كانت كاي تجلس على الأريكة الموضوعة في الحديقة الخلفية تحمل في يدها كوبا من الشاي المثلج الملائم لحرارة هذا اليوم على الرغم من أنها قد انخفضت عن البارحة, وبجوارها تجلس سوزي وفي عينيها نظرة مفكرة تتذكر ما أخبرها إياه آل بالأمس عن ذلك الرجل الذي تقابلا معه أمس أمام دار الحضانة التي يذهب إليها راي, كلمات آل التي وصف بها اللقاء والأهم حالة كاي بعده هو ما أثار بداخلها القلق, لا تعلم أتفتح معها الأمر أم تتجاهله كلية, خرجت من أفكارها على صوت كاي يقول بتسلية: هيا... قولي ما بداخلكِ, أعلم أنكِ تتحرقين شوقا لذلك!!!
أخذت سوزي نفسا عميقا ثم زفرته وهي تقول بسرعة: ألن تخبريني من ذلك الرجل؟؟
قطبت كاي حاجبيها بحيرة قائلة: أي رجل؟!!
ضيقت سوزي عينيها وكأنها تريد التيقن من أن حيرة كاي حقيقية وليست مماطلة: الرجل الذي اصطدمتِ به بالأمس وأنتِ تحضرين راي من الحضانة!!!
تجمدت ملامح كاي وهي تقول بهدوء قبل أن ترتشف من كوبها: يبدو أن آل قد نقل لكِ الأخبار سريعا سو!!
ردت سو بحنان: فقط لأنه قلق عليكِ كاي... ويبدو أن لقلقه سبب وجيه!
تنهدت كاي لتقول: أعلم... وهذا فقط ما يجعلني أصبر عليكما!!
ضربتها سو بخفة على كتفها وهي تقول ممازحة: نحن من يصبر عليكِ هنا يا فتاة وأنتِ تجعلينا نتلظى بنار القلق عليكِ!
ضحكت كاي ضحكة مصطنعة لم تشعر سو بزيفها, لقد كانت مرهقة بسبب ساعات النوم القليلة التي اختطفتها رغما عن ذلك القلق الذي يتملكها منذ أن قابلت ذاك الـ عصام, لا تدري إن كانت أقنعته بأنها ليست ما يظنه أم ماذا... وتخشى هي إن حدثت ماذا هذه, وتتساءل بداخلها ما الذي ستفعله في هذه الحالة, كتمت تنهيدة كادت تفلت من بين شفتيها وهي تسترجع موقف الأمس في رأسها, حمدت الله أنها تمالكت نفسها وقتها وأجابته بالانجليزية, هي تعلم أنها لم تغير كثيرا في تنكرها إلا أن الأعوام الخمس الماضية قد غيرت كثيرا من هيئتها فخسرت بعض الوزن مما زاد من حدة ملامحها ليأتي لون الشعر والعينين المغايرين ليخفيا الملامح الباقية من تلك القاهرة, إلا أن هذا لم يطفئ شعلة القلق الخافتة التي لازالت تضيء بصدرها, عادت من أفكارها على صوت سو يقول: إنه هو... أليس كذلك؟؟
رمشت بعينيها وهي تردد بحيرة: هو من؟!! وماذا؟؟
أضافت سو بنعومة: ذلك الرجل... هو من حطم قلبكِ!!!
شهقت كاي وهي تسأل بصوت ارتفعت نبرته عدة درجات: ما الذي يجعلكِ تقولين هذا بحق السماء؟؟
هزت سو كتفيها بلا مبالاة وهي ترد: لا أعلم... منذ أن عرفتكِ وهناك هالة من الحزن تحيط بكِ وكأن قلبكِ قد فُطِر على يد وغد ما, وحالتك بالأمس تقول بأن الأمر أبعد ما يكون عن معرفة قديمة!!!
أنت تقرأ
في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -
Roman d'amour"دمارنا يبدأ من الداخل" عبارة تنطبق على النساء والمدن فما من مدينة سقطت إلا وكان السبب أبناء تبرأوا منها وباعوها للغازي وما من امرأة سقطت إلا وكان السبب... رجلا!! أندلس... القاهرة... دمشق ثلاث نساء سقطن في غياهب الألم بسبب رجال لم يحفظوا عهدهم سواء...