_6_

157 27 67
                                    


...

فتح الباب و دخل نسيم هلعا. نظر إلي خائفا ثم انحنى ليجلس على ركبتيه و يرتمي في حضني يعانقني مهدئا قائلا:
- نغم لا بأس.. لا تخافي.. أنا معك و لن أدع هذا يحدث مجددا. أعدك بهذا..

مرت بضع دقائق و نحن على هذه الحال حتى تراجع نسيم عني عندما شعر بيدي ترتفع لتربت على كتفه.

نظر إلي في حيرة ليقول:
- أتشعرين بتحسن ؟
ابتسمت.. ابتسمت لكن لم يشعر قلبي بذلك فكم هي رديئة الابتسامة التي تتحرر من الثغر بمناسبة الألم.

قلت:
- أشعر بالتعب.. أريد النوم..
ساعدني على الوقوف و التوجه نحو السرير. وضعت رأسي على الوسادة ببطء أنتظر رحيله لكنه تقدم ليطبع قبلة دافئة على جبيني ثم يبتسم ليغلق الباب و يطفئ الأنوار..

' صوت فرامل حاد يتزامن مع صدى بوق سيارة.. صراخ متواصل.. بكاء.. ضجيج ارتطام على جانب الطريق.. تأحرج و انقلاب على سفح هضبة عالية.. تكسر الزجاج.. توقف الحطام على المنحدر.. صمت تام يعكره صوت دخان السيارة المتصاعد.. '

فتحت عيناي لأنهض فزعة و قد تسارعت دقات قلبي و حركة تنفسي لأصرخ:
- أمي.. أبي.. بدر.. بدور..
ثم أقلب الغرفة ببصري لأقول بصوت خافت يتزامن مع انخفاض نبض قلبي:
- لا ترحلوا..

طرق الباب ليدخل نسيم مهرولا. جلس على حافة السرير. أمسك بيدي ثم قال:
- نغم لا تخافي أنا هنا من أجلك..

نظرت إليه لأجيب:
- لم أطلب منك هذا. وجودك معي لن يغير شيئا. أترى؟ أنظر حولك.. لم تعد أمي على قيد الحياة أو أبي أو حتى بدر و بدور. لم أشعر بتحسن و لم أسترجع سعادتي. لم يتغير شيء..

كم أنت مثير للشفقة تلاحق فتاة لا تحبك و لا تسعى لتصحيح نظرتك المختلفة عنها.. لا يعني لها شيئا أن تلمع في عينيك أو حتى تنطفئ .

﴿أسفك لن يغير شيئا﴾حيث تعيش القصص. اكتشف الآن