(1)
..العودة..كان يستمع إلي هدير أنفاسها المضطربة ، و هو يراقبها في صمت بالغ ...
لا يصدق أنه عاد الي ا متلاكها ...
كم انتظر تلك اللحظة ..!!.. خاصة بعد آخر لقاء لهما أو بالأحرى أخر رسالة وصلته منها..
كان ذلك منذ سنه تقريبا حين عاد إلي البلاد و أثر رؤيتها اول شئ و لكنها رفضت بكل صرامة :
"لا مش موافقة .. من فضلك قوله يا زين أن أنا مش عاوزه أقابله أو حتي ألمحه .."
انتصب المخاطب واقفا ليعترض معلقا : " أنا متأكد انك لما تقابليه ؛ هيقدر ساعتها يشرح لك عمـ..."
بترت حديثه بحزم:
" الشرح وقته عدي من زمان يا زين ، من ساعة ما سابنا مرمين في المستشفى قلقانين عليه و هرب ، احنا ببساطة معدش في حاجه تجمعنا ببعض .. و ارجوك متفتحش الموضوع دا تاني معايا"
اعتقدت أنها بذلك قد تمكنت من لفظه خارج حياتها نهائيا ؛ ولكن القدر عاندها و أثبت لها العكس و بين لها حقيقة مشاعرها التي توليها تحت سقف القوة المتصدع .. ذلك حين سمعت شقيقتها "حلا" تتحدث الي " زين" ذات ليلة كعادتهما بعد أن تمت خطبتهما ... لم تقصد التنصت و لكن غضب الأخرى الجلي علي صوتها جذبها عنوة الي استراق السمع.." انت هتروح توصله المطار بكره .. ازاي وانت المفروض تجي لي المستشفى عشان تغير علي الجرح اللي في كتفك ؟!"
ساد الصمت الأجواء لدقائق معدودة ظنت فيها "الينا" أن حديثهما قد انتهي الي هذا الحد و كادت تذهب لولا نهر الاخري له بصوت عال ، ألجم تلك المتنصتة في مكانها :
" هي حصلت يا حضرة الظابط تكلمني بالطريقة دي .. تمام جدا انت هتروح توصل صاحبك الساعة 6:00
7:00 بالدقيقة تكون عندنا في الفيلا عشان تاخد دبلتك..."
انقبض قلبها بطريقة مريبة اربكتها و جعلتها تنصرف الي غرفتها علي الفور لتلج إليها و توصد بابها بايد مرتعشة و تعدو بسرعة لتختبيء أسفل الغطاء من هواجس وجوده في حياتها.. انكمشت علي نفسها محاولة السيطرة علي ارتعاشات جسدها المتكررة..
ثم شرعت تردد:
"امشي.. احسن.. ابعد.. مترجعش تاني ..."
أخذت ترددها لمدة حتي غفت و غطت في ثبات عميق..
اعتقدت أن تلك هي النهاية و لكن هي فقط نقطة البداية في طريق الغفران .. كانت تجلس في سيارتها ترقبه من خلف نظارتها السوداء و هو يودع "زين" بحفاوة غير مدركة السبب وراء احتراق قلبها الان ... و لا السبب وراء تواجدها في المطار في تلك اللحظة .. رأته ينظر باتجاه بوابة الدخول و يبتسم ..
هو نفسه الاتجاه الذي تقف فيه بسيارتها .. قطبت حاجبيها باستنكار.. الي من يبتسم؟!.. ظلت تنظر و تتلفت حولها و الي حرس البوابة الرئيسية.. لتجدهم جميعا منهمكين في عملهم .. فغرت فاهها حين فطنت أنها قد تكون المعنية بتلك الابتسامة .. نظرت ناحيتهم مجددا لتجدهما قد اختفيا.. كيف علم بوجودها..!؟
قادت سيارتها مغادرة الصرح بأكمله عائدة الي الفيلا لتعود الي حالة الاكتئاب النفسي الذي سبق و عانته في بداية رحيله...
و بمرور الوقت تمكنت من التعافي و الرجوع الي حياتها و استكمال دراستها.. التي كانت العامل الأكبر في شغلها عن التفكير به..
لتصبح طبيبة متفوقة في مجال دراستها و مؤخرا في مجال الموضة والأزياء..
ايقظتها الايام القاسية علي انانيته و ردت إليها نمير وعيها الذي فقدته وبعد دقائق معدودة ستصبح زوجته عُرفنا و شرعاً..
ظلت شاردة في الثلاث سنوات الماضية التي اكتمل فيها نضجها و اصبحت امرأة بالغة راشدة ... وضعت مشاعرها جانباً و فكرت بعقل في اختفاءه غير المبرر و عدم تحمله المسؤولية اتجاه من قُبِضة قلوبهم وجلا عند وقوعه..
هي حقا تحبه و لكنها لن تمرء أمر سفره و هروبه بسهولة.. ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام انانيته ، و سوف يكن ترويض ذلك الأسد الجامح علي يدها هي ، فليُعقد قرانهما الان و لتريه فيما بعد ما يمكن للغزالة فعله عندما تشرد عن القطيع و تدلف لعرين ذلك الجامح بقدميها ..
الغزالة في بعض الأحيان تكون اشد ضراوة من الأسد.. وهذا ما يجهل البعض منا....
وصلوا جميعا الي الشقة التي كان "أدم" قد اشتراها قبل ثلاث سنوات بغرض المكوث بها أثناء الفترة التي حددت فيها جلسات المتابعة لشقيقته.. قبل ان تنقلب الدنيا رأسا علي عقب و تعطب جميع خططه..
ترجل "أدم" من السيارة و ذهب ليفتح لها الباب و يساعدها في النزول بهذا الفستان الضخم خاصة أن سيارتهم قد سبقت السيارات الأخرى ...
أخيرا تمكن من انزالها بحرص شديد منه حتي لا تتعثر ثم دلفا معا الي العمارة ليستقلا المصعد .. و لحظهما الجيد ان احد المصعدين كان في الطابق الأرضي و لن يتكلفوا عناء انتظار وصول أحدهما ..
فتح لها بابه لتدلف إليه و تبسط فستانها ليملىء حايز المصعد بأكمله وجدت في ذلك فرصه لعقاب خفي... رسمت ابتسامة ودودة علي شفاهها ثم قالت:
"ما ينفعش ندخل مع بعض عشان الفستان واخد المكان كله.."
حك رأسه و هو يقلب نظره ليوميء برأسه مؤكدا علي ما قالته ، ثم أنحني برأسه للداخل ليضغط علي زر الطابق المنشود :
" خلاص اسبقيني انتي و انا هلحقك علي السلم .. ."
تفوه بذلك قبل أن يُوصد المصعد بابه و ينطلق صعوداً الي الطابق المنشود..
نظرت إلي رقم الطابق الذي تقبع به الشقة خشية أن يكون احد الطوابق الأولي..
لكنها صعقت و اتسعت حدقتاها عندما قرأته الطابق التاسع ... حتما ستقطع أنفاسه لا محالة.. لاحت على ثغرها شبح ابتسامة متفشية فيه ..
عقدت ذراعيها امام صدرها بانتظار وصول المصعد الي وجهتها..
أصدر صفيرا مشيرا إلي وصوله الطابق المطلوب ، دقيقة و كان بابه ينفرج عن مصرعيه ليُفتح و يظهر "أدم" أمامها مستندا بظهره و قدمه اليسري علي أحد الحوائط عاقدا ذراعيه أمام صدره..
اتسعت عيناها بدهشة لا تصدق..؟!
كيف استطاع أن يسبقها؟! ليس هذا فقط بل كان بانتظارها كأنه كان يبيت هنا ولم يكن معها بالطابق الأرضي منذ قليل..
" تعالي يا حبيبتي يلا .. عشان الاسانسير ينزل لهم لأنهم وصلوا و مستنين تحت.."
ألجمتها الصدمة و يبست جسدها فلم تتحرك انشا واحدا اقترب هو منها يجذبها من يدها لتخرج و الخوف يكسو وجهه :
"حبيبتي انتي كويسه .. مالك مبلمه ليه كدا؟!!"
ردت عليه ببلاهة:
" انت طلعت هنا ازاي..؟!"
ارخي يدها في الحلقة التي اصطنعها بذراعه ليقودها الي الشقة قائلاً بتباهي:
" طلعت طاير يا حبيبتي .. عشان تعرفي بس أنك مش متجوزة اي حد..و جوزك عنده قدرات خاصة"
نفضت يدها من ذراعه عندما شكت أن يكون شبحا و ليس حقيقة فتلك الافلام الاجنبيه التي بدأت تشاهده مؤخرا قد افقدتها برجا من عقلها..
"شبح..... "
علي صوت قهقهته التي ملأت الارجاء لينخرط في نوبة ضحك هستيري لم يهدأ منها إلا عندما وصل حماه و صديقه و البقية.. مستنكرين شحوب وجه "الينا" و قهقهة "أدم" المخيفة..
اقتربت "حلا" تعانق شقيقتها الشاحبه لتطمئنها في حين سأل " زين" بـ ارتياب من ما يحدث :
" في ايه يا أدم و بتضحك علي ايه كدا ؟!.. و الينا وشها اصفر زي الليمون؟! "
استند الاخر بيده علي ساعد صديقه ممسكا بـ معدته التي بدأت تؤلمه من كثرة الضحك .. دقيقة و بدأ يهدأ و يتنهد ملتقطاً أنفاسه ليتمكن من التحدث إليهم و اجابتهم..
.......
في الوقت ذاته في قصر الشرقاوي ...
كانت "سميه" تقف في المطبخ تعد العشاء لزوجها المُقعد .. تتذكر الثلاث سنوات السابقة كيف تحملت معاملة "بدور" الفظة معها و تكبرها الدائم عليها. لأجل راحة زوجها.. فقط ..
أدمعت عيناها عندما تذكرت ما حدث بينهما ليلة أمس حينما اخبرها أنه يريد أن يطلقها ليعفيها من تحمل عبء خدمته ..
ظلت كلمته تتردد صداها في أذنها..
" من حقك تتجوزي و يكون لك عيله... من حقك تتجوزي و يكون لك عيله... من حقك تتجوزي ويكون لك عيله .. "
تشنجت أعصابها لتجرح يدها بالسكين دون قصد، ألقت بها في الحال ثم وضعت إصبعها أسفل المياه الجارية من الصنبور ليحرقها قليلا ثم تبعده و تلفه بمنشفة المطبخ بإهمال و تمسك بحامل الطعام و تسير الي الخارج صعودا لذلك الزوج القاسي ذو القلب العاصي..
وضعته علي الطاولة متجاهلة نظراته الثاقبة إليها و همت بالرحيل لـ يوقفها بحزم:
"استني عندك.."
وقفت هي توليه ظهرها ليقترب بكرسيه المتحرك منها يقف أمامها مباشرة و يمسك بإصبعها الذي تعتصره بـ قبضتها..
كان يمسك به برقة بالغه كأنها شيء غال يخشي كسره..
اقترب ليلثم إصبعها و لكنها بغتته بانصرافها فجأة من أمامه قبل أن تضعف .. فما اتفقا عليه لأن تعود عنه ابدا..
وضعت يدها علي قلبها المذعور ثم أمرته بصرامة " اهدى عاد... ملوش عاذه غباءك ديه.. هو مستحيل يحبنا زيهم... )
انصرفت تلهي نفسها في اي شيء يبعدها عنه...
.......
عودة مره اخري الي شقة أدم الشرقاوي...
دلفوا الي الشقة بعد ان شرح لهم" أدم" سبب ذعرها منه و ألقي بكذبة علي عاتقها قائلا:
"أصلها بتقولي يا عمي خلينا اخوات النهارده و مشي ليلتك علي خير بدل ما العب في وشك كراتيه.. تخيل يا عمي عريس ليلة فرحة يتلعب في وشه كارتيه.. ههههه "
انفجر الجميع من الضحك باستثناءها؛ ظلت ترمقه بوعيد....
و أثرت أن تلاعبه مثلما يفعل و ستؤجل اكتشاف أمر صعوده بتلك السرعه لاحقا فالايام بينهم و ستجعله يجن قبل أن يفقدها عقلها ....
...................
وحشتوني كتير ❤❤اصابتني حالة من الصدمة لما عرفت ان معظمكم مقرأش النوفيلا التكميلية للرواية لان اسمها مختلف عن اسم الثنائية و اعتقدوا ان الثنائية انتهت علي اخر فصل نشر هنا .. عشان كدا انا هنزل قصول النوفيلا هنا عشان اللي مقرأهاش
هتلاقوا الرواية بيوضح فيها أمور كانت مبهمه عند البعض منكم و لسه هيبقي في باك كتير وسط الاحداث يوضح اللي حصل خلال التلات سنين اللي فاتوا في حياة الكل ....
متشوقة لتعليقاتكم جدااااا ❤😉😘🙈
ايمان احمد يوسف
غزالة في عرينه
أنت تقرأ
"سَيِّدَةُ العِشقُ" (ثنائية من جزئين)
Romansلا أحلل نقل او الاقتباس نهائيا بدون موافقتي ******* كانت تتمني ان يخلقها الله فتى لتصبح سندا لوالدها.. ورغم تصرفاتها الصبيانيه الا انها اضحت في ليلة سيدة للعشق.. ليهبط هو بطائرته علي مطار حياتها ويسرقها لتصبح كبش فداء لثأر لا ذنب لها فيه .. فهل...