العنيدة

4 4 0
                                    

كانت مستلقية على ذلك الفراش الضيق نوعاً ما  بينما عيونها العسلية تحدق في السقف
مدت يدها المضمدة بشكل سيء إلى السماء وكأنها تحاول امساك شيء ما لا يمكن رؤيته
ارتسمت ابتسامة مائلة على وجهها
هي لم تكن تتوقع أنه سينتهي بها الأمر نائمةً في منزل شخص آخر
أطلقت ضحكةً قصيرة عندما تخيلت ردة فعل سامر عندما يكتشف ذلك
هي متأكدة من أنه سيقوم بقتل الشخص الذي ساعدها بدون أن يرف له أي جفن فبالرغم من كون ذلك الأحمق لا يمتلك أية مشاعر لها و لكنه أيضاً يمتلك كبرياءً عالياً و لن تعجبه حكاية مبيتها في منزل رجل آخر
أطلقت تنهيدة منزعجة عندما لاحظت اصطباغ ذلك الضماد الأبيض باللون الأحمر الدموي
يبدو أن جراحها قد فتحت نتيجة تضميدها السيء لها
يبدو أنه ما كان عليها رفض عرض ذلك الشاب لها لتضميد جراحها
و هاهي تجني ثمن عنادها الذي لا مبرر له
حاولت النهوض من مكانها و لكن ألماً حاداً اقتحم جسدها لتطلق العنان لصوتها ليملأ تلك الشقة
صرخت بألم
بغضب و بندم
ربما ما كان عليها العمل في مثل ذلك المقهى سيء السمعة
بل كان من الأجدر بها عدم اختيار تخصص مثل هذا
فمعدلها يخولها لتصبح زميلة لملكة الجليد تلك
"سحقاً سحقاً سحقاً...ااااه... تباً لي.... تباً لعنادي و تباً لتهوري... لقد كان سامر على حق... أنا مجرد حمقاء لا تجيد فعل أي شيء سوى الصراخ و الغضب.... "
حاولت النهوض مرة أخرى و لكن لا فائدة فقد كان جسدها بأكمله متضرراً و بشدة
عضت على شفتها السفلى بقوة حتى أدمتها
"لا بأس لا بأس.... هذا لا شيء... أجل هذا لا شيء مقارنة بما سيقوم به سامر إذا اكتشف أمر خداعي له ... أجل هذه الجروح لا تؤلمني.... أنا "
حاولت النهوض للمرة الثالثة على التوالي و لكن هذه المرة تحاملت على نفسها
صرخت و بكت من شدة الألم و لكنها لم تستسلم لتجلس أخيراً بعد عناء شديد
جميع أطرافها كانت تؤلمها و بشدة حتى أن أبسط حركة منها كانت ستتسبب لها في ألم لا يحتمل 
لكنها حاولت إقناع نفسها أن هذا الألم سيختفي إذا حاولت الاعتياد عليه
فكرة غبية ربما
و لكنها كانت بحاجة إلى تحفيز نفسها لكي تستطيع أن تصبر على مثل ذلك الألم الذي لا يحتمل
أخذت تحاول تنظيم تنفسها لأنها الآن ستنتقل إلى خطوة أصعب
حاولت دفع نفسها للنهوض
سرت قشعريرة غريية فور أن لامست قدماها الحافيتان تلك الأرضية الرخامية الباردة
حاولت الاعتماد على الفراش لكي تدفع نفسها للوقوف
"باسم الله... حسناً إما الآن و إما فلا.. "
أغمضت عيناها ثم دفعت نفسها بقوت للوقوف
اختل توازناها و كادت أن تقع إلا أنها تماسكت في آخر لحظة
ارتسمت ابتسامة انتصار على وجهها متجاهلة الألم الذي اقتحم جسدها و اللون الأحمر الذي اكتسح جميع ضماداتها
بدأت في التدرب على السير مرتكزة على الحائط
عليها الخروج من المنزل قبل عودة صاحبه لأنها متأكدة من أنه و فور رؤيته لحالتها المتدهورة سيرغمها على للذهاب إلى المستشفى كارهة و هي من المستحيل أن تقبل بذلك و لو عنى الأمر موتها
قطبت بانزعاج عندما اكتشفت أن الدماء قد بدأت تقطر من دراعها مما تسبب في تلطيخ المكان باللون الأحمر الفاقع
