كان ما قد كان... مات
كان في عينيك حلمخانني وسط الطريق
حين صار الموج وحشا
لم يعد يرحم أنات الغريق
لـ فاروق جويدةصداع رهيب يتملك رأسه منذ أن فتحت عيناه ليستقبل يوم جديد مشرق على العالم أجمع إلا أنه في نظره كان مشابها للظلام الذي يسكنه منذ زمن, اعتدل في جلسته مغطيا عيناه بظهر يده حاجبا عنها أشعة الشمس المتسللة من نافذته, متأوها بوجع وهو يشعر بأن آلاف من المطارق تضرب رأسه ليشعر بيد تدفعه في كتفه بخفة فأنزل ذراعه ناظرا للخيال الواقف أمامه محاولا أن يتبين هويته, مد له الرجل والذي لم يكن سوى طارق قرصين وكوب من الماء وهو يقول بجفاف: تناول هذا, سيخفف من آلام رأسك!
دون أن يرد معز بكلمة تناول القرصان وارتشف كوب الماء, ثم قال بصوت أجش أثر النعاس: اغلق النافذة... أرجوك!
تحرك طارق مسدلا الستائر فسبحت الغرفة في ظلال العتمة ثم عاد ليستند على حافة الكرسي الموضوع أمام طاولة الزينة مراقبا حركات معز في صمت الذي نهض متوجها نحو الحمام بعد أن تناول بعض الملابس النظيفة من دولابه حتى يستحم وينعش ذاته لعله يفيق من آثار الكحول التي تسيطر على جسده, في خلال ربع ساعة كان قد انتهى من الاستحمام وحلاقة ذقنه ليعود مظهره للتمدن, خرج من الحمام وهو يرتدي بنطالا من الجينز الأسود وفوقه قميص بذات اللون مما أزاد من هالة الخطورة التي دائما ما تتوهج حوله بنظرات عينيه الشبيهة بنظرات ثعلب ماكر, وهو يصفر من فمه متجاهلا لطارق توجه خارجا من الغرفة متوجها نحو المطبخ ليعد لنفسه بعض القهوة, لحقه طارق في حجرة المعيشة ليوقفه ممسكا بذراعه قائلا له في هدوء: تجاهلك لي لن يجعلني أختفي يا معز!!
نظر له معز رافعا حاجبه باستفهام: أنا بالكاد ذاهب لإعداد بعض القهوة حتى أستطيع أن أبدأ هذا اليوم التعس فقد تأخرت... أونسيت أن لدينا عمل؟
أطلق طارق صوتا ساخرا وهو يعلق قائلا: كلانا يعلم بأن العمل ليس في قائمة اهتماماتك, وإلا لم تكن لتختفي وسط صفقة هامة لتعزل نفسك هنا, وتنوح كالنساء على امرأة حقيرة لا تستحق!!!
جمد معز في مكانه ثم سحب ذراعه بقوة من يد طارق قائلا من بين أسنانه: لقد تعديت حدودك طارق... لا دخل لك بما أفعله مطلقا!!
ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجه طارق: أنت لم تنكر أنك كنت تجلس هنا تنوح كالنساء يا معز!!!
في لحظة تحركت قبضة معز متوجهة نحو فك طارق الذي لحسن حظه قد تلافها ليمسك ذراع معز ويلويها خلف ظهره وهو يقول: لن يكون الأمر جيدا لو زينت وجهي بكدمة زرقاء يا شقيقي الصغير... أنسيت بأنني عريس أم ماذا؟؟
تأوه معز من حركة طارق فقد كان يمسكه بخشونة, وعندما تحرك يريد أن يتحرر من قبضته زاد طارق من قبضته وهو يقول: اهدأ وإلا ستزيد من ألمك!!
أنت تقرأ
في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -
Romance"دمارنا يبدأ من الداخل" عبارة تنطبق على النساء والمدن فما من مدينة سقطت إلا وكان السبب أبناء تبرأوا منها وباعوها للغازي وما من امرأة سقطت إلا وكان السبب... رجلا!! أندلس... القاهرة... دمشق ثلاث نساء سقطن في غياهب الألم بسبب رجال لم يحفظوا عهدهم سواء...