الفصل الثاني :
خرجت من غرفتها و هي بلباس منزلي بالي على نداء " منى " لها ، لتجدها ترتدي ملابس الخروج و بناتها و تساعد أحلام في إرتداء حذائها ...
تنهدت ثم قالت : في إيه يا خالتي ؟
لتنظر لها منى بإزدراء ثم تقول : أنا و البنات خارجين للسوق ، نظفي البيت و جهزي الغذاء على ما نرجع فاهمة ؟
رهف : بس أنا كنت هغير و أنزل الشغل
لتضحك قائلة : شغل إيه يا أم شغل ؟ أنتي نسيت كلام أبوكي و لا إيه ؟ إحنا نازلين يلا يا بنات
و ما هي إلا لحظات حتى ظلت وحيدة في ذلك المنزل الذي يشهد ألامها ، جلست على الكرسي بتعب فلم تستطع أرجلها حملها
نزلت دمعة يتيمة من عيناها و هي تقول : أنت فين يا أمي ؟ لو كنت موجودة مكنتش عشت أي حاجة من إلي بعيشه دلوقتي...
ما أن خطت أول خطوة خارج المنزل حتى حملت هاتفها و قامت بإرسال رسالة لخالها " خيري " تقول : احنا طلعنا من البيت ، حاول تقنعها بقى بأي طريقة خلينا نخلص منها.
لتعيد هاتفها لحقيبتها مبتسمة بسعادة ثم تقول لوالدتها : ماما ، أنا كنت متفقة مع هنا صاحبتي نخرج مع بعض النهاردة و نسيت و هي دلوقتي
لتقاطعها منى مبتسمة : طيب يا حبيبتي ، روحي أنتي مع هنا و أنا هروح مع أخواتك
قبلت خد والدتها يفرح ثم ذهبت في طريقها
...رن هاتفها أثناء قيامها بمسح الأرضية ، أخذت المنشفة بسرعة و جففت يداها لتحمل الهاتف و ترى المتصل لتتسع إبتسامتها فورا فلم تكن إلا خالتها نادية
رد مسرعة : خالتي إزيك ؟
نادية : الحمد لله ، بألف خير يا بنتي و أنتي اخبارك إيه ؟ و أخبار سفيان حبيب القلب إيه ؟
رهف : بخير يا خالتي ، و سفيان كويس بيسلم عليكي عارفة أنتي وحشتيني جدا
نادية : طب ما جيتيش ليه ، ده حتى اجازة الصيف قربت تخلص يا حبيبتي
توترت رهف قليلا ثم قالت : ما انتي عارفة يا خالتو أنه رجعت للشغل و بساعات أكثر من فترة الدراسة ، هشوف ممكن اخذ يومين اجازة
نادية : متضغطيش ع نفسك يا حبيبتي ، و الله لولا الكلام الي بسمعه من منى كل ما اجي اطمن عليكي كنت جيتلك جري
رهف : عارفة ، و انا محتاجتلك جدا ده انتي أمي إلي عرفتها من لما فتحت عيني
نادية : و انتي بنتي يا رهف إلي ربنا طعمني بيها بعد ما إبني مات ، لولاكي كنت لا يمكن أكمل حياتي بشكل طبيعي
لتكمل و هي تضحك : كنت هدخل بقى مستشفى المجانين او حاجة زي كده
رهف مقاطعة : بعد الشر عليكي يا خالتي ، يا أغلى حد في حياتي
قاطعهما رنين الجرس فقالت رهف عبر الهاتف : هقفل دلوقتي يا خالتو ، شكلها منى رجعت للبيت هتصل بيكي بالليل و أغلقت الخط متجهة للباب و ما أن فتحته حتى ظهر أمامها " خيري "
رهف : أنت !!
...
وصلت ندى أمام محل الصاغة الذي يعمل به سفيان ، توقفت أمام الباب و نزعت سلسالها من حول عنقها ثم حاولت تكسر إحدى عقد السلسال و ما أن أتمت مهمتها حتى دخلت إليه مسرعة ، ألقت السلام فرفع رأسه لها و قال : أهلا يا ندى
إبتسمت له مقتربة منه ليكمل: عايزة حاجة ؟
توترت و هي تضع السلسال أمامه و تقول : أصل سلسالي عايز تزبيط
إبتسم لها ثم قال : حاضر ، ساعة زمن و هرجعه زي الأول
ندى و هي تجلس على أحد الكراسي المقابلة له : طيب ، هقعد هنا و أستناك تخلصها
سفيان: مفيش داعي يا آنسة ندى ، أنا هخلصها و أوصلها لبيتكم أصلا كنت عايز عمي بموضوع
لترتكب ندى ثم تقول مسرعة : بس بابا مش في البيت ، و أنا عايزة سلسالي بسرعة و أصلا مفيش غير رهف ف البيت مينفعش تروح
قاطعها قائلا: ازاي هي رهف ما راحتش الشغل ؟
ندى : لا هي ف البيت
ليقول و هو يحاول ربط افكاره بصوت عالي : أصل أنا شفت من شوية ( ليسكت متذكرا لحظة صعود خيري لمنزلهم )
لتبتسم ندى ، فها هو حظها ( الذي لا طالما ظنا أنه سيء ) يساندها أخيرا فقد جزمت ان سفيان رأى خيري ...
ليقول سفيان : أنا عندي مشوار دلوقتي يا ندى ، بكرة تعالي خذيها
ظهرت إبتسامة واسعة على وجهها لكنها تلاشت برنين هاتف سفيان ليجد رقم والدته ، ليرد مسرعا : ألو ، ايوه يا أمي ! حاضر هجيبلك إلي طلبتيه حالا ، حاضر يا أمي جاي ، مش هتأخر أصلا أنا مشتريهم من الصبح مسافة السكة ليغلق بعدها الهاتف.
ندى بحذر: المشوار كان لوالدتك ؟
سفيان مفكرا : لا ، بس لازم اوصلها الي طلبته
لتسرع ندى قائلة : طيب إيه رايك تعمل أنت مشوارك و أنا أخذ الحاجات لطنط ، واضح أنه مشوار مهم يعني
سفيان : مش هعطلك يعني ؟
ندى : لا أبدا ، دي حتى طنط خديجة واحشني جدا
بادلها سفيان إبتسامتها أخيرا ثم قدم لها أغراض الحاجة خديجة لتنطلق بها مسرعة ، ليخرج هو بعدها بقليل متجها نحو منزل رهف...
حاولت رهف غلق الباب في وجهه مسرعة ، لكنه كان أسرع منها و دخل للمنزل غالقا الباب خلفه
رهف بغضب : عايز مني إيه ؟ انت مش شايف أني لوحدي ف البيت !
خيري و هو يغمز : ما أنا عشان كده جيت ، عشان انتي لوحدك يا جميل
رهف و هي تحاول الإبتعاد عنه : اقسم بالله لو حاولت تقرب مني بأي طريقة ، هصرخ بأعلى صوتي و أفضحك ف نص الحارة
ليضحك خيري ثم يقول : و الله ده منايا يا قلبي ، ساعتها بقى شوفي مين هيصدق أنك مدخلتينش بمزاجك
وضع يده على شعرها يتلمسه فنزعت يده مسرعة ليقول : حتى حبيب القلب يا ترى هيصدق !
رهف : إبعد عني بقلك . إبتعدت من امامه و اتجهت نحو الطاولة لتحمل سكينا
ليبتسم قائلا : لا لا متكونيش عنيفة كده ، ده انا حتى جاي أقول كلمتين و اروح
رهف : مش عايزة أسمع منك حاجة اطلع برا
أكمل خيري كانه لم يسمع حديثها قائلا : بصي يا بنت الناس ، يا إما تفركشي الخطوبة مع الي ما يتسمى و شوية و اجي اطلب ايدك من أبوكي يا إما قسما عظما لعملك فضيحة متبقيش قادرة ترفعي راسك للمراية مش تخرجي من باب البيت ، سامعة ؟
ارتعدت أوصال رهف من حديثه لكنها قالت : اطلع برا بقلك
القى قبلة في الهواء لها و ما أن اتجه نحو الباب فاتحا اياه حتى وجد سفيان امامه ......
دخلت ندى للمنزل الخاص بسفيان و والدته بعد ترحيب كبير من الأخيرة ، جلست أمامها على أحد المقاعد بعد أن وضعت الحاجيات التي أحضرتهم لوالدته في المطبخ.
خديجة: تسلمي يا بنتي
ندى و هي تتصنع الخجل: الله يسلمك يا خالتي ، أنا و الله كنت في المحل مع سفيان عايزاه يصلحلي سلسالي أول ما سمعت انك متصلة قلتلك أبدا اقعد أنت مكانك و أنا هوصلك الحاجات أصلك كنت واحشاني أوي و عايزة حجة بقى عشان اجيلك
خديجة و هي تربت على يدها : فيك الخير يا بنتي و تعالي وقت ما انتي عايزاه ، هو أنا أطول القمر يجي يزورني ده يوم المنى
إبتسمت لها ندى و لم ترد الا بعد لحظات قائلة : كل إيه رأيك أطبخلك أنا النهاردة يا خالتي و نتغدى مع بعض
خديجة : و مع سفيان
ندى : و مع سفيان...
ظلت رهف توزع نظراتها عليهما بصمت ، فكيف ستشرح لسفيان الوضع ...
خيري : أهلا يا سفيان إزيك !
لم يرد سفيان ، فإلتفت خيري لرهف قائلا : أنا هروح بقى يا رهف بما أنه منى مش موجودة ، لما تروح قوليلها أني عايزها ف موضوع ضروري
أومأت رهف له دون أن تنظر تجاهه ، ليختفي في لحظات عن الأنظار
ما أن رفعت عيناها له حتى واجهت عيناه التي تشتعل بنار لا تنطفىء
لتقول متعلثمة : خيري كان جاي لمنى و
قاطعها قائلا بعنف : أنا شايفاه و هو داخل العمارة من ربع ساعة يا رهف ، ربع ساعة و هو بيسألك فين منى !! صعب أوي السؤال ده
رهف : أصل
سفيان مقاطعا : و تقفلي الباب ورائه ، ده انا خطيبك مبدخلش إلا و باباكي موجود
تمالكت رهف نفسها ثم قالت : قصدك إيه يا سفيان ! هو أنت شاكك فيا أو في أخلاقي ؟ قولي بوضوح
لتتنهد بإرتياح ما أن قال : لا ، طبعا لا أنا شاكك في الواطي ده ليكون بيتجرأ و يعاكسك و إلا إيه إلي مطلعه للبيت و أنتي لوحدك
رهف : مكانش عارف يا سفيان ، و انا كنت جوا مشغولة بالطبيخ و صوت الغسالة عالي و مفتحتش إلا بعد مدة و أول ما قلتله أنه منى مش موجودة طلع على طول
أقترب سفيان ليحتضنها قائلا : هحاول أصدق المرادي ، لو قرب للبيت مرة ثانية و انت لوحدك هيكون ليه كلام ثاني
...
رأيكم يهمني !
قراءة ممتعة ❤️