حتى أن الحائط قد طبع بآثار كفها
تنهدت باندعاج
أقل كا يمكن القول عنها في هذه الحالة التي هي فيهر أنها مجرد فتاة منحوسة
كرامتها لا تسمح لها بالمغادرة و ترك المكان بمثل هذه الفوضى
و لكن و مع هذا فان حالتها الصحية لا تسمح لها بالتنظيف
أخدت تتنفس بقوة محاولة منها للسيطرة على غضبها
تجمعت الدموع في عيونها فهي لم تعد تحتمل كل تلك الضغوط التي تجمعت على عاتقها
أطلقت ضحكةً عالية لتتحول بعد دقائق إلى شهقات و دموع
أرادت أن تمسح تلك الدموع و لكنها قامت بتلطيخ وجهها بدماء يدها
ليزيد صوت بكائها حدة
لم تستطع أن تعرف كم مر من الوقت و هي على مثل هذه الحالة لأنها قد فقدت الاحساس بالوقت
جفت دموعها تماماً و لكن دمائها استمرت في التدفق بعناد
بدأت الرؤية تصبح ضبابية بالنسبة له لتفقد توازنها أخيراً و تستسلم لذلك النوم الذي داعب أجفانها
أصبح المكان مظلما فجأة
و بوم
وقعت أخيراً بعد صراع طويل مع الألم
لتنفتح جميع جروح جسدها و تحيط بها بركة حمراء من الدماء
..............
شاب ذو شعر بني فاتح و عيون بمثل لون أوراق الشجر في فصل الربيع
كان يصعد درجات تلك العمارة بسرعة شديدة فهناك إحساس بداخله يخبره بأن تلك الحمقاء قد تسببت في مصيية جديدة و حدسه نادراً  ما يخطئ
فتح باب منزله لتنتقل إلى أنفه رائحة غريبة و لكنها في نفس الوقت مألوفة بالنسبة له بحكم عمله
لقد كانت رائحة الدماء تملأ شقته بشكل خانق
أحس برعشة غريبة في جسده
هو كتأكد من أن تلك الحمقاء قد تسببت في مصيبة لنفسها
يبدو أن حراحها كانت أخطر مما كانت يعتقد
تباً لم يكن عليه الاستماع لكلام تلك المجنونة
اقتحم تلك الشقة بسرعة ليتجمد مكانه فور رؤيته لذلك المنظر الدموي
كانت تلك الغرفة أشبه بأستوديو لتصوير أفلام الرعب و الجريمة
"هاي أنت أيتها الأميرة العنيدة استيقظي... "
لم يجد أية ردة فعل ليشحب وجهه من شدة الخوف
تباً لقد ورط نفسه في مشكلة لا قبل له بها
كان عليه أن يقوم بجرها رغماً عن أنفها إلى المستشفى
تحسس نبضها ليزفر بارتياح فهي لا تزال على قيد الحياة بالرغم من كون تباطؤ نبضات قلبها بشكل متدرج أمر خطير غير أن هذا أفضل من انعدام النبض تماماً
حملها بحذر ثم نزل الدرج بسرعة
لحسن الحظ أنه لم يلتق بأي أحد من الجيران بحكم أن الوقت لا يزال مبكراً فساعة هاتفه كانت تشير إلى أنها السادسة صباحا
نزل ذلك الدرج بسرعة
فتح باب سيارته الخلفي ثم وضعها هناك بحذر
أغلق الباب خلفه بسرعة ثم اتجه بخطوات متسارعة نحو الجهة المعاكسة
فتح باب السيارة المواجه لمقعد السائق
أغلق الباب بقوة خلفه ثم ضغط بقوة على دواسة الوقود لتطلق تلك السيارة أنيناً مرتفعاً ثم تنطلق و كأنها حصان جانح
كان يقود بسرعة جنونية و كل دقيقة يلتفت إلى خلفه ليطمئن على وضع تلك الفتاة التي لا يعرف عنها أي شيء
عليه أن يصل بسرعة إلى المشفى فلا بد من أنها قد فقدت الكثير من الدماء
قاطع تفكيره ذلك الأنين المنخفض
التفت بسرعة إلى مصدره لتلتقي عيونه الخضراء بتلك العيون العسلية المتعبة

"لا تأخدني إلى المشفى أرجوك...."

"مالذي تهدين به؟  نحن سنتجه فوراً إلى المستشفى و لا يوجد هناك أي مجال للرفض... أنظري إلى أين أوصلك عنادك... أنا متأكدة من أن والديك سيتفهمون أسبابك"

"لا ....أنت لن تأخدني ألى ها هناك... أنا أفضل الموت على أن أذهب إلى المشفى.... إذا سمع سامر بما حدث معي فأنا متأكدة من أنه سيجعلني أتوقف عن الدراسة... "
تجمعت الدموع في عيونها لتردف بنبرة صوت باكية
"سأقوم بفعل أي شيء تطلبه مني... أعدك بذلك و لكن أرجوك لا تقم بأخدي إلى المستشفى... أرجوك أرجوك.... أرجوك لا ترفض طلبي"

تنهد ذلك الرجل بحنق
لا بد من أنه رجل مجنون ليستمر في الاستماع إلى مطالب تلك الحمقاء الغير معقولة
"تباً تباً تباً لي و لغبائي.... "
أوقف سيارته فجأة ثم استدار إلى الجهة المعاكسة
"أنا حتماً مجنون لأستمر في الاستماع لطلباتك الأنانية"

حاولت تلك الشابة الضحك و لكن بدلاً من ذلك بدأت في السعال بقوة

زاد انزعاج ذلك الشاب
لماذا دائماً ما يجد نفسه يقوم بأشياء حمقاء عندما يكون بحانب هذه الغبية...  لا بد من أنه مجرد غبي
فتح درج سيارته و أخرج منه قارورة مياه معدنية ثم أعطاها اياها
"اشربي القليل من المياه...ربمئ تخف نوبة سعالك"
أخرج هاتفه المحمول ثم اتصل على أحد أصدقائه
"السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته... عزيز هذا أنا زيد... لدي معروف لأطلبه منك.... لقد علمت قبل أيام أنك افتتحت عيادةً لطب العظام و الروماتيزم... كنت أريد أن أبارك لك و لكن الظروف التي أنا فيها.... أنا حقاً أريد منك أن تخدمني خدمة العمر..... لدي فتاة بجانبي قد فقدت الكثير من الدماء و أتمنى منك أن تتكفل بحالتها... نعم نعم أنا أعلم أنك تعمل كجراح للعظام و لكن يا عزيز...  لا هي لم ترد أن تذهب إلى المستشفى بسبب ظروفها العائلية المعقدة.... أرجوك يا عزيز أنت ستكون قد خدمتني بذلك خدمة العمر....  هل يمكنك توفير الأجهزة لنقل الدم فأنا متأكد من أننا سنضطر لذلك؟   أشكرك كثيراً حقاً أشكرك كثيراً فقد أسديت لي معروفاً كبيراً ..."
أغلق هاتفه بانزعاج ثم استدار الى تلك الحمقاء التي كانت تعاني في السيطرة على نوبة سعالها
"هل أنت سعيدة الآن؟.... لقد وصلت إلى مثل هذه الحالة بسبب عنادك و لا شيء غيره و المصيبة أنك لم تتعلمي من خطئك و ما تزالين مصرة عليه"

أرادت تلك الشابة أن ترد عليه و لكن ألماً شديداً عصف برأسها لتغمض أطلقت صرخةً متألمة ثم أغمي عليها

حاول ذلك الشاب تمالك أعصابه و صب تركيزه على الطريق غهذه الفتاة ستصيبه بالجنون عما قريب
...............
امرأة ذات عيون عبارة عن بحر من العشب الأخضر تتسلل داخله عدة شعيرات عسلية شديدة الجمال و بشرة تميل إلى السمرة بالاضافة إلى شعر بني كانت تعقصه خلف رأسها
كانت عيون تلك المرأة الجميلة تحدق في إحدى برامج التلفاز و علامات الملل مرسومة على وجهها فقد منعها ابن شقيقها من الخروج من المنزل
أما بالنسبة للطعام فقد قام بطلب من أحد المطاعم أن يقوم بارسال طعام خاص بمرضى الفشل الكلوي كلما أشارت عقارب الساعة إلى الثانية عشرة زوالاً
أحست بأليم غريب فجأة بقلبها
حاولت أخد نفس عميق و السيطرة على انفعالها
أغمضت عيونها بهدوء و حاولت أنوتدخل أكبر كمية من الهواء إلى رئتيها لعلها ترتاح قليلاً
ثم نهضت من مكانها و اتجهت إلى المطبخ لكي تصب لنفسها كوباً من الماء البارد لعله يهدئ من روعها
أخرجت قارورة المياه المعدنية من الثلاجة ثم صبت لنفسها كوباً من الماء
رفعت ذلك الكوب باتجاه شفتيها لتروي عطشها غير أنها لم تستطع السيطرة على رعشة يديها لتسقط ذلك الكوب أرضاً و تنتشر شظاياه الزجاجية في كل مكان
استغفرت الله و حاولت تمالك أعصابها ثم بدأت في جمع أجزاء ذلك الكوب المكسور و المتناثرة في كل مكان
غير أنها قامت بجرح يدها لتبدأ الدماء في السيلان من يدها
هي لا تعلم سبب كل هذا الانفعال الغريب
غير أن هناك صوتاً منخفضاً بداخلها يخبرها بأن هناك خطباً ما بابنتها المدللة
حاولت تجاهل ذلك الصوت و استعادت بالله من الشيطان الرجيم
ضمدت اصبعها المصاب ثم كنست جميع الزجاج المكسور و ألقته في القمامة
ثم اتجهت بسرعة نحو غرفتها و أخرجت هاتفها المحمول
و بلمح البصر اتصلت على اسم ابنتها
استمر ذلك الهاتف في الرنين و لكن لا مجيب
حاولت المرة الثانية و الثالثة و لكن النتيجة كانت نفسها
بدأ القلق يتسرب إلى قلبها العطوف و بسرعة قامت بالاتصال على ابن شقيقها و خطيب ابنتها لعله يستطيع الوصول إلى ابنتها المفقودة
و لكن ذلك الشاب قام بقطع الاتصال ثم ارسل لها رسالة يخبرها فيها أنه مشغول حالياً و سيتصل فور انتهائه من عمله
تجمعت دموع الخوف في عيون تلك المرأة ثم أعادت الاتصال على هاتف ابنتها و لكن بدلاً من أن ينتقل إلى أدنيها صوت ابنتها المختفية كان هناك صوت آخر صوت مألوف يخبرها أن هاتف ابنتها مغلق أو خرج نطاق التغطية
انهارت تلك المرأة على أريك الصالة
ابنتها قد اختفت
هي متأكدة من أن هناك أمر سيء قد حدث لابنتها فأميرة ليست معتادةً على تجاهل اتصالاتها
بل بالعكس هي كانت دائماً ما  ترد على اتصالاتها و من أول رنة أيضاً
أمسكت بجهاز التحكم بالتلفاز ثم وضعت قناة القرآن لتغمض عينيها باستسلام بينما آيات القرآن كانت تنتقل إلى مسامعها لتبث في قلبها مشاعر الهدوء و الطمأنينة
ان ثقتها بالله عالية و هي متأكدة من أنه عز وجل سيتكفل بحماية ابنتها
............
أوقف سيارته أمام تلك العيادة ليجد صديقه ينتظره هو الآخر و علامات الاضطراب مرسومة على وجهه
لحسن حظك أنني لا أعمل اليوم.... أين هي المريضة؟ "

تنهد ذلك الرجل بارتياح فور أن التقت عيونه الخضراء بعيون صديقه البنية المخفية وراء نظاراته الطبية
"هي في السيارة... لقد فقدت الكثير من الدماء... كما أنها تنتابها أحياناً نوبات شديدة من السعال... "

عض ذلك الرجل على شفته السفلى بانزعاج فالوضع أسوأ مما كان يتخيل
اتجه نحو سيارة صديقه ثم قام باخراج تلك الفتاة بحذر برفقة صديقه و اتجها نحو عيادته بسرعة قبل أن يلمحهما أحد المارة و يسيأ فهم ما يحدث فهم ليسوا في حاجة إلى مشكلة جديدة

قام ذلك الشاب بتطهير جراحها و خياطة جرح يدها اليمنى و التي يبدو أنها جرحت بشيء حاد و على الأغلب أنه سكين ما و لحسن الحظ أنه لم يكن حاداً كفاية و لم يصل إلى عظام يدها و إلا لشلت يدها إلى الأبد

كل ذلك كان أمام  ذلك الأشقر الذي كان يحدق في كل ذلك و علامات الغضب مرسومة على وجهه
نعم لقد كان غاضباً على نفسه
ما كان عليه أن يستمع اليها عندما رفضت تلك العنيدة أن يلقي نظرة تفحصية على جراحها
نعم لقد كان الخطأ كله يقع على عاتقه
كل ما حدث مع هذه الفتاة هو خطؤه و هو لن يستطيع مسامحة نفسه إذا حدث معها أي شيء

تنهد ذلك الطبيب بانزعاج
حالتها مستقرة حايلاً
و لحسن الحظ أنها لم تصب بأية اصابة داخلية فجل اصاباتها كانت سطحية غير أن الاصابات كانت متركزة كثيراً علئ قدمها اليسرى و قد لا تعود إلى حالتها الأصلية حتى بعد شفائها
و قد تعاني من آثار جانبية بسبب تلك الاصابة عندما تكبر
بالاضافة إلى ندوب عديدة لن تشفى في القريب العاجل
و الأسوأ من كل هذا أنها فقدت الكثير من الدماء و يجب علينا نقل الدماء لها حالاً

"حسناً سأتكفل بالأمر... سأقوم بالتبرع لها فوراً من دمائي"

قطب ذلك الشاب بانزعاج
"هل أنت أحمق أم ماذا؟... كيف لك أن تعرض علي التبرع بدمائك و أنت لا تعرف حتى ماهية زمرة دمها؟ "

أطلق ذلك الشاب ضحكةً قصيرة
"أنا لست أحمقاً ...و لا حاجة لي بمعرفة زمرة دمها.... زمرة دمي هي o- لذا لا فائدة سأجنيها من معرفة نوعية زمرة دمها لأنني أستطيع التبرع لها في كل الحالات"

أطلق ذلك الشاب ضحكةً قصيرة
"حسناً أنا لن أستطيع أن أهزمك إذا تمثل الأمر في فنون الرد.... "

مرت عدة دقائق

نزع ذلك الشاب نظارته الطبية ثم قام بمسحه بمئزره الأبيض
"حسناً حالتها مستقرة الآن... سننتظرها حتى تستيقظ و بعدها يمكنك أخدها و لكن عليها أن تقوم بتطهير جراحها بشكل دوري و تغير الضمادات.... كما أنه من الأفضل لها أن تتجنب المياه كي لا يحدث أي التهاب للجروح.... "

ارتسمت ابتسامة ارتياح على وجه ذلك الشاب
"أرجوك قم باعطائي شهادة طبية لها بالإضافة الى وصفة طبية للاحتياط اذا طلب مني اعطائها لهم.... و قم بكتابة في شهادتها الطبية انها مصابة بتسمم غذائي نتيجة تناولها لطعام منتهي الصلاحية... و سأحرص على دفعها للجامعة التي تدرس فيها تلك المجنونة"

...................

فتحت عيونها العسلية بصعوبة
جالت بهما في المكان محاولةً منها التعرف على الماكن الذي تتواجد فيه
رائحة المطهر ملأت المكان بالاضافة إلى أن الفراش كان صلباً و غير مريح للنوم
كانت الغرفة أشبه بغرف المشافي
شحب وجهها فور أن راودتها فكرة كونها في المستشفى
أحست بشعور غريب من الخيانة
حسناً لقد كان الأمر متوقعاً فأي شخص عادي كان لبقوم بمثل ما قام به ذلك الشاب
و حاولت النهوض من مكانها
فلو كانت حقاً في المستشفى فلا بد من أن الخبر قد وصل سامر و سيأتي إلى هنا عاجلاً أم آجلاً لذا هي تفضل الهروب على مقابلة ذلك النرجسي المجنون
حاولت أن تسند نفسها على ذلك الفراش غير أنها لمحت حركت غريبة في إحدى زوايا تلك الغرفة المظلمة نسبياً
احتدت عيناها بشكل طبيعي كمحاولة منها للتعرف على هوية ذلك الشخص
هي متأكدة من أنه ليس سامر لأن بنية جسم ذلك النرجسي أضخم بكثير من ذلك الشاب بحكم عمله في الحرس الجمهوري
بدأت عيونها بالاعتياد على تلك الظلمة لتتضح الرؤية أخيراً
ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهها فور تعرفها على هوية ذلك الشاب
هي لا تصدق أن هناك أشخاص بمثل طيبته لا يزالون متواجدين في هذا االعالم
بقيت تحدق فيه لدقائق معدودة ثم أحست بالملل يتسلل الى قلبها لتقرر في الأخير إيقاده
فتحت فمها على وسعه و استعدت لكي تصرخ كمحاولة منها لافزاعه و لكن تلك الباب انفتحت و دمرت جميع خططها
تسرب القليل من الضوء إلى تلك الغرفة المظلمة
استدارت بانزعاج إلى ذلك المتطفل الذي أفسد عليها خطتها ناسية أو متناسية أن المتطفل المتواجد في تلك الغرفة ليست إلا هي

ارتسمت ملامح الاستغراب على وجه ذلك الشاب صاحب المئزر الأبيض و النظارات الطبية عندما لاحظ تلك العيون التي كانت تحدق فيه بغضب واضح
هو لم يتوقع أنها سوف تستيقظ بمثل هذه السرعة
"سعيد لأنك بخير... أنا عزيز صديق ذلك الأحمق النائم في الزاوية و صاحب هذه العيادة ...سعيد لأن حالتك قد تحسنت... لقد كانت حالتك سيئة جدا البارحة... و حقاً لم أتوقع أن تتحسني بمثل هذه السرعة... أنت حقاً تمتلكين جسداً قوياً"

ارتسمت ابتسامة كبيرة هلى وجه تلك الفتاة
"أنت تقصد أننا لسنا في المشفى؟... حقاً؟....لم أتوقع أنه سيستسلم لمطلبي في الأخير.... "
قالت تلك الكلمات بينما عيونها كانت تحدق في ذلك الشاب و علامات الامتنان مرسومة علئ وجهها
بينما مشاعر غريبة بدأت تتسلل إلى قلبها
أحست بدفء غريب يحتل صدرها ببطء


هي لا تعلم سبب ذلك و لكنها لا تمانع الاحساس بمثل تلك المشاعر من الحين إلى الآخر


هذا الاحساس مختلف تماماً عن الشعور الذي تحس به عندما تكون برفقة خطيبها
فهي غالباً ما تحس بالاضطراب و الغباء و أحياناً الغضب
فهي دائماً ثا تشعر برفقته أنها أدنى مستوى منه



لاحظ ذلك الشاب نظراتها الغريبة لصديقه


"لا تسيئي فهمه لقد كان ليقوم بذلك مع أي فتاة في مكانك... لذا لا داعي لتكني له أية مشاعر خاصة لأنك ستكونين الشخص الوحيد الذي سيتألم"



تغيرت ملامح تلك الشابة لترتسم على وجهها ملامح الانزعاج


"أظن أنك أسأت فهم شيء ما... أنا من المستحيل أن أحمل أية مشاعر لصديقك الأحمق و لو بعد مرور ألف سنة هل تظنني فتاةً سهلة؟"


قالت تلك الكلمات بنبرة صوت قوية و ملامح الجدية مرسومة على وجهها


غير أن هناك إحساس بداخلها يخبرها بأن هذه ليست الحقيقة الكامل



"عن ماذا تتكلمان بمثل هذا الاهتمام؟ "



التفت كلاهما إلى مصدر ذلك الصوت و الذي لم يكن سوى ذلك الشاب الأشقر النائم الذي كانت جميع الأحاديث تدور حوله


ارتسمت ابتسامة ماكرة على وجه عزيز



لاحظت أميرة ذلك و استطاعت أن تحزر ما كان يخطط له


التفتت إلى صاحب النظارات ذاك


و همست بصوت غاضب


"إياك و أن تتجرأ و تخبره"



تجاهل ذلك الشاب تحذيرها


"كنا نتحدث عنك و عن كيف أنه من الاهدار أن تقع فتاة بمثل جمالها في حب أحمق مثلك"



احمر وجه أميرة من شدة الخجل


هي لم تتوقع حقاً أنه سيخبره بالأمر


"حب؟... إنه يكذب لأنه من المستحيل أن أقع في حب أي شخص فأنا فتاة مخطوبة بالفعل"


صرخت بتلك الكلمات من ذون وعي منها لأنها حقاً كانت تريد و بشدة إخفاء إعجابها بذلك الشاب


تجمد كلا الشابان من شدة الصدمة فور انتقال كلمات تلك الفتاة الغاضبة إلى أدنيهما



أطلق ذلك الشاب صاحب النظارات ضحكة قصيرة محاولاً من خلالها إبعاد ذلك التوتر الذي ملأ المكان


"أسمعت يا زيد؟ هي مخطوبة بالفعل.... حسناً لقد كان الأمر متوقعاً ففتاة بمثل جمالها لن يكون من المنطقي ألا يقع أي شخص في حبها.....يا لك من مسكين ...لقد ضيعت فرصة لا تعوض"



تنهد زيد بحنق


"من يراك و أنت بهذه الحالة يا عزيز لن يصدق أنك في الثانية و الثلاثين من عمرك و أنك متزوج بالفعل و ستصير أباً عما قريب.... هيا اكبر يا رجل.... و من قال أنني أعجبت بها.... هي مجرد فتاة التقيت بها و قمت بمساعدتها و كنت سأقوم بنفس الشيء لو كانت فتاة غيرها في مثل ذلك الموقف"



لم تفهم أميرة لماذا و لكنها أحست بألم غريب يعتصر قلبها


أبعدت تلك الأفكار عن ذهنها فذلك الشاب المدعو بعزيز على حق هي ستكون الخاسرة الوحيدة اذا استسلمت لنبضات قلبها هذا بدون نسيان كونها مخطوبة بالفعل


بالرغم من أنها لا تريد هذه الخطوبة


فهي تجبر نفسها عليها فقط من أجل والدتها و بعد أن تتخرج و تحصل على وظيفة هي ستقوم بفسخ تلك الخطوبة و ستتزوح برجل يحبها هي لنفسها لا لأنه مجبر على الاعتناء بها و بوالدتها


قاطع أفكارها صوت ذلك الطبيب المزعج



"إذن يا آنستنا المرتبطة... هل يمكنك اخباري باسمك و بعمرك و تاريخ ميلادك كي أقوم بكتابة شهادة طبية لك؟.... و أيضا سأقوم بإعطائك شهادتين طبيتين كما طلب مني ذلك الأحمق الجالس هناك... واحدة تحتوي على مسكنات و بعض المطهرات بالإضافة إلى ضمادات معقمة.... أيضاً احرصي على تطهير جراحك و تغيير ضماداتك بشكل مستمر و تجنبي قدر الامكان ملامسة المياه لجراحك لكي لا يحدث اي التهاب.... اما بالنسبة الى الوصفة الطبية الاخرى فهي مزيفة... لأن نفس المزعج طلب ان اكتب في شهادتك الطبية انك مصابة بالتسمم الغذائي.... انت ستغيبين لمدة اسبوعين احرصي فيها على الراحة... و اياك انت تقومي باي شيء متهور... هل فهمتي؟ "



قطبت أميرة بانزعاج فهي لم تستسغ صيغة الأمر و نبرة التعالي التي كانت تتواجد في صوته لأتها تذكرها بطريقة أو بأخرى بخطيبها النرجسي


تمالكت أعصابها


"أدعى أميرة..... ولدت في الرابع من شهر أفريل.... أنا في الثامنة عشرة من عمري. .... هل هذا كاف بالنسبة لك؟"


I Want To Say that I Love Youحيث تعيش القصص. اكتشف الآن