الثالث "سامر"

57 13 4
                                    

بعد أن انتهيت مع دُعاء التي تقريبًا أبعدتني عنها وطلبت أن أغادر حتى تنام شعرت وأن الموضوع في غاية التعقيد بالفعل، هي فتاه فقد شعور الأهل، والأصدقاء، فقدت شعور أن يقف إنسان واحد بجانبها يحبها بصدقٍ، ولكن لا أعلم هل الإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون حُب من الجميع؟، لا يوجد إنسان اجتمعت عليه كل الناس وأحبته لا بد من أن يكون مكروه من بعض الأشخاص، إلا قليلًا،
تركت غرفت دعاء وأنا في غاية الشرود، حاولت أن اشغل تفكيري في أي غرفه أخرى، لا أعلم هل سيكون لديّ طاقة للتحدث مع أحد أم أن طاقتي نفذت،
كان منتصف الليل قد حان وهذا الوقت جميل جِدًّا، خرجت إلى حديقة المصحة لاتنفس بعض الهواء النقي، هُنا وبرغم انها مصحه للأمراض النفسيه الا انها اكثر مكان نقي على الإطلاق، لا يوجد حقد، لا يوجد من يراقب تصرفاتك ونجاحك ليدعو عليك بفشلك، هُنا المكان الوحيد الذي ستجد كل شخص في عالمه الخاص، مهما كانت قسوه العالم فستجد ان صاحب هذا العالم في غايه الرِقه، والضعف النفسي، احب هذا العالم النقي من كل شيئ،،
لا يوجد أشخاص تُصاب بالاكتئاب الا المختلفين، المختلفين مع هذا العالم هستجدهم هم من اُصيبوا بالتعاسه والاكتئاب، وكأنك لا بد من أن تكون شبه الجميع لتتعايش معهم، لا بد من أن تعيش أسد وسط الغابه، أو نمر، لا بد من أن تَحقد، ان تَخذل ،وتَظلم ،لابد أن تكون مثلهم لتتعايش في وسط الغابه، وإلا ستنقرض، المختلفين هم دائمًا من يعانون، الذين يروا الجمال في كل شيئ، هم من يؤدي بهم الطريق إلى * المصحه النفسيه * ، لا بد من أن تكون خبيث لتعيش بسلام...
قاطع أفكاري شخص واحد يجلس في الحديقة على الأريكة، أعجبني شروده في السماء، كما يقولون يعد النجوم ، تائه في عالم السماء، وكأنه يُحب جديد،
اقتربت منه وَلَكِنَّ شعرت ببعض الخوف من الحديث معه فأنا لا أعلم من أي قسم هو،
حاولت أن أسير بجانبه وجلست بعيد عنه، فنظر لي ببإبتسامه وقال* أعلم أنني مُثير للفضول ،واعلم مدى فضول الفتيات، اسمي سامر *
ابتسمت وقلت* أنا ليلى *
قال* اسمك رائع*
قلت * في الحقيقة اسمك هو الأجمل، ولا أعتقد أنه مِصري *
قال * أنا من فلسطين *
تفهمت من قبل أن يتحدث، تفهمت من نظرت عيناه وهو يتحدث عن بلده، كان أبيض الوجه وعيناه شديده الحزن،
قلت* وكيف حال بلدك *
قال*إن كانت بلدي بخير فكنتِ لن تجديني هُنا الآن*
قلت* تقصد في مصر أم في مصحة؟ *
قال* في الاثنين، بل وفي قسم 717 *
قلت* مصر هي بلدك الثانية، نحن نعتبر فلسطين قضيتنا أيضًا*
قال* ليست هنا المُعضله، المعضله في أنني لم أنسى الأوغاد الذين دمروا لي حياتي *
صمت بره وتابع* أعلم أنكِ تشاهدين الأخبار، ولكن ابدًا لن يكون مِثل الحقيقه، إنهم اوغاد بمعنى الكلمه، يهدمون البيوت، يغتصبون الأراضي والنساء، يقتلون الأطفال بدمٍ بارد، ليس لكِ حق حتى في الشكوى، في البكاء،*
قلت وعيناي امتلأت بالدموع* أعلم جيدًا كان لي صديقه انقطعت أخبارها ورأيت جثتها على التلفاز، كان مشهد بشع*
قال* لن يكون مثل ان يُقتل ابيكِ أمام عيناكِ، لن يكون مثل، ان تستيقظي على الحرب، هل تعرفين ما صعوبه ان يهرول إليكِ أطفال العائله ظنًا منهم أنكِ ستحميهم؟ وانتِ تريدين ان تهربي لمن يحميكِ، لن تتوقعي صعوبه ان يسألك اخوتك عن ابيكِ الذي قُتل كالدجاجه أمام عيناكِ وانتِ ليست في ايديكِ أي شيئ تفعليه، هل جربتِ ان تُغتصب اختك امام عيناكي؟، بالفعل حدث أمام عيناي، وعندما قتلت هذا الجندي الوغد، حُكم عليّ بالإعدام، يحكمون بالإعدام لأنك تدافعين عن شرفكِ، *
صمت هو اما انا فلم اتحمل ان امسك بُكائي وانهارت الدموع في السقوط
فتابع* وعندما هَربت ،وجدت امي اخذوها الأوغاد، ولم تتحمل صدمه ابي واختي وصدمتي فتوفاها الله، وقررت اختي الجهاد، حاولت مرارًا وتكرارًِا ان امنعها ولكن لم استطيع، شعرتُ ان بداخلها نارًا وكان هذا من حقها، فتركتها، فأنا عاجز ولن اجعلها هي مثلي، وقامت بتفجير نفسها في كمينٍ لهم، لم اتحمل كل هذا، اُصبت بانهيار عصبي، كان الضغط عليّ اكبر مما تتخيلي،
حاولت الهروب، اعلم أنني مُخطئ ولكنه الحل الوحيد، فكنت في حاله انهيار تام، هربوني أصدقائي الي عدت ملاجئ، إلى أن وصلت إلى مصر، ودخلتُ هذه المصحه،
اتذكر ما حدث باليوم والتاريخ والساعه، *
كنت احتاج من يجعلني أشعر بالهدوء، لم أستطع تهدئه
فحاولت ان اُخفف ألم الحديث قائله* وكيف حالك؟ ألم تهرب من حياتك في العمل؟ الحُب؟ *
قال * دخلت في اكتئاب حاد ، كنت أحلم بكوابيس لعائلتي التي تفرقت تمامًا، أختي، أمي، أبي،
كُنت اشتاق لوجود عائله، وإن كانت عائله مزيفة، أي شيء، في نفس الفترة أحببت فتاه، كانت جميلة جِدًّا، ليس شكلًا بل جوهرًا، استطاعت أن تحتويني جيدًا،
قلت وأنا أمسح دموعي *ممتاز وماذا بعد*
قال* لم تكن الحياة في صفي ، لم تنصفني مرة واحدة، حتى هي التي أحببتها، أرغموها أهلها على أن تتركني، لا يعلمون عني أي شيء، لا عمل، لا دراسة، لا أهل، لا هوية *
قلت *لا تقلق يا صديقي ستقابل الأفضل *
قال* انتِ جميله في طريقه تخفيفك آلامي، وكيف يا عزيزتي؟، انا كُنت احبها كحبي لتكوين عائله، احببتها حب يصلح للروايات، لم يكن النصيب معي لمره واحده، *
قلت* عيناك تمتلئ بالتعب وقلبك ايضًا *
قال* صدقيني لم أشعر بنفسي الا وانا انتحر، انقذني شيخٌ كبير السنِ، ونصحني بالمصحه، شعرت فيه بالاب والعائله، كم هو مُؤلم ان تفقد شيئ مهم، ستظل تراه في وجوه جميع الناس، ستظل تبحث عنه في كافه الأشياء، حتي وان لم تجده، ستصنع خيال جميل لنفسك لترى ما ينقصك كامل، هل تعلمي انني جئت الي هُنا لاشعر بالعائله؟ بالونس ،ولم أجد، هُنا كل شخص يحمل بداخله أسرار، وقصص، كل شخص به ما يكفيه، يخاف الاختلاط، فإعتدتُ على الجلوس وحيدًا بلا هدف، بلا احد *
قلت* صدقني الوحده ليست في الجلوس بمفردك، ليست في العزله، يمكنك أن تكون وسط الجميع وتشعر بالوحده، بالغربه، ليس الوحده في المجلس، انها في القلب، إن كان القلب خالٍ فالمجالس مهما امتلأت خاليه،*
قال*أعلم ولكنِ اريد حتى ان أشعر بتلك الوحده، اريد أي اشخاص حتى إن كانوا وهميين*
قلت* يا صديقي إن المنافقين كثير، من يريد الأذية أكثر، لا أقول إنك في أمان كافِ، ولكن أمر أهون من أمر آخر.. *
قال* من الممكن أن تكوني على صواب، من انتِ؟ مريضه؟ اقصد انك...*
قولت* لا تقلق لن اتاذي من أي حديث قل ما تريده بدون ترتيب، إن ترتيب الحديث صعب سيجعلك تكره ان تتحدث وتميل الي الصمت،*
قال * احسنتي*
قولت* انا طبيبه نفسيه، ولكن انا صديقتك هُنا *
شعرت بحركه غريبه جدًا في المكان فقفزت من مجلسي، قَلقتُ، حركه مريبه للغايه ،وكأن احد يتلصص علينا
قولت* هل سمعت شيء؟ *
قال * لم انتبه*
قولت * هُناك حركه غريبه * 

قِسم ٧١٧حيث تعيش القصص. اكتشف الآن