chapter 1

11.1K 382 1K
                                    

اخدت نفسا طويلا تحاول منع ارتجافها و هي تمسك يد رجل غريب اخبرتها مديرة الميتم انه قام بتبنيها ، يجدر بها ان تكون سعيدة لأنها خرجت من قاع الجحيم الذي دمرت فيه طفولتها و عاشت فيه اسوء كوابيسها ، لكن و اللعنة الرعب الذي تشعر به الآن لا يقارن مع الذي شعرت به في ذلك المكان ، القت نظرة خاطفة على وجهه لترى تلك الإبتسامة المخيفة لا زالت تغلف محياه كما راتها في المرة الأولى، لمحت في ملامحه موتها و نهايتها، لم تدري كم مر من الوقت حتى كانت امام شقة مخيفة جدرانها شاحبة و نوافدها مفتوحة على مصرعيها. شد الرجل العجوز على معصمها و أدخلها معه الى هناك كانت الغرفة مظلمة و تفوح منها رائحة الكحول و السجائر اول ما وقعت عليه عيناها ،ذلك الشاب الصغير الجالس على مقعده بهدوء رجليه فوق الطاولة بينما يد يحمل بها سجارة و يد أخرى يضغط و يشد عليها بقوة و بغضب شديد كما لو انه يريد تحطيمها ،عكس عيناه فكانت تحدق في الفراغ بجمود
،لم تستطع اكمال تمعنها، فقد جرها العجوز القذر كالكلبة و رماها على الأريكة المهترئة بقوة جعلت دماغها يهتز من مكانه ،رفعت عيناها ناحيته بغضب لكنها تجمدت في مكانها و هي ترى ابشع منظر قد تراه في حياتها، بدأت اطرافها ترتعش كليا و عيناها تجحظ بدموع ساخنة كان اللعين ينظر لها بعينان زائغة محمرة تخرج منها نار مقززة بينما يديه مشغولة في فتح ازرار بنطاله استدارت بوجهها ناحية الفتى تطلب نجدته لكنه لم يعرها اهتماما و اكمل ارتشاف سجارته بهدوء ، لسانها عجز عن الكلام لم يخرج منها سوى صوت الشهقات و البكاء جسدها يجري فيه رعشات  سريعة  ..شدة على ثوبها و أغمضت عينيها بقوة في حالة ذعر ،لكنها توقفت فجأة عن البكاء على صوت رصاصة دوت ارجاء البيت .
جحظت عيناها  ...توقف الزمن ..سكن كل شيء حولها كانها تحولت الى تمثال من حجر ..دماء حارة سقطت على وجهها و غلفت ملامحها ..و جثة العجوز الثقيلة اصبحت مرمية على وزنها الضئيل حولت ناظريها لرأسه لترى ثقب اسود بين حاجبيه ينزف دماء غزيرة قبل ان تهبط و تغطى جسمها ، بدات انفاسها تتسارع  و شيء من الغثيان يداهمها لتشعر بعدها بجثة العجوز تحمل برفق و ترمى على جانبها ..نظر لها ذلك الشاب باعين مظلمة و باردة خالية من المشاعر قبل ان يعود لمكانه فوق الكرسي و يعيد ارتشاف سجارته كأنه لم يقبل على قتل شخص..اتكأت على مرفقيها و جسدها يرتعش و ينتفض .. همت بالوقوف لكن سرعان ما هوت على الارض و بدأت تكرر بشفاه ترتعش -انه كابوس ..كابوس ..انه كابوس و سينتهي ..هذا ليس حقيقي ..مجرد كابوس .. استفاقت من هديانها على صوت تحرك الفتى من مكانه ..استقام هذا الأخير و اطفأ سجارته في معصمه ليلتفت لها بجمود و يهم بحملها على كتفه بينما هي تصرخ و تركل ظهره كي يفلتها ،الا انه اكمل سيره نحو الباب و قام برميها خارج البيت دون ان ينبس ببنت شفة.. استمرت بالنواح لساعات طالبة منه فتح الباب لكن دون جدوى فقد تجاهلها كليا.. عقلها الصغير من قوة الصدمة شوش على ما حصل قبل قليل و لم تعد تتذكر شيء سوى صوت الطلقة المصطحب باللون الأحمر.. لكن ما تعرفه الآن انه قام بإنقادها و يجب عليها ان تبقى دائما الى جانبه بينما الأخر كان قد اكمل دفن جثة ابيه في خلفية المنزل و الآن بدأ بجمع اغراضه من اجل الرحيل.

