الفصل الرابع عشر

398 12 0
                                    

التفت بجسده حتى يعود للداخل ولكنه ما إن خطا خطوة للأمام حتى رأى امرأة تقف عند الباب الفاصل بين الشرفة والقاعة, والتي يبدو أنها كانت تقف منذ بعض الوقت, توقف في مكانه فجأة وهو يقول بدهشة: مريم!!!

التفتت أندلس تنظر بحدة للمرأة الوافدة – أو المتطفلة - على حديثهم, كانت ترتدي فستانا قصير الأكمام من الحرير الأزرق ذو ياقة مربعة ويصل لنهاية أقدامها, شعرها كان منسدلا ومجموعا بمشبك مطعم بقطع من الجواهر المتلألئة عكست الأضواء القادمة من الحديقة على كتفها الأيسر, خطت عدة خطوات للأمام متهادية على حذاءها المرتفع الكعب, حتى وقفت أمامهما لا يفصلها عنهما إلا خطوات قليلة قبل أن تقول بنعومة: مساء الخير طارق... ألن تعرفني؟!

ضاقت عينا طارق وهو ينظر لمريم لا يستطيع أن يفهم لعبتها, ولكنه لا يعجبه ما تفعله... لا يعجبه أبدا.

في حين ثبتت أندلس أمام عينا المرأة المتفحصتين لها, وهي ترى في عينيها أن كلماتها ما هي إلا هراء تام, فهي تعلم جيدا من هي ونظراتها تخبرها بذلك وحتى إن لم تقولها بلسانها, العالم أجمع يعلم هوية أندلس الشرقي سيدة الأعمال وزوجة طارق الشرقي, في موقف آخر كانت لتشعر بالإنزعاج وقد تغرها مشاعرها السلبية لتوهمها بأنها تشعر بالإذلال لكون زوجة طارق الأخرى قد حضرت لذات الحفل ولكن الدهشة التي سمعتها في صوته وتصلب جسده أكد لها أن أيا ما اختارت زوجته فعله فهي لم تستشره في الأمر, ارتفعت زاوية فمها في ابتسامة متسلية من الموقف حتى كادت تشعر بالشفقة على ابن عمها المسكين الذي بُلِي بزوجتين لا تنصاعان له, أمالت رأسها قليلا وهي تجيب على كلمات المرأة بلطف هادئ: أندلس الشرقي مديرة شركة الشحن بمجموعة الشرقي... زوجة طارق وابنة عمه... وأنتِ؟!

أضافت الكلمة الأخيرة بلا مبالاة وكأنها لا تهتم بمعرفة هوية التي تقف أمامها, مما أشعل الغضب بعيني المرأة الأخرى التي قالت من بين أسنان مضغوطة: مريم منصور... زوجة طارق الأخرى!!!

اتسعت ابتسامة أندلس قبل أن تختفي تماما وهي تقول بجدية: لو كنت أريد أن أخوض حربا للحفاظ على طارق فتأكدي بأنكِ ما كنتِ لتكوني زوجته الآن, أنتِ واقفة هنا أمامي فقط لأنني وافقت على الأمر, فتوقفي عن استفزاز غضبي لأنه صدقيني... لن تعجبكِ رد فعلي!!!

انسحبت من بينهم دون أن تنتظر ردا من أحدهما لتتوقف فجأة عند الأبواب الفاصلة بين الشرفة والقاعة لتقول من فوق كتفها بنعومة: لا تنس طارق بأنك وعدت سيف بأنك ستمضي معه غدا كله بأكمله!!!

ثم تحركت لتدلف من الأبواب تحت نظرات مريم المغتاظة وطارق الذي يشعر بنفسه ممزق المشاعر بين الشعور بالتسلية لهذه المسرحية الصغيرة التي أُقيمت على شرفه أم بالإهانة للطريقة التي تقاذفته بها المرأتين بينهما, وهو اختار إرضاء لكبرياءه الرجولي أن يشعر بالتسلية التي سرعان ما اختفت تماما وهو يسمع صوت مريم الغاضب مخاطبا إياه: أأعجبك ما قالته تلك المرأة طارق؟!! أنت حتى لم تـ....

في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن