السابع "فاطمه"

23 8 6
                                    


كنت أشعر أن كل الأمور بدأت في التحسن في ذاك القسم، أصبحت أعرف كل المعلومات عن قسم 717 من المُفترض أن أبدأ رحلة العلاج معهم الآن، ولكن بعد أن ألتقي برحمة
لازالت رحمة تريد التخفي لا أعلم لِما، ولكن سأقابلها في نفس المكان،
عندما كُنت في طريقي إلى حيث رحمة، فضّلت أن ألقى نظرة على "تغريد"
طرقت الباب ثم دخلت وجدتها مستيقظة إبتسمت لي قلت لها "صباح يوم جميل يُشبه إبتسامتك"
إبتسمت وكتبت "أنتِ في غاية اللُطف"
إبتسمت لها ثم قلت" هل أنتِ من ترغبين في الصمت، أم أن هناك شيء عضوي يجعلك غير قادرة على الحديث"
نظرت لي وصمتت ،تابعْت" آسفة، ولكني أريد مساعدتك، الجميع يقول أن لا هناك مُشكلة جسدية بكِ"
كتبت " المشكلة بي"
قلت" لماذا؟ "
كتبت" الصمت هو الذي يرغبني لا أنا الذي أرغبه، جاءت أوقات كثيرة كُنت أريد التحدث لكني لم أفعل، أو لم أجد من يفهمني أو من يستمع إليّ من الأساس"
قلت " أنا هُنا"
تنهدت
قلت" تابعيني، قولي تغريد "
فتحت فمها تحاول ولكن تنهدت مرة آخرى
تابعت" تغريد جميلة، قولي، تغريد، جميلة، هيا "
بدأت في الدموع وكتبت" نجح الجميع في جعلي شخصية صامتة"
قلت" لا سنحاول"
كتبت" سأحاول "
قلت" ما الذي يجعلك سعيدة؟ "
كتبت" أنتِ تحاولين إصلاح شيء ما إنتهى وقت إصلاحه "
قلت" مادامت الحياة مُستمرة إذًا لازال هناك وقت،"
كتبت" سأحاول "
تركتها، ولكن كل ما حضر بذهني هي جملة دونتها في هاتفي
" "ما بداخلنا كُتب عليه أن يظل بداخلنا، كُتب علينا أن نحمل أحاديث تسكن جدران قُلوبنا، أن نجتاز الصعاب دون أن نتحدث عن ألمها، أن نظل صامدين، فلا وقت للسقوط، ولكن عندما يزداد وقت صمودك سيزداد معه عجزك عن النهوض بعد السقوط، مع تكرر الصمت ستنتهي طاقتك"
تنطبق على تغريد بالحرف،.
إتتظرت رحمه قليلًا حتى جاءت،
قالت" أهلًا أيتها الطبيبة الصبورة".
قلت"صبورة؟"
قالت" نعم ،توقعت أنكِ ستتصلي في اليوم التالي من لقائنا، لأن هذا القسم غامض، لا يحتاج سوى الصابرين فقط "
قلت" ولكن،، تبدين بخير، "
قالت" نعم أنا بخير "
قلت " هذا رائع أنكِ استطعتي التجاوز"
قالت" الوقت أكبر علاج للإنسان، لا أُنكر أن الوقت يأخذ من العمر، ولكنه أفضل علاج لتداوي أي جرح بداخلك "
قلت" وهل إنتهى الجرح؟ "
قالت" لا شيء في الدنيا ينتهي،إن أُصيب الإنسان بجرح في يداه ثم تم شفاؤه، سيظل أثر الجرح ، كلما يراه يتذكر اليوم، والمشهد، يتذكر كل شيء يخص ذاك الجرح، رغم أنه شُفي، إلا أن أثره لازال، كذلك ما نعاني منه، إن إنتصرنا يزال أثر، ولكن في نظري أثر يدل على مدى قوتك في تخطي أمور صعبة لا يتخاطاها سوى الأبطال"
إبتسمت وقلت" عظيم، أنتِ تحسنتِ بشكل كبير، ولكن كيف بمفردك؟ "
قالت" الإرادة "
قلت" نعم ،ولكن لابد من وجود طبيب "
قالت" أنا طبيبة نفسي"
لم أفهم فصمت
قالت" ما الجديد؟ "
شرحت لها كل ما حدث وأنهيت حديثي ب تغريد ومحاولتي لها في الحديث
قالت" إنهم مرضى لابد أن تصبري"
قلت " نعم ولكن أشعر بالعشوائية تجاه فاطمة تلك التي لم تخاف على تلك الحالات، هي لا تفكر سوي في نفسها"
قالت" لا تعلمين ظروف الآخرين"
قلت" حتى إن كانت متعبة لابد أن تترك تقرير"
قالت" ممكن"
قلت" حاولت الإتصال بها ولكن هاتفها خارج الخدمه، هذا كله لا يسمى عبث؟"
قالت وهي تنظر للأرض" ممكن أن تكون لا تطيق أن تتحدث مع أي شخص"
قلت وأنا في غاية العصبية" كُلا منا به آلام لا يعرفها أحد، كلا منا يعاني، فنحن في الحياة، لا أحد سعيد، ولكن هل لطبيب أن يترك مريضه لأنه متعب؟ إذًا لم يُشفى أحد،نحن دائمًا نفضل رغبات غيرنا على رغباتنا لأن هذا واجب علينا "
قالت" إهدأي"
قلت" متأسفة "
قالت" أعلم ما بكِ، ولكن لابد أن نعذر الآخرين دائمًا"
قلت" حسنًا "
صمتنا برهة ثم تابعت أنا" صحيح، أنتِ بخير الان، فلما ذاك الوشاح الذي ترتديه على وجهك؟ "
قالت" لأن رحمة ليس إسمي وقلت لكِ ذلك"
قلت" ولما لا تعترفي لي بالحقيقة؟ "
قالت" ربما في وقت لاحق وليس الآن"
قلت" كما تحبين"
قالت" ألقاكِ في وقتٍ لاحق "
كان بداخلي الكثير من المشاعر، كُنت أشعر بالسعادة لأنها استطاعت أن تتجاوز شيء ما يُؤلمها، ولكن أشعر بالخوف على مرضاي أن ينتهي بهم الطريق إلى الحافة، إلى أن يقفوا على الحافة ولا يبقى لهم قرار إلا الإنتحار، ولكن كنت سعيدة لأنني رأيت تلك القوة بداخلها،
عُدت إلى مكتبي وبدأت في التفكير في علاج لهم، لم أعرف كم ساعة قضيت ولكن وجدت صوت عالي، تهليل وصوت ضحكات بصوتٍ عالي بالخارج، فخرجت وجدت طبيبة، كان محمود بجانبها وهو يدعوني للإقتراب قائلًا " إنها فاطمة، الطبيبة القديمة، عادت من جديد"
إندهشت وأقتربت بل إزدادت دهشتي عند الإقتراب، هذه فاطمة؟؟ أيعقل؟
لم تترك لي فرصة في التعبير عن شكلها بل طلبت مني أن نتجه إلى المرضى،
قلت" ألم نجلس سويًا قليلًا؟"
قالت" سريعًا فليس هناك وقت"
ضحكت وقلت بسخرية" ليس هناك وقت لحديثنا ولكن كان هناك وقت لإختفائك المفاجئ، وهناك وقت للمرضى للتعود عليّ، وكان هناك وقت لعلاجهم بدونك، ولكن ليس هناك وقت لحديثنا الذي هو يخص المرضى أيضًا؟"
قالت" أنتِ لا تعلمي شيء، وليس من حقك أن تحكمي على أي شخص دون أن تعرفي ظروفه المحاوطة، أنتِ لم تكوني معي في الكواليس، لا تعلمي كم عانيت، لا تعلمي كم تحملت وما الألم الذي أدى بي إلى ذلك القرار "
قلت بحدة" حديثك حاد، وأنتِ في كل الأحوال مُخطئة، عملك ليس له علاقة بحياتك، بنفسيتك، بمشاكلك ، أنا لا أحكم عليكِ شخصيًا، أنا أحكم على تصرفك ك طبيبة، أنتِ عشوائية، كان عليكِ على الأقل أن تتركي تقرير عن حالة المرضى، هل حياتك الخاصة لم تترك حتى في كتابة بعض الورقات؟، ولا أعلم كيف تركك المدير تعودي إلى العمل بمنتهى السهولة"
قالت" أنتِ ليست مُديرتي لتنصبي لي محكمة، وأنا أثبت أنني طبيبة جيدة لذلك سامحني المدير، أنتِ لازلتي جديدة هُنا، لا تعرفي شيء عن تاريخي هُنا، ولا يعني أنني استسلمت مرة أنني لم أواصل السير وأنا مُنهكة عده مرات"
قلت" حسنًا إن وافق المدير على عودتك فليس عليكِ أي خطأ، فأنتي تعملي في "سوق" تأتي كما تريدين، وتختفي وقتما تحبين، مادام لم يقف لكِ أحد فحقكِ"
قالت" لا أسمح لكِ بالتجاوز أكثر من ذلك".
إنتهي الحديث واتجهنا إلى غرفة تغريد، ولكن لازال شيء ما بداخلي يقول أنني أعرف تلك الفتاة جيدًا،
قطع تفكيري إبتسامه تغريد عندما رأت فاطمة، ولكن إزدادت عصبيتي لأنها تبتسم لها، كيف تبتسم لفتاة لم تُقدر حالتها؟
قالت فاطمه" لقد أفتقدك كثيرًا"
كتبت" لكني لا أريد التحدث معكِ"
قالت " أعلم أنني إختفيت، ولكن كان كل شيء أكبر من طاقتي"
كتبت " أنا كُنت في حاجة إليكِ، ولم أجدك، فلما أنتِ هُنا الآن؟"
قالت" لأنني افتقد صوتك، أرجوكي سامحيني، ولا تكتبي، قولي لي أنكِ تسامحيني وأعدك لن أختفى ثانيةً"
صمتت برهة وأنا بداخلي بركان هل ستنطق حقًاا؟!
قالت تغريد وهي تُتهته" أُ ،، أُسام،، أُسامِحك"

قِسم ٧١٧حيث تعيش القصص. اكتشف الآن