الفصل السادس عشر

350 14 0
                                    

بعد مرور عام:

"هذا القلب جعلني أحمقا"... ترددت هذه الجملة كثيرا في رأسه على مر العام الماضي, منذ بداية ثورته وفقدانه السيطرة على نبضات قلبه مسلما له بعدما رفع عقله يديه مستسلما أمام إعصار المشاعر ذاك الذي اجتاحه, وما الذي نتج عنه في كل الأحوال؟! لا شيء... لا شيء تماما, حدث ما كان يخشاه وخسرها لصالح ذلك الثعبان حيدر, لازال يذكر النار التي تملكته يوم أعلنوا خطبتهما... نار جعلته يتخلى عن كل شيء مفضلا الابتعاد التام عن العائلة دون احتكاك بهم سوى في شئون العمل, الابتسامة المرتسمة على شفتيها وهي متأبطة ذراع ذلك الرجل في الحفل المقام على شرفهما والتي يدرك تماما زيفها ولكنه لم يتحرك مطلقا ليمنع سير تلك الليلة على الرغم من أن كل خلية به استحثته لفعل ذلك تحديدا... ما أوقفه هو كونها لم تكن مجبورة بالمعنى الحقيقي للكلمة, عندما طُرِحت الفكرة وقتها كان هو من أول المعارضين للأمر والرافضين له, جادل حتى بُحَ صوته ولكن أحدا لم يستمع... حتى عندما عرض عليها أن تكون الخطبة معه هو رفضت... وأيدها جده, جده الذي ظن بأنه أول من سيوافقه على ذلك الأمر رفض تماما حتى التحدث فيه بعدما أعلنت دمشق رفضها, شعوره بطعنة الخيانة التي وجهوها له لايزال حيا بداخله رغم مرور الوقت هذا مترافقا مع كون بلاهته الماضية تلك لها وقع شديد على كبرياءه الذي خسره بسببها, كبرياء... وقلب... وعمر صرفه في الحفاظ عليها ليسلمها مجبرا في كل مرة... كل مرة لمن يعلم بأنه لا يستحق ظفرها!!

صوت فتح الباب فجأة هو ما أفزعه ليخرج من أفكاره تلك ليقول بغضب: ما الذي بحق الجحـ...

توقف في منتصف كلماته عندما أبصر أندلس الوافقة أمامه بتحفز واضح ليصرف بحركة من يده إعتذارات سناء المرتعبة من ردة فعله, تردد صوت إغلاق الباب خلف سناء للحظات في الغرفة الصامتة ليسأل نزار بصوت بارد: ما الذي دهاكِ أندلس لاقتحام الغرفة هكذا؟! يبدو أن طلاقكِ قد أطلق جنونكِ أيضا!!!

انقبضت قبضة أندلس بجوارها في غيظ لم يظهر في تحركها الهادئ متجهة نحو أحد المقاعد المقابلة لمكتب نزار لتجلس عليه قبل أن تقول ببرود: تستطيع أن تقول أن هذا هو ما حدث بالفعل!!! ولن تنجح في محاولاتك البائسة هذه في إلهائي عما أريد التحدث فيه معك!!!

ضحك نزار ضحكة لم تكن تمت للمرح بصلة قبل أن يقول بسخرية: وما الذي أود إلهائك عنه دون نجاح أندلس؟!

ارتفع حاجبها وهي تنظر إليه قبل أن تنظر لأصابعها المطلية بلون أحمر قان قائلة بذات النبرة: إلهائي عن مواجهتك بحقيقة أنك أهملتنا جميعا نزار... حتى إن سيف يسأل عنك وهو لم يرك منذ أكثر من خمس شهور يا ابن العم!!!

تصلب جسد نزار قبل أن يقول ببرود مشابه: الآن أصبحت ابن العم... ألم أعد في نظرك شقيقا أم ماذا؟!

ارتفع بصرها نحوه وقد التمعت عيناها ببريق أقلقه: ألم تعلنها قبل عام بأنك لست شقيقا... أنك لم تعتد تنتمي إلينا؟!

في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن