حسين بصدمة :
- انت؟!
تسمرت نايا عند سماع صوته، تفرك يداها بتوتر، خائفة من ردة فعله عند رؤيتها فهي تظن أنه يعلم ما تخطط له.
حسين بتعجب:
-انت يا مها الي بعتي الورق دا لعبد الله؟
تنهدت نايا بهدوء محاولةً اعادة الراحة لداخلها وبث الطمأنينة فهو لم يكن يوجه كلامه اليها. الامور مازالت تحت السيطرة.
مها بمهنية :
- نعم يا فندم هو جه لعندي من يومين وقلي اول ما الورق يخلص ابعتله ايميل بالملخص كله.
زفر حسين وهو يرجع ظهره للوراء :
- طيب حصل خير يا مها بس ياريت تاني مرة تعرفيني الاول علشان كان لازم اعدل عليه حاجة.
هزت مها رأسها كعلامة موافقة.
انتبه حسين لتلك الشابة التي تقف بقرب مها، سعل ليجذب انتباهها فرفعت رأسها ووقع نظرها في نظره.
حسين بلا وعي :
- ما شاء الله!
اندهشت نايا اثر كلماته وتوسعت عيناها اكثر. أما هو فلم يكن برشده. فعيونها الزرقاء كالفيروز وشعرها الذهبي المرفوع بعقدة كذيل الحصان حرك شيء بداخله.
احساس جديد لم يدركه من قبل.
استفاق من شروده بعدما انتبه لصدمة من في الغرفة وخاصة تلك الجميلة التي توردت وجنتاها وأضحت زهرية كالورد.
أغمض عينيه يوبخ نفسه على غبائه لكنه تنفس بهدوء واعاد نظره لها بعدما طلب من مها الخروج وغلق الباب.
وقف عن كرسيه وأشار لها بيده لتجلس على الكرسي أمامه :
- اتفضلي يا انسه نايا.
تحركت نايا لكرسيها دون ان تنطق بحرف وجلست تطالع الحائط امامها لا تقوى على النظر في وجهه لشدة توترها. لاحظ حسين مدى خجلها فارتسمت على وجهه ابتسامة لا يعلم سببها.
حسين محاولاً تهدئتها :
- السيرة الذاتية بتاع حضرتك مبهرة صراحة من نتائج اكاديمية وخبرات وتوصيات.
ادارت نايا وجهها لمقابلته :
- شكراً يا فندم، أنا تعبت كتير علشان اوصل للمرحلة دي.
حسين بجدية:
-انا عايزك معانا بالشركة ولو عندك اي سؤال اتفضلي.
نايا بدهشة :
-بالسرعة دي؟! الستات الي قبلي كلهم قعدوا بالمقابلة وقت اكتر!
حسين بتساؤل :
- اه وايه المشكلة بدا؟
نايا :
- لا بس أنا مستغربة، أكيد أكترهم عندهم خبرة ومتمرسين أكتر مني.
حسين بعملية :
- أنسة نايا لازم تعرفي اننا بالشركة مندور على شخص منفتح وجديد وأهم حاجة يكون شاب عنده أفكار جديدة ومتطورة.
الخبرة والجوايز مش معيار للتميز، بس الكفوء والي بهمه تطوير الذات دا يهمنا. وانت ممكن تبدي من اليوم تتعرفي على المكتب لو ما عندكش مانع يعني.
نايا بحرج :
- متشكرة أوي يا مستر على الفرصة دي، انا بجد ممتنة وهشتغل بكل جهد علشان احافظ على ثقتك بيا. وانا لو عارفة الموضوع هيكون بالسرعة دي كنت عملت حساب اني ابدا من النهاردة.
حسين:
مش مشكلة انت بس شوفي مكتبك مع مها وابتدي شغل من بكرا الساعة ٧ الصبح.
ثم تابعا شروط العمل وتم توقيع العقد.
لم تصدق نفسها، لقد كان الامر سهلاً واستطاعت ان تتجاوز عدة خطوات كانت قد وضعتها من قبل لتحقق خطتها.
همت نايا بالوقوف للرحيل وهي تشكره مرة أخرى على توظيفها وتقول له الوداع. لكن استوقفها قبل ان تخرج من الباب:
- آنسة نايا، بعرف ان الموضوع مبكر شوية بس احنا بآخر الشهر الجاي هيكون عندنا سفر لفرنسا، وانت لو كملت معانا يستحسن انك تكون حاضرة في اللقاء دا.
نايا مبتسمة :
- ان شاء الله، انا معنديش مانع بالسفر للشغل.
ثم قالت بنفسها:
- مهو لو انت كملت تتنفس للشهر الجاي اصلاً.
لوحت له بيدها كأنها تقول له الوداع، على وجه ظهرت ابتسامة لطيفة وهو يهز لها رأسه.
خرجت نايا وأغلقت الباب وراءها، رجع هو الى مقعده وعاد بظهره الى الوراء يتذكر كيف بدت متوترة امامه في اللحظات الاولى. ارجع شعره الاسود الى الخلف بيده وهو يقول في عقله :
- لا مهي مش لذيذة كمان اني اعجب ببنت لسا معرفش عنها غير اسمها.
ثم زفر وهو يقول:
- بس حلوة جداً.
هز رأسه بعنف وهو يحاول اخراج هذه الافكار السخيفة من عقله وتابع عمله بجدية تامة.
..........................................................................
- هو مش حيوافق طبعاً!
هزت عفاف رأسها برفض وهي تطالع العجوز الذي يجلس امامها متكئاً على عصاه المزخرفة وبيده الاخرى يمسك فنجان قهوة.
- مش حيوافق ليه؟ دا حفيدي المفضل ومستحيل يرفضلي طلب. وانا بقا بقوله ايه غير اني عايز افرح فيه وشوف عياله قبل ما موت؟
عفاف بقلق:
- يا بابا ما تقولش كدا، ان شاء الله حنشوف كمان ولاد ولاده بس بالراحة عليه شوية، انت بتعرفه وبتعرف وازاي هو بيتنرفز من سيرة الجواز والعرايس دي.
الحاج بعصبية :
- يتنرفز؟ من ايه؟ هو بطل عيل صغير خلاص بقا عنده ثلاثين سنة! انا بعمره كان عندي ٣ اولاد!
تنفس الحاج بعمق واكمل :
- انا عايز اكون مرتاح اني نفذت وصية ابني الله يرحمه وخليت حفيدي مع حد يكون له سند بالدنيا دي.
عفاف بحزن :
- تامر الله يرحمه متأكد انك مش حتسيب ابنه يضيع لوحده يا بابا، بس معلش نديه شوية وقت كمان لحد ما هو يختار وحدة يتجوزها.
الحاج بضيق صبر :
- مهو لو بيدي وحدة من بنات العيلة فرصة كان زمانه عنده صبيان وبنات مملين القصر الميت دا.
عفاف بنبرة عطوفة:
- انت عارف انه بشوفهم زي اخواته يا بابا، بس خلاص وعد انا هكلمه تاني وعرّفه برغبتك. انت عارف انو هو مستحيل يرفضلك طلب بس برضو احنا لازم نحترم قراره، بالنهاية دا جواز مش حاجة سهلة يعني.
زفر الحاج بقلة صبر فهو يعلم مدى عند حفيده عندما يكون الامر متعلقاً بالزواج.
- ماشي يا ستي، هنشوف آخرتها ايه.
عفاف بتساؤل:
- انت اكلت الفطار او لسا يا بابا؟
الحاج وهو يطالع الكتاب بيده:
- لا ومش عايز اكل حاجة من غير يارا.
عفاف بخوف:
- بس انت لازم تاكل عشان تاخد دوا الضغط يا بابا! انت بقيت مهمل لصحتك اوي الفترة دي!
ويارا زمانها في الكلية، راحت من بدري بعد تدريب التنس.
الحاج بحزن:
- يوووووه. الجوز دول هما الي هيجيبوا آخري.
عفاف بقلق :
- بعيد الشر عنك يا بابا.
واضافت وهي مكتوفة الايدي بعتب مصطنع:
- يعني الفطار معايا مش مالي عينك وانا مش بأهمية العيال؟!
الحاج ضاحكاً:
- أنت بقا اغلى من العيال يا فيفو.
رتب على كتفها :
- ما تقومي يلا قبل ما الشاي يبرد.
وتوجه الاثنان لبهو القصر حيث توجد طاولة للطعام كانت قد فرشت بأصناف متعددة من الاطباق مما اثار غيظ الحاج.
- ايه الاكل دا كله يا عفاف؟ احنا يدوب ناكل ربع المحطوط، الناس مش لاقية تاكل واحنا منرمي كل الاكل دا؟!
عفاف وهي تمسك يد الحاج :
- استنى انت بس، انا محضرالك اما حتة مفاجأة!
الحاج وهو مصدوم:
- مفاجأة ايه؟ ليكون...
لم يكمل الحاج جملة حتى شعر بيد تحتضنه من الخلف.
- انت خسيت كدا ليه يا حاج؟! لو انا عارف انو بعدي هيأثر بيك كدا مكنتش مشيت.
الحاج بصدمة وهو لا يصدق ما يسمع:
- علي؟!
علي ضاحكاً:
- ايوة يا سيد علي.
التفت الحاج ليحضن علي ويقبل عنقه فهذا الشي كان قد اعتاد عليه كلما رآه.
- وأخيراً افتكرت انه ليك عيلة تانية يا ابن عز.
علي وهو يطالع عفاف:
- مهو فيفو هي الي اتأخرت بأنها تعزمني على الفطار معاكو كمان.
فركت عفاف يداها بتوتر فمنذ ان حصلت المشكلة في العائلة وهي لم تطلب من علي المجيء الى منزل العائلة كما كانت تفعل في السابق. فهي كانت تنتظر حتى تهدأ النفوس بينهم.
الحاج بنرفزة :
- وانت محتاج حد يقولك تعال قابل جدك يا ولد انت؟!
علي وهو يقبل يد جده:
- حقك عليا يا حبيبي بس والله انا كنت مضغوط جداً الفترة دي وما فضيتش احك دماغي.
اضاف مبتسماً:
بس خلاص كل يوم جمعة انا هاجي هنا من بدري ونفطر سوا.
الحاج وهو يمسح على كتف علي :
- ربنا يرضى عليك يابني.
فجأة صدح صوت من الخلف:
- مش هناكل ولا ايه؟
الحاج بقلة حيلة :
- دا حتى لما تكون خطيبته بالكلية يجي يلزق عندنا؟
قاسم وهو يسحب كرسي ليجلس:
- مراتي.
الحاج بغضب:
- مش قبل الفرح.
قاسم وهو يقضم قطعة من الخبز :
- انا تحت امرك يا جدو بس ناكل الاول وبعدين نتكلم بالفرح.
الحاج بتهكم:
- انا نفسي أفهم انت رفيع كدا ازاي وبتاكل زي المفجوع!
ضحك الجميع ومن ضمنهم قاسم فهو يعلم ان الحاج لا يكن له اي ضغينة لكن حفيدته يارا هي الاحب الى قلبه ويغار عليها من زوجها، فهو تعلق بها كثيراً بعدما توفي والدها.
جلس الجميع حول الطاولة يتناولون الطعام ويتحادثون حول مشاريع العمل وخططهم المستقبلية.
.....................................................................
- بس بقا يا بيبي، ما يصحش تحضني كدا، دا ممكن بأي لحظة حد يدخل علينا.
ولم تنهي جملتها حتى فتح باب المكتب ودخلت منه مها تتبعا نايا التي أحمر وجهها وتسمرت مكانها من الصدمة وهي ترى مازن يحاول سحب ذراعه عن كتف سلوى التي تكاد تموت من الخجل وتتمنى ان تنشق الارض وتبتلعها، تحاول تصفيف شعرها بيدها تارة وتعديل فستانها تارة اخرى.
مها بمهنية :
- آنسة نايا، أحب عرّفك على مدام سلوى حسني مسؤولة قسم العلاقات العامة في الشركة وبحكم منصبك هنا انتوا الاتنين هتحتاجوا تشتغلوا بالتنسيق مع بعض.
أضافت وعيناها تتجه نحو مازن:
- والاستاذ يبقى مازن حسني، مدير قسم المحاسبة والتمويل الي بيطلب متابعة دائمة من المسؤول وعدم تركه للمكتب.
فهم مازن ما تحاول مها ان تقوله واتجه نحو الباب وهو يقول:
- فرصة سعيدة يا آنسة، ان شاء الله يعجبك الشغل معانا ولو احتجتي اي حاجة احنا بالخدمة بس دلوقتي انا مشغول جداً ولازم امشي.
نايا بهدوء:
- شكراً يا مستر.
ما سارع مازن من الخروج حتى التفتت مها لسلوى وانفجرت ضاحكة:
- ايه دا ارانب؟
سلوى بضيق :
- شفتي بقا المواقف الي دايماً بحطني بيها مازن بيه، طول الوقت بيفضل لازق بيا، ورايحة فين وجاية منين ومع مين!
انا مش عارفة اضبطه صراحة والحمدلله انك انت مش المستر حسين هو الي دخل.
مها بسخرية:
- لا كله الا المستر حسين يشوف الحاجات دي وخاصة بعد محاضرة من العيلة ليتشجع ويتجوز بقا.
سلوى بتساؤل :
- انا مش فاهمة هو رافض الفكرة كدا ليه؟ دا الف بنت بالبلد وبرا يموتوا عليه! كاريزما ولطيف وحلو وغني ومتعلم وابن ناس.
نايا بعدم وعي :
- مش ممكن يكون ما بيتعاشرش؟
انتبهت نايا لما قالته وسارعت بتصليح الموقف:
- قصدي يعني ممكن هو مش بيعرف يعبر مزبوط او مثلاً مش بيعرف يكسب قلب البنت صح والبنات الي حواليه بس بهمهم فلوسه.
التفتت مها للواقفة وراءها وقالت :
- هو للصراحة ممكن. يعني محدش يعرف ازاي ممكن يكون برا الشغل بس يعني انا مش بظن كدا عشان هو من عيلة جداً محترمة والناس كلها بتحلف بغلاوتهم.
سلوى:
- يا ستي واحنا مالنا، احنا الاتنين متجوزين.
ثم نظرت الى نايا واكملت:
- وانت يا انسة نايا؟ مخطوبة او في حد بحياتك؟
نايا :
- لا انا مش مرتبطة بحد
سلوى بصدمة :
- ايه دا ازاي؟ بت زي القمر، هادية ومتعلمة ومش مرتبطة؟!
نايا بخجل :
- شكراً ليك بس انا لسا ربنا مش كاتبلي دلوقتي نصيب بالارتباط يعني.
رن هاتف مها واستأذنت من الفتاتين للخروج.
سلوى بتساؤل :
انا كنت فاكرة انهم حيختاروا بكرا المقبولة للوظيفة. غريب اوي القرار السريع دا.
نايا بحيرة :
- انا قولت كدا كمان بس المستر حسين كان مبهور بسجلي من اول ما دخلت عليه واعتقد انهم بحاجة ماسة لموظف عشان كدا ممكن كان القرار سريع.
سلوى بهدوء :
- اه كمان ممكن. بس المهم دلوقتي تعالي عرفك على البرامج الي هنستعملها ولو عندك اي استفسار ما تتردديش وتسأليني من فضلك.
هزت نايا رأسها :
- انا متشكرة اوي.
جلست الفتاتان يتبادلان اطراف الحديث عن العمل وكيفية انجاز الاوراق.
........................................................................🔷🔷🔷🔷🔷🔷🔷
ان شاء الله يكون عجبكم بارت اليوم.
اكتبولي اراءكم بالكومنت لو سمحتوا.♥️
أنت تقرأ
شرف الانتقام
Romanceأكرهك جداً وأعلم أنك السبب في تعاستي. لكنني سأنتقم منك وأسترد كل حقوقي.....