غُربه

غُربه🖤
حكايه متكرره بس بتفاصيل كتيره ومختلفه و معظمها بتبقي بنفس النهايه..
انا مسافر سنه وهرجعلك اكيد يا رقيه.
لازم يعني السفر دا؟
-مضطر للاسف بس وعد هرجع بعد سنه.
سنه بس!
اه بس،بس ادعيلي ارجع بخير..
مطولش ياريت وابقي طمني عليك يا عزت.
هبعتلك اول موصل جواب علي المكان اللي انا فيه وهحكيلك حصل معايا اي.
بيمسك ايدي بحنيه هتوحشيني جداً يا رقيه، وياريت متنسنيش
هستناك متتاخرش مش هتاخر متقلقيش..
وعد!
وعد
فات اول اسبوع اخباره مختفيه حتي الجواب موصلنيش اضايقت منه وقولت نساني يدوب عشان سافر ! زعلني بجد.
واول مابشوف صورته قدامي بحس انه بيوحشني وانسي انه مطمنيش عليه.
الاسبوع بقم اسبوعين والاسبوعين سحبه شهر في شهر عدت سنه ومستنياه يرجع مرجعش!
اكيد كام يوم وهيرجع مش لازم سنه ب الظبط استني بردو مبيرجعش!
السنه بقت تلاته مش معقول انه نساني او يمكن حصله حاجه قلبي وجعني من الخوف عليه،
قامت حرب دمرت كل البيوت هدت العالم بحاله دمرت كل حاجه مات اللي مات وسابت اللي سابته وانا لسة عايشه بفكر فيه وقلبي الوحيد اللي فيا متحطمش  وعنده امل انه يرجع وهيكون بخير
السنين بتعدي كتير والحرب بدمر كل حاجه ونا لسة مستنيه حتي يجيلي جواب منه والناس كلها بتمشي من المكان عشان الحرب وانا لسة قاعده مستنياه مش عايزاه يجي ميلقنيش.
عدت اكتر من ١٠ سنين الوضع بقا شبه مستقر في البلد بس لسة محتله! الشارع اللي كان مليان ب الناس والاطفال وصوت ام كلثوم مالي البلوكونات كل دا اختفي الشارع بقي مهجور كل شي انعدم..
الحال ادهور بيا عايشه لوحدي في بيت مخيف ومستنيه شخص معرفش هو عايش ولا ميت. بس عندي امل انه موجود وحي واكيد هيرجع..
كنت شبه ميته بقيت شبه الصنم مبتكلمش حياه روتنيه ممله لوحدي سنين ونا عايشه كدا مستنياك! ياتري فكرني ولا لا
مبطمنش غير لما بشوفك في حلمي، وبقيت بتخيل انك قدامي عشان اطمن. شوفت الحال وصل بيا لـ اي؟
اللي عدي مكنش بيفرق عن اللي جاي اللي يدوب بيختلف هي ارقام السنين، عجزت ونا مستنياك سبتني ونا لسة شابه بنت20سنه احن ليك كل يوم علقتني بقلب وهمي ومشيت مرجعتش ونا لسة قلبي ليك مش لحد مهما شاف! ٤٠ سنه عدو ونا لسة مستنياك انت اي مبترجعش مش عايزة اموت من غير ما اشوفك، وياريت لو مُت هيبقي احسن من اللي انا فيه دا!
والشارع الكئيب الروح ابتدت ترجع فيه طفيف وابتدت تتفتح البلكونات من جديد واحس ان في ناس حوليا، ولاول مره بعد سنين باب البيت بيخبط، ايوا مين اللي برا انا هشام يا مدام رقيه صاحب الاستاذ عزت مكدبتش خبر وفتحت الباب في حاجه ظهرت من طرف عزت،
ايوا خير فين عزت! كان طرقتي باينه اوي اني مستنيه اي خبر عنه
ابتدا يتكلم استاذ هشام، مدام رقيه عزت حكالي ياما عنك وعارف انك مخلصه ليه ومستنياه هو بيتاسف انه غاب هو كان نفسه يرجع بس حضرتك عارفه امور الحرب!
كلامه مش مطمني ،، كمل كلامه مش عايز ازعجك بكلامي انا اسف عزت اتوفي من اسبوعين!
الخبر نزل عليا شبه البرق كل اكسجين العالم اختفي من حوليا اي بتقول اي! اتوفي مش هشوفه بعد كل دا!
وبمعجزه من الله تمالكت نفسي وفضلت باصه لاستاذ هشام مش مصدقه،،
اخيراً نطقت هو بجد اتوفي! لو لسة عايش ومش عايز يشوفني قولي مش هضايق!
استاذ هشام هز راسه سالبا وقال: لاسمح الله هو كان بيحبك يا مدام رقيه وكان نفسه يرجعلك جداً عارف انه بعد كتير اوي..
قطعته' هو مات ازاي ؟
قال: تَعب تعب شديد جداً وكان حاسس انه في اخر ايامه وصدقيني كان بيحاول ويرجع ف كل وقت بس الحرب بوظت كل شي المهم عطاني عنوانك وامني اني اجي لحضرتك وحتي لو ملقتكيش ادور عليكي..
طب هو فين دلوقتي ؟
ابتسم ابتسامه باهته عفوا مين اللي فين في المقابر ي فندم!
رديت بغضب وحزن ايوا يعني انه مقابر هنا ولا هناك!
-لا هنا ي مدام رقيه هو قالي انه عايز يرجع يدفن ف بلده
ممكن اروحله!
اكيد طبعا هتروحيلو بس هو اداني حاجات ادهالك ومد ايده بصندوق صغير خشبي شكله قديم جداً  اخدته منه
-هنروحله امتي؟
بكرا ي فندم بأذن الله هاجي لحضرتك واوديكي للمقابر..
البقاء لله ي مدام رقيه كان نفسي اجي في ظروف احسن من كدا.
ابتسمت ابتسامه باهته معرفش ظهرت مني ازاي وشكرته..
معرفش انا فضلت ثابته ازاي بعد كل اللي سمعته دا!
هو انا بحلم بجد ولا فعلا حقيقه وعزت مات!
قلبي مات بعد كلمه عزت اتوفي ي مدام رقيه، هو كان قلبي وكان كل حاجه ليا ويعتبر هو الوحيد اللي كان مخليني عايشه..
قعدت ومسكت الصندوق وسرحت فيه شويه حسيت بعزت حوليا افتكرت كل شي بنا زمان، كل حاجه حلوهه عملهالي، قدرت افتكر كل لحظه عشتها معاه من وحنا صغيرين وكبرت وحبي كبر ليه وبقيت في بيته، مبقتش متمالكه روحي وبدأت ابكي ونفسي روحي تطلع دلوقتي واختفي زي م اختفي عزت تحت التراب!
فتحت الصندوق لقيت فيه اكتر من ٥٠٠ جواب وورد دبلان والدبله اللي كانت في ايده وساعته وكمان صوره ليا وليه وحنا صغيرين ..كان عندي شغف وفضول اقراهم كلهم وقرأت٢٠٠ جواب منهم كان بيحكيلي كل حاجه ب التفصيل الممل وبيتاسفلي علي غيابه واللي كان دايما بيكتبه في كل جواب ياريت تكوني فكراني زي منا فكرك..
روحت تاني يوم المقابر مع استاذ هشام كنت ف صدمه الحقيقه حاول استاذ هشام انه يقول عبارات تهديني وتواسيني ولكن كنت ساكته ومبتكلمش لغايط م وصلنا مكنتش مصدقه كل اللي بيحصل وقولت اكيد دا حلم ومسيري اقوم منه اكيد..
وصلت قدام مقبره عزت ونا مفيش جزء في روحي سليم كنت متامسكه تماماً قدام استاذ هشام وظاهره ب ثبات..
استأذنته اني يسبني شويه لوحدي ويدوب حسيته انه مشي وبعد انهرت والدموع جرت في عيوني نهر قوي مبيقفش فضلت اتكلم كتير ونا مش حاسه بنفسي اكنه قدامي كان نفسي في الوقت دا يحضني ويواسيني ويحسسني انه ممشاش كان نفسي يبقي حلم كل دا!
فضلت كدا يجي ساعه او اكتر .. سمعت صوت استاذ هشام بيقول مدام رقيه انتي كويسه الوقت اتاخر يلا عشان اوصل حضرتك للبيت اكيد تعبتي من الوقفه..فوقت علي كلامه مسحت دموعي وانا راسي في الارض.. قولت: هتوحشني جدا ياعزت قريب هكون جمبك وحتي لو ملحقتش اشوفك في الحقيقه هكتفي اني اشوفك في حلمي هجيلك قريب جداً يا كُل قلبي..💙