الفصل الثامن

435 13 0
                                    

صوت الضجيج من خارج شقتها هو ما أيقظها من نومها الهانئ... هذا و وقوف ابنتها عند رأسها وهي تقوم بهزها منادية إياها عدة مرات بصوتها الطفولي الرفيع: أمي... أمي... أمي!!!

رمشت بعينيها ببطء قبل أن تعتدل إستبرق في جلستها على الفراش وتفرك عينيها بيديها مقاومة تثاؤب يريد السيطرة على فمها قائلة بصوت ناعس: ماذا هناك لعبتي؟؟؟

ابتسمت دانة ابتسامة واسعة وهي تجيب: جائعة!!

انحنت إستبرق لتمسكها من تحت إبطيها وترفعها لتضعها على الفراش قبل أن تدغدغها وهي تقول: لماذا كان عليكِ أن تجوعي مبكرا هكذا يا دانة؟؟ في العادة أعافر حتى أوقظكِ للذهاب للمدرسة!!

ضحكات دانة المرتفعة رنت في أنحاء الغرفة الساكنة, الغرفة نفسها لم تكن ذات مساحة كبيرة وتحوي فقط الأساسيات من طاولة زينة وفراش ومنضدة بجواره ودولاب ملابس, لكنها كانت مزيجا من اللون الذهبي والبرتقالي الذي أضاف بهجة على المكان, نهضت إستبرق من على الفراش ثم أنزلت ابنتها ذات الخمس أعوام لتوقفها على الأرض, ربتت على ظهرها بخفة وهي تقول: اذهبي وانتظريني يا صغيرة في غرفة المعيشة حتى أغسل وجهي وأصلي وأرتدي ملابسي لأساعدكِ بعد ذلك!!

راقبت بحاجبين مرفوعين من الدهشة صغيرتها وهي تشد عمودها الفقري في انتباه واضح في وقفتها لتقول بهدوء بعدما رفعت ذقنها قليلا: أنا فتاة كبيرة الآن أمي... لا أحتاج مساعدة منكِ!!!

وأدارت لها ظهرها لتمشي متجهة خارج الغرفة مغلقة الباب خلفها, في حين أن إستبرق حدقت في أثرها للحظات وهي تتمتم بتعجب هازة رأسها بخفة: يا إلهي... ما الذي حدث لأطفال هذه الأيام؟؟؟

ثم تحركت لتبدأ في إعداد نفسها لبداية اليوم... سحبت بنطالا من الجينز وقميص ذو لون زهري من دولابها مع ملابس داخلية نظيفة ثم اتجهت بحملها خارج الغرفة نحو الحمام الكائن بجوار المطبخ عبر الرواق, لم تأخذ الكثير من الوقت في الاستحمام في الحمام قبل أن تفرش أسنانها وترتدي ملابسها وتعود لغرفتها لتمرر فرشاة في شعرها ورفعته في ربطة ذيل حصان, ثم ارتدت حذاءها الرياضي وأرسلت قبلة لنفسها في المرآة قبل أن تحمل مفاتيحها ومحفظتها فهي لم تكن في مزاج لحمل حقيبة يد, وخرجت من غرفتها لتتفقد ابنتها التي كبرت فجأة كما فكرت بتسلية خفيفة لتجدها بالفعل في غرفة المعيشة جالسة على الأريكة مرتدية ملابس مشابهة لملابسها هي وإن كانت تحتاج لبعض التعديل هنا وهناك, وممسكة بيدها دميتها وهي تلعب بها... لكنها لم تقل سوى: حسنا لعبتي هيا بنا لنحضر فطورا لذيذا... وقد نحضر معها بعض من الكعك في طريق العودة!!

تركت دانة اللعبة من يدها سريعا وقفزت من على الأريكة لتقوم برقصة صغيرة أثارت ضحكات إستبرق التي انحنت قليلا لتعدل من مظهر ابنتها قبل أن ترضى عنه وتستقيم ممسكة بيدها الصغيرة في يدها وتحركتا خارجتين من الشقة, لتجد أن الشقة المقابلة لها مباشرة على الجهة الأخرى من الرواق هي مصدر ذلك الضجيج الذي استيقظت عليه, يبدو أنها أخيرا قد وجدت ساكنا لها, فبابها كان مفتوحا وعاملين يدخلان ويخرجان منها محملين بقطع مختلفة من الأثاث, تجنبت واحدا آخر كان يصعد على الدرج حاملا صندوقا عملاقا بين ذراعيه ومن الواضح أنه ثقيل للغاية, كانت شقتها تحتل الطابق الأول من المبنى لهذا لم تحتج لاستقلال المصعد مفضلة استعمال الدرج, خرجت من بوابة المبنى لتقابلها شمس دافئة بعد تلك الأيام الحارة الماضية, كانت موجة حارة قوية تلك التي مرت عليهم مخالفة بذلك الحرارة الخفيفة المصاحبة لهذا الوقت من العام.

في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن