#كفرصقر2
الفصل الثاني
..................🌹
بسم الله ونصلى ونسلم على رسول الله .
غابت شمسك عن سمائي يا حبيبي، فأصبح الكون كلّه ظلامٌ دامس، أصبح الكون كله من دون أيّ ألوان وملامح أو أصوات، لم يعد سوى صدى صوتك يرنّ في أذني، لم أعد أرى سوى صورة وجهك الحبيب، لم أعد أتذكّر إلا صورة وجهك، ونظرات عينيك عند الوداع
....................
جلس عبيد على ركبتيه أمام الفراش يتأمل ألماس بوجهها الملائكى وانهمرت دموعه على وجنتيه هامسا.....أرجوكِ يا ألماس متسبنيش ، أنا هحبك من جلبى صدجينى ، لو حصولك حاچة مش هسامح نفسى واصل .
ردى عليه ألماس ردى يا حبيبتى ؟
ثم دفن رأسه باكياًعلى صدرها فسمع دقات قلبها فرفع رأسه وابتسم ...الحمد لله لسه عايشة.
ثم تمتم بغضب...أتأخرت ليه كل ده يا طور يااللى اسمك فزاع ؟
ثم مرت لحظات كانت طويلة على عبيد ومشاعره مختلطة ما بين حبه لها وغضبه من إنها تكره قربه لدرجة إنها أرادت مفارقة الحياة .
حتى أعلن جرس الباب عند مجىء فزاع بمصاحبة الطبيب .
أسرع عبيد لفتح الباب ومن لهفته على إنقاذ معشوقته قبض على يد الطبيب بقوة وسحبه منها لدفعه سريعا لغرفة النوم .
عبيد...بسرعة يا دكتور الله يخليك .
ولج الطبيب لغرفة النوم وتفاجىء بتلك الملاك النائم على الفراش وبيديها التى تقطر دما
فحاول سريعا السيطرة على النزيف ثم نظر لأوتارها وابتسم قائلا...الحمد لله اوتارها سليمة والنزيف بسبب قطع الجلد وإلا كان لازم نروح بيها المستشفى عشان نحلقها .
بس كده خلاص مش محتاجة إلا خياطة بسيطة جدا وكويس أنها مغشى عليها فمش هتحس اوى بعد ما أرش المخدر .
فأخرج الطبيب ( هشام ) الخيوط الطبية ثم بدء برش مخدر موضعي وقام بتطهير الجرح ثم خياطته ولف الشاش الطبى وأخيرا لصقه بلاصق الطبى.ثم بدأت ألماس بإستعادة وعيها متألمة من جرح يدها .
هشام......الحمد لله بدأت تفوق بس هى محتاجة نعلقلها محلول يعوض الدم اللى فقدته .
عبيد ...الحمد لله ، أنا كنت هتجنن لو حصلها حاجة .
هشام...شكلك بتحبها أوى ، أمال ليه شكلها حزين كده ؟
فنظر له عبيد نظرة صارمة فهمهم الطبيب بحرج "
طيب تقدر تشترى المحلول حالا من الصيدلية مع الحامل بتاعه وأنا هركبلها .
بس لازم تعرف أن المدام أكيد محتاجة مراقبة منك كويس علشان ماتعملش كده تانى .
علشان دى محاولة إنتحار وأكيد الدافع قوى ، فلازم تهتموا بحالتها النفسية شوية .
بدأت ألماس فى الهمهمة بإسم فارس .....فارس انت فين يا حبيبى ؟
فاعتصر قلب عبيد حزنا وظهر على وجهه التمعض فحدثه الطبيب ...مين فارس ده ؟
فزاع كاذبا ......ده أخوها ياعينى مات فى حادثة قريب وكانوا مرتبطين ببعضهم جوى عشان كده زعلانة عليه .
هشام......اه فهمت سبب حزنها الشديد ربنا يصبرها على فراقه .
طيب ممكن يلا تجيب المحلول وأنا هستناك .
عبيد بنفور منه ...حضرتك يعنى ماتنتظرش وتتعب نفسك ممكن بس تركبلها الكانولا فى يدها بس وانا هأعرف أتصرف وأكمل الباجى سهل .
