كان المكان مزدحماً وسط مطار محمد بوضياف الدولي
أناس يدخلون و آخرون يخرجون
كان الأمر أشبه بخلية النحل
أحست ماري أو مريم حالياً فقد قامت بتغيير اسمها رسمياً بعد دخولها في الاسلام بالدوار بسبب كل تلك الحركة
لقد مر شهر كامل على زواجها بعبد الرحمن
حسناً لقد مر وقت طويل حقاً على بقائها في مثل هذا البلد الغريب كما أنها بدأت في تعلم اللغة العربية بما أنها ستعيش في هذه البلاد التي يطلق عليها اسم الجزائر
لقد حفظت سورة الفاتحة و بعض السور القصيرة من أجل أن تصلي و الحمد لله هي من المواضبين على الصلاة
كيف لا تفعل و هي تنتظر سماع صوت الأذان بفارغ الصبر من أجل أن تصلي و تبث لله همومها
تلك السكينة التي تحيط بقلبها تجعلها تتمنى ألا تتوقف عن الصلاة
هي تحمد الله و تشكره على فضلها عليها و إدخاله إياها لهذا الدين
لقد أمضت ذلك الشهر بأكمله في منزل نورة تلك الشابة المرحة و اللطيفة
و مع كل تلك السعادة التي كانت تحيط بها إلا أن هناك أمر يؤرقها بالاضافة إلى أمر لقاء والديها
هناك أمر آخر بدأ يثير فضولها و انزعاجها أيضاً
حسناً عبد الرحمن أخبرها بأنه لن يقترب منها و لن يلمسها حتى يوافق والداها على زواجهما
حسناً لقد تقبلت الأمر برحابة صدر
بل إن مكانة زوجها قد زادت و ارتفعت في عينيها
و لكن ما يزعجها هو عدم اخبار عائلته عن زواجهما
هي لا تستطيع فهم سبب ابقاء أمر زواجهما سراً عن عائلته
لقد أخبرتها نورة أن والده متزوج من امرأتين و أن والدته قد توفيت وهو لا يزال صغيراً كما أنه يمتلك أربع أخوات يكبرنه في السن
أما والده فهو رجل صارم و سريع الغضب
حسناً هي لن تنكر الأمر
هي تريد أن تتعرف على المحيط الذي كبر فيه شخص رائع و قوي مثل عبد الرحمن
رفعت عيناها لتحدق في ذلك الشاب الجالس بجانبها
ثم ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهها عندما لمحت تلك اللحية التي بدأت تنبت على ذقنه الأسمر
هي حقاً لم تتوقع أنه سيأخد بكلماتها المتهورة التي قالتها في لحظة توتر على محمل الجد
أغمضت عيناها بتعب فقد أمضوا اليوم بأكمله يركضون من شباك إلى آخر و يبدو أن طائرتهم ستقلع في وقت متأخر من اليوم
أرخت رأسها على كتف زوجها و استسلمت للنوم الذي داعب أجفانها
أجفل ذلك الأسمر من ذلك الجسد الذي وقع عليه فجأة و لكن سرعان ما ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهه عندما لاحظ ملامح زوجته النائمة
هو لا يستطيع أن يصدق أنها و فور اسلامها طلبت من نورة أن ترافقها لشراء جلابيب لكي ترتديها
هي حقاً قد اختارت أن تستر جسدها بإرادتها الحرة
لقد كان يتوقع أنه سيحاول اقناعها بارتداء الحجاب فور عودتهم من ألمانيا غير أنها قامت بمفاجأته
إن حبه له يزداد يوماً بعد يوم فبراأتها و عفويتها قد سلبته لبه
قاطع أفكاره ذلك الصوت الذي كان يعلن أن موعد إقلاع طائرتهم قد حان
"مريم... مريم... استيقظي أيتها النائمة"
فتحت تلك الشابة عيونها بتعب
"ماذا؟ هل حان وقت إقلاع طائرتنا؟ "
ابتسم بمكر
"ماذا؟ هل غيرت رأيك؟ "
نهضت تلك الشقراء من مكانها
"كفانا تحامقاً يا عبد الرحمن... أنا لا أمزح هنا... "
"حسناً حسناً أيتها الجميلة النائمة لا داعي للغضب فأمامنا حياة زوجية طويلة و يكنك فيها الصراخ علي كيفما تشائين"
احمرت وجنتا تلك الشقراء و ضربته على كتفه ثم أمسكت بحقيبتها و ركضت نحو الطائرة و ضحكاتها ملأت المطار
ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهه
يبدو أنه قد وقع في حب طفلة
أطلق ضحكةً قصيرة ثم حمل حقيبته و ركض وراءها هو الآخر
كان صخبهما مثيراً للانتباه فالجميع التفت إلى ذلك الزوج المرح الذي بدأ يركض في المطار كالأطفال الصغار
كان منظرهما مثيراً للضحك
امرأة ترتدي جلباباً أسوداً تركض في المكان و رجل ذو لحية خفيفة يركض وراءها بينما كانا يضحكان كالحمقى و كأنهما الشخصان الوحيدان المتواجدان في المكان
لم يهتم عبد الرحمن لتلك التعليقات التي كانت تنعتهم بالمجانين و الحمقى بل أكمل ملاحقته لزوجته الهاربة و التي لم تفهم أي شيء من تعليقاتهم
زاد في سرعة ركضه ثم أمسكها و حملها عالياً
"حسناً أيتها المشاغبة الصغيرة... علينا أن نصعد الطائرة و إلا سيذهب ثمن التذكرة التي قمت بشرائها سداً"
حسناً حسناً لقد فهمت... هيا اتركني.... أنت تخجلني... الجميع ينظر إلينا... هيا يا عبد الرحمن... أنت كبير... لا تتصرف كالأطفال.... إن هذا مخجل... أرجوك"
ارتسمت ابتسامة ماكرة على وجه ذلك الشاب
"عندما كنت تركضين في المكان مثل المجانين لم تحسي بالخجل... و الآن عندما حملتك انتبهت أخيراً أنه يتواجد إحساس يسمى بالخجل"
نفخت تلك الشابة فمها بطريقة طفولية
"حسناً حسنا أنا آسفة أنا لن أعيدها مرةً أخرى هيا اتركني الآن"
تجاهل ذلك الشاب كلامها و صعد الطائرة بعد أن قدم بطاقة هويته و تذكرة السفر و اتجه نحو مقعديهما و هو لا يزال حاملاً تلك المجنونة التي توقفت عن المقاومة و استسلمت عن محاولة إقناعه بتركها
كان منظرهما ملفةً للانتباه
شاب طويل.. بائن الطول يحمل إمرأة شقراء ترتدي جلباباً أسوداً على كتفه و كأنها كيس دقيق
كانت تلك الشابة واضعةً وجهها بين يديها كمحاولة منها لإخفاء ملامحها بسبب الإحراج الذي تسبب فيه لها الشخص المدعو بزوجها
.................
نزعت سترتها الرياضية و وضعتها على كتفها و وضعت يدها اليسرى في جيبها بينما كانت تسير بخطوات متباطئة متجهةً نحو موقف الحافلات و بدأت تدندن ألحان أغنية لا تتذكر أين سمعتها و لكن ألحانها علقت في رأسها
كانت علامات السعادة مرسومة على وجهها فقد حققت أول انتصار بالنسبة لها
بالرغم من أنه مجرد اعتذار بسيط غير أنها استطاعت أن تنتصر لكرامتها المجروحة
أطلقت ضحكةً عالية لتصرخ بصوت عال
"انتظروا أيها الحمقى سأعمل على تمريغ أنوفكم في التراب... أجل سأعمل على اذلالكم و سأجعلكم تعتذرون لوالدي فرداً فرداً "
صمتت فجاة عندما لاحظت تلك الأعين التي كانت تحدق فيها بنظرات مستنكرة
حاولت أميرة تجاهل نظراتهم رغم أن الأمر قد أثار حفيظتها
إلا أن كلمة خرجة من فاه امرأة لا تعرفها جعلتها تستشيط غضباً
"تربية آخر زمان... أنا لا أدري أين والديها... يبتعدون عن عائلاتهم بضع كيلومترات ثم يقومون بما يحبون"
التفتت أميرة نحو تلك المرأة و التي و فور أن التقت عيناها بعيون أميرة الكهرمانية التي كانت تشتعل غضباً و حقداً من تلك المرأة أبعدت تلك المرأة عيناها بسرعة و شحب وجهها من شدة الرعب فيبدو أنها قد ورطت نفسها مع فتاة مجنونة
استدارت بسرعة و غيرت من وجهتها غير أن أميرة لحقتها بسرعة و أوقفتها بقوة لدرجة أنها كادت أن تسقط تلك المرأة المسكينة
"هل يمكنك إعادة ما قلتيه يا حضرة المرأة الفاضلة؟ "
أحست تلك المرأة بالاضطراب
"ااابتعدي عني أيتها المجنون... أففف هذا ما كان ينقصني... "
زاد غضب أميرة لتصرخ في وجه تلك المرأة
"انظري ايتها الشمطاء القبيحة... لا تبدئي في اخراج قادوراتك من لسانك العفن... لقد أخبرتك بالفعل... أعيدي ما قلتيه... "
أحست تلك المرأة و كأن لسانها قد أصيب بالشلل.. لم تستطع أن تتفوه إلا بهمهمات غير مفهومة.. بينما قلبها بدأ ينبض بسرعة من شدة الخوف الذي غزاه.. أحست بالدوخة و بالغثيان و كأنها كانت مشاركةً في مراثون ما
زاد غضب أميرة
"أنظري أيتها الشمطاء الوقحة ذات اللسان المتعفن... اذا سمعتك تتكلمين في تربية والدتي مرة أخرى سأتأكد من أنها ستكون آخر كلمات تخرج من فمك المقرف لأنني سأتكأد من قطع لسانك الثرثار و إعطائه كهدية للكلاب"
ثم قامت بترك يد تلك المرأة و التي قد رسمت آثار زرقاء على معصمها النحيل بسبب قبضة أميرة المحكمة عليه
لم تستطع قدما تلك المرأة حملها من شدة الرعب لتسقط على الأرض ترتعد و كأنها عصفور مبتل
"أنا اااأنا آسفة... أرجوك لا تقتليني.... "
تجاهلتها أميرة و أكملت سيرها نحو محطة الحافلات بينما تبدلت ملامح السعادة التي كانت مرسومة على وجهها قبل لحظات معدودة إلى ملامح الغضب و الغل
..................
ألقت بجسدها المتعب على فراشها الحديدي ليصدر صوت ضجيج مزعج
لقد. كان يوماً طويلاً و متعباً بالنسبة لها
أغمضت عيناها الزرقاوتين بتعب
لتعود إلى ذاكرتها أحداث هذا اليوم المزعج
كانت تسير بخطوات متسارعة متجهةً نحو كلية الهندسة من أجل الالتقاء بزهرة و العودة معاً كما اعتادتا فكلية زهرة هي الأقرب إلى بوابة الخروج
غير أن هذه المرة لم تسر الأمور بتلك السلاسة المعتادة
و هذا كله بسبب أحد الشبان الطائشين
في الحقيقة لقد اعتادت على تعليقاتهم المستفزة
و لكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً عن العادة فقد تجرأ أحد الحمقى و اعترف لها بحبه لها
عادت تلك الذكرى إلى ذهنها
"لقد كنت أراقبك دائماً....فتاة جميلة و خلوقة و لا تهتم لتعليقات الرجال .... في الحقيقة لقد استجمعت كامل شجاعتي لأقول لك هذه الكلمات... أممم أنا أحبك أيتها الآنسة الجميلة... "
بقيت ملامح البرود مرسومة على وجهها و حاولت بشتى الطرق أن تتجاهله و تمضي في طريقها غير أن ذلك الأحمق بقي واقفاً في طريقها
"إذن لماذا لا تزال واقفاً أمامي؟ ها قد أخبرتني عن مشاعرك... اذن ابتعد عن طريق و دعني أمر فصديقتي تنتظرني و قد تأخرت عنها بالفعل بسبب ثرثرتك عديمة الفائدة"
شحب وجه ذلك الفتى من شدة الصدمة التي تلقاها تواً فهو لم يتوقع أن تقوم برفضه بمثل هذه البرودة
هي حتى لم تعر أي اهتمام لمشاعره التي أمضى الأيام و الليالي ليستجمع شجاعته و يعترف بمكنونات قلبه
"هل هذا كل ما تريدين قوله؟ ألن تجيبي على اعترافي؟ "
ارتسمت ابتسامة مائلة على وجهها
"هاه؟ أجيبك؟... بماذا تريدني أن أجيبك؟... بل بماذا سيفيدني حبك لي مثلاً؟ هل سأستطيع أن أحقق حلمي بأن أصبح طبيبةً مثلاً؟..انظر يا هذا أنا لا أمتلك الوقت الكافي لأضيعه مع فتىً يعيش مراهقةً متأخرة و يتابع المسلسلات الرومنسية ظاناً أنها تمثل الواقع... لذا من فضلك ابتعد عن طريقي"
اشتعل غضب ذلك الشاب و كاد أن يصرخ في وجهها لولا تدخل صاحبة الحجاب الأخضر الطويل و التي نادت باسمها لتغادر كلتاهما وسط نظرات ذلك الشاب الغاضبة
تنهدت سحاب بهدوء و التفتت إلى زهرة التي كانت تغط في نوم عميق بالفعل
لحسن الحظ أن زهرة قد تفهمت موقفها و لم تقم بطرح أي سؤال بل اكتفت بالسير بجانبها بينما تحكي لها عن أساتذتها المزعجين و البرنامج الطويل و زملائها المتعجرفين
و لكنها هذه المرة لاحظت أمراً غريباً آخر
سيارة سوداء ضخمة كانت تتبعهما بالفعل
في الأول حاولت تجاهل الأمر و لكن الأمر زاد عن حده
و الأسوأ من كل هذا أن زهرة لم تنتبه مما جعلها تشك في الأمر و في الأخير قررت أن تقوم بتسجيل رقم تلك السيارة المجهولة
حكت شعرها الأشقر بانزعاج ثم قامت بإخراج هاتفها لتمعن النظر في ذلك الرقم
هناك إحساس بداخلها يخبرها بأن تقوم بإرسال الرقم إلى والدها للاحتياط فهي لا تأمن ما قد يحدث معها كما أن هناك احتمال لأن يكون ذلك الشخص ينوي بها سوءً
أغمضت عيناها بانزعاج
و لكن ماذا لو كانت مخطئةً في حقه
هي حقاً لا تريد أن تقلق والدها من أجل أمر قد تكون مخطئة فيه بسبب وساوسها الغريبة
قاطع أفكارها صوت الآذان الذي كان يعلن أن موعد صلاة العصر قد حان
نهضت من مكانها و اتجهت نحو زهرة لكي توقظها
"هيا استيقظي أيتها الكسلانة... لقد حان موعد صلاة العصر بالفعل.. "
فتحت زهرة عيناها الخضراوتان بتعب
"لا بأس أنا في عطلة مدفوعة الأجر حالياً..شكراً على أي حال... "
أطلقت سحاب ضحكةً قصيرة
"هذه أول مرة أسمع بمثل هذا الوصف.... و لكن و مع هذا عليك الاستيقاظ لأنه ليس من الصحي أن تنامي في فترة العصر"
تنهدت زهرة بانزعاج و نهضت من مكانها بتعب
"حسناً حسناً يا حضرة الطبيبة ها قد استيقظنا... هل أنت سعيدة الآن؟ "
ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجه سحاب ثم قامت بوضع سجادتها جهة القبلة و ارتدت ملابس الصلاة
فاتحة فسورة قصيرة فركوع فرفع من ركوع فسجود
و لكن و فور أن لامست جبهتها الأرض في تدلل لله إذا بالباب تفتح على مصراعيها و تصطدم حافتها بوجهها بقوة رامية اياها أرضاً
أنت تقرأ
I Want To Say that I Love You
Ficção Adolescenteللحب طعم غريب حلو و مر في نفس الوقت أشبه بالعسل ممتاز النوعية تعليق غريب صحيح؟ و لكن هذا هو الانطباع الذي أحسست به عندما وجدت نفسي أقع في الحب