المقدمة

1.4K 31 0
                                    

انحنت تضم صغيرها لصدرها تبث فيه بعض الطمأنينة أو لعلها تبثها في نفسها, ثم ابتعدت عنه قليلا لتمسح على شعره الأسود وهي تنظر له قليلا قبل أن تقول له بخفة: كما اتفقت معك أيها البطل, ستنتظرني في مكتب السكرتيرة قليلا لكي أتحدث مع عمك نزار, أتذكر صورته التي أريتها لك؟؟

أومأ الصغير وهو يقول: أليس هو ذلك الرجل يا أمي ذو العينين الرماديتين, وهو أيضا طويــــــل جدا؟؟

ضحكت وهي ترى تمثيله بيده لكلمة طويل وأومأت قائلة: نعم هو كذلك, ولكن تذكر ألا تقول له ذلك عندما تقابله لأنه لا يصح!!

هز رأسه موافقا بسرعة فاستقامت مرة أخرى على قدميها وعدّلت ملابسها وهي تقول لها في خفة: والآن ما رأيك في أمك؟؟

رفع لها ابهامه عاليا وهو يقول بصوته الطفولي: جميلة جدا جدا, تبدين كالأميرة!!

تجاهلت الوخزة التي شعرت بها في قلبها لدى سماعها تلك الكلمة, التي ذكرتها بآخر شخص تريد أن تفكر به الآن, انصرفت عن تلك الأفكار كلها فليس هذا وقته, فكل شيء يعتمد الآن على ما سيحدث, وكيفية تقبل نزار للأمر, أخذت تدعو الله أن يجعله يقبله لأنها حقا لا تعلم ما الذي سوف تفعله إن رفض ما ستقترحه عليه, أخذت نفسا عميقا لتزفره ثم طرقت باب مكتب السكرتيرة وانتظرت حتى سمحت لها بالدخول, لم تكن في حاجة لأن يرافقها أحد لداخل الشركة, فجميع من يعمل بها يعرفها بحكم أن هذا هو المقر الرئيسي لشركات عائلة الشرقي, أجيال وراء أجيال قد مرت على هذا المقر, فعائلتها من العائلات القديمة في البلاد, ومن ذا الذي لم يسمع عن عائلة الشرقي!!! كانت تمسك بيد صغيرها رائد, ونظرت للسكرتيرة بهدوء وهي تقول لها: أريد أن أقابل السيد نزار!!

ابتسمت لها السكرتيرة بتعجب واستفهام, فلم يكن من العادة أن يأتي أحد العملاء دون موعد, كما أنه ليس من المعتاد ألا يخبرها مكتب الاستقبال بصعود أحدهم, كما أنه بالتأكيد لم يحدث أبدا طوال مدة عملها هنا أن حضر عميل ومعه طفل صغير كهذه المرأة الجذابة التي تقف أمامها الآن, إلا أنها لم تقل شيئا سوى: ما اسم سيادتك؟؟

- أخبريه فقط باسم كايرو, وهو سيفهم!

قالتها قاهرة وهي تشعر براحة بداخلها, فلم تعرفها السكرتيرة ولله الحمد, يبدو أنها قد عينت بعد رحيلها هي واختفاءها من الصورة, راقبت تلك المرأة وهي تقلب في بعض الأوراق التي أمامها قبل أن تقول بحذر: حسنا... انتظرانني للحظة لأبلغه بوصولك!!

قالتها وهي ترمق الصغير بحيرة, فابتسمت قاهرة وهي تقول بتفهم: لا تقلقي لن يقول نزار شيء عندما يعلم, كما أن رائد سينتظرني هنا, وهو لن يتعبك أبدا, فهو يستمع لكلمتي جيدا!

أومأت السكرتيرة وهي ترد لها ابتسامتها, شيء ما في تلك المرأة يشيع جوا من السحر حولها, وكأنها بكلمة واحدة تجعل الجيمع يطيع صاغرا, هزت رأسها بخفة قبل أن تنهض من على مقعدها وتتجه نحو الباب المؤدي لمكتب رئيسها, وطرقت الباب قبل أن تدخل غالقة إياه خلفها سمعته يقول لها دون أن يلقي نظرة نحوها: ماذا هناك يا سناء؟؟

في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن