولكن عندما وصلنا لمنتصف الشارع توقف الصبي فجأة سألته ما المشكلة، لم ينطق بحرف لكنه أشار إلى أحد المنازل المهجورة تعجبت كثيرًا من الفكرةِ التي أتت ببالي أن يكون منزله فإضافةً لأنه مهجور، ويبدو فارغًا كان قريباً جدًا من المكان الذي وجدته فيه.

وعلى مقربةٍ منّا شاهدت فتاةً صغيرة تحدث شخصًا ما، لم أعرف ما يدور بينهما، ثم تحركا تجاهنا وعندها تبين لي أنه أبي، وفور أن اقتربا ركضت الفتاة للصبي واحتضنته فيبدو أنه شقيقها كنت مصدومًا لوجود أبي ثم قررت أن أسأله.

قلت له: أبي، لما أنت هنا؟ هل تعرف هذه الفتاة؟
فأجابني: لا أعرفها، أخبرتني أنها تائهة؛ فأردت مساعدتها، وأنت، ماذا تفعل هنا؟
فقلت له: هذا غريب، أخبرني أنه تائه أيضًا، ولكن لما تاها في مكانين مختلفين إن كانا شقيقين؟!
انتبهنا فجأة من حوارنا عندما شد الصبي قميصي، ثم طلبا منا أن ندخل معهما المنزل نظرت لأبي متعجبًا، وقررنا الدخول لرؤية ما سينتهي عليه الأمر.
عندما دخلنا انغلق باب العمارة الحديدي خلفنا فجأة وحُبسنا داخل العمارة، واختفى الطفلين لم نجد الوقت للصدمة لنجد أمامنا امرأةً ترتدي ملابس غريبة، بل تبدو بأنها قديمة الطراز نظرت إلينا نظرة لم نفهم مغزاها، فوجئنا بوجودهم في مكانٍ كهذا، ولكن تقبلنا الأمر قليلًا بأن يكونوا فقراء مثلًا، دعتنا المرأة لمنزلها كدنا نرفض لولا ظهور زوجها من العدم، وألح علينا فقررنا الدخول كنت أشعر بالريبة، والخوف، لكن طمأنني وجود أبي كنا ننتظر الرجل وزوجته في صالون شقتهم؛ فتحدثنا قليلًا دون ذكر ما حدث بيننا قبل يومين، قلقنا عندما تأخرا كاد أبي أن ينادي عليهما، ولكننا فوجئنا باشتعال النيران فجأةً في أحد الغرف، فزعنا كثيرًا حاولت وأبي إطفاء النيران كنا نستمع لصراخ الأطفال داخل الغرفة الأمر مريع بحق، أين الرجل وزوجته؟ لا نعلم، وفجأةً انطفأت النيران، وأصبح المنزل هادئاً تمامًا، نظرنا حولنا فوجدنا المنزل مهجورًا لا أثر لأي شخصٍ فيه، ولا حتى للحريق الباب مفتوح بحثنا داخل أرجاء المنزل عن أي أحد لم نجد شعرت بالفزع تمسكت بأبي الذي كان مصدومًا، وخائفًا مما حدث خرجنا من الشقة بسرعة بل من العمارة بأكملها عندما فوجئنا بباب العمارة مفتوح.

قرر أبي أن يسأل عن ذاك المنزل كان هناك محل ملابس في نهاية الشارع فسألناه أخبرنا شيئاً لا يصُدق احترقت العمارة بالكامل منذ أعوام، ومات كل من كان موجودًا داخلها حينها، ولم يجرؤ أحدٌ بأن يدخلها منذ ذاك الحين صُدمنا للأمر .
عدنا للمنزل نفكر فيما حدث جلسنا؛ لنتحدث فطال الحديث بيننا وتغير مجراه، يبدو أن ما حدث قد حدث لكي نتصالح استسلمنا لتلك الفكرة.
قلت لأبي: لننسى الأمر، ربما تكون صدفة لنتصالح، أخذت نفسًا عميقًا ثم أكملت، علينا أن ننهي الخلاف أرجوك.

فأجابني: بني، ليس خلافًا أنا فقط خائفٌ عليك، أنت الآن يا لؤي في الخامسة والعشرين من عمرك أريد أن أطمئن عليك؛ فأيامي معدودة.
فقلت: لا تقل هذا الكلام، أطال الله عمرك يا أبي، أنا آسف، أعدك أن أبحث عن الفتاة المناسبة؛ لتكون زوجة صالحة، وسنًدًا لي.
شدني أبي لحضنه، كان قد فاض بي الكيل؛ فبكيت في حضنه كثيرًا، كنت مشتاقًا إليه، وأيضًا ما حدث يخيفني بحق.

تحسنت علاقتي بأبي كثيرًا بعد هذا اليوم لم نمر بأيٍ من تلك المشادات الكلامية التي كانت تحدث بيننا، صرنا نفهم بعضنا جيدًا، وأنا جِد سعيدٌ بذلك، ولكنني قررت بأن لا أمُرّ بذاك الشارع ثانيةً مهما حدث، وأظن أني لن أنسى ما مررنا به ما حييت.

وذات يوم حلمت حلمًا مرعبًا ذكرني بما حدث رأيت فيه الصبي يحدثني، ثم قام بإمساك يدي بقوة، قوة غريبة بالنسبة له كصبي، والأغرب أنني عندما استيقظت وجدت علامات يده على يدي فزُعت؛ فنهضت سريعاً أتصبب عرقًا، وفور أن نهضت، ووقفت أمام السرير بفزع؛ فوجدت عبارة مكتوبة بالدم (لم ينتهِ الأمر بعد).

تمت بحمد الله.

منة الله مصطفى.

رأيكم يهمني💖
أرجو تعجبكم، وإذا أعجبتكم فأسعدوني ب فوت+كومنت وإذا لم تعجبكم فأرجو إخباري بالخطأ وسأصلحه

أقدم شكري لمصممة الغلاف
RahafAbdelaziz5

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

🎉 لقد انتهيت من قراءة رمَاد الذِكريات 🎉
رمَاد الذِكرياتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن