ألقت آيزيه بنظرها نحو صف أشجار التفاح الذي تجمعه ، لم يبقى الكثير قالت لنفسها ، الشمس بدأت بالانتصاف في السماء و سيكون من المناسب لها أن تنتهي قبل أن تجثم فوق رؤوسهم ، إلتفتت نحو النسوة الأخريات فإذا بهن مجتمعات بعيدا كلن حول صف الأشجار الذي تقطفه لكنهن حريصات على البقاء في نفس خط التقدم ، يثرثرن حول حياتهن و أزواجهن و أطفالهن و طبعا حول العائلة الحاكمة ، تسمع ضحكاتهن الصاخبة بين حين و آخر ، و ما يفتئ روبين ينهرهن عن ذلك و يحرضهن على الاسراع في العمل ، لكن لا أذن تصغي لما يقوله روبين الأحمق ، بل صار يخشى ضحكاتهن كلما خاطبهن بسبب تلعثمه و رطانته ، و خلف النسوة بعيدا في بداية صف من الأشجار تعمل العمة ميريديث، عجوز مسكينة غلبها العمر و غلبها القدر ، تعيل أحفادها بعدما تركهم لها ابنها و سافر بعيدا ، و غاب حسه عنهم ، من الناس من يقول أنه غرق في سفينة كانت مبحرة نحو الغرب البعيد ، و منهم من قال أنه في مدينة مجاورة مسيرها 10 أيام ، و منهم من قال أنه عثر على فتاة أخرى و تزوجها هناك ، لكن العمة ميريديث لم تكلف نفسها عناء البحث عنه ، فمسير 10 أيام للبحث عنه هنا و هناك يعني أن يجوع أحفادها ، و لا طاقة لها بجوعهم ، ثم إن دموع زوجة ابنها كلما جاءها أحدهم بخبر عنه و عن زواجه لا تجف لأيام ، لذا تفضل أن تذكره ميتا ، و سكان المدينة هنا لا يتوانون عن مساعدتها ، فالسيد جونا صاحب هذا الحقل و أحد أعيان المدينة سمح لها بالاشتغال في كل حقل و مزرعة و أرض هي ملك له ، السيد جونا رجل كريم جدا و ميريديث عفيفة النفس ، فكرت طويلا آيزيه حول هذا الأمر و هي تلتقط حبات التفاح من الشجرات المثمرة ، ثم هناك أنا ،آيزيه ، فتاة يتيمة توفيت أمي بسبب الحمى و نجوت أنا ، لطالما تساءلت كيف نجت الرضيعة و توفيت المرأة بسبب حمى ، و أبي لم يعش طويلا بعدها ، فذات يوم دهسته عربة جياد مسرعة ، خلعت فكه و كتفه و كسرت عظام قدمه ، لا طبيب وافق على مساعدة البائس المسكين ، و عندما قام الرجال بإعادة العظام إلى مكانها ، اختنق بدمه و مات بعد ساعات ، لا بد أن عظامه اخترقت أعضاءه ، عاش بائسا و مات أكثر بؤسا ، لم يمشي في جنازته سوى روبين الأحمق و ميريديث و بعض الرجال البائيسين على شاكلته ، و هكذا كبرت آيزيه وحيدة تماما ، لا أقارب لها ، سوى عمة تسمع أنها تقيم خارج البلاد ، كانت يوما تذكر اسمها و لكنها لم تعد تفعل . فهي بالكاد الآن تذكر اسمي والديها و ملامحهم ، و لكن العمة ميريديث تذكرها دائما بأن أمها كانت فتاة شريفة جميلة ،لو أرادت لخبلت عقل نبيل و تزوجته و لكنها أحبت الشاب الأشقر المتعثر الحظ والدها ، الذي كان يملك ذراعان قويتان يهز بهما جذع شجرة قوية أو يصد عربة مسرعة و لسخرية القدر لم يستطع حتى أن يتفادى العربة التي قتلته .
في خضم هذه الأفكار انتبهت آيزيه إلى أنها قد وصلت إلى آخر الصف ، و انتهت من مناوبتها ، و لكنها لم تشأ الرحيل فلا شيء ينتظرها خارج هذا الحقل أو غيره ، فعادت تساعد العمة ميريديث ، لما لا لا لا لا لا تتـ تتـ تتحضرين لحفففل استقبال الأأأأميرة ؟ قال روبين الأحمق متلعثما ، و ماذا أفعل مثلا ؟ قالت آيزيه .
أنت تقرأ
لا ظلال تحت شجرة التفاح
Lãng mạnللبعض منا الحياة رحلة بحث عن الحب، قد نجوب شوارعا و مدنا و بلدانا بحثا عن صوره، في حين أن الحب قد اختارنا منذ زمن و لكن الحياة تبعثرنا عبر شوارعها و مدنها لأننا إن لم نقدر قيمة البحث عن الحب لن نقدر قيمة الوقوع فيه. قصة آيزيه و فيلانيل، قصة حب عاتٍ،...