شعر هشام بالغضب فى عيون عبيد فآثر المغادرة بعد أن قام بوضع الكانولا فى يدها .
عبيد....وصل الدكتور يا فزاع وأشكره كتير جوى.
فأوصله فزاع وأعطاه أجره بزيادة ثم ذهب لشراء المحلول .
أقترب عبيد من ألماس فقبل جبينها ثم همس فى أذنها ....حمد لله على سلامتك يا جلبى .
كده بردك كنتِ عايزة تهملينى لحالى ، طيب أنا ليه مين بعدك ؟
ليه مش عايزة تحسى بجلبى ؟
أدينى فرصة أثبتلك إنى هحبك عشان خوطرى .
انهمرت الدموع من عين ألماس وتنهدت بحرارة مردفة.......كيف هتحبنى ؟
لو هتحبنى كنت أكتفيت إنك تشوفنى سعيدة مع الإنسان اللى هحبه ويحبنى .
لكن أنت ماهتحبش غير نفسك ، أنت إنسان أنانى ، شيطان دمرتنى ودمرت كل حاجة حلوة فيه .
ولازم تعرف إن عمرى جلبى ماهيحبك أبدا لإنه جلبى مات يوم مامات فارس .
ثم صرخت بهيسترية.....أبعد عنى أنا مش طايجاك ولا طايجة أشوفك وياريتك ماأنقذتنى .
كنت اتمنى اموت وماأعش يوم واحد معاك ولا أشوف وشك ده .
أنتفض قلب عبيد لكلماتها القاسية وانتبه بغضب جامح فقد به السيطرة على نفسه .
فوجد نفسه يجذبها من شعرها ليسقطها أرضا صارخا......أنتِ إيه چبلة ماهتحسيش ، وشايفة روحك ليه يعنى ؟
أنتِ اصلا حُرمة ولا تسوى .
وممكن أدوس على رجبتك بمركوبى ده أطلع روحك .
وأرتاح من روحك اللى طالعة فى السما دى .
أنا مش خابر ليه حبيتك دون عن البنات كلهم وكل واحدة كانت تتمنى منى نظرة بس وبعدها تترمى تحت رچليه.
شهقت ألماس من كثرة البكاء ثم صرخت بألم ...وأنا بجولك أقتلنى يا عبيد ، القتل عندى أهون من اللى عايزه منى .
انحنى عبيد وأمسكها من معصمها بقوة جعلها تصرخ من الألم ثم جذبها إلى صدره عنوة فحاولت بكل قوتها دفعه عنها .
ألماس بصراخ...إبعد عنى يا حقير ، حرام عليك اتقى الله شوية .
أنا ما أحلش ليك .
عبيد...ليه مهو خلاص مات وبجيتى ليه مفيش حاچة تمنعنى عنك .
ألماس..كيف ده حرام أنا لسه ليه عدة أربعة شهور وعشر ايام .
عبيد بزفرة غضب ...لا كده إكتير جوى وملهوش عازة ، أعتبريهم خلصوا .
ألماس محدثة نفسها.......خلصت روحك يا بعيد .
ألماس بمكر حتى يبتعد عنها....لا مخلصوش ولازم تصبر وكومان مش هتجدر تلمسنى بعدها إلا لو كتبت عليه .
اتسعت عين عبيد وابتسم.......يعنى أنتِ موافجة نچوز ، لا على إكده أصبر إن شاءالله سنة.
بس تكونى ليه فى الآخر يا ألماس .
ألماس بهمس...ده هيكون اخر يوم فى عمرك إن شاءالله.
الماس.......هملنى يلا دلوك عشان رايدة أنام واستريح ، تعبانة .
عبيد بنظرة توعد...ههملك عشان أنا كمان رايد أنام شوى ، تعبتينى صراحة.
بس هطمن الأول مفيش حاچة خطرة تانى ممكن تأذى نفسك بيها .
وما أن أطمان حتى همس لها ..بجولك إياك تفكرى تهربى من إهنه وأنا نايم .
أنا هجفل عليكى بالطبة والمفتاح وماهتجدريش واصل تنزلى من إهنه إلا على جثتى .
ثم سمع صوت الباب ...ده اكيد فزاع بالمحلول.
هچيبه وأعلقهولك بنفسى يا نفسى .
........................
كان الجميع أمام غرفة العمليات مترقبون بلهفة خروج الطبيب ليطمئنهم على حال فارس .
فترى مايسة مستندة على الحائط وعينيها زائغة ولسان حالها يردد ...يااارب أنت وكيلى مليش غيرك نجيه يارب عشان خاطرى .
أنا ياما اتحملت فى نفسى وجاسيت كتير جوى واتظلمت وصبرت ورضيت بحكمك وقدرك لكن يارب سامحنى مش هجدر تبتلينى فى ولدى ، يارب نچيه وخلهولى .يارب .
أما ياسين فنظره متعلق بين مايسة وإسماعيل محدث نفسه ......كان نفسى أبجى زيك يا إسماعيل بس للأسف بعت بالخسارة وأنت اشتريت وربيت أحسن منى .
وفارس لو ربنا نچاه فده هيكون عشان خوطرك أنت يا إسماعيل عشان نظرة الكسرة اللى فى عنيك دى .
ثم أردف بعيون مليئة بالدموع والندم على ما فات.
ربنا ينچيك يا ولدى .
مرت لحظات عصيبة على أهل فارس وأيضا على الأطباء الذين معه فى غرفة العمليات .
فوضعه كان حرج للغاية وضربات قلبه غير منتظمة ونزف بشدة .
ووجدوا صعوبة جدا فى إستخراج الرصاصة لأنها كانت قريبة جدا من القلب وبالكاد أستطاعوا أخراجها .
ولكنه تفاجىء الطبيب بتوقف عضلة القلب فأسرعوا بعمل الصدمات الكهربائية لإنعاشه من جديد .
حتى عاد بفضل لله للعمل فنظر بعضهم لبعض وحمدوا الله .
ثم أنجزوا مهمتهم على أكمل وجه وأنتظروا كثيرا حتى يستفيق من البنج ولكن وجدوه للأسف قد دخل فى غيبوبة وتوقف مخه عن العمل .
فنظر الطبيب لزميله الآخر بآسى قائلا "
إحنا كده خلاص عملنا اللى علينا ومفيش حاجة بإيدينا تانى وربنا هو وحده اللى بإيده ينقذه ويتولاه برحمته .
ودلوقتى هننقلله العناية المركزة ونتابع حالته ونشوف هتستقر على ايه ؟
وفعلا نقل فارس للعناية المركزة ووضعوه تحت الأجهزة التى تتابع مؤاشرات القلب كما أمدوه بالمحاليل الطبية التى تساعده على الحياة مادام قلبه مازال ينبض .
حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا .
خرج الطبيب من غرفة العمليات وظهر على وجه الإجهاد والعبوس فاجتمع حوله ياسين وإسماعيل أما مايسة فقد رأت فى وجه ما خشيت منه لذا لم تستطع الذهاب إليه بل افترشت الأرض ووضعت يدها على قلبها وعينيها معلقة بلسانه وما سيقوله .
إسماعيل...ها طمنا يا دكتور ؟ حاله إيه دلوقتى ؟
هيعيش صوح وهيبجى زين ؟
ياسين......إستنى يا إسماعيل أدى فرصة للدكتور يتكلم .
الطبيب....ماخبيش عليكم _هو اه الحمد لله عايش بس وضعه حرج اوى والمخ تقريبا وقف ودلوقتى عايش على الأجهزة .
وضعت مايسة يدها على رأسها ولاذت عينيها بالدموع
تصلب جسد إسماعيل وتوقفت الكلمات فى حنجرته فتحدث ياسين ....يعنى إيه ؟
ولغاية امتى هيفضل إكده مش حاسس بحد ؟
هيفوج إمتى ؟
جولنا يا دكتور ماتخبيش علينا الله يخليك ؟
الطبيب...إمتى دى محدش يقدر يحددها غير ربنا سبحانه وتعالى .
إحنا عملنا اللى علينا ومقدمناش غير الدعاء
أدعوله ربنا ينچيه.
ياسين.......طيب مش يمكن لو نجالناه مصر ولا حتى نسافر بيه بلاد بره _ ممكن يتحسن ويجوم بالسلامة ؟
الطبيب........صدقنى محدش هيقدر يعمل غير اللى احنا عملناه ، الإصابة كانت خطيرة جدا وكمان النقل ممكن يأثر فى حالته جدا لإنها مش مستقرة .
فالأحسن ننتظر شوية ونشوف إيه الوضع وساعتها ممكن حضرتك تاخده توديه المكان اللى يريحك .
ياسين...طيب ممكن نجدر نشوفه ؟
الطبيب....هو حالته ماتسمحش بالزيارة بس عشان حاسس بيكوا وأنا ذات نفسى ربنا يعلم أنا حزين عليه قد ايه ؟
ده الباشمهندس فارس صقر الصعيد كبير وصغير كان بيحبه ويحترمه .
بس هنقول إيه أمر الله وهو وحده القادر أن يزيح هذا البلاء .
بكى ياسين وحدث نفسه( كل ده حب لإبنى أنا وكنت محروم منه السنين دى كلها ، حرام والله حرام ) .
الطبيب....حضرتك تقربله إيه ؟
نظر كل من إسماعيل وياسين لبعضهما البعض فى آسى وحزن .
فتنهد ياسين بحزن....أنا فى مجام أبوه برده وهو زى ماجولت الكل هيحبه وهيزعل عليه .
الطبيب ...طيب هسمح بالزيارة لحضرتك ووالده ووالدته بس لمدة دقيقة بالظبط وأنا معاكم .
أتفضلوا معايا .
وفى لمحة بصر كانت مايسة تتقدمهم بعد أن كانت تفترش الأرض .
ٱنه قلب الأم يا سادة لا يعادله بشر .
ولچ ياسين وإسماعيل ومايسة مع الطبيب لغرفة العناية المركزة .
ليچدوا هذا الفارس وذلك الصقر بعد أن كان يجوب الأرض مرحا ضاحكا على رچليه ، أصبح لا حول ولا قوة له .
مجرد جسد بلا روح على السرير وتحيطه الأسلاك والأجهزة ولا يشعر بإى شىء ، منخرط فى أحلامه فى دنيا أخرى لا يعلم أحد عنها شىء
.............................
عبدون ( ابن ثريا أيضا ) حزينا على ما آل إليه الأمر وزاده تعقيدا وصعوبة أكثر مما به .
فها هو أخاه ( عبيد ) قتل فارس أخو حبيبة قلبه ( فريدة بنت مايسة ) فكيف له الآن من مجرد التفكير بها بعد ما حدث .
فلو كان هناك أمل بينهم يعادل واحد فى المئة فقد قضى عليه عبيد بفعلته .
ولكن ما ذنبه هو أن يُحرم من محبوبته بدون ذنب ، فهو ليس بأخلاق عبيد وإنما أرادالله له الصلاح هو وأخته ( عبير ) .
تحير عبدون فى الأمر فتسائل ......طيب إيه العمل دلوك ؟
مش هفضل واجف فى مكانى ٱكده مااتحركش .
وأنا خابر إن زمانها دلوك هتموت على أخوها ولازما أجف جمبها أواسيها .
بس كيف وبإنهى وش ؟ الله يهديك يا عبيد يا خوى .
بس مش جادر أنا لازما أروح وأشوفها .
فولج إلى أخته فوجدها على فراشها تبكى .
فأقترب منها ومسح على رأسها بحنان الأخ.
عبدون........حبة عينى يا خيتى _ إيه يبكيكِ إكده ؟
جوليلى مين بس مزعلك وأنا امحيه من على وش الدنيا كلاتها ؟
ولا يكنش زعلانة على بعد عبيد ماأنا خابر إنك هتحبيه مهما كان اللى كان هيعمله .
رفعت رأسها عبير بآسى وبصوت منبوح من البكاء....عبيد مهما عمل هو اخوى ولا يمكن أكرهه .
وزعلانة عليه جوى ونفسى ربنا يهديه ويرجع عن اللى بيعمله ده وربنا يشفى فارس ده مايستهلش إكده واصل .
وربنا يطمنا على ألماس وترجع بخير .
وكومان عشان ؟ ثم نكست رأسها خجلا وحزنا .
ففهم عبدون ما تعانيه فأمسك يدها وقبلها بحنان .
عبدون...خابر يا حبيبتى وأنا كمان أكتر منيكِ .