لطالما كره فلادمير والده بالتبني و امقته لدرجة لا تتصور.. مرت ستة سنوات عندما سلبه من حضن عائلته و جلبه الى هذه الحفرة من اجل الانتقام من والده البيولوجي، هذا العاهر كانت له زوجة .....زوجة احبها حتى النخاع لكنها كانت تخونه مع والده و لم يعرف بأمرها حتى حملت بابنته الاولى.. كان مجنون و مريض نفسي لدرجة انه قتل زوجته و قام بتقطيعها اطرافا و رمى ابنته في الميتم ، و لكن الجنون ليس من صفاته الاساسية، انما الجبن و الخوف كانو يسرون في دمه فلم يستطع مواجهة الرجل الذي كان يضاجع زوجته لأنه كان الدون للمافيا الروسية فاكتفى باختطاف ابنه ذو العشر سنوات.. و ادخاله في عالم لا خروج منه ، عالم المافيا.
لم يعرف و لم يذق فلادمير و لأمد طويلة الامن و السلام و الاستقرار .. يصحو و ينام على صوت إطلاق النار لم يمر  يوم واحد عليه دون ان يقدم على القتل بدم بارد .. حتي اسبغ اسمه بالموت ..كلما طرقت أذنا المرء اسمه ارتجفت أوصاله ... اليوم لم يكن يخطط قتل ذلك العجوز القذر عاشق الاطفال بتلك السرعة و الرحمة فقد كان يحضر له اقصى انواع التعذيب .. كان دائما يعذبه في مخيلته.. كل ليلة و كل يوم يحلم بتقطيع قضيبه و اطعامه له اووه و تلك الأعين المريضة كم اراد اخراجها من مكانها و سحقها بين يده ..الشيء الذى منعه من ذلك هو تلك البطاقة الرابحة التي امتلكها العجوز ، كان الوحيد الذي يمتلك معلومات حول عائلته و مكانهم و كان اقوى.. لكن الآن الامور تغيرت تلك البطاقة تبخرت اهتزت شفتاه بابتسامة مظلمة و هو ينظر الى الورقة المكمشة بين يديه كانت تحمل عنوان قصر عائلة آلباتشي حيث ينتمي و يجري دمه
اليوم تجرأ و احظر ابنته ذات الست سنوات الى بيته ، يبدو انه انتشى كثيرا لم يره في هذه الحالة منذ وقت طويل ..اشعل سجارة اخرى و امسك بحقيبته كي يهم بالخروج ،فتح الباب و سار بسرعة و لم ينتبه للجسد الصغير الذي هم بالوقوف هو الآخر نافضا الغبار عن ثيابه و قام بملاحقته.. استمر في السير حوالي نصف ساعة ينتقل بين الازقة و الشوارع الضيقة و الجسد الصغير يلحقه كالهرة المتسللة حتى و صل اخيرا الى وجهته ، و قف امام محطة القطار ، الحركة داخلها و خارجها هادئة جدا في هذا الوقت من الليل ،دلف فلادمير الى المحطة و انعطف يسارا حتى وقف امام شباك التذاكر،طرق طرقتين على الزجاج فرمقه الموظف بنصف عين ناعسة و دون ان يحرك ساكنا سوى انه فتح جفنه الآخر و ظل يحملق في و جهه..! بنبرة يدخل فيها التثاؤب مع حروف الكلام التي تنطقها شفتاه قال الموظف :

اول قطار لموناكو بعد عشرة دقائق من الآن.

مرت ال10 دقائق بطيئة كالسلحفات حتى دوت صافرة طويلة معلنة عن و صول القطار الى المحطة

اسرع فلادمير بين الحشد المندفع نحو القطار و صعد اليه و مضى يسير في الممر الفاصل بين المقاعد و اخد مكان امام النافذة بينما تلك الصغيرة كانت تبحث عنه بعينيها الدامعتين داخل الحشد حتى صعد الجميع و اصبح المكان فارغا لتلمحه اخيرا من نافدة القطار يجلس بهدوء .اتسعت ابتسامتها و بدأت بالجري نحوه و هي تصرخ كي تجذب انتباهه لكن ابتسامتها اختفت عندما بدأ القطار في التحرك انتفض قلبها بين جدرانه الحامية ، لا تنفك اقدامها عن الجري ، و شعرها يتطاير حولها بخصلاته و تحجب عنها الرؤية، تجري حافية القدمين و تصرخ من اعماق قلبها.. كان فلادمير جالس في مكانه و لكن عقله غائب عن الوجود سارح في حلقة من الافكار حتى انتشله صراخها الى ارض الواقع نظر عبر النافذة ليرى جسدها الظئيل تحت الإضائة الخافتة يجري امام القطار بارجل حافية و الدموع تغسل وجهها و عيونها منتفخة و محمرة من البكاء  .. للحضة توقف الزمن لم يشعر بنفسه الا و هو يفتح نافذة القطار تحت انظار الناس المنصدمة و رمى نفسه الى الخارج تاركا حقيبته و ماله و كل شيء ..

Sins Of My Father || +18حيث تعيش القصص. اكتشف الآن